لما دخل الصليبيون بيت المقدس في غمرة انغماس المسلمين في حسدائهم وبغضائهم ذبحوا سبعين ألفا من سكانها حتى كان الفارس منهم يخوض بين الأشلاء المقطعة ويصل الدم حتى ركبتيه. فأتى شخص من بلاد الشام بغداد وكانت باق رمق منها تحت مسمى الخليفة العباسي! فحكى الرجل للناس في يوم جمعة ما حل ببيت المقدس خاصة وبالشام عامة من أفاعيل الصليبيين، فما كان من الناس إلا أن ضجوا بالبكاء وارتفع نحيبهم وعويلهم حالهم مثل حالنا ثم لما فرغ الرجل وانصرف عاد الناس إلى شؤونهم وكأن شيئا لم يكن! ما يضحك في الأمر أن أفعال الخنوع لا تعرف زمنا وكذلك العزة والكرامة لا تبلى على مر الزمان. فمن كان منا باك فليبك على نفسه فهذا زمن الأعاجيب يخون المؤتمن ويصدق الخائن ويعلق المجاهد على مشابح المشانق، فبعدا بعدا لمن لم يوقر في قلبه مثقال ذرة من ألم لحال أهلنا وذلك أضعف الإيمان
أستميحك همسة خفوق أن خرجت عن المعتاد في التعقيب والردود ولكن موضوعك أثار شجونا غبها عظيم