`¤*«مُحمدْ البادِيْ»*-¤
¬°•| غَيثُ مِن الَعطاء ُ|•°¬
بسم الله الرحمن الرحيم
..-أهمية الانتباه-..
ما كانت عبارة (أن تبدأ العمل بداية موفقة، يعني أنك أنجزت نصف العمل) أصدق منها في حالة الذاكرة. تبدأ كل الذكريات بالذي تتصوره- كيف ترى العالم، تسمعه، وتحس به. ولهذا السبب اليسير، فإن الطريقة الأولى لتحسين ذاكرتك هي أن تتأكد أنك عايشت العالم بأقصى ما تستطيعه، حيوية، ووضوحا، ومعنى
ولكي تفهم كيف تؤدي ذلك، نحتاج إلى أن ندرك أن حواسنا ليست مصممة لتوثق العالم، بل لتخلق منه معنى. ففي حين أن آلات التصوير تلتقط لقطات فورية ومفصلة لما يحيط بنا، يأخذ الإدراك البشري وقتا لفعل ذلك، وهو مليء بالإبداع والخيال. ولنعيش العالم بطرق تبعث فينا الذكريات، يتعين علينا أن نتعامل مع الإدراك كعملية نشطة للإدراك، والإستكشاف، والتساؤل، والمقارنة، والتعلم، والإحساس
تذكر الاسماء والوجوه
دعونا نرى كيف يكون هذا بتجريب الطريقة التي بها نستذكر الاسماء والوجوه في حفلة. عادة في مثل هذا الجو الصاخب، يأخذ الناس نظرة خاطفة إلى وجه شخص ما، ويستمعون إلى اسمه بلا نفس، ويظلون يحاولون الإنصات إلى الحديث، ثم في دقائق، يجدون أنفسهم من دون أدني فكرة عمن كانوا يتحدثون إليه. في حال كنت مع رفقة ما، ينصح باتباع الآتي، ولكن من اللطيف في بعض الأحيان أن تتعرف على الشخص لاحقا
لفعل ذلك، يتعين عليك أن تضع الكثير من الحيوية والخيال في الطريقة التي تنظر بها إلى وجه ما. اسأل نفسك أسئلة مرحة وأنت تنظر إليهم:
بمن يذكرك هذا الوجه
كيف سيبدون في الرسوم الساخرة
إذا كانوا عباقرة، فما هي موهبتهم
إذا كانوا فارين من العدالة، ما هي الجريمة التي استحقوا بها المطاردة
وحقيقة لا تعنينا الأسئلة، ما يهم هو أن توغل عميقا في التفاصيل الفريدة للوجه، مستكشفين صفاته المميزة التي لا تنسى- وهذا ما يساعدك السؤال على القيام به
والأمر الأكثر حيوية هو أن تدرك أن تجربتك للعالم تغيرت، وأصبحت ثرية بهذا النوع النشط من النظر الخلاق، إذ تعطي ما تراه عمقا ورمزية كثيرين. ولعل هذا ما عناه (بروست) عندما قال أنه يتعين علينا أن (نترك النساء الجذابات للرجال الذي يفتقرون إلى المخيلة). فشكل العالم لنا يعتمد كثيرا بالكيفية التي ننظر بها إليه
ولكن، إذا كان استخدام مخيلتنا هو الطريقة التي بها نولي تفاصيل الوجه اهتماما بالغا، فكيف يكون هذا صحيحا في حالة الاسماء؟ الاسماء أكثر يسرا من الوجوه، وهذا جيد، ولكنها أيضا لا تجعلنا نقوم بالكثير حيالها، إذ إنها عادة ما تكون قصيرة، وبلا معنى. وبالرغم من أن كل وجه يختلف عن الآخر، تتكر الأسماء طوال الوقت. ونصادف جميعنا عديدا من (عائشة، وعلي) في حياتنا
إحدى الطرق لمواجهة التحدي الذي يفرضه هذا الأمر هو أن تتصرف كما لو أنك مهتم فعلا باسم شخص ما. فتتحصل على الأثر الجانبي المفيد بجعلك الأمر ممتعا في الحقيقة. وذلك أشبه عندما نتبسم، نحس بالسعادة، ولذلك أيضا عندما نتصرف كما لو أننا مأخوذون باسم، فإننا نصبح مأخوذين به قليلا.
محرج هو الأمر ولكنها حقيقة عن الإنسان
السلوكيات الآتية هي طريقة عظيمة تجعلك تبدي اكتراثا بالاسم
انطق الاسم عاليا عقب معرفتك به: مرحبا علي،، سعدت بمعرفتك يا علي
لا تنحرج إذا نسيت الاسم، فكلنا ينسى. واسأل مرة أخرى إذا شككت بأنك نسيت: هل قلت لي بأن اسمك عثمان؟ آه، آسف، عمر
اسأل دوما عن تهجئة الاسم كلما اختلط عليك الاسم: النضر! مثير! هل تكتب النضر هكذا: ا، ل، ن، ظ، ر؟ ليس كذلك؟ هل تكت الضاد ظاءا؟ لا؟ فقط ا، ل، ن، ض، ر، مثلما تكتب وجه نضر ولكن بالضاد؟ هل توجد اختصارات للإسم؟ جيد، سررت بمعرفتك أيها النضر
لا تستعجل، فما هي إلى عشر ثوان يستغرقها الدماغ ليستوعب الاسم استيعابا كاملا
كن مهذبا، وكرر اسمك مرات عديدة، إذ إنه من المحتمل أن يكون الشخص الذي تحادثه قد نسي اسمك
كيف تطيل التركيز
فن الذاكرة هو الفن الذي تجعل من الأشياء ذات معنى، ويبدأ ذلك بالإنتباه. واحدة من الأشياء التي سنصادفها مرة بعد أخرى هي أنه ليس من السهل جدا أن تولي الانتباه للأشياء، حتى وإن كنا راغبين في تذكرها. تكمن المشكلة في أننا عادة ما نشغل أذهاننا جدا حتى أننا نخصص فقط جزءا ضئيلا من مصادرنا العقلية في تلك اللحظة فمن الصعب حقا في عالمنا الإلكتروني المزدحم أن نديم الانتباه. فنصف عقلك مشغول دائما بالتحقق من بريدك الوارد، بالقلق على أطفالك، أو الوظيفة، أو شخصيتك، أو التفكير في آلاف الأشياء التي تنوي القيام بها في المستقبل (تعلم الإسبانية، أن تصير نحيفا، إخراج فطيرة الكويشي من الفرن، وهلم جرا)
هناك طريقة ممتازة ويسيرة لتهدئة عقلك وجعله تحت سيطرة محكمة وهي أن تتعلم أن تلاحظ الفرق بين الإنتباه الجيد والإنتباه السيء. ولفعل ذلك، هاك تقنية عظيمة، مستقاة من العلاج السلوكي المعرفي
عندما تستمع لبرنامج حوار إذاعي، اعمد إلى الانتباه وعدم الانتباه كل دقيقة وأخرى. استغرق انتباهك للحوار لمدة دقيقة، ثم اجعل ذهنك يهيم في الدقيقة التي بعدها. خذ دقيقة أخرى وتأكد من أنك تلتقط كل كلمة، قبل أن تسمح لعقلك بالسرحان مرة أخرى. تابع على هذا المنوال لمدة خمس أو عشر دقائق.
إذا ما واظبت على هذا المنوال يوميا سوف تبدأ في ملاحظة كيف يمكن لكمية قوة الانتباه لديك أن تتفاوت، ولشدتها أن تحس بهاـ وشموليتها. وتدريجيا، سوف تصبح ماهرا في إدراك الاختلافات، وتكون نتيجة لذلك أفضل في التحكم في انتباهك
ترجمة، وتصرف: أبو رسيل
المصدر/ هنا