اليوم سنحلق نحن وإياكم في المركبة الزمنية التي ستقذف بنا مائة عام مستقبلا ، لكي نلتمس واقع الحياة بمختلف جوانبها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والتعليمية..إلخ في سلطنة عمان بعد عقد من الزمان بإذن الله تعالى ممن ستكتب لهم الحياة من جيل هذا العصر أو الأفراد الذين سيولدون في الأعوام القادمة بعون المولى عزوجل.
بطبيعة الحال حركة التنمية والتطور والعمران في سلطنة عمان سوف تستمر وستزدهر في شتى المجالات ، فالكثافة السكانية بعون الله ستنمو وستزداد ، مما سينتج عنه زيادة في العمران والطرق والمواصلات وكذلك المؤسسات ، فعدد المساكن والمنشآت وكذلك وسائل النقل المختلفة لن تكون بنفس الحجم والعدد في تلك الفترة عما عليه الحال في الوقت الراهن ، كما أن المؤسسات الخدمية التي تقدمها الحكومة من رعاية صحية وتعليمية وغيرها ستختلف في العدد ونوعية الخدمة من عام إلى عام .
الحديث عن واقع السلطنة بعد عقد من الزمان سببه هو التنبيه لما وقعت به بعض ِدول الشرق الأوسط وخصوصا من الدول العربية التي سبقتنا في الحضارة والتمدن ، فمن خلال زيارتنا ومعايشتنا لبعض من هذه الدول وجدنا أنها تواجه في هذه المرحلة مشاكل عديدة ، فالكثافة السكانية أوجدت اختناقا بمدنها ، سببه وجود سوء في التخطيط الذي بدوره أوجد مدن العشوائيات ، كما أننا بدأنا نستمع إلى مصطلحات جديدة مثل الاختناق المروري الذي ترجع أسبابه إلى قصر النظر في خطط الطرق وشبكة المواصلات التي لم تراعي الازدياد المتوقع في الأفراد ولا وسائل النقل مستقبلا ، وفيما يخص التنمية المستدامة والتي نعني بها استغلال موارد الطبيعة بقدر على أن تستفيد منه أيضا الأجيال القادمة ، حيث خلا هذا المصطلح من خطط هذه الدول لذلك بدأنا نسمع نضوب العديد من الموارد في تلك البلدان.
رسالتنا التوعوية للمخططين في شتى المجالات على هذه الأرض الطيبة أن يكون شعارهم ( القادم أفضل بإذن الله) ولكن ليس بالأحلام والأمنيات ولكن بالتخطيط السليم والرؤية السديدة ، وهذا فعلا ما عهدناه من المخلصين من أبناء هذا الوطن ، كما أننا نتمنى أن تكون خططنا للعشرين السنة القادمة ولن نقول المائة العام ، قد راعت جميع الاحتمالات المستقبلية في كل النواحي ، لكي نعيش تلك الفترة بدون أن تحدث لدينا أزمات ، ولذك فإن الحياة الراقية والمتعددة الخدمات التي سيحظى بها الأفراد بعد عشرين أو خمسين أو حتى مائة عام ، ترجع أسبابه إلى التخطيط السليم الذي حمل بعدا طويل المدى من كل مخطط ومشرع بكل مؤسسة في هذه المرحلة ، لأنه وضع في جميع خططه تصور شامل ومتكامل لكل عام على حده خلال الفترة القادمة ، وهذا ما نأمل أن تكون عليه أرضنا المعطاء سلطنة عمان حتى ولو كان في عام 2119 ميلادي بإذن الله تعالى ، فهل يا ترى خططنا المستقبلية ستكون مستعدة لذلك ، نأمل وندعو الله أن يكون ذلك ..
حميد بن فاضل الشبلي
humaid.fadhil@yahoo.com
التعديل الأخير: