اقترب موعد التصويت للدورة التاسعة لانتخابات مجلس الشورى ، وزادت معه الحملات والإعلانات الدعائية ، بعضها حملات تؤازر والبعض الأخر حملات مضادة لشراء الأصوات ، وغيرها تحذر من ترشيح الشخص غير المناسب ، كما وجدت الكتابات التي تشن على بعض الحملات سيل من الاتهامات ، لذا أخذ كل طرف يدلو بدلوه فاختلط الحابل بالنابل ، ولذلك لزاماً أصبح أن يكون الناخب والمترشح هما الحكم في هذه القضية ، فالناخب وجب عليه اختيار الشخصية التي تستحق تمثيل صوت الولاية في المجلس ، وليكن حريصاً في النأي بنفسه عن وادي التهم والشبهات ، والمترشح كذلك وجب عليه أن يكون ذلك الشخص المحب لدينه ووطنه وقائده وأفراد مجتمعه ، فلا يشق طريق التنافس للعضوية إلا بما يرضي الله ورسوله وأمته ، يشق نجاح فوزه بصوت أبناء ولايته بما يحمله من فكر وإدارة وثبات بالشخصية التي يستوجب أن تكون حريصة على الإخلاص والأمانة .
ولتسهيل الجمع بين الطرفين في موضوع أمانة الناخب والمترشح ، فإننا نختصر الطريق عليهما في الإلتزام والإيمان بمبدأ النية الصادقة في أي قول أو عمل ، حيث أكدت السنة النبوية على ذلك ، في قوله صلى الله عليه وسلم : ( إنما الأعمال بالنيّات ، وإنما لكل امريء ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله ، فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها ، أو امرأة ينكحها ، فهجرته إلى ما هاجر إليه ) رواه البخاري ومسلم في صحيحهما ، وفي سورة الإسراء الاية ٨٤ قال تَعَالَى : { قُلْ كُلّ يَعْمَل عَلَى شَاكِلَته فَرَبّكُمْ أَعْلَم بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا } .
إن الديمقراطية الحديثة تتمثل في حصول المترشح على أكبر أصوات من الناخبين الذين آمنوا بفكر وثقافة وأمانة ووطنية المترشح ، وليس بحجم عدد الناخبين الذين شملهم العطاء المادي من قبل المترشح ، أو الوعود التي قطعها على نفسه في حالة فوزه من الأمور العينية والمادية ، فليس هكذا تصنع الحضارات ولا هكذا تبنى الديمقراطيات .
وحول موضوع الانتخابات هناك همسات أود أن أذكر بها نفسي ومجتمعي ، أولها هي تذكير الجميع بأن تحمل المسؤولية ليس أمر بالسهل ، وكان الله في عون الأعضاء الذين تحملوا هذه المسؤولية والأمانه ، كذلك لكل عضو قدرات وطاقات فشكرا لمن وجدنا لهم بصمة في التطوير والتغيير ، أما الذين وجد الشارع بأن أداءهم وعطاءهم لم يكن كما هو مأمول عندما تم ترشيحهم ، فواقع الحال يقول هذه قدراتهم التي يمتلكونها ولا عتاب عليهم ، ولكن العتب موجه للناخب حيث أذكره بأن وصول أي مترشح ليس بفعل ساحر ولكن بتصويت الناخب نفسه ، والناخب بطبيعة الحال هو من ابناء المجتمع ، الذين قاموا بتقييم المترشحين ومن ثم اختيار الصفوة منهم بما يمتلكون من رؤى وأفكار ومؤهلات ، لذلك يجب أن تكون لدينا قناعة بأن ضعف وقوة المجلس يرجع لشخصية اعضائه ، فإن كانوا مؤثرين أثروا في صناعة القرار ، ومن ضمن ذلك الحصول على مزيد من الصلاحيات التي نادى بها كثير من الأعضاء في الدورات السابقة ، والتغيير لا يحدث في يوم وليلة ، وبعون الله القادم أجمل وأفضل ، وأما إن كانوا من أصحاب النيات التي سعت فقط للسمعة والوجاهه ، فواقع المجلس لن يكون فيه تغيير سوى ( اكتفي بما قاله العضو السابق ) ومعه زيادة في لقطات العدسات ، والهمسة الأخيرة هي للأجهزة الرقابية لعملية التصويت ، التي تحمي هذا العرس الديمقراطي من التشويه الذي ربما يحاول البعض أن يفسده بالتصرفات التي حرمها وحذر منها القانون ، من خلال تكثيف الرقابة والتوعية القانونية لأفراد المجتمع حول رفض أي سلوك مخالف لقانون الانتخابات .
أخي/ أختي الناخب - أخي / أختي المترشح ، إن توافقت نيتك مع قولك وعملك ، فتوكل على الله وتابع سيرك نحو التصويت في يوم الانتخابات بإذن الله ، وإن شعرت بأن نيتك سوف يصاحبها الشك في خيانة الأمانة ، فراجع نفسك واحذر أن تغضب ربك فتخسر دنياك وآخرتك ، صوتي أمانة ليست مقتصرة على الناخب فقط ، فالمترشح كذلك عليه أن يكون قادراً على تحمل مسؤولية هذه الأمانة .
وختاماً ليس هناك أجمل من التنافس الشريف بين جميع المترشحين ، في جو يسوده الود والاحترام والتقدير ، والبعد عن الاساءة للمنافسين من خلال اتهامهم والتقليل من شأنهم في غيابهم ، تحدث عن خطتك وأهدافك ورؤيتك ، ولا تشغل نفسك في الخوض بسير وأخبار الأخرين ، وتذكروا جميعاً أن المسؤولية تكليف لا تشريف ، وكان الله في عون العضو الذي تحمل على عاتقه هذه الأمانة ، أمام مجتمعه في الدنيا ويوم العرض أمام خالقه سبحانه وتعالى .
د.حميد بن فاضل الشبلي
Humaid.fadhil@yahoo.com
التعديل الأخير: