`¤*«مُحمدْ البادِيْ»*-¤
¬°•| غَيثُ مِن الَعطاء ُ|•°¬
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم وحمة الله وبركاته
السلام عليكم وحمة الله وبركاته
كنت قد وقعت على كتاب المائة: تصنيف لأكثر الأشخاص تأثيرا في التأريخ قبل سنوات طويلة لما كان العود غضا. كان الكتاب من ترجمة أنيس منصور، ومؤخرا ووقعت على مقتطفات من الكتاب الأصلي الطبعة الثانية، وأحببت أن أنقل إليكم بعض ما أورده المؤلف عن النبي صلى الله عليه وسلم. (من ترجمتي)
المؤلف: مايكل. إتش. هارت
مكة: مدينة الإسلام المقدسة، والبناء الأسود في الوسط هو الكعبة: البيت المقدس الذي يضم على الحجر الأسود
قد يثير اختياري محمدا ليكون على قائمة أكثر الناس تأثيرا استغراب بعض القراء، وقد يتعرض للتشكيك من قبل آخرين، غير أنه كان الرجل الوحيد في التأريخ الذي نجح نجاحا عظيما على كلا الصعيدين: الديني والسياسي.
كيف لنا، إذا، أن نقيم التأثير الكلي لمحمد على التأريخ البشري؟ فمثل كل الأديان، يؤثر الإسلام تأثيرا عظيما على حياة أتباعه، وبسبب هذا يبرز مؤسسوا الأديان العظيمة في العالم بروزا كبيرا في هذا الكتاب. ويبدوا غريبا أن يحتل محمد مرتبة أعلى من المسيح في الوقت الذي تعداد المسيحين فيه تقريبا ضعف المسلمين.
هناك سببان اثنان رئيسيان لهذا القرار. الأول، أن محمدا لعب دورا شديد الأهمية في نشأة الإسلام، أكبر مما كان المسيح اضطلع به في نشأة النصرانية. وبالرغم من أن المسيح كان وراء التعاليم الخلقية والأخلاقية الرئيسة في المسيحية (والتي إلى درجة ما، تختلف عن مثيلتها في اليهودية) كان القديس بولس هو المطور الرئيس لللاهوت النصراني(وناشر دعوتها)، ومؤلف السواد الأعظم من العهد الجديد.
كان محمد، مع ذلك، هو المسؤول عن العقيدة الإسلامية، ومبادئها الأخلاقية والخلقية الرئيسة. إضافة إلى أنه قد لعب دورا محوريا في الدعوة إلى الدين الجديد، وفي تأسيس الممارسات الدينية في الإسلام. وعلاوة على ذلك، فهو مؤلف النصوص المقدسة عند المسلمين (القرآن) وهي مجموعة من أقواله آمن أنها قد أوحيت إليه من لدن الله. ومعظم هذه الأقوال قد تنوقلت بأمانة (إلى درجة ما) خلال حياة محمد، وجمعت معا في صيغة رسمية بعد وقت ليس بالطويل من وفاته. ولهذا، فالقرآن يمثل عن قرب آراء محمد وتعاليمه، وإلى درجة كبيرة كلماته بحذافيرها. ولم يصلنا عن المسيح كتاب محفوظ. ومثلما أن القرآن على درجة من الأهمية للمسلمين مثلما هو الإنجيل للمسيحيين، فإن تأثير محمد من خلال القرآن كان عظيما. ولعل أن تأثير محمد في الإسلام أكبر كبير من تأثير المسيح والقديس بولس مجتمعين في النصرانية. ثم إنه على الصعيد الديني، من المحتمل أن تأثير محمد في التأريخ البشري يماثل ذلك الذي للمسيح.
أضف إلى ذلك، أن محمدا (على عكس المسيح) كان زعيما سياسيا مثلما كان قائدا دينيا. وفي الواقع، حيث إنه كان القوة الدافعة للفتوحات العربية، فقد استحق بجدارة أن يوضع في مرتبة أعظم القادة السياسيين تأثيرا في كل الأزمان.
قد يقول البعض أن بعضا من الأحداث التأريخية المهمة كانت حتمية وأنها كانت لتحدث حتى من دون الزعيم السياسيي الذي وجهها. على سبيل المثال، كان من المحتمل أن تحصل مستعمرات أمريكيا الجنوبية على استقلالها عن إسبانيا حتى وإن لم يوجد قط سيمون بوليفار . غير أن هذا لا يمكن أن يقال في حالة الفتوحات العربية. فلم يحدث قط أي شيء مشابه قبل محمد، وليس هناك ما يدعو للإعتقاد أن الفتوحات كانت لتحدث لولاه. والمقارنة الوحيدة في التأريخ البشري لهذه الفتوحات هي فتوحات المغول في القرن الثالث عشر، والتي كانت أساسا بسبب تأثير جنكيز خان. تلك الفتوحات، مع ذلك، وبالرغم من أنها غطة رقعة من الأرض أوسع من تلك التي للعرب، لم تبرهن على استمراريتها. والمساحة الوحيدة، اليوم، التي يشغلها المغول هي تلك التي كانت في حوزتهم من قبل عصر جنكيز خان.
والحال بالنسبة للفتوحات العربية مختلف جدا. فمن العراق وحتى المغرب، هناك تمتد سلاسل من الأمم العربية، ولا يوحدها مجر اعتناق الإسلام، ولكن أيضا لغتهم العربية، وتأريخهم، وثقافتهم. ومن المحتمل أن مركزية القرآن في ديانة المسلمين، وأنه كتب بالعربية، هي من منعت اللغة العربية من التشرذم إلى لهجات مبهمة لبعضها البعض، والذي كان ليحدث لولاه خلال ثلاثة عشر. وبالطبع، توجد الاختلافات والتقسيمات بين هذه الدول العربية، وهي ليست باليسيرة، ولكن مسببات الفرقة الجزئية لا يتعين أن تعمينا عن العناصر المهمة للوحدة والتي واصلت وجودها. فعلى سبيل المثال، لم تقم لا إيران ولا إندونيسيا، وهما دولتان مصدرتان للنفط، وديانتهما الإسلام، بالإنضمام إلى حظر النفط في شتاء 1973-1974. وليس من قبيل المصادفة أن جميع الدول العربية، والدول العربية فقط، من شاركت في الحظر.
من هنا نرى، أن الفتوحات العربية في القرن السابع الميلادي واصلت لعب دورها في التأريخ الإنساني، وحتى يومنا هذا. كانت تلك المزاوجة التي لا نظير لها بين التأثيرين السياسي والديني هي من أولت محمدا أن يعد أكثر فرد تأثيرا في التأريخ البشري.