мά∂εмσίşάĻĻe
¬°•| مشرفة سابقة |•°¬
استبعد نظرية المؤامرة في تفسير ما يجري بالعالم العربي -
حـــــوار ـ عاصــم الشـــيدي -
في الطريق بين مبنى جريدة عمان في مدينة الإعلام ومبنى وزارة الخارجية على شاطئ القرم كانت تدور في ذهني الكثير من الأمور، وتتقافز أمامي الكثير من الأسئلة التي يمكن أن أطرحها على معالي يوسف ابن علوي بن عبدالله الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية وهو السياسي المخضرم الذي خبر تفاصيل المنطقة منذ عقود طويلة، وعرف كواليس السياسة ومظاهرها وآليات عملها.. لا شك أن المرحلة استثنائية كما هي الحالة العربية منذ عقود طويلة، لكنها إن كانت استثنائية في يوم فهي غارقة في الاستثنائية والالتباس اليوم.. فالأمة العربية في مرحلة البحث عن الذات ربما بعد مرحلة الانتصار عليها، أو مرحلة إعادة ترتيب الأوراق التي تناثرت كما يرى البعض وسط حالة من الفوضى التي يراها البعض أنها خلاقة ولكن يراها الكثيرون أنها أبعد ما تكون عن ذلك، وإنما هي مرحلة الفوضى التي لا تنتج إلا فوضى أكبر منها وأعمق. حاولت أن أجمع أفكاري وأرتبها وأبحث وراء الأولويات فترتسم أمامي صورة مزدحمة بالأحداث.. قلت في نفسي في محاولة أخيرة لجمع شتات كل شيء أن الرجل الذي أنوي الحديث معه أكبر حنكة وأكثر دراية بتفاصيل السياسة وأولويات الأمور مني، وسوف يعفيني عناء البحث عن ترتيب لمشهد عصي على الوضوح، دع عنك الترتيب. ولم يخب ظني في محاوري فقد ترك التحفظ في ذلك الصباح جانبا وبدأ أكثر صراحة، وأكثر وضوحا وبعدا عن الردود الدبلوماسية، فكان الحوار كما توقعت له استثنائي مع شخصية دبلوماسية استثنائية.
•يثار الكثير من الحديث في المجتمع العماني وخاصة في مواقع التواصل الاجتماعي حول مدى قيام سفارات السلطنة في الخارج بالدور المنوط بها، خاصة في مسألة وقوفها إلى جانب المواطن العماني خلال بعض الأحداث أو الأزمات التي تمر به وهو في الخارج.. وربما طفا الأمر على السطح كثيرا بعد أحداث مدينة كيريلا الهندية وقضية العملة المزورة التي تورط بها بعض العمانيين؟
لا شك أن ما حدث في منتديات التواصل الاجتماعي أمر طبيعي.. والعمانيون منذ مطلع التاريخ سفارة، ولا شك أن الإنسان يقع في أحداث من قبيل ما ذكرت وهو مسافر وأول ما يفعله الاتصال بأقرب سفارة. والسفارات والقنصليات مهمتها خدمة المصالح العامة للسلطنة بما فيهم المواطنون على مختلف مستوياتهم: سواء كانوا رجال أعمال أو طلبة أو سياحا أو طلبة علاج، وكلهم مشمولون برعاية البعثات العمانية ولا شك في ذلك.. ولكن في الكثير من الأحيان تكون المعلومات التي تحصل عليها السفارات غير كاملة، وفي بعض الأحيان هناك من يحاول أن يقول شيئا وهو غير صحيح وليس دقيقا، ولدينا الكثير من هذه المسائل ولكن هذا واجب على البعثات. والخدمات تقدم لمن يصل للسفارة ويطلبها مهما كانت المصاعب التي تواجه المواطن، وليس هناك حصر، سواء كانوا طلبة أو مرضى. وهذا قائمون به، ولكن يختلف الأمر من بلد إلى بلد. هناك بلاد فيها كثافة زوار. لكن السفارات تقدم خدماتها، سواء كانت الخدمة مباشرة من السفارة في حينها أو إذا كان الأمر يتطلب نوعا من الدعم المادي إذا كانت هناك حاجة مالية، والبلد تقوم بهذا الدور، والكثير من الحالات المرضية والعلاجية خاصة لمن يذهبون إلى تايلند حيث الكثافة العلاجية وتطول فترة تواجدهم العلاجي هناك، ثم لا يتمكنون من الوفاء بالالتزامات المالية، ويأتون إلى السفارة، فإنها تضمنهم مع المستشفيات. وتقوم السفارة بتدبير المبالغ سواء من السفارة بنفسها أو في حالات كثيرة من ديوان البلاط السلطاني، وهذا شيء طبيعي، ونحن لا نتردد في ذلك. ورئيس الدائرة القنصلية تحدث مرتين في الإذاعة وبتفصيل. ومن خلال هذه الدائرة وما يدور فيها من حديث اجتماعي نبحث عن الحقائق، نحن لا نزكي على الله أحدا، سواء كان دبلوماسيا أو غير دبلوماسي والذي نرغب فيه ونطلبه التعاون من الجميع، وقيل في المنتديات الاجتماعية أن البعض ذهب إلى بعض السفارات وردوا عليهم أنهم لم تردهم أوامر أو تعليمات ولذلك فهم غير معنيين بالأمر، ما نتمناه في مثل هذه الأمور التي يتلقى فيها المواطن ردا يراه غير إيجابي أن يبلغ الوزارة بالتفصيل، وبالتالي سيتم اتخاذ الإجراءات.. والخدمات تتطور بمعرفة النواقص وبالتالي لو بلغ الوزارة وبأي صورة من الصور حتى لو قال لنا أنه فاعل خير، فإننا سوف نبدأ بالتحري والبحث في الأمر.
تأتينا أحيانا اتصالات أن مواطنا تواصل مع السفارة فلم يُجب، ونطلب منه الأرقام التي تواصل معها فنكتشف أن الأرقام التي أعطانا إياها غير صحيحة. ونحن في الوزارة لدينا سعة في التعامل وهذا واجب.
ما يقال في تويتر أو الفيس بوك أو السبلة أو في أي وسيلة تجعلنا نتفاعل مع الأمور المطروحة والبحث عن الجانب السلبي في الخدمات للتأكد إن كان هذا الكلام الذي يقال صحيح أم لا. حتى ما ذكرته في الحالتين اللاتي وقعتا في الهند وهناك من قال أنه اتصل بالقنصلية وردوا عليه بعدم وجود التعليمات، اتضح أن هذا الأمر غير صحيح بالمرة. ونحن نقدر المشاعر، وإن الإنسان يريد أن يحفز، وهذا التحفيز بلا شك أوجد تحفيزا للوزارة وعند المسؤولين من باب الواجب. وهذه قضايا طبيعية تحصل، وهم ليس لهم ذنب في ذلك. والأمر برمته أوجد ميزة إيجابية: أولا البنك المركزي أصدر بيانا ثم بدأ في وضع نوع من الضوابط لمكاتب الصيرفة وجهاز الشرطة تحرك كذلك، وكلما حدث أمر من هذا القبيل أو بسبب التحفيز تظهر أشياء قد يكون الناس والمسؤولون في الأجهزة الحكومية لا يدركونها، وليس هذا فقط حتى المسؤولين في كيريلا في هذه الحادثة أخذوا في الاعتبار أن لهم مصلحة أن لا يخلقوا مشكلة معنا لأن هنا في عمان مئات الآلاف من مواطني تلك الولاية، وقدروا أن الأمر يتسبب في إشكال بيننا. وبالتالي توافرت كل الجهود، ولكن الذي نريد أن نؤكد عليه هو الابتعاد عن الإشاعات.. والإشاعات قد تضر في النهاية.. وفي تلك الحالتين حدث تفاعل إيجابي إلى حد كبير. نعم هناك بعض السلبيات التي يمكن أن يتأثر لها الإنسان، إنما كل الجهود بذلت نظرا للذين تعرضوا لهذه الحالة أسفارهم للخارج قليلة، فكان وقع المفاجأة عليهم كبير، ونحن نشكر السفارة الهندية هنا وكذلك السلطات على تعاملهم الإيجابي. وعادت الأمور إلى ما كانت عليه.
•لكن وفي نفس السياق يطرح كثيرا في مختلف الوسائل أن بعض العمانيين الذين تواجههم صعوبات في أسفارهم ولا يجدون سفاراتهم تقف إلى جانبهم يتوجهون إلى سفارات خليجية يجدونها تقف معهم وتبذل جهودا كبيرة من أجل حل مشاكلهم؟
أريد أن أجزم أنه لم يأت عماني إلى سفارة من سفارات بلده طالبا للمساعدة ورد. ومعظم المشاكل أو جلها ذات طبيعية مالية ومتنوعة، ولكن فيما يتعلق في الإجلاء في الحوادث الكبيرة كالتي حدثت في مصر وتايلاند نجد أن الدولة كلها تتعاون. وكذلك الأمر في المستشفيات وبعض الحوادث المؤسفة التي صارت في بلدان لم تتردد السفارات على الإطلاق في القيام بواجبها.. ولكن في بعض الحالات الإنسان يكون مستعجلا يريد الأمر الآن.. يعني الآن..وعلى الإنسان عندما يتعرض لمثل هذه المعاملة أن يبلغ الوزارة بكل التفاصيل التي واجهته. وإذا لم يرغب في ذكر اسمه أو يتحفظ في ذلك أن يقول أنا فاعل خير، وهذا يساعدنا للبحث عن النواقص. وقد يكون مثل هذا يحدث ولكن لم تصلنا حتى الآن أي شكوى مباشرة من أي عماني ولم نقم بالتحري والتقصي فيها واتخاذ الإجراءات التي يجب أن تتخذ.
•معالي الوزير يواجه العمانيون عند رغبتهم السفر إلى دول الاتحاد الأوروبي الكثير من التعقيدات والمصاعب في سبيل الحصول على التأشيرة، في المقابل هناك دول خليجية أخرى لديها اتفاقيات إعفاء من التأشيرات.. ألا يستحق العماني أن يكون معفى أيضا من التأشيرات مع دول تربطنا بها علاقات تاريخية طويلة؟
هذا صحيح وليس صحيحا.. صحيح أن بعض الأشقاء في الخليج لا يخضعون للتأشيرات في بعض بلدان الاتحاد الأوروبي وليس كله، والأمر يعود إلى السبعينات والثمانينات، حيث كان من الممكن توقيع اتفاقيات للإعفاء من التأشيرات، ولكن بالنسبة لسلطنة عمان كانت لدينا أوضاع في السبعينات لها علاقة بالجانب الأمني ولذلك لم يكن من مصلحة البلد في ذلك الوقت أن تفتح للجميع وخاصة مع أوروبا، وكان هناك الكثير من القواعد الأمنية التي كان يمكن أن تشكل لنا مشكلة، وبالتالي لم نوقع مثل تلك الاتفاقيات للإعفاء من التأشيرات، بعض الدول حصل تلك الإعفاءات مثل دولة الإمارات على سبيل المثال.. هذه الخلفية التاريخية للأمر حول لماذا بعض الدول لديها إعفاءت مثل الكويت والإمارات، وهي ميزة يعود تاريخها للسبعينات حيث كنا في مواجهة من الإرهاب وكان معنا حرب في ظفار، وكنا حذرين في هذا الجانب وبالخصوص مع بريطانيا التي عرضت ذلك ولكن لأسباب تخص أمننا قلنا لا نريد أن ندخل في هذا الباب.
•لكن لماذا لا نعاملهم بالمثل؟
المعاملة بالمثل قد تكون لها جوانب إيجابية وأخرى سلبية.. وهي بالنسبة لنا سلبية لأننا نبحث عن تطوير السياحة، ومعظم السياح هنا يأتون من أوروبا وهذه المسألة درست بعناية وعلى مستوى الحكومة ووجدنا أن الضرر أكبر من النفع، وكنا على وشك أن نطبق مثل هذه الإجراءات على بعض الدول ولكن وجدنا أن الأمر سيكون مضرا لنا؛ لأن الاتحاد الأوروبي اتخذ قرار عدم فتح الحدود بسهولة نتيجة للإرهاب المتهم فيه العرب والمسلمون، وبالتالي أي وسيلة معاقبة عن طريق المعاملة بالمثل لن يستجيبوا لها. وهم على كل حال على علم بمشاغل الدول الخليجية وفي عدة مرات في لقاءات مع مسؤولين في الاتحاد الأوروبي كنا نثير هذا الموضوع ولكن إلى الآن لم نصل لإجراء معين لأن ردهم كان دائما أنهم كوزارات خارجية ليست المعنية بالأمر وإنما الوزارات الأمنية ونحن نفهم هذا الأمر، لكن كل ما نريد تحقيقه في الوقت الحاضر هو تخفيف الإجراءات وتخفيف الرسوم.. وهذا فيه بحث رسمي بين مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي والدول التي لنا معها علاقات تجارية واقتصادية وهم يبحثون وراء كل وسيلة تساعدهم لتطوير اقتصادهم، والبحث قائم ولكن عالم اليوم إذا منطقة في العالم تصعبت هناك دول أخرى بديلة، وأغلبية الناس تذهب إلى أسيا للعلاج. الحياة في أوروبا أصبحت غالية جدا على خلاف الدول الآسيوية، حتى الأوروبيين وحدهم يتعالجون في أسيا في سنغافورة وماليزيا وتايلاند، ولذلك لسنا مضطرين للذهاب إلى هذه الدول.. يبقى الأمر بالنسبة للمستثمرين ولكن هؤلاء لهم طرقهم وأساليبهم. الحياة لم تعد سهلة كما كانت هذا الأمر لا بد أن نتقبله. وبالتالي لا بد أن نتعامل معه.
