#مذكرات أم
عادت صغيرتي وهي تبكي بصوتٍ متقطع .. احتضنها بقوة و انا اتمتم بهلع بعض الأدعية لم ارها من قبل بهذه الحالة ... ما بكِ يا طفلتي ؟ ماذا دهاكِ ؟ ماذا حدث ؟ هيا اخبريني اخبري امك .. تحاول امساك دموعها ، وتحاول استرجاع انفاسها ولكنها تنهار ، وتلك التناهيد تخرج بصوت يرتعش قلبي منهه ، وكأني ارى طفلتي تذهب من يدي من شدة البكاء ... امسكتها بقوة و شددت على ذراعيها ، قربتها مني ، و طلبت منها ان تهدأ طفلتي ابنة التسع سنين لا تستطيع النطق بكلمهه من شدة البكاء ... رغم انها لطالما كانت تزعجني بثرثرتها كلما عادت من المدرسة .. تخبرني ما حدث معها .. وتحكي لي عن ما فعله كل فرد من أفراد صفها ، أما الآن فهي لا تستطيع قول شيء ، دموعها تنهمر كالسيل و شفتاها ترجفان ، عيناها احمرتا وكذلك وجنتاها ، لم اتحمل ذلك احتضنتها بقوة و قد اغرورقت عيناي بالدموع ، لم اعد اتحمل اكثر ، .. بنيتي اهدئي اخبريني ماذا حدث ؟ اخبريني مالذي جرى لك ؟ ما الذي جعلك تبكين هكذا علميني يا بنية فقد انفطر قلبي ... لم تجبني وازدادت تناهيدها التي تفزع القلب ، شددت عليها بقوة و جعلت رأسها على صدري وتخللت يداي البيضاوتان في شعرها الأسود الحريري المسدول على كتفيها ، وبدأت اقرأ آيات من الذكر عل وعسى ان تهدأ فلذة كبدي ... وبعد ساعة حسبتها نامت لأني لم اسمع صوت بكائها و لا تناهيدها ، وضعتها على السرير ولكني تفاجأت حين رأيت ان عيناها مفتوحتين تحدقان في لا شيء ، اقتربت منها .. فاطمة هل تودين الآن التحدث إليّ ؟ ... نهضت من على السرير و اقتربت مني .. اليوم يا امي فهمت ماذا تعنون حين تقولون فلان قد مات ؟ عرفت ماهو الموت! لقد اكتشفته يا أماه ... تغرق عينيها بالدموع فأشد على ذراعيها ، فتواصل حديثها ... الموت يا امي يسرق احبتنا ، الموت يا أمي ينتزع أولئك الذين صنعنا لهم في قلوبنا بيتاً ... لقد خطف الموت يا "ماما " صديقتي لجين التي كانت تشاركني ألواني و ترسم معي في كراستي وكانت تقتسم طعامها معي و لطالما وعدتني انها ستزورني ، و لكن يا أمي لجين ذهبت ، ورحلت بعيداً ... لقد توفيت بحادث سير أمام عيني حاولت ايقاظها مراراً ولكنها لم تستيقظ ، تذكرت حديث معلمتي حين تقول ان الأرواح التي تموت ترتفع إلى السماء ، و ترقد في سلام ، وتذهب إلى جنة الله ... أمي لقد ذهب لجين .. لقد كنت احب لجين يا امي لم تتركني يوماً وحدي لقد مااتت اليوم يا امي لقد ماتت ... و تجهش بالبكاء و يرتفع نحيبها الرقيق ... احتضنتها بقوة وانا افكر بما سأقوله لها حتى هدأت قليلاً و وضعت رأسها في حضني .. قبلتها على رأسها و مسحت على جبينها .. طفلتي ان الموت لا يستأذن أحداً ، يخطفنا دون ان يعلمنا بذلك .. انه قضاء يا حبيبتي مكتوب لكل فرد على هذا الكون ... والموت هو نهاية الاختبار الذي نعيشهه .. كل ما علينا الان هو الدعاء للجين .. و ان نحسن ما نفعله فكل ما نمر به هو ضمن الاختبار ... حتى فراقنا لاحبتنا هو اختبار لقوة ايماننا و يقيننا و استسلامنا لأمر الله ، و تذكري قول الله تعالى { وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون } .... وابتسمت "فاطمتي" اخيراً بحزن وهي تعانقني بقوة و وتقول.. "لكن ارجو ان لا يأخذك الموت مني فأنا لا استطيع العيش دونك " ::73
تمت ::32
#كتابات_أسماء
التعديل الأخير: