ko0lo0d122
¬°•| عضو فعّال |•°¬
- إنضم
- 21 مارس 2014
- المشاركات
- 130
..بسم الله الرحمن الرحيم...
::ص55::::ص55::
لقد كان لأهل عمان دور رائد في نشر الإسلام في بقاع الأرض ومن ذلك نشر الإسلام في شرق أفريقيا والهند والصين وأندونيسيا..
والحلقات التي سوف أعرضها عليكم تباعاُ هي منقولة من كتاب (منهج الدعوة عند الإباضية) ط2 لـ: مكتبة الاستقامة للدكتور/ محمد صالح ناصر تتعلق بالموضوع أعلاه آملاً أن توفر للقارئ المعلومة التاريخية لدور العمانيين الأباسل في نشر الإسلام في مختلف ربوع العالم ..
وسوف يحتوي هذا الموضوع على التالي تباعا:
1- تمهيد
2- نشر الإسلام بشرق إفريقيا
3- نشر الإسلام في الهند
4- نشر الإسلام في الصين
5- أندونيسيا وما جوارها.
** تمهيــــــــد:
إن مساهمة العمانيين في نشر الإسلام يعود إلى ما قبل ظهور المذهب الإباضي ، أي قبل أن يفترق المسلمون إلى طوائف بعد الفتنة ، وإذا قلنا الإباضية فإننا نعني العمانيين الذين ارتبط انتشار المذهب الإباضي بهم ، حتى قيل إن الإباضية أزدية.
وقد عرف الأزد منذ القديم بمقدرتهم الحربية براً وبحراً ، وعندما جاء الإسلام كانوا من جند الفتوحات في الصفوف الأولى ، إذ تذكر الروايات التاريخية أن الملك عبد بن الجلندى العماني حين كان بالمدينة طلب من أبي بكر الصديق أن يقوم بحرب الغساسنة وآل جغنة على حدود الشام ، واستجاب له أبو بكر، وأمّره على سرية كان فيها حسان بن ثابت الأنصاري ، وقد قال عنه حسان "لم أر رجلا أحزم ، ولا أحسن رأيا وتدبيرا من عبد، وهو والله ممن وهب نفسه في يوم غارت صِباحه وأظلم صباحه .. فسر ذلك أبو بكر فقال: هو يا أبا الوليد كما ذكرت ، والقول يقصر عن وصفه، والوصف يقصر عن فضله" الشيخ السالمي: تحفة الأعيان ج1 ص50.
فبلغ ذلك (عبد) فبعث بمال عظيم وأرسل إليه: (إن مالي يعجز عن مكافأتك فاعذر فيما قصر ، واقبل ما تيسر) ثم إن أبا بكر كتب كتاباً إلى أهل عمان يشكرهم ويثني عليهم ، ومن ثم لم يكن عجباً أن يكون العمانيون الذين دخلوا الاسلام دون الحرب ، وعلى هذا النحو من الحماسة للإسلام، والتضحية في سبيله بأموالهم وأنفسهم ابتغاء رضوان الله. فكانوا في الصفوف الأولى في الفتوحات الإسلامية ، فكان دورهم في فتح العراق وفارس، وخاصة من ناحية البحر عضيماً.
ومن الروايات التاريخية نعرق أن الخليفة عمر بن الخطاب طلب من والي عمان عثمان بن أبي العاص الثقفي بعد وقعة (جلولاء) 16هـ أن يقطع البحر لمحاربة كسرى فارس، فخرج معه ثلاثة آلاف محارب أو ألفان وستمائة من الأزد، وراسب، وناحية، وعبدالقيس، وأكثرهم من الأزد، فعبر بهم عثمان بن أبي العاص من جلفار (رأس الخيمة) إلى جزيرة كاون (البحرين) وفيما قائد العجم ، فسالم القائد الفارسي عثمان بن أبي العاص ولم يقاتله.
ولكن الدور البارز الذي قام به العمانيون كان في عهد الإما عمر بن الخطاب، ومن جاء بعده في فتوح الشام وفارس والمغرب، ومصر وغيرها، ومن تم فإننا نجد لهم آثارا باقية في كل هذه البلاد، وكان منهم قواداً عظاماً وعلماء كبار، رفعوا راية الإسلام خفاقة في كل مصر وقطر. الشيخ السالمي: تحفة الأعيان ج1 ص52.
وبما أن متابعة هذا الانتشار ليس هو موضوع بحثنا ، فإننا سنقتصر على ما كان للعمانيين الإباضية فيه دور خاص أو مباشر، مثل فتوحاتهم في شرق إفريقيا، والصين، والهند، وأندونيسيا ، وجزر الملايو، وسيلان وجزر المالديف والكاديف.
** نشر الإسلام بشرق إفريقيا:
لا نستطيع أن نحدد تاريخاً معيناً لبداية الاتصالات العمانية الإفريقية، فمنذ أقدم العصور جاء العمانيون إلى الساحل الشرقي لإفريقيا المواجه لشبه الجزيرة العربية، وكان لهم تبادل تجاري مع السكان الأفارقة. (يراجع حصاد ندوة العلاقات العمانية المصرية، وزارة التراث القومي والثقافة، ع(2) يناير1994م) ولكن الذي لا شك فيه هو أن هذه العلاقات بدأت قبل ظهور الإسلام، فقد اشتهر العمانيون بركوب البحر، وعرفوا الانتقال من البحر الأحمر الشرقي إلى الساحل الغربي منه، وتسجل كل المصادر التاريخية نبوغهم في هذا المجال، وارتباط حضارتهم الاقتصادية والسياسية والثقافية به.
وقد كان الوجود العماني في شرق أفريقيا بكل المقاييس، أكبر كثافة، وأكثر عمقاً منها في آسيا، أو بالتحديد جنوب شرقي آسيا، ولذلك كان تأثيرهم في هذه المنطقة أشد وأقوى (د/نايف السهيل، مرجع سابق ص185). فقد اعتمد – بجانب الروابط الملاحية والتجارية – على الهجرة العمانية الدائمة فردية وجماعية، حيث تعوّد الشعب العماني على رحلات منظّمة إلى شرق إفريقيا.
... ولا شكّ أن احتكاك الأفارقة بالعرب المسلمين أدى إلى نتائج عميقة لم تقتصر على التجارية أو المعاملات المادية، بل لقد كان لأسلوب التعامل، وما حمله العرب المسلمون معهم من مبادئ يدعو إليها الإسلام، أعمق الأثر في الأفارقة.
والحق إن المصادر كلها تشير إلى دور التجار في هذا الصدد، لأن العلاقات الإقتصادية كانت من الدوافع التي ساعدت أن يتجه العمانيون إلى هذه المناطق النائية، ويستقروا فيها، ويكوّنوا بها إمارات عربية نمت وازدهرت بالتدريج، وشهد بعظمتها وازدهارها وتحضرها كل من زار المنطقة من العر والأجانب على السواء، وكانت هذه المهاجر العمانية على الساحل الإفريقي الشرقي مصدر إشعاع حضاري أثر في المناطق الإفريقية المجاورة. (حصاد ندوت العلاقات، يناير 1994م).