•معالي الوزير في الكثير من دول العالم يكون السفراء عادة من الوزراء المتقاعدين وكذلك الوكلاء، والقادة العسكريين نظرا لتمتعهم بالخبرة والدراية بسياسة الدولة.. الأمر يبدو في السلطنة مختلفا.. لماذا؟
هو حصل معنا مرة أو مرتين على الأقل عندما كان وزراء في الحكومة ثم عينوا سفراء، لكن هذه كل حالة بحالتها، في بعض الأحيان المتقاعدون أو الذين خرجوا من الحكومة هم ذاتهم لا يرغبون لأسباب عائلية أو شخصية بشكل عام.. في بعض البلدان تعتبر السفارة تكريما لهم.. هذا وارد معنا ولكنه ليس سياسة معتمدة.. ولكنه وارد لأنه سبق أن حصل.
•في نفس السياق يطرح سؤال بقاء بعض السفراء لسنوات طويلة في الخدمة كسفراء.. وهذا يقودنا للسؤال حول ما إذا كان ثمة آليات لاختيار السفراء؟
الآلية موجودة ولو أنني لا أريد الحديث عنها، ولكن هناك آلية وآلية نستطيع القول أنها متقنة وتتوافق مع طبيعتنا كعمانيين. صحيح انه كان هناك سفراء يجلسون خمسة عشر سنة متنقلين ولكن في ذلك الوقت كنا نبحث عن المتميزين، ولكن من خمس سنوات بدأنا ندخل جيل الشباب. كانت السفارات محصورة الآن ربما تكون هناك نظرة أخرى من حيث فتح فرصة أكبر للشباب من الذين لهم خبرة.. وكثير من أصحاب السعادة السفراء بدؤوا يقتربون من سن التقاعد. هذه عملية إحلال تلقائية ولكن يبقى لهم تقديرهم، والوزارة تتعامل معهم، ونستفيد من خبراتهم ويقومون بجهد جيد عند الحاجة، وبالتالي نشاط العمل الدبلوماسي سيتوسع ولدينا أربع سفارات جديدة وهذا يعطي قاعدة أوسع لمزيد من الدماء الجديدة. الذي ينقص الشباب والذي سوف نتلافاه في المستقبل القريب هو التأهيل والتدريب.
•هناك تخصص جديد في الجامعة سيطرح حول العلوم السياسية ربما سيكون رافدا مهما لكم؟
نعم. ونحن على صلة مع الجامعة وهم متعاونون وأرادوا أن يكون بيننا توجه مشترك لأن تكون هناك مادة تمثل المنظور السياسي العماني للسياسة الخارجية وتكون فرعا أصيلا في هذا التخصص، طبعا إضافة إلى المواد الأكاديمية في هذا المجال.
•هناك مشكلة دائما ما تطرح حول العمانيين العاملين بعقود في سفارات السلطنة في دول الخليج والذين يعتبرون موظفين محليين، إضافة إلى طلبات العمل في السفارة تحت نفس المسمى "موظف محلي" ويقال إنها تقابل بالاعتذار.. فيما يرون أنهم أحق بالعمل في سفارات بلادهم من الأجانب؟
هناك مسألتان: أولا السياسة المعتمدة في سفاراتنا في دول مجلس التعاون أن الأولوية للعمانيين والكثير منهم يعملون في السفارات في هذه الدول. ثانيا هذا الموضوع يبحث في مجلس الوزراء واتخذ المجلس عدة قرارات في هذا الجانب، ولكن هناك مشكلة في قانون الخدمة المدنية هل سيكونون على كادر الخدمة المدنية أم التأمينات الاجتماعية من حيث المساهمة في الصناديق التقاعدية، وأنا آمل أن ينتهي هذا الأمر قريبا. ووجهة نظر الوزارة أن هؤلاء عمانيون ولا بد أن يكونوا على كادر الخدمة المدينة.
وهناك بعض الصعوبات القانونية وصندوق التقاعد لديه بعض الآراء ولكن بغض النظر عن الصعوبات التي تعترض مثل هذه الحالة فإن من مصلحة العمانيين الذين يعملون في السفارات أن ينتقلوا من العقود المؤقتة إلى موظف ثابت لمن يريد. وهذا ليس فرضا عليهم لأن بعضهم صار له أكثر من 35 سنة وأصبحت مرتباتهم عالية إلى حد ما. لكن هذا أصبح حقا مكتسبا لهم. الأهم أن يستفيدوا من مزايا قانون الخدمة المدنية وإن شاء الله قريبا سيتم اتخاذ القرار. والحكومة على علم أن هذا الأمر أصبح قضية رأي عام، وهم ليسوا كثيرين، ونحن نرغب أن نعمن هذه الوظائف في السفارات خاصة القريبة. وقد نصل في المستقبل أنه حتى في الدول الأخرى يحل العماني محل الموظف المحلي أو على الأقل في أغلب الوظائف. ويكونون ضمن الوفد الدبلوماسي وهو ترتيب تأخذ به الكثير من الدول. ونحن نواجه مشكلة خاصة في الوظائف الدنيا حيث يجد الموظف صعوبات في الاندماج في المجتمعات، وحاولنا ولم نوفق لأن الفارق في الحياة الاجتماعية كبير، وخاصة عندما يأخذ الموظف أهله معه يواجه صعوبة كبيرة في الاندماج والتعامل.. فنأخذ المسائل بتدرج ولكن الأفضل أن يكونوا عمانيين.
