الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر نشاط
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
Install the app
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
,, البُريمِي الأَدَبِيـَة ,,
,, البُريمِي لِلقِصَص والرِوَايات ,,
رواية/الملعونة
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="شاعرة الليل" data-source="post: 1419378" data-attributes="member: 10362"><p>الفصل العشرون </p><p></p><p></p><p></p><p></p><p>"غسلت كاميليا وجهها وهي تفكر بعماد الذي لم يتصل بها منذ خمسة أيام وهي لم تتصل به أيضا فهي ﻻ تريد أن تذل نفسها أمام من تحب .</p><p>بدأت تجفف وجهها المتعب وعينيها المرهقتين من السهر والبكاء .وضعت كريما رقيقا على جفنيها ، ولبست خاتمها الياقوتي بيدها وهي تتذكره يوم جاء ووضعه على باب منزلها فجرا مع باقة ورود بيضاء . خلعت الخاتم من أصبعها وقبلته بحب وأعادته إلى مكانه في خنصرها .سألته عن عماد ، ماذا يفعل وكيف يعيش خمسة أيام دون أن يسمع صوتها ،لكن الياقوت بقي صامتا . ظلت تتأمل وجهها في المرآة وهي تتذكر كﻼم عماد وغزله بها ، كان مفتونا بها واﻵن يهجرها .</p><p>جاءت شذى ممسكة بصينية بها طبق من السلطة وكوبا من اللبن، ووضعتهما على المكتب وقالت ﻷختها :</p><p>-أرجوك يا أختي .. ﻻ تعاقبي نفسك بهذه الطريقة.. تناولي طعامك فأنت منذ أسبوع تعيشين على الماء والتفاح وهذا ﻻ يجوز .</p><p>جلست على سريرها وتنهدت قائلة :</p><p>-ﻻ أشعر بالرغبة في اﻷكل ..أكلت قهر..</p><p>- أف .. قطع الحب وسنينه.</p><p>قالت ﻷختها وهي تشرب اللبن :.</p><p>-لست مصدقة بأن خمسة أيام مرت ولم أسمع فيها صوت عماد .. عمادي الذي أحببته تخلى عني بسهولة وتركني .</p><p>اقتربت منها شذى وطلبت منها أن تنساه وتخفف على نفسها ، فتنهدت بغصة وهي تشعر بأنها هشة و ضعيفة بعدما تخلى عنها . مازال حبه يوجع قلبها بعدما أدار ظهره لها ولم يترك سوى عينيه السوداويين لتزيد من عذابها . هبت بسرعة لهاتفها الجوال عندما رن فربما يكون عماد هو المتصل ، ولكنها شعرت بالخيبة سريعا ﻷن نسرين هي المتصلة تدعوها للخروج والذهاب إلى السوق ومن ثم تناول العشاء في أحد المطاعم . اعتذرت منها ودعتها بدﻻ من ذلك إلى زيارتها بصحبة أمل ، وقامت لتغير مﻼبسها وتستعد لقدوم صديقتها .</p><p></p><p>جاءت نسرين لوحدها ﻷن أمل ذهبت إلى السوق مع أمها ، ولم تستطيعا إبعاد مجرى الحديث عن الموضوع المهم وهو زواج كاميليا التي قالت :</p><p>-والدي يجبرني على الزواج بالزفت ناصر بﻼ أي احترام لي أو لرأيي....والمشكلة بأني أمقته .. أنا اﻵن أنتظر حكم اﻹعدام .. وﻻ أعرف متى سيصدره القاضي .</p><p>كانت نسرين جادة عندما قالت:</p><p>-تبا لهذا الوضع وهذا التخلف الذي نعيشه .. كيف تتزوج فتاة رغما عنها .. أين حقوق اﻹنسان وحقوق المرأة الضائعة.</p><p>طرأت ببال نسرين فكرة فاقترحت على كاميليا أن توسط أحد أقاربها للتفاهم معه لكنها قالت لها بأن أخوالها يكنون الجبيل ماعدا سعيد وهو على خﻼف معه.</p><p>ابتسمت نسرين وسألت صديقتها هل يوجد حبيب من حيرتها ويعزز رفضها ﻻبن عمها ، وحاصرتها قائلة :</p><p>-أنت تبدين عاشقة وترفضين اﻻعتراف . إلى متى ستنكرين وعينيك تقول ذلك ؟.. اعترفي وبﻼ نحاسة.</p><p>تنهدت كاميليا بألم اثبت لنسرين شكها ، وقالت وهي تغالب دموعها:</p><p>-ﻻ وجود لهذا الحبيب .. يوجد فارس أحﻼمي الذي أحبه منذ وﻻدتي وشعوري بأني أنثى تبحث عن نصفها اﻷخر في هذه الحياة .. وهو ليس ناصر بالتأكيد..</p><p></p><p>قضت نسرين وقتا مع صديقتها واستطاعت أن تخفف عنها قليﻼ ، ثم عادت إلى منزلها كانت أمها جالسة مع عماد يتحدثان بصوت منخفض في أحد أركان الصالة الواسعة . اقتربت منهما وتنبهت لوجه أخيها العابس وأمه تتحدث معه عن ريم ، فقاطعتها بمرح وسألتهما عم يتحدثان .