ونستطيع القول بوضوح إن كافة المصادر التاريخية تؤكد على الصلة بين عمان في كل العصور وبين الشرق والجنوب الإفريقي، حتى أنهم وصلوا إلى تنزانيا، ومدغشقر، وجنوب الصومال، وجزر القمر، ومنطقة نورديفان، وكلوة، ومِمبا، وزنجبار كما توضح ذلك مصادر كثيرة.
أما في شرق إفريقيا نفسها فقد توغلوا في الأحراش والغابات غير هيابين ولا وجلين، وكأن ركوب المخاطر في البحر ساعدهم على ركوبها في البر أيضاً. وهكذا وصل الإباضية العمانيون إلى جنوب وحول البحيرات الاستوائية، وإلى بحيرة نيانسا، ومنابع نهر الزمبيزي، وموزمبيق، وبحيرة تنجنيقا، وفيكتوريا، والبرت، وكيوجا المعرفة الآن باسم بورندي، ورواندا، وغربي كينيا، وغربي وجنوب أوغندا، ومملكة كارنجا (زيمبابوي). وقد استطاعوا بمهارتهم وقوة عزيمتهم أن يصلوا عن طريق ممتد بين الساحل والداخل، وتدفقوا عبر هذا الطريق مستخدمين الإبل في رحلات تستغرق شهرواً.
وكانت هذه الطرق بالتحديد هي السبيل الوحيد إلى وصول الإسلام إلى هذه المناطق الداخلية النائية في إفريقيا. (د/ السهيل، مرجع سابق ص 190).
ومع مرور الأيام تحولت هذه العلاقات التي بدأت بالتجارة إلى علاقات حضارية عميقة في كل مجالات الحياة، فتزاوج رجال عمان بنساء من إفريقيا، فجاء الجيل الجديد تعبيراً عن هذا المزج الحضاري الذي ترجم نفسه سريعاَ في تزاوج أخر بين اللغة العربية التي حملها الإباضية إلى إفريقيا وأخلصوا في نشر تعاليم الإسلام بها، وبين لغة الأفارقة أنفسهم، فنشأت في زنجبار وما حولها اللغة السواحيلية التي جاءت وليدة تزاوج العربي الإفرقي، والتي يتكلم بها أهل المشرق والجنوب الإفريقي حتى اليوم. (المصدر السابق).
وقد برزت بعض المدن الساحلية زاهية بحضارتها العربية الإسلامية الجديدة، مثل لامو الواقعة شمال ممباسا، ويرجع تأسيسها إلى مستهل القرن الثامن الهجري، وقامت بها حكومة ديموقراطية معتنقة المذهب الإباضي، كما برزت في هذا المجال شخصيات عمانية اشتهرت بالجرأة في اقتحام المخاطر، ولا يكاد يصل القرن العاشر الهجري حتى استطاع الأئمة الإباضية العمانيون أن يمدوا سلطانهم على الشمال الشرقي من أرض الصومال حتى نهر رفوما، وأن يقيموا فيها إمارات تابعة لهم، وضعوا على رأسها رؤساء من العائلات العربية في ممباسا وزنجبار، وغيرهما من المناطق الهامة. (د/ حسنى أحمد محمود ، الإسلام والثقافة العربية في إفريقيا، دار الفكر العربي القاهرة 1987م ص 140 و141 و439).
واستمرت قرونا إلى أن جاء السقوط الأخير على يد الأفارقة الشيوعيين في أوائل الستينات. ولم يبق من تلك الأثار إلا ما كتبه العلماء الإباضية أو غيرهم عن تلك العهود الزاهرة. وقد يتساءل المرء عن انحسار المذهب الإباضي في هذه المناطق، وأحسب أن هذا يعود أساساً إلى أن الإباضية كانوا متسامحين مع أهالي تلك المناطق، فقد كانوا يهدفون إلى نشر الإسلام متجاوزين العصبيات المذهبية حيث حرصوا أشد الحرص على نشر الإسلام أولاً ولم يفكروا في أي شيء أخر بعد ذلك.
وهكذا نستطيع القول: إن الإباضية في القرنين الثالث والرابع الهجريين وقد أثروا في سكان تلك المناطق تأثيرا بعيدا، وهم الذين يرد ذكرهم في المصادر أحياناً: البربر، أو السودان، أو الزنج، أو البانتو، وكان الفضل لأولئك الرواد في تحويل تلك القارة من الوثنية إلى الديانة الإسلامية، كما شهدت له بذلك الوثائق والدراسات.
** نشر الإسلام في الهند:
كانت هناك عدة عوامل ساعدت كلها على الاتصال المباشر بين عمان والهند منها:
أولا: الجوار فبحكم وجود عمان قبالة الهند بحيث لا يفصل بينهما سوى المحيط الهندي، تعتبر عمان بالنسبة للهند بوابة إلى الخليج، والجزيرة العربية بأجمعها، وقد وطد هذا الجوار العلاقات بين القطرين منذ زمن بعيد.
ثانيا: الحركة التجارية ، كانت الحركة التجارية نشيطة دائبة بين عمان والهند، وكانت السفن تمخر عباب المحيط الهندي جيئة وذهاباً ما بين القطرين ، فقد كانت الهند في حاجة ماسة إلى توطيد علاقتها ببلاد العرب عامة، وبعمان خاصة، إذ أن الهند كانت في حاجة شديدة إلى (اللبان) الذي يستخدم في صناعة البخور، والذي تشتهر به منطقة ظفار عالمياً كما أن حاجتها إلى العاج الإفريقي ظلت شديدة أيضاً، وكان يصل إليها عن طريق عمان ينقله العمانيون من شرق إفريقيا، وكانت الهند في حاجة أيضاً غلى الخيول العربية التي كانت تأتيها من عمان بعامة، ومن منطقة ظفار بخاصة.
وكانت الهند من جهتها تبيع لعمان الأقمشة، والأقطان، والتوابل، والعطور ، وخشب النارجيل اللازم لصناعة الهند، وغير ذلك من المواد الزراعية والصناعية.
ثالثا: المنافسة البحرية:
كان لا بد أن تكون هناك منافسة شديدة في السيطرة على الطريق البحري التجاري بين الهند وعمان ، ويبدو أن المراكب العمانية كانت تتعرض من حين إلى آخر لهجمات القراصنة الهنود (د/نايف السهيل، ص169 - نقلا عن مايلز، س،ب الخليج ، مسقط ، ص82).
مما دفع بالأئمة العمانيين لحماية نشاطهم التجاري بإحداث أسطول حربي قوي يقف في وجه هجمات أولئك القراصنة ، وقد أنشأ الإمام غسان بن عبدالله اليحمدي (192هـ) أسطولا بحرياً مسلحاً لحماية الشواطئ العمانية، ولتأمين الطريق البحري من القراصنة ، وقد قوي هذا الأسطول في عهد الإمام مهنا بن جيفر اليحمدي ما بين (226-237) إذ استطاع أن يكون أسطولاً ضخماً على درجة رفيعة من العدة والعتاد ، قيل أنه تتكون من ثلاثمائة بارجة حربية مسلحة (المرجع السابق).
هذه العوامل جميعها عززت العلاقات بين البلدين ودفعت العمانيين إلى الهجرة والاستقرار بالساحل الغربي لبلاد الهند، فعمروا بعض البلاد وبنوا بها منازل لهم مثل ميناء تامه ، وقندرينا ، وكبايه ، وجرفتين ، وكلها موجود بالساحل الغربي المعروف عند القدامى بساحل ملبار (المصدر السابق).
