الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر نشاط
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
Install the app
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
,, البُريمِي الأَدَبِيـَة ,,
,, البُريمِي لِلقِصَص والرِوَايات ,,
رواية/الملعونة
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="شاعرة الليل" data-source="post: 1418892" data-attributes="member: 10362"><p>الفصل التاسع عشر </p><p></p><p></p><p></p><p>"</p><p></p><p>الفصل 19.</p><p></p><p>ثﻼثة أيام مرت ببطء شديد وصعوبة حاول عماد خﻼلها إنهاء ما طلبه منه والده ليعود سريعا إلى القطيف . ركبت الطائرة وهو يفكر بكاميليا ، وعن السبب الذي يجعلها تتجاهل اتصاﻻته وﻻ تريد عليه وهي التي لم تفعلها خﻼل أربع سنوات . ما الذي يمنعها من الرد عليه ولو برسالة تشرح فيها ظروفها . أﻻ تشعر بالخوف والقلق الذي يعتمل في قلبه ويكويه وهو يشعر بأنه بعيد مكبل اليدين واللسان .لم يعهدها يوما جافية ،هو الذي ﻻ يستطيع الذهاب إليها وﻻ يستطيع السؤال عنها عند أخته على اﻷقل . هي حنونة ورقيقة وعاطفية ولكن ما الذي يمنعها من اﻹجابة .</p><p></p><p>مساء الثﻼثاء هبطت الطائرة في مطار الدمام في الساعة السابعة أنهى بسرعة إجراءات الجوازات والجمرك وركب سيارته التي تركها في مواقف المطار الخاصة ، وأتجه بسرعة جنونية نحو منزل كاميليا في حي الخامسة ودقات قلبه تزيد من توتره . أوقف سيارته أمام البيت المقابل لبيتها وظل يراقب الحركة الساكنة في الحي الهادئ . أخرج هاتفه من جيبه وأتصل بها ولم تجبه ، فكتب لها رسالة نصية ( أنا واقف أمام البيت اﻵن وسأنتظرك لعشر دقائق .. وإذا لم تتصلي بي سأسأل عندك لدى أي شخص يفتح لي الباب وليحصل ما يحصل ) . ظل ينتظر في سيارته وعينيه على هاتفه حتى اتصلت به ، وسألته بنبرة حزينة :</p><p>- متى عدت من دبي ؟</p><p>بلع ريقه وأجابها :</p><p>- لقد جئت من المطار لمنزلك مباشرة .</p><p>وأكمل يعاتبها :</p><p>- لماذا ﻻ تجيبين عليّ ؟..أنا قلق عليك حبيبتي بطريقة ﻻ يمكنك تصورها وﻻ اﻹحساس بها ﻷنك لو شعرت بما أشعر به لما تركتني هكذا .</p><p>جاءه صوت بكائها حارا حزينا ويائسا ، قال لها :</p><p>- تكلمي بحق الله يا كاميليا .. ما الذي حصل ولماذا تبكين ؟.. هل حصل مكروه ﻷحد أفراد عائلتك ..</p><p>ظلت تبكي للحظات ثم قالت له بصوت متقطع :</p><p>- تقدم لخطبتي ابن عمي ناصر والدي سيجبرني على الزواج به .. ومنذ ثﻼثة أيام وأنا حائرة وﻻ أعرف كيف أتصرف .. لم أعرف كيف أواجهك وﻻ أعرف ماذا أفعل .</p><p>انخرطت في البكاء وعماد ساكت من أثر الصدمة فهذا ما لم يفكر به ولم يحسب حسابه أبدا . طلب منها أن تهدأ وقال لها :</p><p>- دعيني أتقدم لخطبتك وأخبري والدك برغبتك بالزواج مني .</p><p>ترجته أن ﻻ يخبر والدها بأنه يعرفها أو رأها في حياته وأﻻ يزيد اﻷمور تعقيدا . غضب من كﻼمها فكل ما يهمها أن ﻻ يعلم أحد بعﻼقتهما . قال لها بحدة :</p><p>- ﻻ تخافي فلن أخبره .. ولن أبقى مكتوف اليدين .. أنا اﻵن سأنزل من السيارة وأطلبك للزواج .