أحيانا....وبدون أن أدري كيف...أجدني في جزيرة المجانين. في ظنّي أن هذه الجزيرة تتقاطع فيها كل طرق التفكير التي تسير فيها العقول البشرية، ولابدّ أنّ كلاً منكم مرّ بهذه الجزيرة ولو للحظات. ولا تستغربوا أبداً أن تخرج عقولكم من هذه الجزيرة وهي تحمل أكثر الأفكار إبداعاً.
المهم....قبل عام التقيت بصديق قديم جداً، وعرفت أنّه ترك العمل في القوات المسلحة في دولة الامارات وامتهن تغسيل الموتى وحفر القبور. استطاع سريعاً أن يكون هو الأمين على إحدى المقابر في البريمي، المقبرة تتميّز بمساحتها الكبيرة وموقعها القريب من الشارع العام وبوجود غرفة مجهزة لتغسيل الموتى مع ملحقاتها.
بحصوله على أمانة المقبرة تفرّد بموقع اجتماعي متميّز، وفي سعيه لتطوير المقبرة استطاع اقناع ثلاثة شيوخ بدفن موتاهم فيها. وشيئاً فشيئاً كثر الزبائن، وخصوصاً من الطبقة العليا من المجتمع، وزادت التبرّعات للمقبرة من ذوي الموتى، وهذا ما دفع بصاحبي للتفكير في خطوة رائدة.
لا أخفي عليكم....لقد أعجبتني فكرته كثيراً. لقد قام بوضع مخطط للمقبرة على غرار المخططات السكنية باستثناء أن القطع صغيرة بالطبع. ووضع في غرفة الغسيل صورة كبيرة للمخطط تبيّن أماكن القبور ومساحاتها، وحين يأتي أهل الميّت يعرض عليهم القطع الخالية ليختاروا مكاناً لميّتهم، وكلّما كانت القطعة التي يختارونها مميزة كان السعر أعلى.
ليس هذا فحسب.....بل هو أيضاً يحتفظ بسجل للموتى يوضّح عنوان القبر وتاريخ الوفاة وسجلّ الزيارات. هناك بالطبع خدمات وخيارات كثيرة يمكن الحصول عليها، على سبيل المثال يمكن اختيار أن يكون شاخص القبر من الرخام، ويمكن طلب خدمة رشّ الماء على القبر يومياً أو اسبوعياً.....أو زراعة شجرة بقربه.
هناك أماكن مميزة بالطبع، وهي الشريط الممتد بموازاة الشارع العام، سعر القبر في هذا الشريط مرتفع جداً، وعادة لا يدفن فيه إلا الشيوخ وعلية القوم.
هناك جديد بخصوص الأمر........لكم أن تتخيّلوا أنّه قبل مدّة توفي والد أحد أصدقائي، طلب منّي هذا الصديق أن أتوسط له عند أمين المقبرة بحكم المعرفة ليكون القبر في مكان غير بعيد عن البوابة وأن تتوفر فيه بعض الخدمات الأساسية، لكن محاولتي باءت بالفشل، وكان الاعتذار بأن كل الأماكن مشغولة. عند الدفن توقعت أن القبر سيكون في آخر المقبرة، لكنّي فوجئت أنّه تمّ في قبر قريب جداً ومميّز....بعد المراسم سألت إبن الميّت عن السرّ فأخبرني أن الميّت السابق الذي كان يرقد في ذات القبر لم يلتزم بشروط الدفن في المقبرة، وأنّه كان يتسبب في إزعاج جيرانه من سكّان القبور الأخرى، فتمّ نقل رفاته للمخزن، وبهذا تم إخلاء القبر لساكن جديد.
هذا الأمر ولّد في عقلي تساؤل.....ماذا بعد أن تمتلئ المقبرة بالساكنين ويمتلأ المخزن بالرفات، وكأن أمين المقبرة كان يستمع للتساؤل في رأسي.....خرج وبيده ملصق كبير ليثبّته على بوابة المقبرة يعلن عن توّفر خدمة جديدة. إنّها لا شك تطوّر رهيب في صناعة المقابر.
تتلخّص الخدمة التي يروّج لها الملصق في إمكانية استخراج الشفرة الوراثية للميّت وتسجيلها في بنك معلومات في حاسوب المقبرة، أمّا الجثّة فيتم تبريدها لدرجات متدنيّة جداً ثم تعريضها لاهتزازات سريعة في جهاز خاص، ذلك يحوّل الجثة إلى كومة من الغبار يشبه الرماد يتم الاستفادة منه في صناعة السماد.