</p><p>سكت عماد بينما أجابت أمها بتذمر :</p><p>-عن القضية اﻷزلية ذاتها .. زواج عماد .. أنا أفكر برفعها إلى اﻷمم المتحدة فربما يساعدني "كوفي عنان "</p><p>ضغط عماد على شفتيه وهو يستشعر سخرية أمه التي عرضت عليه أن تتحدث مع عمته بشأن ريم، فتأفف ونهض متجها لغرفته تاركا أمه تتذمر من تصرفاته، وتقول ﻻبنتها:</p><p>-منذ أن عاد من دبي وهو بمزاج سيء وﻻ يتجمل الحديث معي .. في اليوم الذي سافر فيه أخبرني وسعادة الدنيا كلها تشع من عينيه بأنه يريد الزواج .. ﻻ أعرف ما به وهو يقلقني كثيرا .. سأقوم ﻷبخره باللبان والحرمل ..</p><p></p><p>أومأت نسرين موافقة وقالت :</p><p>- بات يحيرني أيضا ..أمس جاء ماجد لزيارته وتهرب من لقاءه وطلب مني أن أقول له بأنه نائم.</p><p>تنهدت اﻷم وسألت ابنتها عن كاميليا إذا ما سيزوجها والدها من ابن عمها رغما عنها . هزت نسرين برأسها وقالت :</p><p>-سيعقد قرانها خﻼل أيام .. المسكينة بدت متعبة وشاحبة فهي تحبس نفسها في غرفتها ﻻ تخرج وﻻ تأكل وبدون فائدة.</p><p>-يؤسفني زواجها بهذه الطريقة .. ولكن ﻻ شيء بيدنا وربما تسعد مع ابن عمها ..</p><p>وأكملت مستدركة تخبر ابنتها بأنهم سيذهبون إلى البحرين من أجل التسوق قبل زفاف أما وسيبيتون هناك ليلة واحدة .</p><p>صعدت نسرين لغرفتها وبدلت مﻼبسها ثم ذهبت لتتحدث مع عماد علها تخفف من توتره . وجدته على سريره يشاهد برنامجا في التلفزيون لكنه أغلقه حالما دخلت أخته وجلست بجانبه.</p><p>سألته بابتسامة :.</p><p>-أﻻ تستمع لفيروز ؟</p><p>لم ينطق بحرف فأردفت تخبره بأنهم سيذهبون إلى البحرين ودعته للذهاب معهم ، لكنه لوى فمه وقال لها بأنه ﻻ يريد الذهاب ﻷي مكان.يريد البقاء وحده لمراجعة حساباته وإعادة النظر في مسار حياته . سألته:</p><p>-هل أنت منزعج من أمي ؟.</p><p>هز رأسه نافيا فقد تعود على كﻼمها وعلى سخريتها . تنهد بقوة وأحست بأن وراء تنهيدته هم كبيرة ، فأمسكت بيده بعطف وطلبت منه أن يفتح لها قلبه فهما أصدقاء برغم الفارق في السن . كانت تنظر إلى وجهه وهي تتحدث ورأته وهو يغمض عينيه السوداويين للحظات وعندما فتحهما رأت الدموع الحارة تغلفهما . أخرج من صدره آهات حزينة . عانقته وهو يقول بأنه عاجز عن فتح قلبه لها . قالت له بتفهم كبير :.</p><p>-عندما تشعر بأنك بحاجة للحديث والبوح عما تخفيه في قلبك .. ﻻ تتردد فقلبي يتسع دائما..</p><p>شكرها وتنهد بحيرة فهو غارق في بحر ﻻ يعرف فيه شاطئ وﻻ مرسى وﻻ يعرف بدايته أو نهايته . خرجت نسرين تاركة أخاها لوحدته ولتفكيره المحصور بكاميليا ، تارة يتذكارها وهي في السيارة وعينيه تسترقان النظر لها عبر المرآة . يتذكر أحاديثها وضحكاتها وعينيها والكحل اﻷسود وحجابها الملون وهي تمشي في شوارع باريس بمﻼبسها اﻷنيقة تذكر تلك القبلة الوحيدة في منتصف ليل باريس عندما أهداها ورورد الكاميليا وكم أحبها.</p><p>****.</p><p></p><p>ظلت كاميليا جالسة في غرفتها وتتحدث مع شذى في جو هادئ نسبيا حتى جاءت أمها بابتسامة مصطنعه ، تخبرها بأن قرانها سيعقد غدا. هزت رأسها والدموع تتدفق من عينيها :</p><p>-ﻻ أريده .. ساعديني يا أمي ..</p><p>بلغت اﻷم ريقها والدموع تنحدر من عينيها فزوجها هددها بالطﻼق لو تدخلت . قالت ﻻبنتها بانكسار :</p><p>-أرى رضوخك أمرا ﻻ مفر منه .</p><p>بكت كاميليا بحرقة كبيرة على صدر أمها وهي ترى كل أحﻼمها تتكسر أمام رغبات والدها وعناده وتسلطه وجوره . بكت أكثر وهي تفكر بحياتها مستقبﻼ وحب عماد يغفي في قلبها بكل هناء وراحة . ظلت تبكي وهي تفكر باﻻستسﻼم تارة وبالتمرد على والدها والرفض تارة أخرى . بكت بنجيب وهي تتذكر كلمات عماد اﻷخيرة عندما طلب منها اﻻتصال به فقط عندما تخبر والدها بأمر عﻼقتهما . ومن بين الدموع والبكاء ورياح اليأس التي تعصف بها طرأت ببالها فكرة قد تنقدها من هذا الزواج اﻹجباري ، ولكن عواقب هذه الفكرة وخيمة ونتيجتها غير مضمونة.