</p><p>ترجل من سيارته وهو يحس بألم يعتصر قلبه ، وأفكاره مشتتة ومشى بخطوات بطيئة وهو يفكر بكاميليا وبكائها الذي قطع نياط قلبه . دق جرس الباب وفتح له السائق وطلب أن يقابل سيده . وقف في الحديقة ينتظر وكاميليا تراقبه من نافذة غرفتها وبعد دقائق قليلة استقبله والدها بمﻼمح وجهه القاسية . أدخله في مجلس الرجال وهو متوتر ﻻ يعرف كيف يبدأ بالحديث ، لكن والد كاميليا استأذنه وعاد يجر عربة التقديم المحملة بالشاي والفاكهة وسكب له كوبا من الشاي وساد الصمت . بلع عماد ريقه والد كاميليا ينظر إليه بدهشة فقرر البدء بالحديث . قال وهو يضع كوب الشاي على الطاولة القريبة منه :</p><p>- في البداية أود أن أعرفك بنفسي .. أنا عماد الغانم .. عمري واحد وثﻼثين سنة وأعمل في إدارة شركة والدي الخاصة .</p><p>أبتسم والد كاميليا وهو يهز رأسه وقال :</p><p>- نعم .. عرفتك وعرفت والدك .. كما أن لعائلتي صداقة قوية بعائلتك .</p><p>سكت عماد فعاد والد كاميليا بالترحيب به وسأله بم يستطيع مساعدته فتنفس يعمق وقال :</p><p>- في الحقيقة أنا .. جئت طالبا الزواج من كريمتك .</p><p>رفع والد كاميليا حاجبيه باستغراب وسأله :</p><p>- ولماذا جئت وحدك ؟</p><p>بلع ريقه واخذ نفسا عميقا وقال كاذبا :</p><p>- والدي وعائلتي على علم بالموضوع وأنا جئت بنفسي ﻷطلب يدها وإن شاء الله سيأتي والدي وعائلتي كلها إذا سمحت بذلك وحددت لهم موعدا .</p><p>حدق به وسأله عن أي واحدة من ابنتيه يتحدث ، فقال له بأنه يريد الزواج بكاميليا وأبدى استعداده ﻷي شيء . رطب شفتيه وهو ينتظر رد والدها الذي قال :</p><p>- يؤسفني أن أخبرك بأن ابنتي كاميليا مخطوبة ﻻبن عمها وستتزوج بعد مدة ..لقد جئت متأخرا .. سلم على والدك كثيرا .</p><p></p><p>أحس عماد بأن الزيارة انتهت وعليه أن يذهب فوالدها لم يدع له فرصة . ركب سيارته متجها إلى منزل والديه الذي وجده خاليا . دخل غرفته واﻷلم يعتصر قلبه واليأس هو ما يشعر به ، ظل يفكر مستنكرا ما حدث وﻻ يعرف ماذا يفعل . أبهذه البساطة تتبخر اﻷحﻼم ويذهب الحب ، أبهذه السهولة تسرق كاميليا من بين يديه وهو ﻻ يستطيع فعل شيء ؟، بعد أن انتظرها أربع سنوات . أين النصيب وفلسفته ، وأخرجه اتصال كاميليا من أفكاره وتشتته ، قال لها بألم :</p><p>- والدك يقول بأني جئت متأخرا .. لماذا لم تدعيني أتقدم لخطبتك قبل أربع سنوات ؟</p><p>قالت موضحة :</p><p>- ﻷنه رفض خطبتي لناصر وقتها متعذرا بإنهاء دارستي الجامعية .</p><p>أطلق آهة حزينة وقال بأسف :</p><p>- ما كان يجب عليّ إطاعتك .. لو خطبتك منذ البداية ﻷختلف اﻷمر .</p><p>وبسرعة أجابته:</p><p>- حتى ولم تقدمت لخطبتي وقتها فسيرفض ﻷنه مقتنع بناصر .</p><p>تنهد بعمق وقال :</p><p>- أنت ﻻ تشعرين بما يجول في قلبي .. أشعر بأني سأنهار .. المنزل الذي بنيته من أجلك جاهز .. حتى المجسم الذي اشتريته لبرج إيفل وضعته في صالة المنزل كما اتفقنا .