ومن هنا كان استقرار كثير من التجار العمانيين في هذه الأرض مدعاة إلى الدعاية إلى الإسلام بين أهلها ، إضافة إلى أولئك الدعاة الذين كانوا يتوافدون من حين إلى آخر لغرض التجارة ، أو لغرض الدعوة نفسها ، وكان بعضهم يستقر فيها نهائياً حيث يتزوجون من أهالي الهند ، ويتخذون لغتهم وكثيراً من عاداتهم وتقاليدهم التي لا تتنافى مع الإسلام ، وبذلك كانوا مؤهلين تماماً كدعاة إباضية لنشر الإسلام في هذه البلاد وخصوصاً بين الهنديات اللاتي تزوجن من هؤلاء الوافدين ، وأيضاً بين الهنود الذين ارتبطوا معهم بعلاقات تجارية. (المصدر السابق)
ومما لا شك فيه أن الذي ساعد على الحركة الإسلامية الواسعة في هذه البلاد داخلا وساحلا هو ما رآه أهل تلك البلاد من أخلاق المسلمين العالية، ومعاملتهم الحسنة ، عندما بلوهم بالمصاهرة، والمتاجرة والمعاشرة ، مقارنين بين حالتهم الاجتماعية السيئة التي كانوا عليه في ظل حكم نظام طبقي يسيطر فيه رجال الدين على الناس بالاستغلال والاحتقار والقهر .. فرحبوا بالدين الإسلامي الذي لا يعترف بالطبقية في كل شيء.
والإباضية هم أصفى المسلمين تمثيلا لهذا الفكر الذي لا يؤمن إلا بالتقوى ميزانا ، ومقياسا .. ومن ثم انتشر الإسلام في كل مكان وصلة تاجر ، أو داعية ، أو فقيه مسلم ، وخاصة في سواحل الهند وهضبة الدّكن وغيرهما من أنحاء الهند ، وأقاليمها العديدة مثل البنغال ، وغيرها ... (يراجع أرنولد ويلسون: تاريخ الخليج ، تر: محمد أمين عبدالله مسقط ، ط ، 1985، ص 314-323-403.
وقد حظي الذين دخلوا في الإسلام من أهالي هذه البلاد بالاحترام والتقدير اللذين حظي التجار الغرباء بهما أيضا، الأمر الذي دفع بالحركة الإسلامية دفعات كبيرة بين الهنود ملوكا ورعية.
ويحرص المسلمون من الهنود على تأكيد الروابط التي تجمعهم بالتجار العمانيين الذين كانوا سبب إسلامهم ، فيقولون أنهم ينحدرون من أنجال هؤلاء التجار المسلمين الذين أقاموا في بلادهم منذ أزمنة بعيدة ، وهم يمدحون ذلك حتى في الوقت الحاضر.
.... وهكذا نرى نتيجة لجهود إباضية عمان وغير العمانيين انتشر الإسلام في الهند ، والتزام الهنود بتعاليم الإسلام وتقاليده ، وحافظوا على دينهم وغم ما يتعرضون له من هجوم شبه مستمر من ملوك الهند ومهراجاتهم. (د/نايف السهيل ، مرجع سابق (بتصرف) ص 172.
** نشر الإسلام في الصين :
عرف إباضية عمان بلاد الصين منذ القرن الثاني الهجري وذلك عن طريق التجار العمانيين الذين أبحروا في اتجاه الصين، فبلغوا منها أقصاها كما تدل على ذلك الوثائق التاريخية. ويرتبط نشر الإسلام في هذه البلاد بداعية إباضي مشهور وهو أبو عبيدة عبدالله بن القاسم العماني الملقب بأبي عبيدة الصغير تشريفاً وتكريماً، وقد وصل إلى ميناء كانتون حوالي 133هـ وتعتبر رحلته من أقدم رحلات العرب إلى بلاد الصين إن لم تكن أولها.
ورد في كتاب بعنوان (موجز تسجيل الأمور الهامة المخلفة في عهد أسرة سون) تشان زون (أستاذ التاريخ بجامعة بكين): الاتصالات الودية بين الصين وعمان عبر التاريخ (تراثنا) ع، 21، ط، 2(د.ت) ص8. وبصورة صريحة إن المبعوث لدولة ووشيون (صحار) التابعة لتاشي (العرب) قد جاء لتقديم الهدايا إلى الإمبراطور الصيني، وذلك يدل بصورة قوية على أنه عماني بلا شك.
إن هذا المبعوث الذي يشير إليه الباحث الصيني لم يكن سوى الداعية الإباضي المعروف عبدالله بن القاسم ، وقد كان يدعى عندهم الشيخ عبدالله وكان رئيسا لمنطقة سكنى العرب والأجانب الآخرين في مدينة (قوانتشو) وقد لقبه الإمبراطور الصيني (سون سين زون) بصورة خاصة جنرال الأخلاقية الطيبة.
وهذا اللقب له أكثر من دلالة دعوية فإن الشيخ عبدالله لم يصل إلى هذه المرتبة العالية بحيث تصبح أخلاقه الطيبة دلالة عليه وعلى شئ يمتاز به ، إلا لما كان يتحلى به من صفات عالية وسلوك متميز ، هي الصفات الإسلامية الرائعة ، والسلوك المحمدي المتميز، ومن المهم في الأمر أن هذا التلقيب قد تم تدوينه على يد سوشي الأديب الصيني السياسي المشهور ذائع الصيت ولا يزال المرسوم الأصلي الذي أصدره الإمبراطور الصيني (سون سين زون) محفوظاً ضمن مجموعة الشؤون الخارجية لدون باي (الإسم الثاني لسوشي) وقد عرفنا من الكتاب السجل المختصر ... الذي كتبه سوزاي (أديب مشهور أخر) من عهد أسرة سون ، وهو الأخ الأصغر للأديب سوشي، بأن الشيخ عبدالله قضى في مدينة (قوانتشو) عشرات السنين كانت له ممتلكات وافرة حتى لقد بلغ قيمتها عدة ملايين (مين)، ومن أجل أن يفهم الناس نقوم بمقارنة في الفترة التي بلغت فيها التجارة الخارجية لحكومة أسرة (شون) قمة إزدهارها ، فإن الدخل السنوي للحكومة كان لا يتجاوز مليونين (مين) ، وهذا يعني أن ممتلكات الشيخ عبدالله الشخصية قد تجاوزت دخل التجارة الخارجية السنوية لحكومة أسرة (سون)
والذي يهمنا هنا هو أن هذا النجاح المادي وراءه نجاح آخر معنوي أخلاقي ديني من علاماته الأمانة والصدق ، والسلوك الحسن ، وإلا كيف يحصل هذا التاجر العربي على تلك الرتبة العسكرية العظيمة (جنرال) لولا أخلاقه الإسلامية المتميزة تلك ، التي جعلت الإمبراطور الصيني يقدم للشيخ عبدالله عند عودته إلى وطنه الهدايا القيمة بصورة خاصة ، وهو في الحقيقة اعتبار رفيع خاص للشيخ عبدالله ، ومن خلال ذلك بإمكاننا - يقول الباحث الصيني - أن ندرك بأن الشيخ عبدالله قد ساهم بشكل بيّن وبارز في مجال تطوير الاتصالات الودية المتبادلة بين الصين وعمان.