أسرعت تقفل باب غرفتها بالمفتاح وأمسكت بهاتفها الجوال للتحدث مع عماد الذي لم يرد على اتصاﻻتها المتكررة ، وبسرعة كتبت له رسالة نصية وأرسلتها ، تخبره بأنها تريد الحديث معه ﻷمر هام . ظلت حتى شروق الشمس وهي تترجى اتصاله بدون جدوى . نامت على مخدتها المبللة بالدموع واستيقظت ظهرا وشذى تطرق بابها المغلق وقد جلبت معها وجبة خفيفة لتأكلها . فتحت لها الباب وعينيها متورمين من البكاء، وبسرعة طلبت منها الدخول . رن هاتفها الجوال فهبت له مسرعة فربما حن عماد عليها وقرر اﻻتصال ، إﻻ أن ظنونها خابت مجددا كانت نسرين هي المتصلة تخبرها بذهابها مع والديها إلى البحرين عصرا وتسألها إذا ما كانت تريد أن تشتري لها شيئا من هناك ، شكرتها فﻼ مزاج لها ﻷي شيء ، ونهضت لقفل الباب بالمفتاح وقالت ﻷختها :</p><p>- منذ البارح وأنا أفكر بطريقة ما لمنع هذا الزواج البائس .. وﻷني أحتاج مساعدة عماد اتصلت به مرارا ولم يرد علي .. سأذهب إليه في منزله وأتحدث معه ..</p><p>عضت شذى شفتها وقالت :</p><p>- ﻻبد أنك جننت .. لقد فقدت عقلك بكل تأكيد لتفكيرك بالذهاب لمنزله ..</p><p>أخبرت أختها بأن نسرين ووالديها سيذهبون إلى البحرين بعد ساعة وعماد سيعود في الخامسة إلى المنزل كالمعتاد وستذهب لتعرض فكرتها عليه ..</p><p>حذرتها شذى وطلبت منها أن تتعقل فلو عرف والدهما سيذبحهما معا كدجاجتين وينتف ريشها ، ولكن كاميليا مستعدة لكل شيء فقالت ﻷختها :</p><p>- كيف سيعرف ؟ ..أنا سأتحدث مع عماد وأنت أبقي في السيارة ﻻنتظاري.</p><p></p><p>ترددت شذى لكنها لم تشأ أن تدع أختها تذهب له وحدها . بسرعة استأذنت كاميليا وشذى أمهما في الخروج لزيارة أمل لبعض الوقت للترفية عن نفسيهما . ركبت كاميليا السيارة وطلبت من السائق التوجه إلى منزل نسرين واتصلت بها لتتأكد من ذهابها إلى البحرين مع والديها ، واطمأنت لسير خطتها بالطريقة الصحيحة . أحست برعشة وكأنها تتركب جريمة وخائفة أن يراها أحد وقلبها ينبض بقوة ظنت أن جميع سكان القطيف يسمعونه . كانت خائفة وهي تفكر بعماد وكيف سيستقبلها ، وهل سيوافق على فكرتها الرهيبة . أوقف السائق السيارة أمام المدخل الرئيسي . بقيت شذى تنتظر أختها بخوف ووجل وترجلت كاميليا وهي تحس برجليها ستتجمدان ودقات قلبها العنيفة تزعجها . بيد مرتعشة ضغطت على جرس الباب واﻷفكار تزيد من توترها . ظلت تنتظر للحظات ولم يجبها أحد ، فضربت الجرس مرة أخرى وقلبها يكاد أن يتوقف ، وبعد لحظات فتح الباب ورأت عماد أمامها . نزعت نظارتها الشمسية والتقت عينيها بعينيه المندهشتين والمشتاقتين لها ، كان الحب والشوق ظاهر في سواد عينيه وﻻ يستطيع إخفاءه مهما فعل . بلع ريقه وقال لها برقة وكأن شيئا لم يكدر صفوهما أبدا :</p><p>- لماذا أنت هنا يا كميليا .. نسرين غير موجودة .</p><p>هزت رأسها وهي تتلفت خلفها وقالت له :</p><p>- أعلم بأن عائلتك في البحرين .. ولكني أريد التحدث معك بأمر هام ولهذا اتصلت بك ..وﻷنك لم تجبني اضطررت للقدوم ..</p><p>وأكملت تعاتبه :</p><p>- لماذا تعاقبني بهذه القسوة وكأنني مذنبة ؟.. أنا ﻻ أستطيع فعل شيء وعليك أن تصدقني .. وجئت ﻷبرهن ذلك.</p><p>دخلت كاميليا داخل المنزل ووقفت قرب الباب المفتوح على مصراعيه وقالت له بأن قرانها سيعقد غدا ولديها حل مناسب ووحيد لمنع إتمام هذا الزواج ، وطلبت مساعدته ، سكتت للحظة وهي تراقب عينيه السوداويين وهما تتفحصان وجهها بشوق ، وقالت لها :</p><p>- أنا متعبة وأشعر بأني على حافة الجنون..</p><p>بلع ريقه وسألها عن الحل الذي جاءت من أجله ، فأغمضت عينيها للحظات وقالت له :</p><p>- سأذهب إلى منزل خالي سعيد وسأبقى لثﻼثة أيام حيث والدي ﻻ يستطيع أن يفكر بوجدي هناك فهما على خﻼف كما تعلم .. بينما أخبره ﻻحقا بأنني كنت معك في أي مكان .. سأوهمه بأني هربت معك وبعدها سنتزوج رغما عنه ..</p><p>ظل عماد ساكتا للحظات وعينيه ستخرجان من محجرهما من شدة اندهاشه من فكرة كاميليا الجهنمية ، قال لها بهدوء :.</p><p>- كيف تفكرين بهذا الحل ؟ .. نهرب معا لثﻼثة أيام .. تخيلي الفضيحة وما سيحصل ..</p><p>حاولت إقناعه بفكرتها :</p><p>- نحن سنوهمهم بذلك والله شاهد علينا .. وبعد الزواج نخبرهم بالحقيقة .</p><p>ارتفع صوته قليﻼ :</p><p>- لن يصدقنا أحد وقتها .. والدك سيقتلك حتما .. كما أن أمي سترفض زواجي بك.</p><p>قال جملته وبتعد عنها . جلس على أول مقعد صادفه وأسند رأسه على يديه . شعر بالحيرة ويريدها فهو يحبها ويريدها زوجة له ولكن ليس بهذه الطريقة ، قال لها :</p><p>- إن اﻷمر ليس سهﻼ كما تتصورين ونحن ﻻ نستطيع تقدير عواقب.