</p><p>سكت للحظة ثم طلب منها أن تقنع والدها بأي وسيلة . راحت تبكي وقالت له :</p><p>- كيف أتصرف وهم سيعقدون قراننا في اﻷسبوع المقبل .. عليك أن تساعدني .</p><p>******.</p><p>ظل عماد في غرفته بلونها اﻷصفر الكئيب لم يبرح مكانه منذ أن انتهى الحديث بينه وبين كاميليا . بقي على نفس الوضع مستلقيا على سريره يحدق في سقف الغرفة وفكره محصور بها وبالحل المناسب الذي يبحث عنه . أحس بأن السعادة التي يشعر بها منذ تعرفه إليها اختفت فجأة . وللحظة طرأ سؤال غريب على تفكيره . لماذا أصرت كاميليا على منعه من التقدم لخطبتها قبل أربع سنوات ؟ وطلبت منه مرارا كتمان عﻼقتهما حتى على أخته وابنة عمه وهما صديقتيها المقربتين ؟.</p><p></p><p>فكر بعمق في الموضوع ، وتساءل في نفسه .. هل كانت تتسلى معه ومن ثم تتزوج بابن عمها . ربما كانت لعوبا كغيرها وتعرف بأن عﻼقتهما ستنتهي يوما ما كبقية عﻼقات العبث في البلد . أغمض عينيه وقلبه ينفي أن تكون الفتاة التي أحبها عابثة ولعوب بهذه الطريقة وهو الذي أحبها بصدق ربما ينذر وجوده . تأرجح بين قلبه ومشاعره وبين عقله وأفكاره ، وكيف يخلص نفسه من هذا الوسواس الذي بدأ ينخر في عقله ؟.. حاول إبعاد الفكرة وخلع مﻼبسه وأستحم بالماء الفاتر وأطفأ أنوار غرفته واستلقى على سريره وذاكرته تبحث عن دليل يدين حبيبته . ﻷول مرة ومنذ توفي عﻼء شعر بأن قلبه يبكي وأن دموعا مخفية تريد أن تخرج من عينيه . وجاءت نسرين مع أمه إلى غرفته حالما رأتا سيارته خارجا وأخبرتهما الخادمة بقدومه . كلمته أمه بهدوء وهو ساكت يغطي وجهه بلحافه ويتظاهر بالنوم وسمعها وهي تقول بأنها ستتحدث معه صباحا .</p><p></p><p>مرت ساعات الفجر الواحدة تلو اﻷخر وهو مازال على سريره ويفكر بكاميليا وبالمنزل الذي بناه من أجلها . اﻷلوان ونوعية اﻷثاث ومخطط البيت وموديﻼت الستائر ولون الرخام والخشب المستخدم . كلها ساهمت في اختيارها أحس بأنه سيختنق وهو يفكر بحلمه الذي يحتضر ويديه مكبلتين وحبيبته ﻻ تجد حﻼ غير البكاء إن كانت صادقة أصﻼ .</p><p>طرأت بباله فكرة تساعده في كشف حقيقة عاطفتها ، سيخبرها ويرى كيف تكون ردة فعلها وكيف تتصرف . جاءت أمه من جديد واقتربت منه تدعوه للنهوض والذهاب للشركة فالساعة تشير إلى السادسة صباحا . نهض وهو يشعر بصداع في رأسه ﻷنه قضى الليل يفكر ويتذكر . ارتدى مﻼبسه ودﻻﻻت المزاج السيئ واضحة على وجهه . جلس مع والديه وهو يضع يده على جبينه من شدة اﻷلم ، وطلب من والدته دواء مسكنا فأحضرت له قرصين مسكنين ابتلعهما بسرعة وتناول قطعة كعك بصمت . سألته أمه :</p><p>- هل أنهيت ما طلبه منك والدك في دبي .</p><p>أومأ إيجابا بوجهه المتجهم وأخرج اﻷوراق الخاصة بالمشروع من حقيبته وأعطاهم ﻷبيه الذي شكره ونهض مستعدا للخروج فسألته أمه بقلق :</p><p>- ألم تنم جيدا .. تبدو وكأنك مريض .</p><p>- ﻻ داع للقلق .. مجرد صداع.