في إحدى الليالي شاءت أقدار الله أن أكون من ضمن المرضى بصالة الطوارئ في مستشفى الولاية ، حيث كانت الساعة تشير إلى الثانية صباحا ، الوقت يدل على أن هذه الفترة ليست هي ذروة المراجعين من المرضى للعيادات ، ولكن واقع الحال يقول غير هذا الكلام حيث يزدحم المكان بأصحاب الحالات المرضية وكذلك المصابين الذين تم إسعافهم من مواقع حوادث السير ، أنين المرضى وصراخ الجرحى أصوات تسمعها هنا وهناك ، الطاقم الطبي يبذل قصارى الجهد في علاج مريض أو إسعاف مصاب ، وجدول مناوبة الأطباء وأطقم التمريض لم يقتصر في هذه الساعات المتأخرة من الليل على الطاقم الطبي الرجالي بل كان مشتركا مع أخواتهم الطبيبات وكذلك الممرضات ، ومع هذه المشاهد حدث موقف مع إحدى الممرضات التي كانت تقدم الإسعاف لأحد المصابين من أثر حادث سير ، حيث كان برفقته بعض الزملاء ولكنهم كانوا رفاق ثقال الطباع مع زميلهم المصاب ، فبالرغم أنه من المفترض أن لا يتواجد أفراد مع أي مصاب أو مريض في غرف العلاج إلا أنهم دخلوا بعنوه وارتفعت أصواتهم بالقهقهة والمزاح والتعليقات الجارحة فيما بينهم ، وزاد الأمر سوء بأن تطال هذه التعليقات واللمزات تلك الممرضة الساهرة لراحة كل مصاب ومريض ، لم يراعوا مشاعر أنوثتها ولا قدسية عملها ، ولم يحترموا قواعد الأنظمة ولا تعاليم الشرع ولا مبادئ عرف المجتمع ، قمة الاستهتار والهمجية من هذه الفئة التي لا تمثل بطبيعة الحال مجتمعنا الأصيل .
وهمستنا لهذه النوعية من المرضى وأمثالهم ، هل هذه السلوكيات والتصرفات ستكون موجودة لو كانت تلك الفتاة هي زوجة أحدكم أو ربما كانت أخته أو من ضمن أقاربه ، حتما لا ولن يقبل أن تقال فيها كلمة واحدة ، لذلك متى سيكون هذا الشعور والإحساس عند متناول الجميع ، ومتى سوف ننظر للآخرين مثلما ننظر لشعور حالنا ، وواقع الحال يتطلب منا جميعا أن نكون خير عون وسند لكل فتاة وهبت نفسها لهذا العمل الملائكي النبيل ، فهل هناك شعور أجمل من أن تعيد الابتسامة والسعادة على شفاه ووجوه البشر ، ومعلوم لدى الجميع أن هذه المهنة تخلص في أدائها كل أخت من بنات الوطن اللتي اتجهن إلى العمل في المجال الطبي ، ولأجلهن نقول بارك الله في كل قطرة عرق بذلت لأجل هذا الوطن وأهله ، وعذرا ثم عذرا من كل قهقهة سفيه أو تعليق ساخر ، ونسأل الله الهداية والرشد للجميع .
د.حميد بن فاضل الشبلي
humaid.fadhil@yahoo.com