تبلغ مساحة الصين الشعبيه نحو 9.6 مليون كليومتر مربع.
تنقسم الصين اداريا الى 22 مقاطعه و5 مناطق ذات حكم ذاتي و3 بلديات تخضغ للادارة المركزية مباشرة.
يقدر عدد المسلمين في الصين بنحو 3- 10%.
جاء الاسلام الى الصين من الجزيرة العربية
تسهم الجمعية الاسلامية الصينيه التى تتبع وزارة الاديان الصينية في انشاء المعاهد الاسلامية وطباعة الكتب ورفع مطالب الصين الى الجهات المعنية
معظم المسلمين في الصين من الطبقه المتوسطه والفقيرة اقتصاديا
بعمل كثير من المسلمين في الزراعة والتجارة
يحسن المسلمون التعايش السلمي مع غيرهم
وهذه شهادة باحث أكاديمي معاصر استند إلى الوثائق التاريخية التي ما تزال موجودة في الصين إلى الآن. وقد أكدت السجلات العمانية هذه الحقائق التاريخية ، حيث نقرآ أن رجلا عمانيا يدعى أبو عبيدة عبدالله بن القاسم قام بأول رحلة بحرية إلى قوانتشو في الصين ، وربما كانت هذه الرحلة إلى الصين أقدم وأبكر سجل موجود من جانب العرب. (المصدر السابق ص80.
هكذا استطاع الداعية أبو عبيدة من خلال تجاربه وتجارته وأخلاقه الإسلامية العالية أن ينشر الإسلام سواء على يديه أو على يدي زملائه من التجار العمانيين الآخرين الذين قصدوا الصين ، إذ نجد الشماخي يذكر في (سيره) عالماً إباضيا آخر وصل هذه الديار وهو النظر بن ميمون ، ويقول عنه أنه كان من خيار التجار المسلمين. (السير ج1، ص90)
وقد وصل العمانيون بمتاجرتهم إلى أقصى شمال الصين، إلى مدينة قانصوا وبلاد الشيلا التي يعتقد أنها بلاد كوريا الآن واليابان. وتوغلوا داخل البلاد حيث كانت بعض الموانئ الصينية لا تقع على الساحل الذي يطل على بحر الصين أو المحيط الهندي مباشرة. (د/ نايف السهيل: مرجع سابق ص166.
واستمرت رحلات العمانيين إلى ميناء كانتون الصيني، حيث كان لهم وكلاء عديدون في هذه المدينة وغيرها من مدن الصين التي فتحت أبوابها لتجارتهم ، فكانوا هم الذين قاموا بمعظم النشاط التجاري مع بلاد الصين في القرن الثالث الهجري بصفة خاصة. (السير ج1 ص90).
وبما أن التجارة هي المحك الدقيق لواقعية الإسلام ، وبروزه اليوم من خلال التعامل المالي والتجاري، فإن الإباضية العمانيين كانوا يمقثلون بأخلاقهم الإسلامية العالية رسالة دعوية عملية إلى جانب دعوتهم إلى الإسلام وتطبيق تعاليمه في تلك البلاد، ومن هنا فقد كان لتجار عمان الرياسة للعرب والمسلمين في (كانتون) على النحو الذي رأيناه مع أبي عبيدة الصغير حتى لقبه الإمبراطور الصيني (جنرال الأخلاقية الطيبة) ... وهذا كان نتيجة طبيعية لما اشتهر به هؤلاء التجار بسبب مذهبهم الإباضي من حميد الصفات، وجميل السجايا.
ولم يكن تجار عمان ممن يتصفون بالأنانية ، والجشع أو الحرص أو الشح، كما أنهم كانوا يندمجون مع آهالي البلاد التي يتاجرون معها، ويحاولون بشتى الطرق كسب ودهم ومعاملتهم معاملة طيبة ، مما كان يؤدي بلا شك إلى إعجاب الصينين بهم وبأخلاقهم التي كانت تتمثل في الأمانة والصدق بدرجة كبيرة. (المرجع السابق ص167.
** أندونيسيا وما جاورها:
سبق أن أشرنا إلى الوجود العماني في الهند والصين ، وسبق أيضا أن أشرنا إلى أن وجود الإباضية العمانيين في الصين كان منذ عهد مبكر ، أي منذ رحلة الداعية أبي عبيدة الصغير سنة 133هـ. وهذا يقود حتما إلى عدم الشك في وجود العمانيين في الجزر والبلاد الواقعة في المسالك البحرية ما بين عمان والصين مثل سيلان (سريلانكا) ومالديف، وجزر الملايو، وأندنوسيا، وغيرها من البلاد الموجودة في هذه الأنحاء ، وقد أكدت الوثائق ذلك.
وكان من الطبيعي أن يؤدي هذا الوجود المكثف إلى إنتشار الإسلام في هذه البلاد مثل سومطرة وجاوة حتى بورنيو وجزيرة سليبس.
وهناك إشارات تدل على تأثر (جاوة) بالتجار الإباضية العمانيين ، حيث عثر على مساجد أثرية قديمة كثيرة العدد بغير زخارف، مما يدل على أنها من بناء التجار العمانيين ، أو على الأقل متأثرة بالطابع العماني (المرجع السابق ص167) في بناء المساجد وهو طابع معروف ببساطته.
وكان العمانيون قد قدموا تجارا رحالين أو مستقرين إلى سومطرة حيث بنو المستوطنات والمراكز التجارية، وقد يكون التجار المقيمون من قبل في سواحل الهند هم الذين أقبلوا إلى سومطرة.
وقد استجاب أهل أندنوسيا للإسلام وحافظوا على تقاليده، وقد ظهرت الاستجابة في الثقافة العربية التي أصبحت مستخدمة عندهم ((فقد انتشر مفردات وكلمات عربية كثيرة في لغاتهم مثل اللغة الاتشهيليزية، وهي إحدى لغات سومطرة التي استعملت الأبجدية العربية أثناء تحولها من لغة شفوية إلى لغة مكتوبة)) يراجع أرنولد: الخليج العربي ص426-427. وكان طبيعيا أن تكون هذه المفردات تتعلق بالدين الإسلامي الذي حرص العمانيون على نشره في تلك البقاع.
ويقال إن إسلام مملكة (سوكدنه) كان على أيدي العرب وإن هؤلاء العرب أتوا من سومطرة ، ولما كان العمانيون يشكلون أغلبية العرب الذين كانوا يعملون بالملاحة والتجارة في هذه الجهات ، فإن المرجح أن التجار العمانيين هم الذين كان لهم فضل تحويل مملكة سوكدنه إلى الإسلام ، كما أدخلوه إلى الجزيرة ملوكس التي كانوا يجلبون منها الفلفل الذي يوجد في أراضيها ، وخصوصا في جزيرة (ترنات) التي اعتنق أهلها الإسلام ، وكان سلطان هذه الجزيرة كما يحكي البرتغاليون أول زعماء ملكوس دخولا في الإسلام على يد أحد التجار المسلمين. يراجع د/نايف السهيل/ مرجع سابق ، ص176.
وقد عمت الدعوة الإسلامية بفضل نشاط العمانيين حتى بلغ جزر الفلبين، وهذا يدل على أن العمانيين لم يكونوا تجاراً وحسب، وإنما جاؤوا دعاة للدين الإسلامي قولا وفعلا.