</p><p>شعرت كاميليا بالخيبة مجددا وقالت له والدموع تنحدر من عينيها :</p><p>- أنا فتاة من أسرة محترمة وسأضحي بسمعتي ومستعدة لكل ما سيحدث .. وأنت رجل وتخاف من الفضيحة !؟</p><p>سكت لثوان قليلة وأردفت :.</p><p>- غدا يعقد قراني .. كيف يطاوعك قلبك على التخلي عني ؟ .. وعدتني بأن نكون معا.</p><p>أقترب منها كثيرا وعينيه تتفحصان وجهها الجميل رغم التعب . تذكرت ما حدث في باريس والسعادة التي كانت تشعر بها ، وتنهدت وهو يمد يده ويضعها على جانب رأسها . أحس برغبة كبيرة في تقبيلها ولم يفعل ، قال لها :.</p><p>- أرغب بأن نكون معا .. ولكن ليس بهذه الطريقة..</p><p>بكت أكثر وابتعدت عنه ، فقال لها بنبرة حادة وعينيه السوداويين تصوب سهماها نحوها :.</p><p>- ﻻ تبك أمامي فموافقتي مستحيلة ..</p><p>استدار وهو يفرك جبينه وقال :.</p><p>- أرجوك أذهبي إلى منزلك .ز لو كنت تريدني حقا لسمحتي لي بالتقدم لخطبتك قبل أن يصبح اﻷمر بهذا السوء .. لو تقدمت لخطبتك قبل أربع سنوات مرة واثنتين وثﻼث لوافق والدك وكان كل شيء مختلفا ..</p><p>مسحت دموعها بغضب وطلبت منه أن يفكر في اﻷمر مرة أخرى ، لكنه هز رأسه بالنفي رافضا ذلك وقال:</p><p>- أنا أرفض هذه الحلول وﻻ أقبل بها .. لست نذﻻ ..</p><p></p><p>أرادت أن تسأله عن القسوة التي ظهرت في عينيه فجأة ، ممن أخذها وكيف يستطيع أن يعاملها بهذه الطريقة . لم تستطيع أن تقول له ذلك فأبعدت شفتيها عن بعضها وتنهدت بسكوت ، فصرخ فيها بقوة :</p><p>- أخرجي .. ﻻ أريد أن أراك مرة أخرى ..أرفض أن أكون لعبة تسليتي بها أربع سنوات وترين اﻻستمرار بالحفاظ عليها لتتسلي أكثر ..</p><p>أحست بأنها ستختنق بدموعها وتمنت لو أن اﻷرض تنشق وتبتلعها على أن تعيش هذا الموقف . قالت له بنظرة أسى :.</p><p>- عماد ..أنت تخطئ في حقي .. أنت تكسر قلبي وتهينني ..</p><p>بلع ريقه وقال لها بغضب :.</p><p>- سألتك إذا كنت مخطوبة أو مرتبطة منذ البداية .. لكنك لعبت معي دور الفتاة الصافية والطيبة وأنت تعرفين بأنك ستتزوجين بابن عمك بعد تخرجك .. طلبت التقدم لخطبتك ورفضت .. أكملت معك وانتظرتك .. أحببتك حبا كبيرا ﻻ أستطيع أن اعرف نهايته .. حبا كنت أخشى على نفسي منه فهو اجتاحني كإعصار مدمر .</p><p>سكت للحظات تمنى فيها لو لم يقابلها يوما ولم يعرفها ولم يعشق صوتها . بلع ريقه وقال لها :.</p><p>- كنت قديسة في نظري وكنت مؤمنا بك ..</p><p>نظرت له بعينين ضيقتين غارقتين في الدموع وهو يقول بأنه كافر وملحد ﻻ يؤمن بها وﻻ بالقديسات . شعرت بأن قلبها سيتوقف وهي تسمع كﻼمه فهزت رأسها وهي تمسح دموعها الغزيرة وقالت :.</p><p>-لست عماد الذي أحببته .. من أعطاك كل هذه القسوة ؟.</p><p>حدق بعينيها وقال لها بانفعال وغضب تراه فيه ﻷول مرة :.</p><p>- أنت تكذبين علي وتمكنت من إيهامي وتملكي بالحب الزائف .. حلمت بالسعادة معك والعيش في جنتك الموعودة وها أنا أعيش في نار جحيمك المحرقة .. أنا السبب في ما يحصل لي لقد فتحت أبواب قلبي لك متجاهﻼ عقلي وعاداتنا التي تحيل كل عﻼقة حب إلى القبر.</p><p>.. ﻻ يوجد حب صادق هنا .. ﻻ يوجد غير العبث واللهو وقلة اﻷدب ..</p><p>شهقت ووجهها غارق بالدموع وقالت :</p><p>- ما الذي حدث لك وكيف تفكر بهذه الطريقة ؟</p><p>بلعت ريقها وقالت وهي تهز رأسها غير مصدقة :</p><p>- برغم حبي الكبير لك .. لكني لست مضطرة لتحمل تجريحك وكﻼمك .</p><p>أجابها والغضب يزيد ناره استعارا :</p><p>- أخرجي من المنزل وﻻ تذلي نفسك أكثر.. ﻻ أريد أن أراك مرة أخرى .. وأنسي لعبتك التي تسليتي بها ﻷربع سنوات فلقد ضاعت اللعبة من بين يديك ..</p><p>قالت له وهي تمسح دموعها بيديها وتهم بالخروج :</p><p>- تذكر بأني أتيت ومددت لك يدي .. تذكر وقوفي أمامك وأنت تذلني وتهنني وتطردني .. لست الرجل الذي سحرني باهتمامه وعاطفته وحبه .. أنت لم تحبني أبدا .. أنت جبان ومنحط ونذل كالبقية ..</p><p></p><p>خرجت بدموعها وانكسارها وهي موقنة بأن نضالها وحربها وتضحيتها دون معنى وليس أمامها سوى اﻻستسﻼم . ركبت السيارة وانطلقت بسرعة أمام عيني عماد الذي أغلق الباب وصعد غرفته واستلقى على سريره ودموعه تتدفق من عينيه رغما عنه . بكى وهو يتذكر وجهها والدموع تغرقه قبل أن تخرج ، بكى بشدة وهو يلوم نفسه على تصرفه معها وكيف سمح لنفسه بأن يهينها بهذه الطريقة لتخرج وقلبها مكسور ومصدومة به . كيف يستطيع النوم هذه الليلة بعد الذي فعله بحبيبته التي جاءته لتبرهن له على حبها ؟ بكت بانكسار قلب بسبب قسوته وشكه ووساوسه ، تذكر كﻼمها اﻷخير وهو يشعر بالذنب وظل يبكي طوال الليل بعد أن ضيعها من يده وهي التي جاءت بنفسها مضحية بكل شيء من أجله.</p><p></p><p>"</p></blockquote><p></p>