</p><p></p><p>ودع والديه وخرج متجها إلى الشركة وبدأ العمل رغم أفكاره المشوشة والقلق من المجهول يعصر قلبه بيدين قويتين . ظل يعمل حتى أخرجه اتصال كاميليا به من دائرة العمل ، وﻷول مرة شعر بأنه ﻻ يريد اﻹجابة عليها وﻻ يريد أن يسمع صوتها المخادع لكنه أجاب . سمع صوتها المحبب إلى نفسه ، الصوت الذي جذبه إليها وكأنه مسحور وشعر بأنه أسير ضعيف لها ولصوتها . قال لها بحزن بدا في نبرة صوته :</p><p>- لم أنم البارحة .. أشعر بأني سأفقدك .</p><p>فاجأها كﻼمه فقالت له :</p><p>- هل استسلمت بهذه السرعة وأنا المقتنعة بأنك ستحارب من أجلي ؟.. ﻻ تخيب ظني بك .</p><p>قال بغضب :</p><p>- ماذا أستطيع أن أفعل ؟.. هل تريدني أن أقتل ابن عمك لنتخلص منه ونرتاح ؟..أعطني أمرا بذلك وسأفعل ..المهم أن تثبتي لي بأنك صادقة ولم تتﻼعبي بي طيلة هذه السنوات .</p><p>أجابته باستنكار :</p><p>- وكيف تفكر بأنني أتﻼعب بك .. ﻻ بد أنك فقدت عقلك لتفكر بهذا اﻷمر ..أنا أحبك يا مجنون وأنت ..</p><p>سكتت ولم تتم عبارتها ، فسادت لحظات الصمت قطعه عماد عندما طلب منها دليﻼ يثبت له بأنها صادقة وما أن أنهى كﻼمه حتى قالت له وهي تبكي :</p><p>- ماذا تريد مني أن أفعل ؟..أنا لم أغادر غرفتي منذ ثﻼثة أيام .. ولم أتحدث مع والدي وﻻ أكل شيئا .. حتى نسرين وأمل جاءتا لزيارتي البارحة ولم تصدقان بأنني بهذه الهيئة .. أبدو كمريضة ..</p><p>سألها بسخرية :</p><p>- هل عرفت نسرين وأمل بنبأ زواجك السعيد ؟</p><p>تنهدت وقالت له :</p><p>- عماد أنا مستعدة للموت على أﻻ تشك بي ولو للحظة فأنت تظلمني .</p><p>بدأت تبكي بحرقة فقال لها بغصة :</p><p>- صارحي والدك بأمر عﻼقتنا واخبريه بما بيننا وبأنك تعلمين بأنني تقدمت لخطبتك وتريدين الزواج بي وأنا مستعد لمقابلته مرة ثانية وثالثة .</p><p>رفضت وفضلت الموت على أن تخبر والدها بأنها تعرف شابا وتحبه وتريد الزواج به فلن يتسامح بهذا اﻷمر وقد يقتلها . تنهد عماد وقال بألم حاول إخفاءه بالتظاهر بالقوة :</p><p>- لن أتمسك بك وأنتِ ﻻ تريدين المجازفة أبدا .. لقد سلمت أمري للبعد والفراق وأنتِ ﻻ تعذبي نفسك تزوجي بابن عمك وحاولي أن تكوني سعيدة .</p><p>قالت له وهي تشعر بخيبة من انسحابه :</p><p>- ﻻ تكن متخاذﻻ ..أنا ﻻ أستطيع أن أنساك وأعيش سعيدة مع غيرك ..</p><p>تنهد بقوة وأحس وكأن روحه ستخرج من جسمه وقال لها :</p><p>- أنا إنسان متصالح مع نفسي وقلبي بريء كأحﻼمي .. ومتأكد بأن الدنيا ستقف بصفي يوما ما وستمنحني السعادة التي أبحث عنها .. وأطلب منك عدم اﻻتصال بي ..أتمنى لك السعادة في حياتك وبعيدا عني .</p><p>بكت بألم وتمنت أن يكون ما تمر به حلم مزعج وستستيقظ منه قالت له بيأس :</p><p>- هل ستتخلى عني ؟..أين وعودك ..أين كﻼمك ؟</p><p>صرخ فيها بصوت مرتفع :</p><p>- وماذا أفعل لك ؟.. كوني شجاعة وأخبري والدك بعﻼقتنا .</p><p>تأففت وقالت له محذرة :</p><p>- ﻻ ترفع صوتك في وجهي .. والدي لن يقبل باﻷمر وسيؤذيني وربما يؤذيك أيضا ..أنا أعرفه جيدا وهو متشدد في هذه اﻷمور..و..</p><p>قاطعها بنفاذ صبر :</p><p>- أنا مشغول اﻵن .. إذا أخبرت والدك باﻷمر أتصلي بي ..