أُنْثَے مِنْ ~ بَيَآضْ
¬°•| راعية واجب|•°¬
عقارب الساعة الحائطية في بيتي الصغير تشير إلى نصف الساعة قبل الموعد الذي اتفقنا عليه أمس قبل أن أضع سماعة هاتفي التي أصبحت باردة بعد أن قلت تلك الكلمة التي أمقتها: إلى اللقاء..
أتذكرين يوم قلت لك ان المسافة التي تفصل بين” إلى اللقاء” و اللقاء اسمها الضياع؟؟
و عندما سألتني بشغب الطفلة و دهاء الأنثى: لماذا؟؟..أجبتك :
- لأنك غير موجودة بين إلى اللقاء و اللقاء..
لطالما تمنيت أن تنتهي أحاديثنا بكلمات لا تحيل على الفراق ..و لا على الوداع،كلمات نفهم منها أننا فقط سنستريح لنعود معا!!
عقارب الساعة العجوز لا زالت تقوم برحلتها بين الدقائق بالبطء نفسه الذي عهدته فيها دائما كلما تمنيت أن تزيد الشمس من سرعتها :
أتذكر أمي و هي تصفني بأنني أعند رجل في العالم ..فأكتشف بأن عقارب الساعة اعند مني..الزمن أعند من الإنسان!
******
الساعة العنيدة تعلن ان الثلاثين أصبحت خمسة عشر، ربع ساعة فقط وأراك كما أنت بابتسامتك وعيونك البحرية العميقة، و أسمع صوتك الذي شبهته ذات يوم بأنه أفضل من أي سيمفونية يمكن أن ينظمها “باخ” أو “بتهوفن” أو “موزارت”.. و أتذكر جيدا بأنك أجبتني بان كلامي أكبر منك..و أتذكر جيدا أيضا أنني أجبتك حينها :
-أنت أكبر من الكلمات..
******
عشر دقائق أخرى و نلتقي ..
لكن ما يحزنني أنني سألتقيك على الماسنجر فقط..و لن أكون قادرا على الغوص في عينيك كما كنا نفعل دائما..
بقيت خمس دقائق أخرى..ونكون أنا و أنت فقط، نتكلم، أسألك عن أحوالك، عن الشتاء، فأنت
“تعرفين أنني أخاف عليك من المطر”….نثرثر، نضحك ، ونحزن أكثر عندما نحاول الاقتراب من
بعضنا فنجد صندوقا الكترونيا يقف بيننا، و مئات الكيلومترات التي تفصل بين جسدينا..نعم، هي الفيزياء التي كنت أكرهها مذ كنت طالبا في الثانوية هي التي فرقت بيننا:
” (الجسم أ) في الشمال، و(الجسم ب) في الجنوب: يعني أننا متباعدان، ولو كانت أرواحنا متلاصقة حتى الشعر، متماهية حتى الفناء..هكذا تقول الفيزياء…يأتيني صوت أستاذ الفيزياء الذي درست عنده أيام الثانوية..فألعنه في صمتي.
******
بقيت دقيقتين..لكن الكلمة الأخيرة كانت للكهرباء!!
انقطع التيار..وضاع الموعد.
أحسست لحظتها ان لعنة الفيزياء ما زالت تطاردني، وتأبى إلا أن تسفه أحلام (أديسون) وكل الليالي التي أمضاها مع خساراته وتجاربه الفاشلة قبل أن يضيء أول مصباح في العالم.
- أتراه قال : “أوريكا ..أوريكا” كما فعل (أرخميديس) عندما اكتشف دافعيته العجيبة؟؟..أتساءل في صمت.