[QUOTE="شاعرة الليل, post: 1419378, member: 10362"] الفصل العشرون "غسلت كاميليا وجهها وهي تفكر بعماد الذي لم يتصل بها منذ خمسة أيام وهي لم تتصل به أيضا فهي ﻻ تريد أن تذل نفسها أمام من تحب . بدأت تجفف وجهها المتعب وعينيها المرهقتين من السهر والبكاء .وضعت كريما رقيقا على جفنيها ، ولبست خاتمها الياقوتي بيدها وهي تتذكره يوم جاء ووضعه على باب منزلها فجرا مع باقة ورود بيضاء . خلعت الخاتم من أصبعها وقبلته بحب وأعادته إلى مكانه في خنصرها .سألته عن عماد ، ماذا يفعل وكيف يعيش خمسة أيام دون أن يسمع صوتها ،لكن الياقوت بقي صامتا . ظلت تتأمل وجهها في المرآة وهي تتذكر كﻼم عماد وغزله بها ، كان مفتونا بها واﻵن يهجرها . جاءت شذى ممسكة بصينية بها طبق من السلطة وكوبا من اللبن، ووضعتهما على المكتب وقالت ﻷختها : -أرجوك يا أختي .. ﻻ تعاقبي نفسك بهذه الطريقة.. تناولي طعامك فأنت منذ أسبوع تعيشين على الماء والتفاح وهذا ﻻ يجوز . جلست على سريرها وتنهدت قائلة : -ﻻ أشعر بالرغبة في اﻷكل ..أكلت قهر.. - أف .. قطع الحب وسنينه. قالت ﻷختها وهي تشرب اللبن :. -لست مصدقة بأن خمسة أيام مرت ولم أسمع فيها صوت عماد .. عمادي الذي أحببته تخلى عني بسهولة وتركني . اقتربت منها شذى وطلبت منها أن تنساه وتخفف على نفسها ، فتنهدت بغصة وهي تشعر بأنها هشة و ضعيفة بعدما تخلى عنها . مازال حبه يوجع قلبها بعدما أدار ظهره لها ولم يترك سوى عينيه السوداويين لتزيد من عذابها . هبت بسرعة لهاتفها الجوال عندما رن فربما يكون عماد هو المتصل ، ولكنها شعرت بالخيبة سريعا ﻷن نسرين هي المتصلة تدعوها للخروج والذهاب إلى السوق ومن ثم تناول العشاء في أحد المطاعم . اعتذرت منها ودعتها بدﻻ من ذلك إلى زيارتها بصحبة أمل ، وقامت لتغير مﻼبسها وتستعد لقدوم صديقتها . جاءت نسرين لوحدها ﻷن أمل ذهبت إلى السوق مع أمها ، ولم تستطيعا إبعاد مجرى الحديث عن الموضوع المهم وهو زواج كاميليا التي قالت : -والدي يجبرني على الزواج بالزفت ناصر بﻼ أي احترام لي أو لرأيي....والمشكلة بأني أمقته .. أنا اﻵن أنتظر حكم اﻹعدام .. وﻻ أعرف متى سيصدره القاضي . كانت نسرين جادة عندما قالت: -تبا لهذا الوضع وهذا التخلف الذي نعيشه .. كيف تتزوج فتاة رغما عنها .. أين حقوق اﻹنسان وحقوق المرأة الضائعة. طرأت ببال نسرين فكرة فاقترحت على كاميليا أن توسط أحد أقاربها للتفاهم معه لكنها قالت لها بأن أخوالها يكنون الجبيل ماعدا سعيد وهو على خﻼف معه. ابتسمت نسرين وسألت صديقتها هل يوجد حبيب من حيرتها ويعزز رفضها ﻻبن عمها ، وحاصرتها قائلة : -أنت تبدين عاشقة وترفضين اﻻعتراف . إلى متى ستنكرين وعينيك تقول ذلك ؟.. اعترفي وبﻼ نحاسة. تنهدت كاميليا بألم اثبت لنسرين شكها ، وقالت وهي تغالب دموعها: -ﻻ وجود لهذا الحبيب .. يوجد فارس أحﻼمي الذي أحبه منذ وﻻدتي وشعوري بأني أنثى تبحث عن نصفها اﻷخر في هذه الحياة .. وهو ليس ناصر بالتأكيد.. قضت نسرين وقتا مع صديقتها واستطاعت أن تخفف عنها قليﻼ ، ثم عادت إلى منزلها كانت أمها جالسة مع عماد يتحدثان بصوت منخفض في أحد أركان الصالة الواسعة . اقتربت منهما وتنبهت لوجه أخيها العابس وأمه تتحدث معه عن ريم ، فقاطعتها بمرح وسألتهما عم يتحدثان . سكت عماد بينما أجابت أمها بتذمر : -عن القضية اﻷزلية ذاتها .. زواج عماد .. أنا أفكر برفعها إلى اﻷمم المتحدة فربما يساعدني "كوفي عنان " ضغط عماد على شفتيه وهو يستشعر سخرية أمه التي عرضت عليه أن تتحدث مع عمته بشأن ريم، فتأفف ونهض متجها لغرفته تاركا أمه تتذمر من تصرفاته، وتقول ﻻبنتها: -منذ أن عاد من دبي وهو بمزاج سيء وﻻ يتجمل الحديث معي .. في اليوم الذي سافر فيه أخبرني وسعادة الدنيا كلها تشع من عينيه بأنه يريد الزواج .. ﻻ أعرف ما به وهو يقلقني كثيرا .. سأقوم ﻷبخره باللبان والحرمل .. أومأت نسرين موافقة وقالت : - بات يحيرني أيضا ..