•في الأسبوع القادم ستنعقد القمة العربية في الدوحة.. وككل القمم العربية منذ الستينات ربما نقول أن القمة تأتي في ظروف استثنائية، لكن دائما النتائج لا تأتي استثنائية في الغالب.. وتكون دون مستوى طموح الشعوب. العالم العربي اليوم يمر فعلا بظروف استثنائية فهل سنصل إلى نتائج استثنائية أم أن الأمر سيسير كما جرت عليه العادة سنويا.. وما أبرز بنود جدول الأعمال؟
=الجدول طبعا كما هو معتاد لأن القضايا هي القضايا والمنظور هو المنظور، تبقى الوسائل المتاحة. والعرب هم جزء من العالم. نحن لا نعيش في كوكب آخر ونواجه بغزو من كوكب آخر، نحن جزء من العالم والعالم يمر بمرحلة انتقالية من جيل إلى جيل. ليس في البلاد العربية فقط، ولكن معظم العالم شعوبها شابة وبالتالي وجدت في العالم مثل هذه الحالة.. حالة الطموح والسعي إلى تقصير فترة المرحلة الانتقالية. وعندما تحدث هذه المرحلة، ستستبدل الأنظمة السابقة، أو الأنظمة الوطنية ستستبدل بشيء آخر، وهذا ليس معنا في الدول العربية فقط، بل حتى في الدول الأوروبية وهي دول متطورة سبقتنا بسنوات طويلة منذ الثورة الصناعية إلى اليوم. هناك حراك في أوروبا للتعامل مع المشاكل التي يواجهونها وخاصة الأزمة الاقتصادية وهي لم تأت من فراغ، ولكنها أتت نتيجة خلل حدث في هيكلة الشعوب، وما نمر به أمر طبيعي ومن الصعب أن تكون لديك الحلول السحرية، الحلول تأتي من خلال التطور التدريجي الطبيعي من حالة إلى حالة والحكومات تسعى، والعالم العربي أصبح مدارس، الشعوب العربية تحولت إلى مدارس فكرية، وكانت على الدوام كذلك، وإلى أن تتفق هذه المدارس الفكرية تحتاج إلى وقت.
•ولكن هذه المدارس الفكرية لم تنتج حتى الآن حلولا لمشاكل العرب؟
عندما نتحدث عن حياة الشعوب نحن نتكلم عن عقود، لا بد من مراحل طويلة حتى تصل إلى حالة التوافق، لا بد من عقود من الزمن هذه ليست مسألة بسيطة. في مصر وحدها هناك مدارس، انتهت الحكومة الوطنية السابقة والتي كانت امتدادا لثورة 23 يوليو إلى مرحلة حكم الأغلبية، هكذا يفترض، وتشكيل الأحزاب السياسية، ولكن ظهر أن هناك مدارس فكرية وإلى الآن لم تتفق على توجه واحد، وسيستمرون، وهم يعلمون أن لذلك نتائج سلبية، وكل واحد متمسك بما يعتقد أنه الأفضل لمصر، وهكذا في كل البلاد. وأحد أساب ذلك من وجهة نظري الشخصية أن الحكومات الوطنية التي أنشئت بعد مرحلة الاستعمار أنشأت إدارات لمصالح الدولة وكانت هذه الإدارات تتطور ببطء ولكنها لم تتطور مع زيادة عدد السكان وظلت على حركة نمطية، هذه الحركة وصلت إلى أنها لم تستطع الاستجابة لمتطلبات الزيادة الكبيرة لعدد السكان ولم تأت بتنظيم آخر جديد يخدم هذه الكثافة السكانية، وطبيعي أن يحدث هذا الحراك في بلدان ولا يحدث في بلدان أخرى. وهذا سيتسمر بعض الوقت، صحيح أن الكل يريد أن يرى مصر في أفضل حالاتها باعتبارها الثقل الأساسي في الأمة العربية.
•لكن استمرار هذا الصراع يفوت فرصا ذهبية على مصر وعلى غيرها؟
نعم. ولكن لا بد أن نتعامل مع هذا الوضع، ولكن نتعامل معه برفق وليس بعنف، والرفق في الطريق لأن يتحقق.
عود لتكملة الإجابة.. القمة العربية هي المرآة لهذا الواقع وهناك أيضا من يريد أن يسرع الخطى، وهناك من يريد أن يبقيه على ما هو عليه، وهناك من هو في حيرة لا يعلم ما يرى ولا بد أن نقبل أننا جزء من هذا العالم، وأن للعالم مصالح في هذه المنطقة وهذه المصالح لها تأثيرات على كل هذه الأوضاع.
•هناك دراسة وبحث طويل أجرته الجامعة العربية حول آليات تطوير العمل في الجامعة العربية وكلف بالفريق الأخضر الإبراهيمي وعقدت اللجنة أحد اجتماعاتها في مسقط. ما الجديد في هذا الأمر؟ وهل ستعرض النتائج على القمة العربية في الدوحة؟
نعم الدراسة استكملت، وقدمها أخونا العزيز الأخضر الإبراهيمي، واطلعنا عليها الأمين العام وهي توصف الوضع، توصفه توصيفا قد يكون دقيقا، ولكنها لم تضع آليات لحل المشاكل المطروحة والمشخصة.. ولكن مجرد توصيف أن هناك مشكلة، والكل يعرف أن هناك مشكلة، والذي لاحظته أنهم يعتقدون أهمية إشراك الحراك الشعبي ومؤسسات المجتمع المدني في هذه المرحلة، ولكنها لم تدرس بشكل صحيح لأن مؤسسات المجتمع المدني هي مدارس فكرية وفيها صراعات تدور في عمقها أيضا.. وهذا نتيجة الواقع الذي نحن فيه، واعتقد أن هذه بداية، وإن لم تكن قد استجابت لكل شيء ولكنها بداية دراسة المسائل.
•إذن لا ننتظر أن تطرح القمة حلولا لمشاكلها في الدورة القادمة؟
لا توجد حلول سحرية، لكن القادة العرب حريصون، وفي القمة الاقتصادية التي حصلت في الرياض اتخذوا عدة قرارات وتحقيقها مرهون بواقعنا، والقمة الأولى التي عقدت في الكويت أنشأت صندوقا لمساعدة الدول الأقل نموا في العالم العربي وهذا شيء من الجهد المشكور الذي تفضل به صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد وكل هذه محطات للخروج من الواقع الذي نحن فيه ومدى قدرتها شيء والرغبة في تحقيقها أمر آخر.
