حسني نجار
:: فريق التغطيات التطويري ::
سوريُّ الجنسية، عمانيُّ الهوى
كثيرًا ما كنت أسمع من بعض أصدقائي (غير العمانيين) عن عُمان وأهلها، وطيب معشرهم، ودماثة أخلاقهم، وحسن معاملتهم، وبشاشة مُحياهم. ولا أخفيكم سرًا إني حينما كنت أسمع كل هذا الإطراء والمديح، يراودني إحساس بأن في طيات حديثهم ضرب من المبالغة لسبب أو لآخر، إلى أن شاءت الأقدار لأحُطّ رحالي في هذا البلد سنة 2011م، وكان هذا بمثابة فرصة ذهبية لأختبر بنفسي ما كنت أسمعه من ثناء ومديح عن الانسان العماني. ومعلوم أنّ المغترب يختزن في ذاكرته كل أو أغلب تفاصيل أيام اغترابه الأولى، ولا يكاد ينساها أبدًا.
فلا زلت أذكر تلك الأحاسيس الرائعة التي انتابتني منذ الأيام الأولى التي وطِئتْ فيها قدماي هذه الأرض الطيبة، أحسست فيها وبكل صدق أني وقعتُ في حِضنَيّ أمي وأبي، وبالتأكيد لم تكن هذه الأحاسيس التي خالجت جوانحي نابعة من فراغ، فتلك التفاصيل الصغيرة التي عايشتها جعلتني أبصم بأناملي العشرة على صدق كل كلمة سمعتها عن وصف هذا الشعب الراقي، والصفات الرائعة التي يتصف بها، والتي لم أجدها حقيقة في أي بلد زرته أو أقمت فيه.
فما زلت أذكر ذلك اليوم القائظ من شهر يوليو، وأنا انتظر سيارة الأجرة قاصدًا قسم الجوازات لأستفسر عن إجراءات الإقامة لي ولأسرتي، فإذا بسيارة خاصة تقف بمحاذاتي، ويطل منها شخص عماني تبدو عليه سمات الهيبة والبشاشة، يسألني عن مقصدي، ثم يوصلني إلى مبتغاي دون انتظار لأي مقابل.
ما زلت أذكر يومًا آخر، حين ركبت سيارة الأجرة، واستشفَّ سائقها العماني من خلال تجاذب الحديث معه أني حديث عهد بهذا البلد، فأصرّ ألّا يأخذ مني أجرة التوصيل.
ما زلت أذكر والد صديقة ابنتي في المدرسة حينما تنامى إلى سمعه عن طريق ابنته أني أبحث عن عمل مناسب - وهو يشغل منصبًا مرموقًا – فما كان منه إلا أن اتصل بي ودعاني إلى بيته، وحاول مساعدتي في إيجاد عمل من خلال علاقاته ومعارفه الكثيرة، وطبعًا دون أي مقابل.
ما زلت أذكر كفيلي العماني عندما أخبرته أني أريد التوجه إلى مسقط العاصمة ( بالحافلة العامة ) لإنهاء بعض الأوراق في السفارة السورية، فأصرّ أن يوصلني بنفسه وبسيارته الخاصة – المرسيدس – دون انتظار لأي مقابل.
ما زلت أذكر حين انخرطتُّ بدافع من المحبة والولاء وردّ الجميل مع مجموعة من خيرة شباب البريمي في مجال العمل التطوعي، وأنا الوافد الوحيد بينهم، ولكنهم لم يُشعروني يومًا إلّا وأنا واحدًا منهم.
ومما يدعو إلى الغرابة أكثر، تلك المفارقة العجيبة.. ثلاثة وعشرون عامًا قضيتها مقيمًا في إحدى الدول الخليجية، لم أحظَ خلالها بصديق واحد من أهلها ومواطنيها، سوى بعض العلاقات السطحية الموقتة في مجال العمل أو من قبيل المجاملات لا أكثر.
أما هنا في عمان فكان الأمر مختلفًا تمامًا، إذ لم يمضِ على إقامتي فيها بضع سنوات حتى استطعت خلالها أن أُكوِّن صداقات لا حصر لها، وأصبح لي إخوة عمانيون أعتز بصحبتهم، وأفخر بوجودي بينهم، وأقضي معهم جلَّ أوقاتي، وصدق من قال قديمًا: رُبَّ أخ لك لم تلده أمك.
وبعد كل هذا وذاك، لا أعتقد أن أحدًا سيلومني إذا قلت: إني سوريُ الجنسية، عمانيُ الهوى...
