اقتحم المنتخب المصري حامل اللقب الدور نصف النهائي بجدارة على حساب أنغولا بنتيجة 2-1 في حين دفع ممثل العرب الثاني المنتخب التونسي ثمن الأخطاء ليتخلى عن بطاقة التأهل لصالح الكاميرون التي انتزعت آخر بطاقات التأهل بفوزها 3-2 ليكتمل عقد دور الأربعة لبطولة أمم أفريقيا السادسة والعشرين في كرة القدم التي تستضيفها غانا.
وكان منتخبا غانا وكوت ديفوار عبرا في أولى لقاءي ربع النهائي, بفوزهما على نيجيريا وغينيا على التوالي, وبذلك سيتواجه في نصف النهائي المنتخب المضيف غانا مع الكاميرون, في حين يلتقي حاملو اللقب مع كوت ديفوار في لقاء سيكون إعادة لنهائي أمم أفريقيا 2006 حين فازت مصر باللقب.
مصر-أنغولا
بلغ المنتخب المصري حامل اللقب الدور نصف النهائي لبطولة كأس الأمم الأفريقية عقب فوزه في المباراة ربع النهائية الثالثة على منتخب أنغولا بهدفين مقابل هدف واحد.
تقدمت مصر في الدقيقة 23 بواسطة حسني عبد ربه من ركلة جزاء لا غبار عليها, وعادلت أنغولا في الدقيقة 26 بواسطة مانوتشو من تصويبة ولا أروع, ثم سجل عمرو زكي هدف الفوز للمنتخب العربي في الدقيقة 38.
وستلتقي مصر في الدور نصف النهائي مع منتخب كوت ديفوار الذي فاز مساء الأحد على منتخب غينيا 5-0, في مباراة ستكون إعادة للنسخة الماضية من البطولة حين فازت مصر بالمباراة.
وتابع المنتخب المصري بنجاح حملة الدفاع عن لقبه وسعيه إلى إحراز اللقب السادس في تاريخه بعد أعوام 1957 و1959 و1986 و1998 و2006، علماً أنه بلغ نصف النهائي للمرة الثالثة عشرة, موقفاً مغامرة أنغولا في الدور ربع النهائي الذي بلغته للمرة الأولى في تاريخ مشاركاتها الأربع حتى الآن.
وهي المرة الثانية التي تتفوق فيها مصر على أنغولا في النهائيات القارية بعد الأولى العام 1996 بالنتيجة ذاتها, وكان المنتخبان المصري والأنغولي التقيا ودياً في البرتغال قبل انطلاق البطولة وانتهت المباراة بالتعادل 3-3.
مجريات اللقاء
قدمت مصر مباراة تكتيكية عموماً, تفاوت الأداء فيها بين الجيد والجيد جداً, فتارة كانت تحكم الزمام بقوة على منافسيها الأنغوليين, وتارة ينخفض مردود لاعبيها لكن عموماً مال أداء المصريين إلى الهجوم, فتميز بالسرعة واللياقة العالية ويسر النقلات الأرضية السريعة على طريقة "خذ وهات" أو "وان - تو", مركزين هجومهم من العمق.
في الجانب الآخر كافح الأنغوليون واستحقوا رفع القبعة إجلالاً على الروح المميزة التي أظهروها وإن بدا الفارق الفني واضحاً بين المنتخبين, لكن رغم ذلك نجح رفاق نجم الأهلي المصري فلافيو في تصعيب الأمور على ممثل العرب, وتمكنوا من خلق إرباك في الدفاع المصري في بعض فترات المباراة.
بدأ رجال المحنك حسن شحاتة المباراة بقوة وإصرار واضحين, فسعوا للهدف الأول المبكر بغية تخفيف وطأة الضغط عليهم, فشنوا الهجمات المتتالية, في ظل انكماش أنغولي وذود ملفت نتج عن انتشار وانضباط تكتيكيين إضافة لروح قتالية عالية.
وأثمر الضغط المصري في الدقيقة 23 عن هدف السبق من ركلة جزاء صحيحة احتسبها الحكم عقب تعمد أحد مدافعي الفريق المنافس لمس الكرة التي لعبها أبو تريكة من ضربة حرة بيده, فكان أن ترجم حسني عبد ربه التصويبه بمكر فضحك على حارس أنغولا الممتاز عموماً, مانحاً ثمانين مليون مصري, وأضعافهم من العرب فرحة التقدم.