حـــــوار ـ عاصــم الشـــيدي -
في الطريق بين مبنى جريدة عمان في مدينة الإعلام ومبنى وزارة الخارجية على شاطئ القرم كانت تدور في ذهني الكثير من الأمور، وتتقافز أمامي الكثير من الأسئلة التي يمكن أن أطرحها على معالي يوسف ابن علوي بن عبدالله الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية وهو السياسي المخضرم الذي خبر تفاصيل المنطقة منذ عقود طويلة، وعرف كواليس السياسة ومظاهرها وآليات عملها.. لا شك أن المرحلة استثنائية كما هي الحالة العربية منذ عقود طويلة، لكنها إن كانت استثنائية في يوم فهي غارقة في الاستثنائية والالتباس اليوم.. فالأمة العربية في مرحلة البحث عن الذات ربما بعد مرحلة الانتصار عليها، أو مرحلة إعادة ترتيب الأوراق التي تناثرت كما يرى البعض وسط حالة من الفوضى التي يراها البعض أنها خلاقة ولكن يراها الكثيرون أنها أبعد ما تكون عن ذلك، وإنما هي مرحلة الفوضى التي لا تنتج إلا فوضى أكبر منها وأعمق. حاولت أن أجمع أفكاري وأرتبها وأبحث وراء الأولويات فترتسم أمامي صورة مزدحمة بالأحداث.. قلت في نفسي في محاولة أخيرة لجمع شتات كل شيء أن الرجل الذي أنوي الحديث معه أكبر حنكة وأكثر دراية بتفاصيل السياسة وأولويات الأمور مني، وسوف يعفيني عناء البحث عن ترتيب لمشهد عصي على الوضوح، دع عنك الترتيب. ولم يخب ظني في محاوري فقد ترك التحفظ في ذلك الصباح جانبا وبدأ أكثر صراحة، وأكثر وضوحا وبعدا عن الردود الدبلوماسية، فكان الحوار كما توقعت له استثنائي مع شخصية دبلوماسية استثنائية.
•يثار الكثير من الحديث في المجتمع العماني وخاصة في مواقع التواصل الاجتماعي حول مدى قيام سفارات السلطنة في الخارج بالدور المنوط بها، خاصة في مسألة وقوفها إلى جانب المواطن العماني خلال بعض الأحداث أو الأزمات التي تمر به وهو في الخارج.. وربما طفا الأمر على السطح كثيرا بعد أحداث مدينة كيريلا الهندية وقضية العملة المزورة التي تورط بها بعض العمانيين؟
لا شك أن ما حدث في منتديات التواصل الاجتماعي أمر طبيعي.. والعمانيون منذ مطلع التاريخ سفارة، ولا شك أن الإنسان يقع في أحداث من قبيل ما ذكرت وهو مسافر وأول ما يفعله الاتصال بأقرب سفارة. والسفارات والقنصليات مهمتها خدمة المصالح العامة للسلطنة بما فيهم المواطنون على مختلف مستوياتهم: سواء كانوا رجال أعمال أو طلبة أو سياحا أو طلبة علاج، وكلهم مشمولون برعاية البعثات العمانية ولا شك في ذلك.. ولكن في الكثير من الأحيان تكون المعلومات التي تحصل عليها السفارات غير كاملة، وفي بعض الأحيان هناك من يحاول أن يقول شيئا وهو غير صحيح وليس دقيقا، ولدينا الكثير من هذه المسائل ولكن هذا واجب على البعثات. والخدمات تقدم لمن يصل للسفارة ويطلبها مهما كانت المصاعب التي تواجه المواطن، وليس هناك حصر، سواء كانوا طلبة أو مرضى. وهذا قائمون به، ولكن يختلف الأمر من بلد إلى بلد. هناك بلاد فيها كثافة زوار. لكن السفارات تقدم خدماتها، سواء كانت الخدمة مباشرة من السفارة في حينها أو إذا كان الأمر يتطلب نوعا من الدعم المادي إذا كانت هناك حاجة مالية، والبلد تقوم بهذا الدور، والكثير من الحالات المرضية والعلاجية خاصة لمن يذهبون إلى تايلند حيث الكثافة العلاجية وتطول فترة تواجدهم العلاجي هناك، ثم لا يتمكنون من الوفاء بالالتزامات المالية، ويأتون إلى السفارة، فإنها تضمنهم مع المستشفيات. وتقوم السفارة بتدبير المبالغ سواء من السفارة بنفسها أو في حالات كثيرة من ديوان البلاط السلطاني، وهذا شيء طبيعي، ونحن لا نتردد في ذلك. ورئيس الدائرة القنصلية تحدث مرتين في الإذاعة وبتفصيل. ومن خلال هذه الدائرة وما يدور فيها من حديث اجتماعي نبحث عن الحقائق، نحن لا نزكي على الله أحدا، سواء كان دبلوماسيا أو غير دبلوماسي والذي نرغب فيه ونطلبه التعاون من الجميع، وقيل في المنتديات الاجتماعية أن البعض ذهب إلى بعض السفارات وردوا عليهم أنهم لم تردهم أوامر أو تعليمات ولذلك فهم غير معنيين بالأمر، ما نتمناه في مثل هذه الأمور التي يتلقى فيها المواطن ردا يراه غير إيجابي أن يبلغ الوزارة بالتفصيل، وبالتالي سيتم اتخاذ الإجراءات.. والخدمات تتطور بمعرفة النواقص وبالتالي لو بلغ الوزارة وبأي صورة من الصور حتى لو قال لنا أنه فاعل خير، فإننا سوف نبدأ بالتحري والبحث في الأمر.
تأتينا أحيانا اتصالات أن مواطنا تواصل مع السفارة فلم يُجب، ونطلب منه الأرقام التي تواصل معها فنكتشف أن الأرقام التي أعطانا إياها غير صحيحة. ونحن في الوزارة لدينا سعة في التعامل وهذا واجب.