::ص55::::ص55::
لقد كان لأهل عمان دور رائد في نشر الإسلام في بقاع الأرض ومن ذلك نشر الإسلام في شرق أفريقيا والهند والصين وأندونيسيا..
والحلقات التي سوف أعرضها عليكم تباعاُ هي منقولة من كتاب (منهج الدعوة عند الإباضية) ط2 لـ: مكتبة الاستقامة للدكتور/ محمد صالح ناصر تتعلق بالموضوع أعلاه آملاً أن توفر للقارئ المعلومة التاريخية لدور العمانيين الأباسل في نشر الإسلام في مختلف ربوع العالم ..
وسوف يحتوي هذا الموضوع على التالي تباعا:
1- تمهيد
2- نشر الإسلام بشرق إفريقيا
3- نشر الإسلام في الهند
4- نشر الإسلام في الصين
5- أندونيسيا وما جوارها.
** تمهيــــــــد:
إن مساهمة العمانيين في نشر الإسلام يعود إلى ما قبل ظهور المذهب الإباضي ، أي قبل أن يفترق المسلمون إلى طوائف بعد الفتنة ، وإذا قلنا الإباضية فإننا نعني العمانيين الذين ارتبط انتشار المذهب الإباضي بهم ، حتى قيل إن الإباضية أزدية.
وقد عرف الأزد منذ القديم بمقدرتهم الحربية براً وبحراً ، وعندما جاء الإسلام كانوا من جند الفتوحات في الصفوف الأولى ، إذ تذكر الروايات التاريخية أن الملك عبد بن الجلندى العماني حين كان بالمدينة طلب من أبي بكر الصديق أن يقوم بحرب الغساسنة وآل جغنة على حدود الشام ، واستجاب له أبو بكر، وأمّره على سرية كان فيها حسان بن ثابت الأنصاري ، وقد قال عنه حسان "لم أر رجلا أحزم ، ولا أحسن رأيا وتدبيرا من عبد، وهو والله ممن وهب نفسه في يوم غارت صِباحه وأظلم صباحه .. فسر ذلك أبو بكر فقال: هو يا أبا الوليد كما ذكرت ، والقول يقصر عن وصفه، والوصف يقصر عن فضله" الشيخ السالمي: تحفة الأعيان ج1 ص50.
فبلغ ذلك (عبد) فبعث بمال عظيم وأرسل إليه: (إن مالي يعجز عن مكافأتك فاعذر فيما قصر ، واقبل ما تيسر) ثم إن أبا بكر كتب كتاباً إلى أهل عمان يشكرهم ويثني عليهم ، ومن ثم لم يكن عجباً أن يكون العمانيون الذين دخلوا الاسلام دون الحرب ، وعلى هذا النحو من الحماسة للإسلام، والتضحية في سبيله بأموالهم وأنفسهم ابتغاء رضوان الله. فكانوا في الصفوف الأولى في الفتوحات الإسلامية ، فكان دورهم في فتح العراق وفارس، وخاصة من ناحية البحر عضيماً.
ومن الروايات التاريخية نعرق أن الخليفة عمر بن الخطاب طلب من والي عمان عثمان بن أبي العاص الثقفي بعد وقعة (جلولاء) 16هـ أن يقطع البحر لمحاربة كسرى فارس، فخرج معه ثلاثة آلاف محارب أو ألفان وستمائة من الأزد، وراسب، وناحية، وعبدالقيس، وأكثرهم من الأزد، فعبر بهم عثمان بن أبي العاص من جلفار (رأس الخيمة) إلى جزيرة كاون (البحرين) وفيما قائد العجم ، فسالم القائد الفارسي عثمان بن أبي العاص ولم يقاتله.
ولكن الدور البارز الذي قام به العمانيون كان في عهد الإما عمر بن الخطاب، ومن جاء بعده في فتوح الشام وفارس والمغرب، ومصر وغيرها، ومن تم فإننا نجد لهم آثارا باقية في كل هذه البلاد، وكان منهم قواداً عظاماً وعلماء كبار، رفعوا راية الإسلام خفاقة في كل مصر وقطر. الشيخ السالمي: تحفة الأعيان ج1 ص52.
وبما أن متابعة هذا الانتشار ليس هو موضوع بحثنا ، فإننا سنقتصر على ما كان للعمانيين الإباضية فيه دور خاص أو مباشر، مثل فتوحاتهم في شرق إفريقيا، والصين، والهند، وأندونيسيا ، وجزر الملايو، وسيلان وجزر المالديف والكاديف.
** نشر الإسلام بشرق إفريقيا:
لا نستطيع أن نحدد تاريخاً معيناً لبداية الاتصالات العمانية الإفريقية، فمنذ أقدم العصور جاء العمانيون إلى الساحل الشرقي لإفريقيا المواجه لشبه الجزيرة العربية، وكان لهم تبادل تجاري مع السكان الأفارقة. (يراجع حصاد ندوة العلاقات العمانية المصرية، وزارة التراث القومي والثقافة، ع(2) يناير1994م) ولكن الذي لا شك فيه هو أن هذه العلاقات بدأت قبل ظهور الإسلام، فقد اشتهر العمانيون بركوب البحر، وعرفوا الانتقال من البحر الأحمر الشرقي إلى الساحل الغربي منه، وتسجل كل المصادر التاريخية نبوغهم في هذا المجال، وارتباط حضارتهم الاقتصادية والسياسية والثقافية به.
وقد كان الوجود العماني في شرق أفريقيا بكل المقاييس، أكبر كثافة، وأكثر عمقاً منها في آسيا، أو بالتحديد جنوب شرقي آسيا، ولذلك كان تأثيرهم في هذه المنطقة أشد وأقوى (د/نايف السهيل، مرجع سابق ص185). فقد اعتمد – بجانب الروابط الملاحية والتجارية – على الهجرة العمانية الدائمة فردية وجماعية، حيث تعوّد الشعب العماني على رحلات منظّمة إلى شرق إفريقيا.
... ولا شكّ أن احتكاك الأفارقة بالعرب المسلمين أدى إلى نتائج عميقة لم تقتصر على التجارية أو المعاملات المادية، بل لقد كان لأسلوب التعامل، وما حمله العرب المسلمون معهم من مبادئ يدعو إليها الإسلام، أعمق الأثر في الأفارقة.
والحق إن المصادر كلها تشير إلى دور التجار في هذا الصدد، لأن العلاقات الإقتصادية كانت من الدوافع التي ساعدت أن يتجه العمانيون إلى هذه المناطق النائية، ويستقروا فيها، ويكوّنوا بها إمارات عربية نمت وازدهرت بالتدريج، وشهد بعظمتها وازدهارها وتحضرها كل من زار المنطقة من العر والأجانب على السواء، وكانت هذه المهاجر العمانية على الساحل الإفريقي الشرقي مصدر إشعاع حضاري أثر في المناطق الإفريقية المجاورة. (حصاد ندوت العلاقات، يناير 1994م).
ونستطيع القول بوضوح إن كافة المصادر التاريخية تؤكد على الصلة بين عمان في كل العصور وبين الشرق والجنوب الإفريقي، حتى أنهم وصلوا إلى تنزانيا، ومدغشقر، وجنوب الصومال، وجزر القمر، ومنطقة نورديفان، وكلوة، ومِمبا، وزنجبار كما توضح ذلك مصادر كثيرة.
أما في شرق إفريقيا نفسها فقد توغلوا في الأحراش والغابات غير هيابين ولا وجلين، وكأن ركوب المخاطر في البحر ساعدهم على ركوبها في البر أيضاً. وهكذا وصل الإباضية العمانيون إلى جنوب وحول البحيرات الاستوائية، وإلى بحيرة نيانسا، ومنابع نهر الزمبيزي، وموزمبيق، وبحيرة تنجنيقا، وفيكتوريا، والبرت، وكيوجا المعرفة الآن باسم بورندي، ورواندا، وغربي كينيا، وغربي وجنوب أوغندا، ومملكة كارنجا (زيمبابوي). وقد استطاعوا بمهارتهم وقوة عزيمتهم أن يصلوا عن طريق ممتد بين الساحل والداخل، وتدفقوا عبر هذا الطريق مستخدمين الإبل في رحلات تستغرق شهرواً.
وكانت هذه الطرق بالتحديد هي السبيل الوحيد إلى وصول الإسلام إلى هذه المناطق الداخلية النائية في إفريقيا. (د/ السهيل، مرجع سابق ص 190).
ومع مرور الأيام تحولت هذه العلاقات التي بدأت بالتجارة إلى علاقات حضارية عميقة في كل مجالات الحياة، فتزاوج رجال عمان بنساء من إفريقيا، فجاء الجيل الجديد تعبيراً عن هذا المزج الحضاري الذي ترجم نفسه سريعاَ في تزاوج أخر بين اللغة العربية التي حملها الإباضية إلى إفريقيا وأخلصوا في نشر تعاليم الإسلام بها، وبين لغة الأفارقة أنفسهم، فنشأت في زنجبار وما حولها اللغة السواحيلية التي جاءت وليدة تزاوج العربي الإفرقي، والتي يتكلم بها أهل المشرق والجنوب الإفريقي حتى اليوم. (المصدر السابق).
وقد برزت بعض المدن الساحلية زاهية بحضارتها العربية الإسلامية الجديدة، مثل لامو الواقعة شمال ممباسا، ويرجع تأسيسها إلى مستهل القرن الثامن الهجري، وقامت بها حكومة ديموقراطية معتنقة المذهب الإباضي، كما برزت في هذا المجال شخصيات عمانية اشتهرت بالجرأة في اقتحام المخاطر، ولا يكاد يصل القرن العاشر الهجري حتى استطاع الأئمة الإباضية العمانيون أن يمدوا سلطانهم على الشمال الشرقي من أرض الصومال حتى نهر رفوما، وأن يقيموا فيها إمارات تابعة لهم، وضعوا على رأسها رؤساء من العائلات العربية في ممباسا وزنجبار، وغيرهما من المناطق الهامة. (د/ حسنى أحمد محمود ، الإسلام والثقافة العربية في إفريقيا، دار الفكر العربي القاهرة 1987م ص 140 و141 و439).
واستمرت قرونا إلى أن جاء السقوط الأخير على يد الأفارقة الشيوعيين في أوائل الستينات. ولم يبق من تلك الأثار إلا ما كتبه العلماء الإباضية أو غيرهم عن تلك العهود الزاهرة. وقد يتساءل المرء عن انحسار المذهب الإباضي في هذه المناطق، وأحسب أن هذا يعود أساساً إلى أن الإباضية كانوا متسامحين مع أهالي تلك المناطق، فقد كانوا يهدفون إلى نشر الإسلام متجاوزين العصبيات المذهبية حيث حرصوا أشد الحرص على نشر الإسلام أولاً ولم يفكروا في أي شيء أخر بعد ذلك.
وهكذا نستطيع القول: إن الإباضية في القرنين الثالث والرابع الهجريين وقد أثروا في سكان تلك المناطق تأثيرا بعيدا، وهم الذين يرد ذكرهم في المصادر أحياناً: البربر، أو السودان، أو الزنج، أو البانتو، وكان الفضل لأولئك الرواد في تحويل تلك القارة من الوثنية إلى الديانة الإسلامية، كما شهدت له بذلك الوثائق والدراسات.
** نشر الإسلام في الهند:
كانت هناك عدة عوامل ساعدت كلها على الاتصال المباشر بين عمان والهند منها:
أولا: الجوار فبحكم وجود عمان قبالة الهند بحيث لا يفصل بينهما سوى المحيط الهندي، تعتبر عمان بالنسبة للهند بوابة إلى الخليج، والجزيرة العربية بأجمعها، وقد وطد هذا الجوار العلاقات بين القطرين منذ زمن بعيد.
ثانيا: الحركة التجارية ، كانت الحركة التجارية نشيطة دائبة بين عمان والهند، وكانت السفن تمخر عباب المحيط الهندي جيئة وذهاباً ما بين القطرين ، فقد كانت الهند في حاجة ماسة إلى توطيد علاقتها ببلاد العرب عامة، وبعمان خاصة، إذ أن الهند كانت في حاجة شديدة إلى (اللبان) الذي يستخدم في صناعة البخور، والذي تشتهر به منطقة ظفار عالمياً كما أن حاجتها إلى العاج الإفريقي ظلت شديدة أيضاً، وكان يصل إليها عن طريق عمان ينقله العمانيون من شرق إفريقيا، وكانت الهند في حاجة أيضاً غلى الخيول العربية التي كانت تأتيها من عمان بعامة، ومن منطقة ظفار بخاصة.
وكانت الهند من جهتها تبيع لعمان الأقمشة، والأقطان، والتوابل، والعطور ، وخشب النارجيل اللازم لصناعة الهند، وغير ذلك من المواد الزراعية والصناعية.
ثالثا: المنافسة البحرية:
كان لا بد أن تكون هناك منافسة شديدة في السيطرة على الطريق البحري التجاري بين الهند وعمان ، ويبدو أن المراكب العمانية كانت تتعرض من حين إلى آخر لهجمات القراصنة الهنود (د/نايف السهيل، ص169 - نقلا عن مايلز، س،ب الخليج ، مسقط ، ص82).
مما دفع بالأئمة العمانيين لحماية نشاطهم التجاري بإحداث أسطول حربي قوي يقف في وجه هجمات أولئك القراصنة ، وقد أنشأ الإمام غسان بن عبدالله اليحمدي (192هـ) أسطولا بحرياً مسلحاً لحماية الشواطئ العمانية، ولتأمين الطريق البحري من القراصنة ، وقد قوي هذا الأسطول في عهد الإمام مهنا بن جيفر اليحمدي ما بين (226-237) إذ استطاع أن يكون أسطولاً ضخماً على درجة رفيعة من العدة والعتاد ، قيل أنه تتكون من ثلاثمائة بارجة حربية مسلحة (المرجع السابق).
هذه العوامل جميعها عززت العلاقات بين البلدين ودفعت العمانيين إلى الهجرة والاستقرار بالساحل الغربي لبلاد الهند، فعمروا بعض البلاد وبنوا بها منازل لهم مثل ميناء تامه ، وقندرينا ، وكبايه ، وجرفتين ، وكلها موجود بالساحل الغربي المعروف عند القدامى بساحل ملبار (المصدر السابق).
