بعد القفزة العالية لتسعيرة النفط في الفترة المنصرمة ، شاهدنا ردة الفعل الكبيرة من مختلف شرائح المجتمع ، ولذلك أرتأيت أن تكون لي مشاركة وقراءة حول هذا الموضوع ، من منطلق مساهمتي ككاتب وباحث في العلوم الاجتماعية ، لذلك في الوقت الراهن تأتي تسعيرة النفط من أهم الاحداث التي شغلت الرأي العام ، والتي نتمنى أن نصل بهذه الرؤية التحليلية إلى المختصين في اللجنة المعنية بوضع تسعيرة النفط مع بداية كل شهر وخصوصا أننا مع بداية عام جديد ، حيث وكما يعلم الجميع أن الأزمة الاقتصادية التي تأثرت بها مختلف دول العالم ومن ضمنها سلطنة عمان ، كان لابد من الجميع أن يتفهم للخطوات التي اتخذتها الجهات المختصة في السلطنة للتقليل من تأثير هذه الأزمة المالية ، وهذا بالفعل ما حدث من تفهم وتعاون لأفراد المجتمع مع هذه الحالة الطارئة ، وخصوصا في ظل التصريحات المطمئنة بالمحافظة على المستوى المعيشي للمواطن ، وعدم القلق من تسعيرة النفط الجديدة ، إلا أن الوضع الاقتصادي بدأ يتأزم فأرتفعت معه أسعار السلع الاستهلاكية ، لذا بدأ المستهلك في حالة قلق وبالأخص الموظف الذي يعتمد بعد الله تعالى على الراتب الذي يتقاضاه مع نهاية كل شهر ، ناهيك عن تأخر الترقيات لكثير من الموظفين خلال هذه الفترة ، فما بالك عندما يضاف إلى ما سبق ذكره زيادة في تسعيرة النفط لتتجاوز نسبة الزيادة أضعاف ما كان عليه الوضع قبل الأزمة المالية.
ومن خلال قراءتنا التحليلية لهذا الموضوع نجد أن هناك وجود ارتباط بين ارتفاع تسعيرة النفط والوضع في حياة المجتمع ، حيث أثر الارتفاع المتزايد للتسعيرة من سلوك المواطن الذي بدأ يظهر انزعاجه بصورة علنية ، عبر برامج التواصل الاجتماعي لمختلف شرائح المجتمع وهذا ما لم نشهده من قبل ، كذلك بدأ المواطن يقلق من توجه المؤسسات المعنية بمعالجة الازمة المالية نحو التركيز فقط على رفع تسعيرة النفط ، وعدم استشعار الفرد بوجود مصدر أخر يعالج الأزمة غير سلعة الذهب الأسود ، كذلك ارتفاع التسعيرة أخذ في خصم جزء من راتب الموظف وبالتالي أوجد عجز في بعض الجوانب التي اعتاد ذلك الموظف في الصرف عليها ، لذلك هذا يؤثر أحيانا على الجوانب النفسية لبعض الأفراد ، ويصعب التكهن في ردة الفعل المتوقعة من أصحاب الظروف الصعبة ، كما أن هذا الارتفاع له تأثيره على فئات الدخل المحدود والطلبة وكذلك الباحثين عن العمل ، أضف إلى ذلك أن تسعيرة النفط المرتفعة لها تأثير كذلك على الحراك الاجتماعي ، لذا من الطبيعي أن تقل الزيارات العائلية وعلاقات الصداقة وخصوصا بين الولايات والمحافظات ، كما أنها تؤثر على حركة النشاط السياحي الداخلي ، وكذلك في عملية النقل للنشاط التجاري ، ومع كل هذه المؤثرات وغيرها مما يصعب ذكره في هذا المقال الموجز ، نتمنى من اللجنة المعنية بوضع تسعيرة النفط الشهرية ، أن تضع الجوانب النفسية والاجتماعية والاقتصادية ضمن الفرضيات المترتبة على اتخاذ أي قرار لرفع تسعيرة النفط ، وذلك بهدف إيجاد توازن بين متطلبات معالجة الأزمة المالية وظروف حياة المجتمع الواقعية ، من أجل المحافظة على الانسجام الذي تميز به مجتمعنا العماني الكريم ، والتعاون البناء بين المواطن ومختلف مؤسسات الدولة ، ولضمان حياة كريمة ومستقرة لكل فرد يعيش على هذه الأرض الطيبة في ظل القيادة الحكيمة لمولانا جلالة السلطان قابوس المعظم - أمده الله بموفور الصحة والعافية - ، وأخيرا كلنا ثقة بتفهم أصحاب القرار والمؤسسات المعنية بالوضع الاقتصادي في البلد وكذلك بموضوع تسعيرة النفط ، في معالجة هذا الارتفاع الملحوظ من أجل مراعاة الظروف الاقتصادية والمعيشية لجميع فئات المجتمع العماني .
حميد بن فاضل الشبلي
humaid.fadhil@yahoo.com