أمس جاء ماجد لزيارته وتهرب من لقاءه وطلب مني أن أقول له بأنه نائم. تنهدت اﻷم وسألت ابنتها عن كاميليا إذا ما سيزوجها والدها من ابن عمها رغما عنها . هزت نسرين برأسها وقالت : -سيعقد قرانها خﻼل أيام .. المسكينة بدت متعبة وشاحبة فهي تحبس نفسها في غرفتها ﻻ تخرج وﻻ تأكل وبدون فائدة. -يؤسفني زواجها بهذه الطريقة .. ولكن ﻻ شيء بيدنا وربما تسعد مع ابن عمها .. وأكملت مستدركة تخبر ابنتها بأنهم سيذهبون إلى البحرين من أجل التسوق قبل زفاف أما وسيبيتون هناك ليلة واحدة . صعدت نسرين لغرفتها وبدلت مﻼبسها ثم ذهبت لتتحدث مع عماد علها تخفف من توتره . وجدته على سريره يشاهد برنامجا في التلفزيون لكنه أغلقه حالما دخلت أخته وجلست بجانبه. سألته بابتسامة :. -أﻻ تستمع لفيروز ؟ لم ينطق بحرف فأردفت تخبره بأنهم سيذهبون إلى البحرين ودعته للذهاب معهم ، لكنه لوى فمه وقال لها بأنه ﻻ يريد الذهاب ﻷي مكان.يريد البقاء وحده لمراجعة حساباته وإعادة النظر في مسار حياته . سألته: -هل أنت منزعج من أمي ؟. هز رأسه نافيا فقد تعود على كﻼمها وعلى سخريتها . تنهد بقوة وأحست بأن وراء تنهيدته هم كبيرة ، فأمسكت بيده بعطف وطلبت منه أن يفتح لها قلبه فهما أصدقاء برغم الفارق في السن . كانت تنظر إلى وجهه وهي تتحدث ورأته وهو يغمض عينيه السوداويين للحظات وعندما فتحهما رأت الدموع الحارة تغلفهما . أخرج من صدره آهات حزينة . عانقته وهو يقول بأنه عاجز عن فتح قلبه لها . قالت له بتفهم كبير :. -عندما تشعر بأنك بحاجة للحديث والبوح عما تخفيه في قلبك .. ﻻ تتردد فقلبي يتسع دائما.. شكرها وتنهد بحيرة فهو غارق في بحر ﻻ يعرف فيه شاطئ وﻻ مرسى وﻻ يعرف بدايته أو نهايته . خرجت نسرين تاركة أخاها لوحدته ولتفكيره المحصور بكاميليا ، تارة يتذكارها وهي في السيارة وعينيه تسترقان النظر لها عبر المرآة . يتذكر أحاديثها وضحكاتها وعينيها والكحل اﻷسود وحجابها الملون وهي تمشي في شوارع باريس بمﻼبسها اﻷنيقة تذكر تلك القبلة الوحيدة في منتصف ليل باريس عندما أهداها ورورد الكاميليا وكم أحبها. ****. ظلت كاميليا جالسة في غرفتها وتتحدث مع شذى في جو هادئ نسبيا حتى جاءت أمها بابتسامة مصطنعه ، تخبرها بأن قرانها سيعقد غدا. هزت رأسها والدموع تتدفق من عينيها : -ﻻ أريده .. ساعديني يا أمي .. بلغت اﻷم ريقها والدموع تنحدر من عينيها فزوجها هددها بالطﻼق لو تدخلت . قالت ﻻبنتها بانكسار : -أرى رضوخك أمرا ﻻ مفر منه . بكت كاميليا بحرقة كبيرة على صدر أمها وهي ترى كل أحﻼمها تتكسر أمام رغبات والدها وعناده وتسلطه وجوره . بكت أكثر وهي تفكر بحياتها مستقبﻼ وحب عماد يغفي في قلبها بكل هناء وراحة . ظلت تبكي وهي تفكر باﻻستسﻼم تارة وبالتمرد على والدها والرفض تارة أخرى . بكت بنجيب وهي تتذكر كلمات عماد اﻷخيرة عندما طلب منها اﻻتصال به فقط عندما تخبر والدها بأمر عﻼقتهما . ومن بين الدموع والبكاء ورياح اليأس التي تعصف بها طرأت ببالها فكرة قد تنقدها من هذا الزواج اﻹجباري ، ولكن عواقب هذه الفكرة وخيمة ونتيجتها غير مضمونة.أسرعت تقفل باب غرفتها بالمفتاح وأمسكت بهاتفها الجوال للتحدث مع عماد الذي لم يرد على اتصاﻻتها المتكررة ، وبسرعة كتبت له رسالة نصية وأرسلتها ، تخبره بأنها تريد الحديث معه ﻷمر هام . ظلت حتى شروق الشمس وهي تترجى اتصاله بدون جدوى . نامت على مخدتها المبللة بالدموع واستيقظت ظهرا وشذى تطرق بابها المغلق وقد جلبت معها وجبة خفيفة لتأكلها . فتحت لها الباب وعينيها متورمين من البكاء، وبسرعة طلبت منها الدخول . رن هاتفها الجوال فهبت له مسرعة فربما حن عماد عليها وقرر اﻻتصال ، إﻻ أن ظنونها خابت مجددا كانت نسرين هي المتصلة تخبرها بذهابها مع والديها إلى البحرين عصرا وتسألها إذا ما كانت تريد أن تشتري لها