أزمة فيروس كورونا هل ستمر علينا مرور الكرام أم أنها ستوقظنا من كبوتنا ، هل سندرك مدى تأخرنا وضعفنا في توفير الأشياء البسيطة التي نحتاجها خلال الأزمات ، هل سنقتنع بأننا مجتمعات فقط تشرب وتأكل ما يصل إليها وليس ما تم صناعته بيديها ، والحقيقة أن أزمة كورونا كشفت المستور في ضعف جاهزيتنا الداخلية لمواجهة الأزمات والكوارث والعياذ بالله ، حيث أوضحت أن غالبية المواد الاستهلاكية التي يحتاجها المجتمع العماني قادمة لنا من الخارج ، المعدات والآلات والأدوية والمطهرات والمواد الغذائية..الخ قليلًا منها تم صناعته في سلطنة عُمان ، وفي هذه العجالة لن نبحر في جميع التفاصيل ولكن سنسلط الضوء على أمننا الغذائي ، كما أننا لن نتطرق لكافة المواد الغذائية التي يستهلكها الفرد بشكل يومي ، ولكن سنتحدث في موضوع واحد فقط ويفترض تم تأمينه ليكون منتجا محليا منذ سنوات كدليل على أهمية تحقيق الأمن الغذائي ، وهنا نقصد موضوع سلعة الخضروات التي تمتلأ بها المحلات والمراكز التجارية إلا أنه وللأسف الشديد معظمها تم استيراده من بلدان عديدة ، فهل من المعقول أننا لا زلنا في حاجة باستيراد الليمون والطماطم والخيار والجزر والبصل والثوم وغيرها من الخارج ، ألا يمكن تحقيق اكتفاء ذاتي من خلال زراعة السلع السابق ذكرها ، ولذلك لا عجب أن وصل سعر الكيلو لبعض السلع خلال أزمة كورونا لإضعاف ما كان عليه الوضع قبل هذه الازمة ، والسبب هو تأخر وصول شحنات الخضروات والفواكه من البلدان التي نقوم باستيراد منها هذه المنتجات الزراعية ، وفي هذا الصدد ألا يحق لنا كمجتمع أن نتساءل عن مدى الاستفادة من الكوادر العمانية المجيدة التي تخرجت في جامعة السلطان قابوس وكذلك المبتعثين القادمين من الجامعات العالمية التي تخرجوا منها في المجال الزراعي ، هل يا ترى أتيحت لهم الفرصة في المشاركة لوضع خطة مستقبلية للانتاج الزراعي لبعض المحاصيل التي يمكن زراعتها في التربة العمانية ، لماذا لم نستطع خلال خمسة العقود الماضية من تطوير صناعتنا الزراعية ، لماذا لم تنجح فكرة مراكز التسويق الزراعي التي نفذت في ثمانينات القرن الماضي.
وقبل الختام يعتبر موضوع الأمن الغذائي للوطن من أهم القضايا التي يجب أن تتناولها وتركز عليها رؤية عمان 2040 ، وما مناقشتنا لموضوع المنتجات الزراعية إلا قطرة في بحر المواد الغذائية التي يفترض صناعتها وزراعتها بالسلطنة ، فليس من المعقول أن نلجأ لدول العالم ودول الجوار لاستيراد المواد التي نحتاجها في تجهيز غذائنا ، وكما أننا نطالب في تطوير المنتجات الزراعية كذلك الأمر في ضرورة وجود مصانع تعنى بصناعة المواد الغذائية والحليب والألبان ، إضافة إلى تطوير الثروة الحيوانية والسمكية لكي يصبح لدينا أمن غدائي قوي في حال مرت البلاد أو العالم بأي أزمة أو كارثة لا قدر الله ، نريد أن نتحول من مجتمع لديه مخازن كبيرة لاستيراد المواد الغذائية ، إلى مجتمع منتج يقوم بصناعة وتصدير مواده الغذائية والاستهلاكية .
د.حميد بن فاضل الشبلي
humaid.fadhil@yahoo.com