ما يقال في تويتر أو الفيس بوك أو السبلة أو في أي وسيلة تجعلنا نتفاعل مع الأمور المطروحة والبحث عن الجانب السلبي في الخدمات للتأكد إن كان هذا الكلام الذي يقال صحيح أم لا. حتى ما ذكرته في الحالتين اللاتي وقعتا في الهند وهناك من قال أنه اتصل بالقنصلية وردوا عليه بعدم وجود التعليمات، اتضح أن هذا الأمر غير صحيح بالمرة. ونحن نقدر المشاعر، وإن الإنسان يريد أن يحفز، وهذا التحفيز بلا شك أوجد تحفيزا للوزارة وعند المسؤولين من باب الواجب. وهذه قضايا طبيعية تحصل، وهم ليس لهم ذنب في ذلك. والأمر برمته أوجد ميزة إيجابية: أولا البنك المركزي أصدر بيانا ثم بدأ في وضع نوع من الضوابط لمكاتب الصيرفة وجهاز الشرطة تحرك كذلك، وكلما حدث أمر من هذا القبيل أو بسبب التحفيز تظهر أشياء قد يكون الناس والمسؤولون في الأجهزة الحكومية لا يدركونها، وليس هذا فقط حتى المسؤولين في كيريلا في هذه الحادثة أخذوا في الاعتبار أن لهم مصلحة أن لا يخلقوا مشكلة معنا لأن هنا في عمان مئات الآلاف من مواطني تلك الولاية، وقدروا أن الأمر يتسبب في إشكال بيننا. وبالتالي توافرت كل الجهود، ولكن الذي نريد أن نؤكد عليه هو الابتعاد عن الإشاعات.. والإشاعات قد تضر في النهاية.. وفي تلك الحالتين حدث تفاعل إيجابي إلى حد كبير. نعم هناك بعض السلبيات التي يمكن أن يتأثر لها الإنسان، إنما كل الجهود بذلت نظرا للذين تعرضوا لهذه الحالة أسفارهم للخارج قليلة، فكان وقع المفاجأة عليهم كبير، ونحن نشكر السفارة الهندية هنا وكذلك السلطات على تعاملهم الإيجابي. وعادت الأمور إلى ما كانت عليه.
•لكن وفي نفس السياق يطرح كثيرا في مختلف الوسائل أن بعض العمانيين الذين تواجههم صعوبات في أسفارهم ولا يجدون سفاراتهم تقف إلى جانبهم يتوجهون إلى سفارات خليجية يجدونها تقف معهم وتبذل جهودا كبيرة من أجل حل مشاكلهم؟
أريد أن أجزم أنه لم يأت عماني إلى سفارة من سفارات بلده طالبا للمساعدة ورد. ومعظم المشاكل أو جلها ذات طبيعية مالية ومتنوعة، ولكن فيما يتعلق في الإجلاء في الحوادث الكبيرة كالتي حدثت في مصر وتايلاند نجد أن الدولة كلها تتعاون. وكذلك الأمر في المستشفيات وبعض الحوادث المؤسفة التي صارت في بلدان لم تتردد السفارات على الإطلاق في القيام بواجبها.. ولكن في بعض الحالات الإنسان يكون مستعجلا يريد الأمر الآن.. يعني الآن..وعلى الإنسان عندما يتعرض لمثل هذه المعاملة أن يبلغ الوزارة بكل التفاصيل التي واجهته. وإذا لم يرغب في ذكر اسمه أو يتحفظ في ذلك أن يقول أنا فاعل خير، وهذا يساعدنا للبحث عن النواقص. وقد يكون مثل هذا يحدث ولكن لم تصلنا حتى الآن أي شكوى مباشرة من أي عماني ولم نقم بالتحري والتقصي فيها واتخاذ الإجراءات التي يجب أن تتخذ.
•معالي الوزير يواجه العمانيون عند رغبتهم السفر إلى دول الاتحاد الأوروبي الكثير من التعقيدات والمصاعب في سبيل الحصول على التأشيرة، في المقابل هناك دول خليجية أخرى لديها اتفاقيات إعفاء من التأشيرات.. ألا يستحق العماني أن يكون معفى أيضا من التأشيرات مع دول تربطنا بها علاقات تاريخية طويلة؟
هذا صحيح وليس صحيحا.. صحيح أن بعض الأشقاء في الخليج لا يخضعون للتأشيرات في بعض بلدان الاتحاد الأوروبي وليس كله، والأمر يعود إلى السبعينات والثمانينات، حيث كان من الممكن توقيع اتفاقيات للإعفاء من التأشيرات، ولكن بالنسبة لسلطنة عمان كانت لدينا أوضاع في السبعينات لها علاقة بالجانب الأمني ولذلك لم يكن من مصلحة البلد في ذلك الوقت أن تفتح للجميع وخاصة مع أوروبا، وكان هناك الكثير من القواعد الأمنية التي كان يمكن أن تشكل لنا مشكلة، وبالتالي لم نوقع مثل تلك الاتفاقيات للإعفاء من التأشيرات، بعض الدول حصل تلك الإعفاءات مثل دولة الإمارات على سبيل المثال.. هذه الخلفية التاريخية للأمر حول لماذا بعض الدول لديها إعفاءت مثل الكويت والإمارات، وهي ميزة يعود تاريخها للسبعينات حيث كنا في مواجهة من الإرهاب وكان معنا حرب في ظفار، وكنا حذرين في هذا الجانب وبالخصوص مع بريطانيا التي عرضت ذلك ولكن لأسباب تخص أمننا قلنا لا نريد أن ندخل في هذا الباب.
•لكن لماذا لا نعاملهم بالمثل؟
المعاملة بالمثل قد تكون لها جوانب إيجابية وأخرى سلبية.. وهي بالنسبة لنا سلبية لأننا نبحث عن تطوير السياحة، ومعظم السياح هنا يأتون من أوروبا وهذه المسألة درست بعناية وعلى مستوى الحكومة ووجدنا أن الضرر أكبر من النفع، وكنا على وشك أن نطبق مثل هذه الإجراءات على بعض الدول ولكن وجدنا أن الأمر سيكون مضرا لنا؛ لأن الاتحاد الأوروبي اتخذ قرار عدم فتح الحدود بسهولة نتيجة للإرهاب المتهم فيه العرب والمسلمون، وبالتالي أي وسيلة معاقبة عن طريق المعاملة بالمثل لن يستجيبوا لها. وهم على كل حال على علم بمشاغل الدول الخليجية وفي عدة مرات في لقاءات مع مسؤولين في الاتحاد الأوروبي كنا نثير هذا الموضوع ولكن إلى الآن لم نصل لإجراء معين لأن ردهم كان دائما أنهم كوزارات خارجية ليست المعنية بالأمر وإنما الوزارات الأمنية ونحن نفهم هذا الأمر، لكن كل ما نريد تحقيقه في الوقت الحاضر هو تخفيف الإجراءات وتخفيف الرسوم.. وهذا فيه بحث رسمي بين مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي والدول التي لنا معها علاقات تجارية واقتصادية وهم يبحثون وراء كل وسيلة تساعدهم لتطوير اقتصادهم، والبحث قائم ولكن عالم اليوم إذا منطقة في العالم تصعبت هناك دول أخرى بديلة، وأغلبية الناس تذهب إلى أسيا للعلاج. الحياة في أوروبا أصبحت غالية جدا على خلاف الدول الآسيوية، حتى الأوروبيين وحدهم يتعالجون في أسيا في سنغافورة وماليزيا وتايلاند، ولذلك لسنا مضطرين للذهاب إلى هذه الدول.. يبقى الأمر بالنسبة للمستثمرين ولكن هؤلاء لهم طرقهم وأساليبهم. الحياة لم تعد سهلة كما كانت هذا الأمر لا بد أن نتقبله. وبالتالي لا بد أن نتعامل معه.