إلاّ أن احتفالات أبناء شحاتة أفسدها مانوتشو الذي باغت من مسافة بعيدة الحارس الممتاز عصام الحضري في الدقيقة 26 بتصويبة أقل ما يقال فيها أنها من النوع الرائع والثقيل إذ اخترقت المقص الأيمن للحضري الذي عجز عن إبطال مفعولها رغم ارتقائه, وهو بلا شك لا يُسأل عن هدف يعجز عنه حتى أفضل حراس العالم على مر التاريخ أي الروسي الشهير ليف ياشين.
وبعد فترة ضياع وارتباك, عقبت هدف التعادل, عاد الفراعنة وفرضوا شخصيتهم من جديد, فتحكموا في زمام الأمور ونجحوا من كرة عرضية في الدقيقة 38, في إحراز هدف السبق والفوز, إذ تجاوزت الكرة كل من صادفته في طريقها, باستثناء صدر الدينامو عمرو زكي الذي تابعها في الشباك, وسط فرحة جنونية لهدف مستحق بشتى المقاييس.
وفي الشوط الثاني أضاع المنتخب العربي الكثير من الفرص, وشأنهم فعل الأنغوليون إنما بصورة أقل, وكادوا أن يدركوا التعادل في الدقيقة 61 لكن مانوتشو فشل في تسجيل هدفه الخامس في البطولة, والتعادل لفريقه في ظل تألق الحضري حارس الأهلي.
وأهدر متعب فرصة ذهبية لافتتاح رصيده من الأهداف في العرس القاري وإضافة الهدف الثالث عندما تلقى كرة على طبق من ذهب بكعب زكي فتابعها بيسراه تحت ضغط من المدافع كارلوس كالي لكن الحارس لاما أبعدها بقدمه في الدقيقة 63.
توالت الفرص الضائعة التي كانت كفيلة بمضاعفة النتيجة إذ سدد عماد متعب كرة رائعة, إثر تمريرة لا يؤديها إلا من يملك الدهاء الكروي, أي أمثال أبو تريكة, لكن تصويبة متعب وجدت تألق الحارس لاما الذي حول الكرة ركنية لم تثمر, شأن بقية دقائق اللقاء التي مرت ساخنة أداء, خالية أرقاماً لتنطلق بعد صافرة الحكم الثلاثية معلنة استمرار البطل بمهمته نحو لقب جديد بنجاح مميز.
تونس-الكاميرون
دفع التونسيون ثمن الهفوات الدفاعية غالياً جداً فودعوا بطولة أفريقيا من الدور ربع النهائي بشكل حزين, بعد عرض شيق وممتاز, لم يكتمل فصولاً, ذلك أنهم بعد عودتهم من بعيد وتحويل تخلفهم من0-2 إلى تعادل 2-2, خسر التونسيون المباراة بالوقت الإضافي بنتيجة 2-3.
افتتحت الكاميرون التسجيل في الدقيقة 18 بواسطة ستيفان مبيا, وعزز جيريمي نجيتاب الأرقام في الدقيقة 28, ثم قلص شوقي بن سعادة النتيجة إلى 1-2 في الدقيقة 34, ثم عادل يونس الشيخاوي النتيجة 2-2 في الدقيقة 82, قبل أن يسجل مبيا من جديد هدف الفوز لفريقه في الوقت الإضافي في الدقيقة 93.
وهي المرة الثانية التي تنجح فيها الكاميرون في الفوز على تونس في 3 مباريات في العرس القاري حيث كسبتها 3-0 في الدور نصف النهائي في أكرا العام 2000 عندما أقيمت النهائيات في نيجيريا وغانا معاً وتوجت الكاميرون باللقب، كما تعادلا 1-1 العام 1982, في المقابل، توقفت مسيرة تونس حاملة اللقب العام 2004، في الدور ربع النهائي للمرة الثانية على التوالي بعدما خرجت منه في النسخة الاخيرة أمام نيجيريا بركلات الترجيح.
مجريات اللقاء
استهل التونسيون المباراة بأداء دون الآمال شابه التوتر واهتزاز الثقة التي شيئاً فشيئاً عادت لممثل العرب خصوصاً بعد هدف تقليص الفارق, مع ملاحظة أن الحارس حمدي قصراوي يُسأل عن أول هدف هز شباكه في حين أن الثاني جاء ثمرة ضربة حرة متقنة, أي ما من هجمة ذات بناء كروي حقيقي.