ومن هنا كان استقرار كثير من التجار العمانيين في هذه الأرض مدعاة إلى الدعاية إلى الإسلام بين أهلها ، إضافة إلى أولئك الدعاة الذين كانوا يتوافدون من حين إلى آخر لغرض التجارة ، أو لغرض الدعوة نفسها ، وكان بعضهم يستقر فيها نهائياً حيث يتزوجون من أهالي الهند ، ويتخذون لغتهم وكثيراً من عاداتهم وتقاليدهم التي لا تتنافى مع الإسلام ، وبذلك كانوا مؤهلين تماماً كدعاة إباضية لنشر الإسلام في هذه البلاد وخصوصاً بين الهنديات اللاتي تزوجن من هؤلاء الوافدين ، وأيضاً بين الهنود الذين ارتبطوا معهم بعلاقات تجارية. (المصدر السابق)
ومما لا شك فيه أن الذي ساعد على الحركة الإسلامية الواسعة في هذه البلاد داخلا وساحلا هو ما رآه أهل تلك البلاد من أخلاق المسلمين العالية، ومعاملتهم الحسنة ، عندما بلوهم بالمصاهرة، والمتاجرة والمعاشرة ، مقارنين بين حالتهم الاجتماعية السيئة التي كانوا عليه في ظل حكم نظام طبقي يسيطر فيه رجال الدين على الناس بالاستغلال والاحتقار والقهر .. فرحبوا بالدين الإسلامي الذي لا يعترف بالطبقية في كل شيء.
والإباضية هم أصفى المسلمين تمثيلا لهذا الفكر الذي لا يؤمن إلا بالتقوى ميزانا ، ومقياسا .. ومن ثم انتشر الإسلام في كل مكان وصلة تاجر ، أو داعية ، أو فقيه مسلم ، وخاصة في سواحل الهند وهضبة الدّكن وغيرهما من أنحاء الهند ، وأقاليمها العديدة مثل البنغال ، وغيرها ... (يراجع أرنولد ويلسون: تاريخ الخليج ، تر: محمد أمين عبدالله مسقط ، ط ، 1985، ص 314-323-403.
وقد حظي الذين دخلوا في الإسلام من أهالي هذه البلاد بالاحترام والتقدير اللذين حظي التجار الغرباء بهما أيضا، الأمر الذي دفع بالحركة الإسلامية دفعات كبيرة بين الهنود ملوكا ورعية.
ويحرص المسلمون من الهنود على تأكيد الروابط التي تجمعهم بالتجار العمانيين الذين كانوا سبب إسلامهم ، فيقولون أنهم ينحدرون من أنجال هؤلاء التجار المسلمين الذين أقاموا في بلادهم منذ أزمنة بعيدة ، وهم يمدحون ذلك حتى في الوقت الحاضر.
.... وهكذا نرى نتيجة لجهود إباضية عمان وغير العمانيين انتشر الإسلام في الهند ، والتزام الهنود بتعاليم الإسلام وتقاليده ، وحافظوا على دينهم وغم ما يتعرضون له من هجوم شبه مستمر من ملوك الهند ومهراجاتهم. (د/نايف السهيل ، مرجع سابق (بتصرف) ص 172.
** نشر الإسلام في الصين :
عرف إباضية عمان بلاد الصين منذ القرن الثاني الهجري وذلك عن طريق التجار العمانيين الذين أبحروا في اتجاه الصين، فبلغوا منها أقصاها كما تدل على ذلك الوثائق التاريخية. ويرتبط نشر الإسلام في هذه البلاد بداعية إباضي مشهور وهو أبو عبيدة عبدالله بن القاسم العماني الملقب بأبي عبيدة الصغير تشريفاً وتكريماً، وقد وصل إلى ميناء كانتون حوالي 133هـ وتعتبر رحلته من أقدم رحلات العرب إلى بلاد الصين إن لم تكن أولها.
ورد في كتاب بعنوان (موجز تسجيل الأمور الهامة المخلفة في عهد أسرة سون) تشان زون (أستاذ التاريخ بجامعة بكين): الاتصالات الودية بين الصين وعمان عبر التاريخ (تراثنا) ع، 21، ط، 2(د.ت) ص8. وبصورة صريحة إن المبعوث لدولة ووشيون (صحار) التابعة لتاشي (العرب) قد جاء لتقديم الهدايا إلى الإمبراطور الصيني، وذلك يدل بصورة قوية على أنه عماني بلا شك.
إن هذا المبعوث الذي يشير إليه الباحث الصيني لم يكن سوى الداعية الإباضي المعروف عبدالله بن القاسم ، وقد كان يدعى عندهم الشيخ عبدالله وكان رئيسا لمنطقة سكنى العرب والأجانب الآخرين في مدينة (قوانتشو) وقد لقبه الإمبراطور الصيني (سون سين زون) بصورة خاصة جنرال الأخلاقية الطيبة.
وهذا اللقب له أكثر من دلالة دعوية فإن الشيخ عبدالله لم يصل إلى هذه المرتبة العالية بحيث تصبح أخلاقه الطيبة دلالة عليه وعلى شئ يمتاز به ، إلا لما كان يتحلى به من صفات عالية وسلوك متميز ، هي الصفات الإسلامية الرائعة ، والسلوك المحمدي المتميز، ومن المهم في الأمر أن هذا التلقيب قد تم تدوينه على يد سوشي الأديب الصيني السياسي المشهور ذائع الصيت ولا يزال المرسوم الأصلي الذي أصدره الإمبراطور الصيني (سون سين زون) محفوظاً ضمن مجموعة الشؤون الخارجية لدون باي (الإسم الثاني لسوشي) وقد عرفنا من الكتاب السجل المختصر ... الذي كتبه سوزاي (أديب مشهور أخر) من عهد أسرة سون ، وهو الأخ الأصغر للأديب سوشي، بأن الشيخ عبدالله قضى في مدينة (قوانتشو) عشرات السنين كانت له ممتلكات وافرة حتى لقد بلغ قيمتها عدة ملايين (مين)، ومن أجل أن يفهم الناس نقوم بمقارنة في الفترة التي بلغت فيها التجارة الخارجية لحكومة أسرة (شون) قمة إزدهارها ، فإن الدخل السنوي للحكومة كان لا يتجاوز مليونين (مين) ، وهذا يعني أن ممتلكات الشيخ عبدالله الشخصية قد تجاوزت دخل التجارة الخارجية السنوية لحكومة أسرة (سون)
والذي يهمنا هنا هو أن هذا النجاح المادي وراءه نجاح آخر معنوي أخلاقي ديني من علاماته الأمانة والصدق ، والسلوك الحسن ، وإلا كيف يحصل هذا التاجر العربي على تلك الرتبة العسكرية العظيمة (جنرال) لولا أخلاقه الإسلامية المتميزة تلك ، التي جعلت الإمبراطور الصيني يقدم للشيخ عبدالله عند عودته إلى وطنه الهدايا القيمة بصورة خاصة ، وهو في الحقيقة اعتبار رفيع خاص للشيخ عبدالله ، ومن خلال ذلك بإمكاننا - يقول الباحث الصيني - أن ندرك بأن الشيخ عبدالله قد ساهم بشكل بيّن وبارز في مجال تطوير الاتصالات الودية المتبادلة بين الصين وعمان.