•معالي الوزير في الكثير من دول العالم يكون السفراء عادة من الوزراء المتقاعدين وكذلك الوكلاء، والقادة العسكريين نظرا لتمتعهم بالخبرة والدراية بسياسة الدولة.. الأمر يبدو في السلطنة مختلفا.. لماذا؟
هو حصل معنا مرة أو مرتين على الأقل عندما كان وزراء في الحكومة ثم عينوا سفراء، لكن هذه كل حالة بحالتها، في بعض الأحيان المتقاعدون أو الذين خرجوا من الحكومة هم ذاتهم لا يرغبون لأسباب عائلية أو شخصية بشكل عام.. في بعض البلدان تعتبر السفارة تكريما لهم.. هذا وارد معنا ولكنه ليس سياسة معتمدة.. ولكنه وارد لأنه سبق أن حصل.
•في نفس السياق يطرح سؤال بقاء بعض السفراء لسنوات طويلة في الخدمة كسفراء.. وهذا يقودنا للسؤال حول ما إذا كان ثمة آليات لاختيار السفراء؟
الآلية موجودة ولو أنني لا أريد الحديث عنها، ولكن هناك آلية وآلية نستطيع القول أنها متقنة وتتوافق مع طبيعتنا كعمانيين. صحيح انه كان هناك سفراء يجلسون خمسة عشر سنة متنقلين ولكن في ذلك الوقت كنا نبحث عن المتميزين، ولكن من خمس سنوات بدأنا ندخل جيل الشباب. كانت السفارات محصورة الآن ربما تكون هناك نظرة أخرى من حيث فتح فرصة أكبر للشباب من الذين لهم خبرة.. وكثير من أصحاب السعادة السفراء بدؤوا يقتربون من سن التقاعد. هذه عملية إحلال تلقائية ولكن يبقى لهم تقديرهم، والوزارة تتعامل معهم، ونستفيد من خبراتهم ويقومون بجهد جيد عند الحاجة، وبالتالي نشاط العمل الدبلوماسي سيتوسع ولدينا أربع سفارات جديدة وهذا يعطي قاعدة أوسع لمزيد من الدماء الجديدة. الذي ينقص الشباب والذي سوف نتلافاه في المستقبل القريب هو التأهيل والتدريب.
•هناك تخصص جديد في الجامعة سيطرح حول العلوم السياسية ربما سيكون رافدا مهما لكم؟
نعم. ونحن على صلة مع الجامعة وهم متعاونون وأرادوا أن يكون بيننا توجه مشترك لأن تكون هناك مادة تمثل المنظور السياسي العماني للسياسة الخارجية وتكون فرعا أصيلا في هذا التخصص، طبعا إضافة إلى المواد الأكاديمية في هذا المجال.
•هناك مشكلة دائما ما تطرح حول العمانيين العاملين بعقود في سفارات السلطنة في دول الخليج والذين يعتبرون موظفين محليين، إضافة إلى طلبات العمل في السفارة تحت نفس المسمى "موظف محلي" ويقال إنها تقابل بالاعتذار.. فيما يرون أنهم أحق بالعمل في سفارات بلادهم من الأجانب؟
هناك مسألتان: أولا السياسة المعتمدة في سفاراتنا في دول مجلس التعاون أن الأولوية للعمانيين والكثير منهم يعملون في السفارات في هذه الدول. ثانيا هذا الموضوع يبحث في مجلس الوزراء واتخذ المجلس عدة قرارات في هذا الجانب، ولكن هناك مشكلة في قانون الخدمة المدنية هل سيكونون على كادر الخدمة المدنية أم التأمينات الاجتماعية من حيث المساهمة في الصناديق التقاعدية، وأنا آمل أن ينتهي هذا الأمر قريبا. ووجهة نظر الوزارة أن هؤلاء عمانيون ولا بد أن يكونوا على كادر الخدمة المدينة.
وهناك بعض الصعوبات القانونية وصندوق التقاعد لديه بعض الآراء ولكن بغض النظر عن الصعوبات التي تعترض مثل هذه الحالة فإن من مصلحة العمانيين الذين يعملون في السفارات أن ينتقلوا من العقود المؤقتة إلى موظف ثابت لمن يريد. وهذا ليس فرضا عليهم لأن بعضهم صار له أكثر من 35 سنة وأصبحت مرتباتهم عالية إلى حد ما. لكن هذا أصبح حقا مكتسبا لهم. الأهم أن يستفيدوا من مزايا قانون الخدمة المدنية وإن شاء الله قريبا سيتم اتخاذ القرار. والحكومة على علم أن هذا الأمر أصبح قضية رأي عام، وهم ليسوا كثيرين، ونحن نرغب أن نعمن هذه الوظائف في السفارات خاصة القريبة. وقد نصل في المستقبل أنه حتى في الدول الأخرى يحل العماني محل الموظف المحلي أو على الأقل في أغلب الوظائف. ويكونون ضمن الوفد الدبلوماسي وهو ترتيب تأخذ به الكثير من الدول. ونحن نواجه مشكلة خاصة في الوظائف الدنيا حيث يجد الموظف صعوبات في الاندماج في المجتمعات، وحاولنا ولم نوفق لأن الفارق في الحياة الاجتماعية كبير، وخاصة عندما يأخذ الموظف أهله معه يواجه صعوبة كبيرة في الاندماج والتعامل.. فنأخذ المسائل بتدرج ولكن الأفضل أن يكونوا عمانيين.