“تعرفين أنني أخاف عليك من المطر”….نثرثر، نضحك ، ونحزن أكثر عندما نحاول الاقتراب من
بعضنا فنجد صندوقا الكترونيا يقف بيننا، و مئات الكيلومترات التي تفصل بين جسدينا..نعم، هي الفيزياء التي كنت أكرهها مذ كنت طالبا في الثانوية هي التي فرقت بيننا:
” (الجسم أ) في الشمال، و(الجسم ب) في الجنوب: يعني أننا متباعدان، ولو كانت أرواحنا متلاصقة حتى الشعر، متماهية حتى الفناء..هكذا تقول الفيزياء…يأتيني صوت أستاذ الفيزياء الذي درست عنده أيام الثانوية..فألعنه في صمتي.
******
بقيت دقيقتين..لكن الكلمة الأخيرة كانت للكهرباء!!
انقطع التيار..وضاع الموعد.
أحسست لحظتها ان لعنة الفيزياء ما زالت تطاردني، وتأبى إلا أن تسفه أحلام (أديسون) وكل الليالي التي أمضاها مع خساراته وتجاربه الفاشلة قبل أن يضيء أول مصباح في العالم.
- أتراه قال : “أوريكا ..أوريكا” كما فعل (أرخميديس) عندما اكتشف دافعيته العجيبة؟؟..أتساءل في صمت.
- أتعلمين أمرا؟
لقد حاولت الاتصال بك لأخبرك أنني لن أراك الليلة .. لكن هاتفك العنيد أصر على أن يسمعني سيمفونيته اللعينة عندما يكون الهاتف المطلوب مقفلا أو خارج التغطية، حتى كرهت كل وسائل الاتصال،كرهت المحمول والانترنت و جهاز التدفئة و الكهرباء والفيزياء..وأديسون، وصوت المرأة الشمطاء التي تجيبني بصوتها الجليدي :
- اتصالات (..) ترحب بكم،يتعذر الآن الاتصال بمخاطبكم،المرجو إعادة النداء لاحقا..
لكنني أعدت النداء أكثر من مرة..و أنت لا تردين.
حملت معي إلى الشارع كل حقد العالم على التقنية، وفكرت لحظتها كيف ستكون حياتنا بدون كهرباء..و بدون “اميلات صباحية” و دون ماسنجر و دون مدونات..تراها كيف ستكون؟؟..
ترانا كنا سنلتقي لو لم تصادفي مدونتي بالصدفة، وتقرئي تلك القصيدة التي جعلتك عاشقة من العنوان؟ هل كنا سنصبح عاشقين لو لم تري”ملامح وجهي الأسمر”و “نظراتي المتمردة” و”ابتسامتي الغامضة ” كما وصفتني عندما تركت تعليقك على القصيدة..مع رقم هاتفك في الاميل الذي وصلني منك في ذلك المساء ؟؟..
هل كنت سأعشق صوتك لو لم يأخذني الفضول إلى الاتصال بك في ذلك الرقم ؟؟..
هل كان من الممكن أن يكون ذلك الجسر القديم مكانا للقائنا الأول عندما حملتني ظروف العمل للسفر إلى المدينة التي تسكنك- كما تقولين دائما – لو لم نحدده عبر الماسنجر ؟؟..
أتعلمين أمرا آخر؟؟ : أشهر العشاق في العالم عاشوا بدون كهرباء..
العاشق الرائع جميل لم يصبح مجنونا بعد رسالة قصيرة وصلته بالخطأ من “موبايل” بثينة..
و عنترة لم يعشق عبلة بعد أن تعرف عليها في منتديات الحوار..
و نابليون بونابرت الذي كان يعشق زوجته حتى العرق..لم يستعمل الاميل عندما أرسل لها :
“حبيبتي لا تغتسلي..سأرجع بعد يومين”..
اسمعيني..من اليوم لن تكون التكنولوجيا و آلياتها الغبية وسيطا بيننا..لا أعرف كيف، لكنني سأجد البديل حتما..
******
أذكر أن الكهرباء عادت بعد حوالي الساعتين، فسارعت حينها إلى فتح الماسنجر العجيب..
أدخلت “النيك نيم”و “الباسوورد”..
و ………
فعلتها الكهرباء مرة أخرى!!
..{ مصطفى البقآلي