تبلغ مساحة الصين الشعبيه نحو 9.6 مليون كليومتر مربع.
تنقسم الصين اداريا الى 22 مقاطعه و5 مناطق ذات حكم ذاتي و3 بلديات تخضغ للادارة المركزية مباشرة.
يقدر عدد المسلمين في الصين بنحو 3- 10%.
جاء الاسلام الى الصين من الجزيرة العربية
تسهم الجمعية الاسلامية الصينيه التى تتبع وزارة الاديان الصينية في انشاء المعاهد الاسلامية وطباعة الكتب ورفع مطالب الصين الى الجهات المعنية
معظم المسلمين في الصين من الطبقه المتوسطه والفقيرة اقتصاديا
بعمل كثير من المسلمين في الزراعة والتجارة
يحسن المسلمون التعايش السلمي مع غيرهم
وهذه شهادة باحث أكاديمي معاصر استند إلى الوثائق التاريخية التي ما تزال موجودة في الصين إلى الآن. وقد أكدت السجلات العمانية هذه الحقائق التاريخية ، حيث نقرآ أن رجلا عمانيا يدعى أبو عبيدة عبدالله بن القاسم قام بأول رحلة بحرية إلى قوانتشو في الصين ، وربما كانت هذه الرحلة إلى الصين أقدم وأبكر سجل موجود من جانب العرب. (المصدر السابق ص80.
هكذا استطاع الداعية أبو عبيدة من خلال تجاربه وتجارته وأخلاقه الإسلامية العالية أن ينشر الإسلام سواء على يديه أو على يدي زملائه من التجار العمانيين الآخرين الذين قصدوا الصين ، إذ نجد الشماخي يذكر في (سيره) عالماً إباضيا آخر وصل هذه الديار وهو النظر بن ميمون ، ويقول عنه أنه كان من خيار التجار المسلمين. (السير ج1، ص90)
وقد وصل العمانيون بمتاجرتهم إلى أقصى شمال الصين، إلى مدينة قانصوا وبلاد الشيلا التي يعتقد أنها بلاد كوريا الآن واليابان. وتوغلوا داخل البلاد حيث كانت بعض الموانئ الصينية لا تقع على الساحل الذي يطل على بحر الصين أو المحيط الهندي مباشرة. (د/ نايف السهيل: مرجع سابق ص166.
واستمرت رحلات العمانيين إلى ميناء كانتون الصيني، حيث كان لهم وكلاء عديدون في هذه المدينة وغيرها من مدن الصين التي فتحت أبوابها لتجارتهم ، فكانوا هم الذين قاموا بمعظم النشاط التجاري مع بلاد الصين في القرن الثالث الهجري بصفة خاصة. (السير ج1 ص90).
وبما أن التجارة هي المحك الدقيق لواقعية الإسلام ، وبروزه اليوم من خلال التعامل المالي والتجاري، فإن الإباضية العمانيين كانوا يمقثلون بأخلاقهم الإسلامية العالية رسالة دعوية عملية إلى جانب دعوتهم إلى الإسلام وتطبيق تعاليمه في تلك البلاد، ومن هنا فقد كان لتجار عمان الرياسة للعرب والمسلمين في (كانتون) على النحو الذي رأيناه مع أبي عبيدة الصغير حتى لقبه الإمبراطور الصيني (جنرال الأخلاقية الطيبة) ... وهذا كان نتيجة طبيعية لما اشتهر به هؤلاء التجار بسبب مذهبهم الإباضي من حميد الصفات، وجميل السجايا.
ولم يكن تجار عمان ممن يتصفون بالأنانية ، والجشع أو الحرص أو الشح، كما أنهم كانوا يندمجون مع آهالي البلاد التي يتاجرون معها، ويحاولون بشتى الطرق كسب ودهم ومعاملتهم معاملة طيبة ، مما كان يؤدي بلا شك إلى إعجاب الصينين بهم وبأخلاقهم التي كانت تتمثل في الأمانة والصدق بدرجة كبيرة. (المرجع السابق ص167.
** أندونيسيا وما جاورها:
سبق أن أشرنا إلى الوجود العماني في الهند والصين ، وسبق أيضا أن أشرنا إلى أن وجود الإباضية العمانيين في الصين كان منذ عهد مبكر ، أي منذ رحلة الداعية أبي عبيدة الصغير سنة 133هـ. وهذا يقود حتما إلى عدم الشك في وجود العمانيين في الجزر والبلاد الواقعة في المسالك البحرية ما بين عمان والصين مثل سيلان (سريلانكا) ومالديف، وجزر الملايو، وأندنوسيا، وغيرها من البلاد الموجودة في هذه الأنحاء ، وقد أكدت الوثائق ذلك.
وكان من الطبيعي أن يؤدي هذا الوجود المكثف إلى إنتشار الإسلام في هذه البلاد مثل سومطرة وجاوة حتى بورنيو وجزيرة سليبس.
وهناك إشارات تدل على تأثر (جاوة) بالتجار الإباضية العمانيين ، حيث عثر على مساجد أثرية قديمة كثيرة العدد بغير زخارف، مما يدل على أنها من بناء التجار العمانيين ، أو على الأقل متأثرة بالطابع العماني (المرجع السابق ص167) في بناء المساجد وهو طابع معروف ببساطته.
وكان العمانيون قد قدموا تجارا رحالين أو مستقرين إلى سومطرة حيث بنو المستوطنات والمراكز التجارية، وقد يكون التجار المقيمون من قبل في سواحل الهند هم الذين أقبلوا إلى سومطرة.
وقد استجاب أهل أندنوسيا للإسلام وحافظوا على تقاليده، وقد ظهرت الاستجابة في الثقافة العربية التي أصبحت مستخدمة عندهم ((فقد انتشر مفردات وكلمات عربية كثيرة في لغاتهم مثل اللغة الاتشهيليزية، وهي إحدى لغات سومطرة التي استعملت الأبجدية العربية أثناء تحولها من لغة شفوية إلى لغة مكتوبة)) يراجع أرنولد: الخليج العربي ص426-427. وكان طبيعيا أن تكون هذه المفردات تتعلق بالدين الإسلامي الذي حرص العمانيون على نشره في تلك البقاع.
ويقال إن إسلام مملكة (سوكدنه) كان على أيدي العرب وإن هؤلاء العرب أتوا من سومطرة ، ولما كان العمانيون يشكلون أغلبية العرب الذين كانوا يعملون بالملاحة والتجارة في هذه الجهات ، فإن المرجح أن التجار العمانيين هم الذين كان لهم فضل تحويل مملكة سوكدنه إلى الإسلام ، كما أدخلوه إلى الجزيرة ملوكس التي كانوا يجلبون منها الفلفل الذي يوجد في أراضيها ، وخصوصا في جزيرة (ترنات) التي اعتنق أهلها الإسلام ، وكان سلطان هذه الجزيرة كما يحكي البرتغاليون أول زعماء ملكوس دخولا في الإسلام على يد أحد التجار المسلمين. يراجع د/نايف السهيل/ مرجع سابق ، ص176.
وقد عمت الدعوة الإسلامية بفضل نشاط العمانيين حتى بلغ جزر الفلبين، وهذا يدل على أن العمانيين لم يكونوا تجاراً وحسب، وإنما جاؤوا دعاة للدين الإسلامي قولا وفعلا.