•في الأسبوع القادم ستنعقد القمة العربية في الدوحة.. وككل القمم العربية منذ الستينات ربما نقول أن القمة تأتي في ظروف استثنائية، لكن دائما النتائج لا تأتي استثنائية في الغالب.. وتكون دون مستوى طموح الشعوب. العالم العربي اليوم يمر فعلا بظروف استثنائية فهل سنصل إلى نتائج استثنائية أم أن الأمر سيسير كما جرت عليه العادة سنويا.. وما أبرز بنود جدول الأعمال؟
=الجدول طبعا كما هو معتاد لأن القضايا هي القضايا والمنظور هو المنظور، تبقى الوسائل المتاحة. والعرب هم جزء من العالم. نحن لا نعيش في كوكب آخر ونواجه بغزو من كوكب آخر، نحن جزء من العالم والعالم يمر بمرحلة انتقالية من جيل إلى جيل. ليس في البلاد العربية فقط، ولكن معظم العالم شعوبها شابة وبالتالي وجدت في العالم مثل هذه الحالة.. حالة الطموح والسعي إلى تقصير فترة المرحلة الانتقالية. وعندما تحدث هذه المرحلة، ستستبدل الأنظمة السابقة، أو الأنظمة الوطنية ستستبدل بشيء آخر، وهذا ليس معنا في الدول العربية فقط، بل حتى في الدول الأوروبية وهي دول متطورة سبقتنا بسنوات طويلة منذ الثورة الصناعية إلى اليوم. هناك حراك في أوروبا للتعامل مع المشاكل التي يواجهونها وخاصة الأزمة الاقتصادية وهي لم تأت من فراغ، ولكنها أتت نتيجة خلل حدث في هيكلة الشعوب، وما نمر به أمر طبيعي ومن الصعب أن تكون لديك الحلول السحرية، الحلول تأتي من خلال التطور التدريجي الطبيعي من حالة إلى حالة والحكومات تسعى، والعالم العربي أصبح مدارس، الشعوب العربية تحولت إلى مدارس فكرية، وكانت على الدوام كذلك، وإلى أن تتفق هذه المدارس الفكرية تحتاج إلى وقت.
•ولكن هذه المدارس الفكرية لم تنتج حتى الآن حلولا لمشاكل العرب؟
عندما نتحدث عن حياة الشعوب نحن نتكلم عن عقود، لا بد من مراحل طويلة حتى تصل إلى حالة التوافق، لا بد من عقود من الزمن هذه ليست مسألة بسيطة. في مصر وحدها هناك مدارس، انتهت الحكومة الوطنية السابقة والتي كانت امتدادا لثورة 23 يوليو إلى مرحلة حكم الأغلبية، هكذا يفترض، وتشكيل الأحزاب السياسية، ولكن ظهر أن هناك مدارس فكرية وإلى الآن لم تتفق على توجه واحد، وسيستمرون، وهم يعلمون أن لذلك نتائج سلبية، وكل واحد متمسك بما يعتقد أنه الأفضل لمصر، وهكذا في كل البلاد. وأحد أساب ذلك من وجهة نظري الشخصية أن الحكومات الوطنية التي أنشئت بعد مرحلة الاستعمار أنشأت إدارات لمصالح الدولة وكانت هذه الإدارات تتطور ببطء ولكنها لم تتطور مع زيادة عدد السكان وظلت على حركة نمطية، هذه الحركة وصلت إلى أنها لم تستطع الاستجابة لمتطلبات الزيادة الكبيرة لعدد السكان ولم تأت بتنظيم آخر جديد يخدم هذه الكثافة السكانية، وطبيعي أن يحدث هذا الحراك في بلدان ولا يحدث في بلدان أخرى. وهذا سيتسمر بعض الوقت، صحيح أن الكل يريد أن يرى مصر في أفضل حالاتها باعتبارها الثقل الأساسي في الأمة العربية.
•لكن استمرار هذا الصراع يفوت فرصا ذهبية على مصر وعلى غيرها؟
نعم. ولكن لا بد أن نتعامل مع هذا الوضع، ولكن نتعامل معه برفق وليس بعنف، والرفق في الطريق لأن يتحقق.
عود لتكملة الإجابة.. القمة العربية هي المرآة لهذا الواقع وهناك أيضا من يريد أن يسرع الخطى، وهناك من يريد أن يبقيه على ما هو عليه، وهناك من هو في حيرة لا يعلم ما يرى ولا بد أن نقبل أننا جزء من هذا العالم، وأن للعالم مصالح في هذه المنطقة وهذه المصالح لها تأثيرات على كل هذه الأوضاع.
•هناك دراسة وبحث طويل أجرته الجامعة العربية حول آليات تطوير العمل في الجامعة العربية وكلف بالفريق الأخضر الإبراهيمي وعقدت اللجنة أحد اجتماعاتها في مسقط. ما الجديد في هذا الأمر؟ وهل ستعرض النتائج على القمة العربية في الدوحة؟
نعم الدراسة استكملت، وقدمها أخونا العزيز الأخضر الإبراهيمي، واطلعنا عليها الأمين العام وهي توصف الوضع، توصفه توصيفا قد يكون دقيقا، ولكنها لم تضع آليات لحل المشاكل المطروحة والمشخصة.. ولكن مجرد توصيف أن هناك مشكلة، والكل يعرف أن هناك مشكلة، والذي لاحظته أنهم يعتقدون أهمية إشراك الحراك الشعبي ومؤسسات المجتمع المدني في هذه المرحلة، ولكنها لم تدرس بشكل صحيح لأن مؤسسات المجتمع المدني هي مدارس فكرية وفيها صراعات تدور في عمقها أيضا.. وهذا نتيجة الواقع الذي نحن فيه، واعتقد أن هذه بداية، وإن لم تكن قد استجابت لكل شيء ولكنها بداية دراسة المسائل.
•إذن لا ننتظر أن تطرح القمة حلولا لمشاكلها في الدورة القادمة؟
لا توجد حلول سحرية، لكن القادة العرب حريصون، وفي القمة الاقتصادية التي حصلت في الرياض اتخذوا عدة قرارات وتحقيقها مرهون بواقعنا، والقمة الأولى التي عقدت في الكويت أنشأت صندوقا لمساعدة الدول الأقل نموا في العالم العربي وهذا شيء من الجهد المشكور الذي تفضل به صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد وكل هذه محطات للخروج من الواقع الذي نحن فيه ومدى قدرتها شيء والرغبة في تحقيقها أمر آخر.