تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.

الرد على الموضوع

الرسالة: <blockquote data-quote="عتيق بن راشد الفلاسي" data-source="post: 1448037" data-attributes="member: 10171">يانجية القمر....هذه ليلة من ليالي القمر آثرتُ فيها المضيَّ في قلب الصحراء الواسعة حيث الهدوء الحالم ،والسكينة المغْضِية على محاور قلبي وميادينه ،خرجتُ فيها من مجموع الصخب البشري ،والتلاعب الآدمي إلى حيث رؤية الكون ساعة صفائه واستقراره..وهنا استلقيتُ على مسيل من نقا الصحراء خاليا من كل شغل ،ذاهبا عن كل شيء حتى عن حديث نفسي مصغيا معك يا نجيته إلى حديث النور على مرامي الوجدان.أرسلتُ للقمر هنا نظرةً، حملتْ من معاني الغربة والوحدة مالو بقَرتِ بطنَ الصحراء الليلةَ لم تقفي إلا على أنينِ وحيدٍ فريدٍ غريبٍ ذاك هو أنا . لقد قلتُ له –وتكالُبُ الغربة ينهش لحم أنسي ،ويفتُّ عظمه فتا مستأصلا ،وقلت له حديثا شابه كدر الوحدة الموحشة الموغلة في الإيحاش .قلت:أيها القمر البعيد علوا ..أنت هناك تربعت على قبة الكون وحيدا ،وأنا هنا طوتني صحراء فضفاضة ضاربة في طيات الأرض ،سقطتُّ على محيطها كذرة تراب تسمَّرتْ في مكانها فبدتْ في صحرائها غيبا مجهولا ،وقدرا مقدورا ..مَن أنا أيها الصديق أمام ماهية وحدتك ،أنت مهما استفردت بالوحدة ،فوحدتك لا تخلو من جليس مؤانس ،ولا تمر لحظة عليك إلا وعلى تعامد سناك حبيبان زواهما الزمن في ناحية من نواحي الحياة يعيشان كل يوم صنفا ،فيوما تراهما طائرين حلق الزهو بهما بعيدا عن مستوى مس الأقدام ،ويوما تراهما على الشاطيء كائنين بحريين خلدا إلى الماء حيث روائع القدرة هناك،ويوما تداعبهما حزمة ضوئك المتناثرة فيجريان لاهيين مقتنصين لحظة نورك المؤقتة..هذه هي وحدتك! سمر ،واجتماع ،وأنس لاينفك عنها ..أما أنا ...فأنا يا صديقي وحدة مطابقة لمسماها ،تسير بها الأقدار من قفر موحش إلى آخر مخيف ،ومن زاوية خيم العنكبوت عليها ،وعلاها غبار الأيام لتتحدر منها شيخوخة الشباب في أوج أيامه ، وحدة سلَّها القدر شعرةً من نسيج الظلام لتغيب عن ناظري فسحةُ الكون ورئته المتنفسة،فإذا بي –يا صديقي- شارد الفكر ،غريب النزعة ،تستوطنني بقايا ركام من ليالي سحب البؤس عليها بردته البالية العتيقة..قل لي أيها القمر ،وحدثني فمازلت أراك قبل عدد من السنين ذلك السمير في وحدة طفل غر ،رضع سمومها من النشأة الأولى في حياته..قل لي -لا عدمتك – أين تلك الأحلام ؟ أين مزاعم الصبا الصارخة في وجه المستقبل ؟ أين ما شيدتُ من رسوم الغد وبنيتُ؟أين تمتمات الماضي بخيالها ،وتزويقها ،ورتوشها ؟أين الجدول الصغير المذهَّب وجهه بنورك ،بتُّ أنضح ماءه على جوانب المجرى لهوا ولعبا ،وأنت ترسمه على صفحة الجدران صورة خالدة بخلودك.أهكذا تعبث الأيام ببناء الأحلام؟ أهكذا تقبر الآمال الصغيرة في مهدها وهي زهرة الكون ونضرته؟..لا أيها القمر ثم لا ..ما أنا بباسطٍ بعد اليوم للماضي يدا سوى ما كان لي معك من صحبة غالية ..</blockquote>

الإسم

التحقق