إلى اللقاء .</p><p></p><p>أغلق الهاتف وأسند رأسه إلى المكتب وهو يشعر بمرارة ما بعدها مرارة ، أحس بالضعف والدمعة الكئيبة ترقص بألم في زوايا قلبه . أحس بأن الدنيا تدور وتضحك عليه وهو ﻻ يستطيع إيقافها ، وبأن قلبه ﻻ يتحمل صدها هي التي تنكرت له قبﻼ . كان دائما يفكر بأن الدنيا تسرق منه السعادة وكأن ثأرا بينهما ، وها هي اليوم تسرق منه السعادة التي شعر بها منذ تعرفه إلى كاميليا .</p><p></p><p>"</p></blockquote><p></p>
[QUOTE="شاعرة الليل, post: 1418892, member: 10362"] الفصل التاسع عشر " الفصل 19. ثﻼثة أيام مرت ببطء شديد وصعوبة حاول عماد خﻼلها إنهاء ما طلبه منه والده ليعود سريعا إلى القطيف . ركبت الطائرة وهو يفكر بكاميليا ، وعن السبب الذي يجعلها تتجاهل اتصاﻻته وﻻ تريد عليه وهي التي لم تفعلها خﻼل أربع سنوات . ما الذي يمنعها من الرد عليه ولو برسالة تشرح فيها ظروفها . أﻻ تشعر بالخوف والقلق الذي يعتمل في قلبه ويكويه وهو يشعر بأنه بعيد مكبل اليدين واللسان .لم يعهدها يوما جافية ،هو الذي ﻻ يستطيع الذهاب إليها وﻻ يستطيع السؤال عنها عند أخته على اﻷقل . هي حنونة ورقيقة وعاطفية ولكن ما الذي يمنعها من اﻹجابة . مساء الثﻼثاء هبطت الطائرة في مطار الدمام في الساعة السابعة أنهى بسرعة إجراءات الجوازات والجمرك وركب سيارته التي تركها في مواقف المطار الخاصة ، وأتجه بسرعة جنونية نحو منزل كاميليا في حي الخامسة ودقات قلبه تزيد من توتره . أوقف سيارته أمام البيت المقابل لبيتها وظل يراقب الحركة الساكنة في الحي الهادئ . أخرج هاتفه من جيبه وأتصل بها ولم تجبه ، فكتب لها رسالة نصية ( أنا واقف أمام البيت اﻵن وسأنتظرك لعشر دقائق .. وإذا لم تتصلي بي سأسأل عندك لدى أي شخص يفتح لي الباب وليحصل ما يحصل ) . ظل ينتظر في سيارته وعينيه على هاتفه حتى اتصلت به ، وسألته بنبرة حزينة : - متى عدت من دبي ؟ بلع ريقه وأجابها : - لقد جئت من المطار لمنزلك مباشرة . وأكمل يعاتبها : - لماذا ﻻ تجيبين عليّ ؟..أنا قلق عليك حبيبتي بطريقة ﻻ يمكنك تصورها وﻻ اﻹحساس بها ﻷنك لو شعرت بما أشعر به لما تركتني هكذا . جاءه صوت بكائها حارا حزينا ويائسا ، قال لها : - تكلمي بحق الله يا كاميليا .. ما الذي حصل ولماذا تبكين ؟.. هل حصل مكروه ﻷحد أفراد عائلتك .. ظلت تبكي للحظات ثم قالت له بصوت متقطع : - تقدم لخطبتي ابن عمي ناصر والدي سيجبرني على الزواج به .. ومنذ ثﻼثة أيام وأنا حائرة وﻻ أعرف كيف أتصرف .. لم أعرف كيف أواجهك وﻻ أعرف ماذا أفعل . انخرطت في البكاء وعماد ساكت من أثر الصدمة فهذا ما لم يفكر به ولم يحسب حسابه أبدا . طلب منها أن تهدأ وقال لها : - دعيني أتقدم لخطبتك وأخبري والدك برغبتك بالزواج مني . ترجته أن ﻻ يخبر والدها بأنه يعرفها أو رأها في حياته وأﻻ يزيد اﻷمور تعقيدا . غضب من كﻼمها فكل ما يهمها أن ﻻ يعلم أحد بعﻼقتهما . قال لها بحدة : - ﻻ تخافي فلن أخبره .. ولن أبقى مكتوف اليدين .. أنا اﻵن سأنزل من السيارة وأطلبك للزواج . ترجل