شيئا من هناك ، شكرتها فﻼ مزاج لها ﻷي شيء ، ونهضت لقفل الباب بالمفتاح وقالت ﻷختها : - منذ البارح وأنا أفكر بطريقة ما لمنع هذا الزواج البائس .. وﻷني أحتاج مساعدة عماد اتصلت به مرارا ولم يرد علي .. سأذهب إليه في منزله وأتحدث معه .. عضت شذى شفتها وقالت : - ﻻبد أنك جننت .. لقد فقدت عقلك بكل تأكيد لتفكيرك بالذهاب لمنزله .. أخبرت أختها بأن نسرين ووالديها سيذهبون إلى البحرين بعد ساعة وعماد سيعود في الخامسة إلى المنزل كالمعتاد وستذهب لتعرض فكرتها عليه .. حذرتها شذى وطلبت منها أن تتعقل فلو عرف والدهما سيذبحهما معا كدجاجتين وينتف ريشها ، ولكن كاميليا مستعدة لكل شيء فقالت ﻷختها : - كيف سيعرف ؟ ..أنا سأتحدث مع عماد وأنت أبقي في السيارة ﻻنتظاري. ترددت شذى لكنها لم تشأ أن تدع أختها تذهب له وحدها . بسرعة استأذنت كاميليا وشذى أمهما في الخروج لزيارة أمل لبعض الوقت للترفية عن نفسيهما . ركبت كاميليا السيارة وطلبت من السائق التوجه إلى منزل نسرين واتصلت بها لتتأكد من ذهابها إلى البحرين مع والديها ، واطمأنت لسير خطتها بالطريقة الصحيحة . أحست برعشة وكأنها تتركب جريمة وخائفة أن يراها أحد وقلبها ينبض بقوة ظنت أن جميع سكان القطيف يسمعونه . كانت خائفة وهي تفكر بعماد وكيف سيستقبلها ، وهل سيوافق على فكرتها الرهيبة . أوقف السائق السيارة أمام المدخل الرئيسي . بقيت شذى تنتظر أختها بخوف ووجل وترجلت كاميليا وهي تحس برجليها ستتجمدان ودقات قلبها العنيفة تزعجها . بيد مرتعشة ضغطت على جرس الباب واﻷفكار تزيد من توترها . ظلت تنتظر للحظات ولم يجبها أحد ، فضربت الجرس مرة أخرى وقلبها يكاد أن يتوقف ، وبعد لحظات فتح الباب ورأت عماد أمامها . نزعت نظارتها الشمسية والتقت عينيها بعينيه المندهشتين والمشتاقتين لها ، كان الحب والشوق ظاهر في سواد عينيه وﻻ يستطيع إخفاءه مهما فعل . بلع ريقه وقال لها برقة وكأن شيئا لم يكدر صفوهما أبدا : - لماذا أنت هنا يا كميليا .. نسرين غير موجودة . هزت رأسها وهي تتلفت خلفها وقالت له : - أعلم بأن عائلتك في البحرين .. ولكني أريد التحدث معك بأمر هام ولهذا اتصلت بك ..وﻷنك لم تجبني اضطررت للقدوم .. وأكملت تعاتبه : - لماذا تعاقبني بهذه القسوة وكأنني مذنبة ؟.. أنا ﻻ أستطيع فعل شيء وعليك أن تصدقني .. وجئت ﻷبرهن ذلك. دخلت كاميليا داخل المنزل ووقفت قرب الباب المفتوح على مصراعيه وقالت له بأن قرانها سيعقد غدا ولديها حل مناسب ووحيد لمنع إتمام هذا الزواج ، وطلبت مساعدته ، سكتت للحظة وهي تراقب عينيه السوداويين وهما تتفحصان وجهها بشوق ، وقالت لها : - أنا متعبة وأشعر بأني على حافة الجنون.. بلع ريقه وسألها عن الحل الذي جاءت من أجله ، فأغمضت عينيها للحظات وقالت له : - سأذهب إلى منزل خالي سعيد وسأبقى لثﻼثة أيام حيث والدي ﻻ يستطيع أن يفكر بوجدي هناك فهما على خﻼف كما تعلم .. بينما أخبره ﻻحقا بأنني كنت معك في أي مكان .. سأوهمه بأني هربت معك وبعدها سنتزوج رغما عنه .. ظل عماد ساكتا للحظات وعينيه ستخرجان من محجرهما من شدة اندهاشه من فكرة كاميليا الجهنمية ، قال لها بهدوء :. - كيف تفكرين بهذا الحل ؟ .. نهرب معا لثﻼثة أيام .. تخيلي الفضيحة وما سيحصل .. حاولت إقناعه بفكرتها : - نحن سنوهمهم بذلك والله شاهد علينا .. وبعد الزواج نخبرهم بالحقيقة . ارتفع صوته قليﻼ : - لن يصدقنا أحد وقتها .. والدك سيقتلك حتما .. كما أن أمي سترفض زواجي بك. قال جملته وبتعد عنها . جلس على أول مقعد صادفه وأسند رأسه على يديه . شعر بالحيرة ويريدها فهو يحبها ويريدها زوجة له ولكن ليس بهذه الطريقة ، قال لها : - إن اﻷمر ليس سهﻼ كما تتصورين ونحن ﻻ نستطيع تقدير عواقب. شعرت كاميليا بالخيبة مجددا وقالت له والدموع تنحدر من عينيها : - أنا فتاة من أسرة محترمة وسأضحي بسمعتي ومستعدة لكل ما سيحدث .. وأنت رجل وتخاف من الفضيحة !؟ سكت لثوان قليلة وأردفت :. - غدا يعقد قراني .. كيف يطاوعك قلبك على التخلي عني ؟ .. وعدتني بأن نكون معا. أقترب منها كثيرا وعينيه تتفحصان وجهها الجميل رغم التعب . تذكرت ما حدث في باريس والسعادة التي كانت تشعر بها ، وتنهدت وهو يمد يده ويضعها على جانب رأسها . أحس برغبة كبيرة في تقبيلها ولم يفعل ، قال لها :. - أرغب بأن نكون معا .. ولكن ليس بهذه الطريقة.. بكت أكثر وابتعدت عنه ، فقال لها بنبرة حادة وعينيه السوداويين تصوب سهماها نحوها :. - ﻻ تبك أمامي فموافقتي مستحيلة .. استدار وهو يفرك جبينه وقال :. - أرجوك أذهبي إلى منزلك .ز لو كنت تريدني حقا لسمحتي لي بالتقدم لخطبتك قبل أن يصبح اﻷمر بهذا السوء .. لو تقدمت لخطبتك قبل أربع سنوات مرة واثنتين وثﻼث لوافق والدك وكان كل شيء مختلفا .. مسحت دموعها بغضب وطلبت منه أن يفكر في اﻷمر مرة أخرى ، لكنه هز رأسه بالنفي رافضا ذلك وقال: - أنا أرفض هذه الحلول وﻻ أقبل بها .. لست نذﻻ .. أرادت أن تسأله عن القسوة التي ظهرت في عينيه فجأة ، ممن أخذها وكيف يستطيع أن يعاملها بهذه الطريقة . لم تستطيع أن تقول له ذلك فأبعدت شفتيها عن بعضها وتنهدت بسكوت ، فصرخ فيها بقوة : - أخرجي .. ﻻ أريد أن أراك مرة أخرى ..أرفض أن أكون لعبة تسليتي بها أربع سنوات وترين اﻻستمرار بالحفاظ عليها لتتسلي أكثر .. أحست بأنها ستختنق بدموعها وتمنت لو أن اﻷرض تنشق وتبتلعها على أن تعيش هذا الموقف . قالت له بنظرة أسى :. - عماد ..أنت تخطئ في حقي .. أنت تكسر قلبي وتهينني .. بلع ريقه وقال لها بغضب :. - سألتك إذا كنت مخطوبة أو مرتبطة منذ البداية .. لكنك لعبت معي دور الفتاة الصافية والطيبة وأنت تعرفين بأنك ستتزوجين بابن عمك بعد تخرجك .. طلبت التقدم لخطبتك ورفضت .. أكملت معك وانتظرتك .. أحببتك حبا كبيرا ﻻ أستطيع أن اعرف نهايته .. حبا كنت أخشى على نفسي منه فهو اجتاحني كإعصار مدمر . سكت للحظات تمنى فيها لو لم يقابلها يوما ولم يعرفها ولم يعشق صوتها . بلع ريقه وقال لها :. - كنت قديسة في نظري وكنت مؤمنا بك .. نظرت له بعينين ضيقتين غارقتين في الدموع وهو يقول بأنه كافر وملحد ﻻ يؤمن بها وﻻ بالقديسات . شعرت بأن قلبها سيتوقف وهي تسمع كﻼمه فهزت رأسها وهي تمسح دموعها الغزيرة وقالت :. -لست عماد الذي أحببته .. من أعطاك كل هذه القسوة ؟. حدق بعينيها وقال لها بانفعال وغضب تراه فيه ﻷول مرة :. - أنت تكذبين علي وتمكنت من إيهامي وتملكي بالحب الزائف .. حلمت بالسعادة معك والعيش في جنتك الموعودة وها أنا أعيش في نار جحيمك المحرقة .. أنا السبب في ما يحصل لي لقد فتحت أبواب قلبي لك متجاهﻼ عقلي وعاداتنا التي تحيل كل عﻼقة حب إلى القبر. .. ﻻ يوجد حب صادق هنا .. ﻻ يوجد غير العبث واللهو وقلة اﻷدب .. شهقت ووجهها غارق بالدموع وقالت : - ما الذي حدث لك وكيف تفكر بهذه الطريقة ؟ بلعت ريقها وقالت وهي تهز رأسها غير مصدقة : - برغم حبي الكبير لك .. لكني لست مضطرة لتحمل تجريحك وكﻼمك . أجابها والغضب يزيد ناره استعارا : - أخرجي من المنزل وﻻ تذلي نفسك أكثر.. ﻻ أريد أن أراك مرة أخرى .. وأنسي لعبتك التي تسليتي بها ﻷربع سنوات فلقد ضاعت اللعبة من بين يديك .. قالت له وهي تمسح دموعها بيديها وتهم بالخروج : - تذكر بأني أتيت ومددت لك يدي .. تذكر وقوفي أمامك وأنت تذلني وتهنني وتطردني .. لست الرجل الذي سحرني باهتمامه وعاطفته وحبه .. أنت لم تحبني أبدا .. أنت جبان ومنحط ونذل كالبقية .. خرجت بدموعها وانكسارها وهي موقنة بأن نضالها وحربها وتضحيتها دون معنى وليس أمامها سوى اﻻستسﻼم . ركبت السيارة وانطلقت بسرعة أمام عيني عماد الذي أغلق الباب وصعد غرفته واستلقى على سريره ودموعه تتدفق من عينيه رغما عنه . بكى وهو يتذكر وجهها والدموع تغرقه قبل أن تخرج ، بكى بشدة وهو يلوم نفسه على تصرفه معها وكيف سمح لنفسه بأن يهينها بهذه الطريقة لتخرج وقلبها مكسور ومصدومة به . كيف يستطيع النوم هذه الليلة بعد الذي فعله بحبيبته التي جاءته لتبرهن له على حبها ؟ بكت بانكسار قلب بسبب قسوته وشكه ووساوسه ، تذكر كﻼمها اﻷخير وهو يشعر بالذنب وظل يبكي طوال الليل بعد أن ضيعها من يده وهي التي جاءت بنفسها مضحية بكل شيء من أجله. " [/QUOTE]
الإسم
التحقق
رد
الرئيسية
المنتديات
,, البُريمِي الأَدَبِيـَة ,,
,, البُريمِي لِلقِصَص والرِوَايات ,,
رواية/الملعونة
أعلى