إن من أصعب اللحظات والمواقف التي يمر بها الكائن البشري هي ألم نكران الوعود وعدم حفظ العهود ، ولكن مع ذلك يحدثنا التاريخ العربي عن قصص تبرز بها قيم الوفاء الصادق ، ولعل أهمها ما ذكرته السير منذ العصر الجاهلي حول وفاء السموءل بن عاديا ، وتدور أحداث القصة أن امرؤ القيس (الشاعر الجاهلي الشهير) كان عربيدا سكيرا ، حيث طرده أبوه الملك حجر لتلك الأسباب ، ثم قتل بنو أسد الملك حجر وبلغ النبأ امرأ القيس وهو يسكر فقال: ضيعني أبي صغيرا وحملني دمه كبيرا اليوم خمر وغدا أمر ، فلما كان من الغد طلب ثأر أبيه وظل فترة من الزمن ولكنه لم يستطع ودارت عليه الدائرة ، فأراد أن يذهب إلى القسطنطينية ليستعين بقيصر الروم في الثأر من قتلة ابيه ، وكانت لامرئ القيس دروع يضرب بها المثل في الجودة وإحكام الصنعة ، فتركها أمانة عند يهودي اسمه السموءل بن عاديا ، حيث كان له حصن منيع اسمه الأبلق في تيماء بالشمال الغربي من الجزيرة العربية ، ثم بعد ذلك طمع أحد زعماء القبائل المجاورة في دروع امرئ القيس فحاصر حصن السموءل وطلب منه الدروع فأبى اليهودي تسليمها ، وفي تلك اللحظة كان للسموءل ابن خارج الحصن يصطاد ووافقت عودته حصار حصن أبيه ، ومن ثم ألقي القبض عليه من قبل قائد الجيش الذي حاصر الحصن ، حيث وجه للسموءل خطابا قال فيه : إما أن تسلمني الدروع وإما أن أذبح ابنك أمام عينيك ، فتردد السموءل وبعد تفكير اختار أن يذبح ابنه والا يعيره الناس بأنه لم يف بوعده ، ولذلك ضرب به المثل في الوفاء(أوفى من السموءل) حيث قام بتسليم الدروع بعد ذلك لورثة امرئ القيس وفي ذلك قال :
وفيت بأدرع الكندي إنــــــــــي إذا ما خـــان أقوام وفـيت
وقالــــــــــــــــوا أنه كنـز رغـيب ولا والله اغدر ما مشــــيت
بنى لي عادياً حصناً حصيناً وبئراً كلما شـئت اســتقـيت
طمراً تزلق العقبان عنــــــــــــه إذا ما نابني ظلـــــــــــم أبـيت
إن المشاهد في عصرنا الحالي يصعق من أحوال بعض البشر وقد ألغي من مفهومها قيم الوفاء وحلت مكانها قيم الخيانة ونكران العهود ، فمنهم من يشعرك بأنك عزيز على قلبه ويتمنى لك الخير ولكن ما أن يحدث تصادم بين الطرفين فإن هذا الشعور سرعان ما يزول ويحل مكانه الغدر ومن ثم تستباح أسرار كتابك حيث يقوم خليلك السابق في سرد ما أوتمن به من حديث ، فيتم إظهار كل العيوب التي أحوج ما ينبغي أن يتم سترها ، إن خلق الوفاء لا يقتصر عملها في التعامل بين الأصدقاء وإنما ينبغي الوفاء أن يسود في بيئة العمل والوظيفة وفي تعامل الزوجين والأسرة وأيضا بقية أفراد المجتمع في مختلف التعاملات بالحياة اليومية ، ولذلك فإن قيمة وعظمة خلق الوفاء تعتبر من أرفع الأخلاق التي كان لها التقدير عند العرب منذ الجاهلية وحتى جاء الأسلام الذي أقرها وأعظم من شأنها وشأن من يعمل بها ، فهل يا ترى يوجد شبيه لوفاء السموءل في عالمنا المعاصر.
حميد بن فاضل الشبلي
humaid.fadhil@yahoo.com
وفيت بأدرع الكندي إنــــــــــي إذا ما خـــان أقوام وفـيت
وقالــــــــــــــــوا أنه كنـز رغـيب ولا والله اغدر ما مشــــيت
بنى لي عادياً حصناً حصيناً وبئراً كلما شـئت اســتقـيت
طمراً تزلق العقبان عنــــــــــــه إذا ما نابني ظلـــــــــــم أبـيت
إن المشاهد في عصرنا الحالي يصعق من أحوال بعض البشر وقد ألغي من مفهومها قيم الوفاء وحلت مكانها قيم الخيانة ونكران العهود ، فمنهم من يشعرك بأنك عزيز على قلبه ويتمنى لك الخير ولكن ما أن يحدث تصادم بين الطرفين فإن هذا الشعور سرعان ما يزول ويحل مكانه الغدر ومن ثم تستباح أسرار كتابك حيث يقوم خليلك السابق في سرد ما أوتمن به من حديث ، فيتم إظهار كل العيوب التي أحوج ما ينبغي أن يتم سترها ، إن خلق الوفاء لا يقتصر عملها في التعامل بين الأصدقاء وإنما ينبغي الوفاء أن يسود في بيئة العمل والوظيفة وفي تعامل الزوجين والأسرة وأيضا بقية أفراد المجتمع في مختلف التعاملات بالحياة اليومية ، ولذلك فإن قيمة وعظمة خلق الوفاء تعتبر من أرفع الأخلاق التي كان لها التقدير عند العرب منذ الجاهلية وحتى جاء الأسلام الذي أقرها وأعظم من شأنها وشأن من يعمل بها ، فهل يا ترى يوجد شبيه لوفاء السموءل في عالمنا المعاصر.
حميد بن فاضل الشبلي
humaid.fadhil@yahoo.com