من سيارته وهو يحس بألم يعتصر قلبه ، وأفكاره مشتتة ومشى بخطوات بطيئة وهو يفكر بكاميليا وبكائها الذي قطع نياط قلبه . دق جرس الباب وفتح له السائق وطلب أن يقابل سيده . وقف في الحديقة ينتظر وكاميليا تراقبه من نافذة غرفتها وبعد دقائق قليلة استقبله والدها بمﻼمح وجهه القاسية . أدخله في مجلس الرجال وهو متوتر ﻻ يعرف كيف يبدأ بالحديث ، لكن والد كاميليا استأذنه وعاد يجر عربة التقديم المحملة بالشاي والفاكهة وسكب له كوبا من الشاي وساد الصمت . بلع عماد ريقه والد كاميليا ينظر إليه بدهشة فقرر البدء بالحديث . قال وهو يضع كوب الشاي على الطاولة القريبة منه : - في البداية أود أن أعرفك بنفسي .. أنا عماد الغانم .. عمري واحد وثﻼثين سنة وأعمل في إدارة شركة والدي الخاصة . أبتسم والد كاميليا وهو يهز رأسه وقال : - نعم .. عرفتك وعرفت والدك .. كما أن لعائلتي صداقة قوية بعائلتك . سكت عماد فعاد والد كاميليا بالترحيب به وسأله بم يستطيع مساعدته فتنفس يعمق وقال : - في الحقيقة أنا .. جئت طالبا الزواج من كريمتك . رفع والد كاميليا حاجبيه باستغراب وسأله : - ولماذا جئت وحدك ؟ بلع ريقه واخذ نفسا عميقا وقال كاذبا : - والدي وعائلتي على علم بالموضوع وأنا جئت بنفسي ﻷطلب يدها وإن شاء الله سيأتي والدي وعائلتي كلها إذا سمحت بذلك وحددت لهم موعدا . حدق به وسأله عن أي واحدة من ابنتيه يتحدث ، فقال له بأنه يريد الزواج بكاميليا وأبدى استعداده ﻷي شيء . رطب شفتيه وهو ينتظر رد والدها الذي قال : - يؤسفني أن أخبرك بأن ابنتي كاميليا مخطوبة ﻻبن عمها وستتزوج بعد مدة ..لقد جئت متأخرا .. سلم على والدك كثيرا . أحس عماد بأن الزيارة انتهت وعليه أن يذهب فوالدها لم يدع له فرصة . ركب سيارته متجها إلى منزل والديه الذي وجده خاليا . دخل غرفته واﻷلم يعتصر قلبه واليأس هو ما يشعر به ، ظل يفكر مستنكرا ما حدث وﻻ يعرف ماذا يفعل . أبهذه البساطة تتبخر اﻷحﻼم ويذهب الحب ، أبهذه السهولة تسرق كاميليا من بين يديه وهو ﻻ يستطيع فعل شيء ؟، بعد أن انتظرها أربع سنوات . أين النصيب وفلسفته ، وأخرجه اتصال كاميليا من أفكاره وتشتته ، قال لها بألم : - والدك يقول بأني جئت متأخرا .. لماذا لم تدعيني أتقدم لخطبتك قبل أربع سنوات ؟ قالت موضحة : - ﻷنه رفض خطبتي لناصر وقتها متعذرا بإنهاء دارستي الجامعية . أطلق آهة حزينة وقال بأسف : - ما كان يجب عليّ إطاعتك .. لو خطبتك منذ البداية ﻷختلف اﻷمر . وبسرعة أجابته: - حتى ولم تقدمت لخطبتي وقتها فسيرفض ﻷنه مقتنع بناصر . تنهد بعمق وقال : - أنت ﻻ تشعرين بما يجول في قلبي .. أشعر بأني سأنهار .. المنزل الذي بنيته من أجلك جاهز .. حتى المجسم الذي اشتريته لبرج إيفل وضعته في صالة المنزل كما اتفقنا . سكت للحظة ثم طلب منها أن تقنع والدها بأي وسيلة . راحت تبكي وقالت له : - كيف أتصرف وهم سيعقدون قراننا في اﻷسبوع المقبل .. عليك أن تساعدني . ******. ظل عماد في غرفته بلونها اﻷصفر الكئيب لم يبرح مكانه منذ أن انتهى الحديث بينه وبين كاميليا . بقي على نفس الوضع مستلقيا على سريره يحدق في سقف الغرفة وفكره محصور بها وبالحل المناسب الذي يبحث عنه . أحس بأن السعادة التي يشعر بها منذ تعرفه إليها اختفت فجأة . وللحظة طرأ سؤال غريب على تفكيره . لماذا أصرت كاميليا على منعه من التقدم لخطبتها قبل أربع سنوات ؟ وطلبت منه مرارا كتمان عﻼقتهما حتى على أخته وابنة عمه وهما صديقتيها المقربتين ؟. فكر بعمق في الموضوع ، وتساءل في نفسه .. هل كانت تتسلى معه ومن ثم تتزوج بابن عمها . ربما كانت لعوبا كغيرها وتعرف بأن عﻼقتهما ستنتهي يوما ما كبقية عﻼقات العبث في البلد . أغمض عينيه وقلبه ينفي أن تكون الفتاة التي أحبها عابثة ولعوب بهذه الطريقة وهو الذي أحبها بصدق ربما ينذر وجوده . تأرجح بين قلبه ومشاعره وبين عقله وأفكاره ، وكيف يخلص نفسه من هذا الوسواس الذي بدأ ينخر في عقله ؟.. حاول إبعاد الفكرة وخلع مﻼبسه وأستحم بالماء الفاتر وأطفأ أنوار غرفته واستلقى على سريره وذاكرته تبحث عن دليل يدين حبيبته . ﻷول مرة ومنذ توفي عﻼء شعر بأن قلبه يبكي وأن دموعا مخفية تريد أن تخرج من عينيه . وجاءت نسرين مع أمه إلى غرفته حالما رأتا سيارته خارجا وأخبرتهما الخادمة بقدومه . كلمته أمه بهدوء وهو ساكت يغطي وجهه بلحافه ويتظاهر بالنوم وسمعها وهي تقول بأنها ستتحدث معه صباحا . مرت ساعات الفجر الواحدة تلو اﻷخر وهو مازال على سريره ويفكر بكاميليا وبالمنزل الذي بناه من أجلها . اﻷلوان ونوعية اﻷثاث ومخطط البيت وموديﻼت الستائر ولون الرخام والخشب المستخدم . كلها ساهمت في اختيارها أحس بأنه سيختنق وهو يفكر بحلمه الذي يحتضر ويديه مكبلتين وحبيبته ﻻ تجد حﻼ غير البكاء إن كانت صادقة أصﻼ . طرأت بباله فكرة تساعده في كشف حقيقة عاطفتها ، سيخبرها ويرى كيف تكون ردة فعلها وكيف تتصرف . جاءت أمه من جديد واقتربت منه تدعوه للنهوض والذهاب للشركة فالساعة تشير إلى السادسة صباحا . نهض وهو يشعر بصداع في رأسه ﻷنه قضى الليل يفكر ويتذكر . ارتدى مﻼبسه ودﻻﻻت المزاج السيئ واضحة على وجهه . جلس مع والديه وهو يضع يده على جبينه من شدة اﻷلم ، وطلب من والدته دواء مسكنا فأحضرت له قرصين مسكنين ابتلعهما بسرعة وتناول قطعة كعك بصمت . سألته أمه : - هل أنهيت ما طلبه منك والدك في دبي . أومأ إيجابا بوجهه المتجهم وأخرج اﻷوراق الخاصة بالمشروع من حقيبته وأعطاهم ﻷبيه الذي شكره ونهض مستعدا للخروج فسألته أمه بقلق : - ألم تنم جيدا .. تبدو وكأنك مريض . - ﻻ داع للقلق .. مجرد صداع. ودع والديه وخرج متجها إلى الشركة وبدأ العمل رغم أفكاره المشوشة والقلق من المجهول يعصر قلبه بيدين قويتين . ظل يعمل حتى أخرجه اتصال كاميليا به من دائرة العمل ، وﻷول مرة شعر بأنه ﻻ يريد اﻹجابة عليها وﻻ يريد أن يسمع صوتها المخادع لكنه أجاب . سمع صوتها المحبب إلى نفسه ، الصوت الذي جذبه إليها وكأنه مسحور وشعر بأنه أسير ضعيف لها ولصوتها . قال لها بحزن بدا في نبرة صوته : - لم أنم البارحة .. أشعر بأني سأفقدك . فاجأها كﻼمه فقالت له : - هل استسلمت بهذه السرعة وأنا المقتنعة بأنك ستحارب من أجلي ؟.. ﻻ تخيب ظني بك . قال بغضب : - ماذا أستطيع أن أفعل ؟.. هل تريدني أن أقتل ابن عمك لنتخلص منه ونرتاح ؟..أعطني أمرا بذلك وسأفعل ..المهم أن تثبتي لي بأنك صادقة ولم تتﻼعبي بي طيلة هذه السنوات . أجابته باستنكار : - وكيف تفكر بأنني أتﻼعب بك .. ﻻ بد أنك فقدت عقلك لتفكر بهذا اﻷمر ..أنا أحبك يا مجنون وأنت .. سكتت ولم تتم عبارتها ، فسادت لحظات الصمت قطعه عماد عندما طلب منها دليﻼ يثبت له بأنها صادقة وما أن أنهى كﻼمه حتى قالت له وهي تبكي : - ماذا تريد مني أن أفعل ؟..أنا لم أغادر غرفتي منذ ثﻼثة أيام .. ولم أتحدث مع والدي وﻻ أكل شيئا .. حتى نسرين وأمل جاءتا لزيارتي البارحة ولم تصدقان بأنني بهذه الهيئة .. أبدو كمريضة .. سألها بسخرية : - هل عرفت نسرين وأمل بنبأ زواجك السعيد ؟ تنهدت وقالت له : - عماد أنا مستعدة للموت على أﻻ تشك بي ولو للحظة فأنت تظلمني . بدأت تبكي بحرقة فقال لها بغصة : - صارحي والدك بأمر عﻼقتنا واخبريه بما بيننا وبأنك تعلمين بأنني تقدمت لخطبتك وتريدين الزواج بي وأنا مستعد لمقابلته مرة ثانية وثالثة . رفضت وفضلت الموت على أن تخبر والدها بأنها تعرف شابا وتحبه وتريد الزواج به فلن يتسامح بهذا اﻷمر وقد يقتلها . تنهد عماد وقال بألم حاول إخفاءه بالتظاهر بالقوة : - لن أتمسك بك وأنتِ ﻻ تريدين المجازفة أبدا .. لقد سلمت أمري للبعد والفراق وأنتِ ﻻ تعذبي نفسك تزوجي بابن عمك وحاولي أن تكوني سعيدة . قالت له وهي تشعر بخيبة من انسحابه : - ﻻ تكن متخاذﻻ ..أنا ﻻ أستطيع أن أنساك وأعيش سعيدة مع غيرك .. تنهد بقوة وأحس وكأن روحه ستخرج من جسمه وقال لها : - أنا إنسان متصالح مع نفسي وقلبي بريء كأحﻼمي .. ومتأكد بأن الدنيا ستقف بصفي يوما ما وستمنحني السعادة التي أبحث عنها .. وأطلب منك عدم اﻻتصال بي ..أتمنى لك السعادة في حياتك وبعيدا عني . بكت بألم وتمنت أن يكون ما تمر به حلم مزعج وستستيقظ منه قالت له بيأس : - هل ستتخلى عني ؟..أين وعودك ..أين كﻼمك ؟ صرخ فيها بصوت مرتفع : - وماذا أفعل لك ؟.. كوني شجاعة وأخبري والدك بعﻼقتنا . تأففت وقالت له محذرة : - ﻻ ترفع صوتك في وجهي .. والدي لن يقبل باﻷمر وسيؤذيني وربما يؤذيك أيضا ..أنا أعرفه جيدا وهو متشدد في هذه اﻷمور..و.. قاطعها بنفاذ صبر : - أنا مشغول اﻵن .. إذا أخبرت والدك باﻷمر أتصلي بي ..إلى اللقاء . أغلق الهاتف وأسند رأسه إلى المكتب وهو يشعر بمرارة ما بعدها مرارة ، أحس بالضعف والدمعة الكئيبة ترقص بألم في زوايا قلبه . أحس بأن الدنيا تدور وتضحك عليه وهو ﻻ يستطيع إيقافها ، وبأن قلبه ﻻ يتحمل صدها هي التي تنكرت له قبﻼ . كان دائما يفكر بأن الدنيا تسرق منه السعادة وكأن ثأرا بينهما ، وها هي اليوم تسرق منه السعادة التي شعر بها منذ تعرفه إلى كاميليا . " [/QUOTE]
الإسم
التحقق
رد
الرئيسية
المنتديات
,, البُريمِي الأَدَبِيـَة ,,
,, البُريمِي لِلقِصَص والرِوَايات ,,
رواية/الملعونة
أعلى