لكن التغيير الحقيقي في الشوط الأول رغم بعض الفرص الأخرى, كان مع هدف شوقي بن سعادة العالمي الذي جاء من ضربة حرة مباشرة, فكان النقطة المفصلية التي نتج عنها اجتياح تونسي أنيق, ممتع ومهذب للمناطق الخلفية لرفاق إيتو التائهين دفاعياً, إلا أن سوء الحظ من ناحية والتألق غير العادي للحارس الكاميروني كاميني وقفا حائلاً أمام التعادل في الشوط الأول.
أولى الفرص أطلقها الأسود المروضة هجومياً, والغير المنضبطة دفاعياً, فكان في الدقيقة الخامسة كرة عرضية لجيريمي تتطاول إليها ماكون برأسه مصوباً رأسية تحولت إلى الخارج بعد ارتطامها في الأرض, وسط متابعة نظرية للقصراوي.
وبعد فرصة رائعة لسانتوس خانها الحظ, ورافقتها المتعة في الدقيقة العاشرة, جاء هدف الكاميرون الأول في الدقيقة الثامنة عشرة حين لعب ألكسندر سونغ عرضية من الجناح الأيمن طار لها القصراوي بتوقيت سيء فتابعها بوعي ملفت ستيفان مبيا برأسه مانحاً الأسود الأسبقية.
ولم تكد يمر عشر دقائق, حتى زأر الأسود من جديد, فكانت ضربة حرة مباشرة رائعة نفذها في الدقيقة 28 جيريمي الذي أرسل لولبية ممتازة فوق حائط الصد التونسي, طار لها القصراوي على غير هوادة, لتتضاعف النتيجة في ظل صدمة معنوية قوية لرجال روجيه لومير.
استوعب التونسيون النتيجة بعد بضع دقائق, وكان لهم هدف مستحق في الدقيقة 34 أمضاه شوقي بن سعادة الذي لعب ضربة حرة مباشرة ممتازة أركنها بعيداً عن كاميني لتنطلق بعدها فورة تونسية حولت ذلك الأسد إلى شبل بل لبوة دون صوت أو أنياب, باستثناء الحارس كاميني الذي تحمل ضعف حيلة خط ظهره في أكثر مناسبة.
أبرز تلك الفرص صنعها زياد الجزيري في الدقيقة 41 إذ أطلق من داخل المنطقة رصاصة صدتها العارضة, ليعود ويتابعها بن سعادة بيسارية من خارج المنطقة ظن من تابعها أنها في طريقها إلى الشباك لكن يقظة كاميني وانقضاضه المميز حرما العرب من فرحة النتيجة, لكن ليس من فرحة الأداء الجليل.
تابع نسور قرطاج في الشوط الثاني تفوقهم, فأحدثت مخالب ذلك النسر الألم ليس فقط بالأسود التي عرجت, بل حتى بالمدرب الألماني أوتو بفيستر الذي كان عاجزاً في النصف الأول من القسم الثاني عن التعامل مع الاجتياح التونسي, إلا أنه نجح بعض الشيء في ذلك في آخر عشرين دقيقة.
وبعد مردود قتالي وفني عاليي الأداء لم يثمرا عن هدف, جاء الفرج في الدقيقة 82 حين تلقى النجم يونس الشيخاوي عرضية أرضية زاحفة داخل المنطقة, نفذها الشيخاوي ببراعة قل نظيرها, فاقت براعة ماكيني, لتتعادل الأرقام عن جدارة واستحقاق, ولتتغير مفاهيم الطبيعة, النسر أردى الأسد!
استهل التونسيون الوقت الغضافي بخطأ قاتل حين فشل خط الدفاع مرتين في تشتيت كرة من رمية تماس فكان أن انقض الاختصاصي ستيفان مبيا على الكرة بلا رحمة, مطلقاً رصاصة الرحمة الـ3-2, ليزأر الأسود من جديد بعدما كانوا يحتضرون, محققين نتيجة أثبتت أنه ما من منطق في عالم الساحرة, وأن الفريق مهما علا شأنه فالأهداف هي اللغة الوحيدة لكرة القدم, وليس سواها من لغة, ليحضرنا المثل الشعبي "خطأ الشاطر بألف", وتخرج النسور محلقة مرفوعة الرأس
المصدر: الجزيرة الرياضية