وبهذا انتقلت المقبرة إلى العصر الالكتروني، وأصبح لدينا أول مقبرة إلكترونية في العالم......هنيئاً لنا.
المهم....قبل عام التقيت بصديق قديم جداً، وعرفت أنّه ترك العمل في القوات المسلحة في دولة الامارات وامتهن تغسيل الموتى وحفر القبور. استطاع سريعاً أن يكون هو الأمين على إحدى المقابر في البريمي، المقبرة تتميّز بمساحتها الكبيرة وموقعها القريب من الشارع العام وبوجود غرفة مجهزة لتغسيل الموتى مع ملحقاتها.
بحصوله على أمانة المقبرة تفرّد بموقع اجتماعي متميّز، وفي سعيه لتطوير المقبرة استطاع اقناع ثلاثة شيوخ بدفن موتاهم فيها. وشيئاً فشيئاً كثر الزبائن، وخصوصاً من الطبقة العليا من المجتمع، وزادت التبرّعات للمقبرة من ذوي الموتى، وهذا ما دفع بصاحبي للتفكير في خطوة رائدة.
لا أخفي عليكم....لقد أعجبتني فكرته كثيراً. لقد قام بوضع مخطط للمقبرة على غرار المخططات السكنية باستثناء أن القطع صغيرة بالطبع. ووضع في غرفة الغسيل صورة كبيرة للمخطط تبيّن أماكن القبور ومساحاتها، وحين يأتي أهل الميّت يعرض عليهم القطع الخالية ليختاروا مكاناً لميّتهم، وكلّما كانت القطعة التي يختارونها مميزة كان السعر أعلى.
ليس هذا فحسب.....بل هو أيضاً يحتفظ بسجل للموتى يوضّح عنوان القبر وتاريخ الوفاة وسجلّ الزيارات. هناك بالطبع خدمات وخيارات كثيرة يمكن الحصول عليها، على سبيل المثال يمكن اختيار أن يكون شاخص القبر من الرخام، ويمكن طلب خدمة رشّ الماء على القبر يومياً أو اسبوعياً.....أو زراعة شجرة بقربه.
هناك أماكن مميزة بالطبع، وهي الشريط الممتد بموازاة الشارع العام، سعر القبر في هذا الشريط مرتفع جداً، وعادة لا يدفن فيه إلا الشيوخ وعلية القوم.
هناك جديد بخصوص الأمر........لكم أن تتخيّلوا أنّه قبل مدّة توفي والد أحد أصدقائي، طلب منّي هذا الصديق أن أتوسط له عند أمين المقبرة بحكم المعرفة ليكون القبر في مكان غير بعيد عن البوابة وأن تتوفر فيه بعض الخدمات الأساسية، لكن محاولتي باءت بالفشل، وكان الاعتذار بأن كل الأماكن مشغولة. عند الدفن توقعت أن القبر سيكون في آخر المقبرة، لكنّي فوجئت أنّه تمّ في قبر قريب جداً ومميّز....بعد المراسم سألت إبن الميّت عن السرّ فأخبرني أن الميّت السابق الذي كان يرقد في ذات القبر لم يلتزم بشروط الدفن في المقبرة، وأنّه كان يتسبب في إزعاج جيرانه من سكّان القبور الأخرى، فتمّ نقل رفاته للمخزن، وبهذا تم إخلاء القبر لساكن جديد.
هذا الأمر ولّد في عقلي تساؤل.....ماذا بعد أن تمتلئ المقبرة بالساكنين ويمتلأ المخزن بالرفات، وكأن أمين المقبرة كان يستمع للتساؤل في رأسي.....خرج وبيده ملصق كبير ليثبّته على بوابة المقبرة يعلن عن توّفر خدمة جديدة. إنّها لا شك تطوّر رهيب في صناعة المقابر.
تتلخّص الخدمة التي يروّج لها الملصق في إمكانية استخراج الشفرة الوراثية للميّت وتسجيلها في بنك معلومات في حاسوب المقبرة، أمّا الجثّة فيتم تبريدها لدرجات متدنيّة جداً ثم تعريضها لاهتزازات سريعة في جهاز خاص، ذلك يحوّل الجثة إلى كومة من الغبار يشبه الرماد يتم الاستفادة منه في صناعة السماد.
وبهذا انتقلت المقبرة إلى العصر الالكتروني، وأصبح لدينا أول مقبرة إلكترونية في العالم......هنيئاً لنا.