قبل أيام تواصل معي أحد الباحثين في الجانب الاجتماعي ، الذي اطلع على مقال سابق نشر لي قبل مدة ، والذي حمل عنوان ( رواندا من الجحيم إلى النعيم ) ، متسائلاً عن التجربة الرواندية التي كتبت عنها ذلك المقال السابق ذكره ، هل لها تجربة تاريخية سابقة مشابهة في التاريخ البشري ، والتي من خلالها استطاعت هذه الدولة الفقيرة والملطخة بالدماء والقتل والدمار ، الاستناد عليها ومن ثم تجاوز تلك المحنة الأليمة ، ولذلك كانت إجابتي للأخ المتسائل أن كتابتي لتجربة رواندا جاءت من خلال الأخبار التي حدثني عنها أحد الأخوة العاملين في مكاتب السفر والسياحة ، الذي أبهرني عن النقلة الكبيرة التي وصلت إليها ، ولذلك بدأت في البحث عنها في مختلف المواقع الإعلامية التي تحدثت عن هذه التجربة النادرة في التاريخ الحديث ، ومن ضمن النقاط التي توصلت إليها في ذلك المقال حول الطريقة التي استطاع من خلالها المجتمع الرواندي تجاوز ذلك الخلاف العميق ، حيث أنهم طبقوا نظاما قضائيا تقليديا لأجل تحقيق هذه المصالحة عرف باسم ( جاكاكا ) ، وقد سبق شرحه بالتفصيل في المقال السابق ، أنستهم فترة المائة يوم الدموية التي مرت بها رواندا عام 1994م ، حيث قتل في تلك الفترة (100 يوم) ما يزيد عن 800 ألف إنسان ، بواقع ما يقارب 8000 عملية قتل في اليوم الواحد.
وعودة لاستفسار الباحث عما إذا كانت هناك تجارب تاريخية مشابهة للتجربة الرواندية ، فإني في هذا المقال سوف أترك الجانب الدموي وكيف تم تجاوزه في المجتمع الراوندي ، وسأركز اليوم حول الطريقة التي جعلت رواندا حاليا من أسرع الدول الاقتصادية نموا ، وما هو النهج الذي سلكته لتصل إلى هذه المرحلة المتقدمة ، وما إذا كانت هناك تجارب مشابهة في التاريخ البشري والعالمي استطاعت دولة ما للنهوض بمجتمعها من عالم الفقر إلى عالم الحداثة والتطور ، والحقيقة وبكل اختصار أن من أهم العوامل التي اتبعتها رواندا للنهوض بمجتمعها ، أنها شرعت في تحقيق العدالة من خلال إنشاء محاكم محلية لمحاسبة المقصرين والقضاء على الفساد ، واهتمت بتطوير الزراعة وتحسين النظام الصحي والتعليمي في البلاد ، ومثل نجاح هذه التجربة نجدها في سنغافورة التي كانت عبارة عن جزيرة فقيرة تغمرها المستنقعات وينتشر فيها البعوض ، وفي مساحة لا تزيد عن 720 كم فقط وبدون أي موارد ، وكذلك الأمر في ماليزيا واليابان ، التي لا توجد فيها أي موارد وخصوصا النفط والغاز ، ولكن دعونا نرى كيف تجاوزت جميع تلك الدول التي استشهدنا بها ، هذه المحن ونقلت مجتمعاتها من التخلف والفقر والظلام إلى دول عرفت اليوم بالتقدم والتطور والحداثة وارتفاع في ميزانيتها ودخل مرتفع لأفرادها ، والحقيقة أن إجابة هذه التساؤلات نجدها في دساتير وتشاريع ومبادئ وأنظمة تلك الدول ، التي شجعت الفرد على الإخلاص والأمانة في العمل ، وطبقت الديمقراطية بشكلها الحقيقي ، والتزمت بالعدل والمساواة بين جميع أطياف المجتمع ، ولذلك وجدنا أن الجميع قد وجد فرصته في العمل وتنمية البلد ، والكل أخذ حقه دون تمييز أو اضطهاد ، وعليه فإنه من الطبيعي أن تنهض بلدانهم وتتطور ، وهذا ما ينقص كثير من المجتمعات العربية ، فلا عجب أن نتصدر اليوم قوائم الدول العالمية تخلفاً وفساداً.
حميد بن فاضل الشبلي
humaid.fadhil@yahoo.com
الخميس:-2019/7/11م
https://www.omandaily.om/?p=713124
وعودة لاستفسار الباحث عما إذا كانت هناك تجارب تاريخية مشابهة للتجربة الرواندية ، فإني في هذا المقال سوف أترك الجانب الدموي وكيف تم تجاوزه في المجتمع الراوندي ، وسأركز اليوم حول الطريقة التي جعلت رواندا حاليا من أسرع الدول الاقتصادية نموا ، وما هو النهج الذي سلكته لتصل إلى هذه المرحلة المتقدمة ، وما إذا كانت هناك تجارب مشابهة في التاريخ البشري والعالمي استطاعت دولة ما للنهوض بمجتمعها من عالم الفقر إلى عالم الحداثة والتطور ، والحقيقة وبكل اختصار أن من أهم العوامل التي اتبعتها رواندا للنهوض بمجتمعها ، أنها شرعت في تحقيق العدالة من خلال إنشاء محاكم محلية لمحاسبة المقصرين والقضاء على الفساد ، واهتمت بتطوير الزراعة وتحسين النظام الصحي والتعليمي في البلاد ، ومثل نجاح هذه التجربة نجدها في سنغافورة التي كانت عبارة عن جزيرة فقيرة تغمرها المستنقعات وينتشر فيها البعوض ، وفي مساحة لا تزيد عن 720 كم فقط وبدون أي موارد ، وكذلك الأمر في ماليزيا واليابان ، التي لا توجد فيها أي موارد وخصوصا النفط والغاز ، ولكن دعونا نرى كيف تجاوزت جميع تلك الدول التي استشهدنا بها ، هذه المحن ونقلت مجتمعاتها من التخلف والفقر والظلام إلى دول عرفت اليوم بالتقدم والتطور والحداثة وارتفاع في ميزانيتها ودخل مرتفع لأفرادها ، والحقيقة أن إجابة هذه التساؤلات نجدها في دساتير وتشاريع ومبادئ وأنظمة تلك الدول ، التي شجعت الفرد على الإخلاص والأمانة في العمل ، وطبقت الديمقراطية بشكلها الحقيقي ، والتزمت بالعدل والمساواة بين جميع أطياف المجتمع ، ولذلك وجدنا أن الجميع قد وجد فرصته في العمل وتنمية البلد ، والكل أخذ حقه دون تمييز أو اضطهاد ، وعليه فإنه من الطبيعي أن تنهض بلدانهم وتتطور ، وهذا ما ينقص كثير من المجتمعات العربية ، فلا عجب أن نتصدر اليوم قوائم الدول العالمية تخلفاً وفساداً.
حميد بن فاضل الشبلي
humaid.fadhil@yahoo.com
الخميس:-2019/7/11م
https://www.omandaily.om/?p=713124