كثيرًا ما كنت أسمع من بعض أصدقائي (غير العمانيين) عن عُمان وأهلها، وطيب معشرهم، ودماثة أخلاقهم، وحسن معاملتهم، وبشاشة مُحياهم. ولا أخفيكم سرًا إني حينما كنت أسمع كل هذا الإطراء والمديح، يراودني إحساس بأن في طيات حديثهم ضرب من المبالغة لسبب أو لآخر، إلى أن شاءت الأقدار لأحُطّ رحالي في هذا البلد سنة 2011م، وكان هذا بمثابة فرصة ذهبية لأختبر بنفسي ما كنت أسمعه من ثناء ومديح عن الانسان العماني. ومعلوم أنّ المغترب يختزن في ذاكرته كل أو أغلب تفاصيل أيام اغترابه الأولى، ولا يكاد ينساها أبدًا.
فلا زلت أذكر تلك الأحاسيس الرائعة التي انتابتني منذ الأيام الأولى التي وطِئتْ فيها قدماي هذه الأرض الطيبة، أحسست فيها وبكل صدق أني وقعتُ في حِضنَيّ أمي وأبي، وبالتأكيد لم تكن هذه الأحاسيس التي خالجت جوانحي نابعة من فراغ، فتلك التفاصيل الصغيرة التي عايشتها جعلتني أبصم بأناملي العشرة على صدق كل كلمة سمعتها عن وصف هذا الشعب الراقي، والصفات الرائعة التي يتصف بها، والتي لم أجدها حقيقة في أي بلد زرته أو أقمت فيه.
فما زلت أذكر ذلك اليوم القائظ من شهر يوليو، وأنا انتظر سيارة الأجرة قاصدًا قسم الجوازات لأستفسر عن إجراءات الإقامة لي ولأسرتي، فإذا بسيارة خاصة تقف بمحاذاتي، ويطل منها شخص عماني تبدو عليه سمات الهيبة والبشاشة، يسألني عن مقصدي، ثم يوصلني إلى مبتغاي دون انتظار لأي مقابل.
ما زلت أذكر يومًا آخر، حين ركبت سيارة الأجرة، واستشفَّ سائقها العماني من خلال تجاذب الحديث معه أني حديث عهد بهذا البلد، فأصرّ ألّا يأخذ مني أجرة التوصيل.
ما زلت أذكر والد صديقة ابنتي في المدرسة حينما تنامى إلى سمعه عن طريق ابنته أني أبحث عن عمل مناسب - وهو يشغل منصبًا مرموقًا – فما كان منه إلا أن اتصل بي ودعاني إلى بيته، وحاول مساعدتي في إيجاد عمل من خلال علاقاته ومعارفه الكثيرة، وطبعًا دون أي مقابل.
ما زلت أذكر كفيلي العماني عندما أخبرته أني أريد التوجه إلى مسقط العاصمة ( بالحافلة العامة ) لإنهاء بعض الأوراق في السفارة السورية، فأصرّ أن يوصلني بنفسه وبسيارته الخاصة – المرسيدس – دون انتظار لأي مقابل.
ما زلت أذكر حين انخرطتُّ بدافع من المحبة والولاء وردّ الجميل مع مجموعة من خيرة شباب البريمي في مجال العمل التطوعي، وأنا الوافد الوحيد بينهم، ولكنهم لم يُشعروني يومًا إلّا وأنا واحدًا منهم.
ومما يدعو إلى الغرابة أكثر، تلك المفارقة العجيبة.. ثلاثة وعشرون عامًا قضيتها مقيمًا في إحدى الدول الخليجية، لم أحظَ خلالها بصديق واحد من أهلها ومواطنيها، سوى بعض العلاقات السطحية الموقتة في مجال العمل أو من قبيل المجاملات لا أكثر.
أما هنا في عمان فكان الأمر مختلفًا تمامًا، إذ لم يمضِ على إقامتي فيها بضع سنوات حتى استطعت خلالها أن أُكوِّن صداقات لا حصر لها، وأصبح لي إخوة عمانيون أعتز بصحبتهم، وأفخر بوجودي بينهم، وأقضي معهم جلَّ أوقاتي، وصدق من قال قديمًا: رُبَّ أخ لك لم تلده أمك.
وبعد كل هذا وذاك، لا أعتقد أن أحدًا سيلومني إذا قلت: إني سوريُ الجنسية، عمانيُ الهوى...
حسني نجار
التعديل الأخير: