المتجول
¬°•| عضو مبتدى |•°¬
قال تعالى : ( واتقوا الله ويعلمكم الله )البقرة :282
كثيرًا ما سمعنا في مجالس العلم ، أن معنى قول الله تعالى ( و اتقوا الله و يعلمكم الله )هو : أن التقوى سبب لحصول العلم ، و المعنى و اتقوا الله يحصل لكم بذلك العلم من باب الشرط و جزائه . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( وقد شاع في لسان العامة أن قوله (اتقوا الله ويعلمكم الله) من الباب الأول حيث يستدلون بذلك على أن التقوى سبب تعليم الله و أكثر الفضلاء يطعنون في هذه الدلالة لأنه لم يربط الفعل الثاني بالأول ربط الجزاء بالشرط فلم يقل و اتقوا الله ويعلمكم ، ولا قال فيعلمكم وإنما أتى بواو العطف وليس من العطف ما يقتضي أن الأول سبب الثاني وقد يقال العطف قد يتضمن معنى الاقتران والتلازم كما يقال : زرنى وأزورك ، و سلم علينا ونسلم عليك ، و نحو ذلك مما يقتضي اقتران الفعلين و التعاوض من الطرفين كما لو قال لسيده : اعتقنى ولك على ألف ، أو قالت المرأة لزوجها طلقني ولك ألف أو إخلعني ولك ألف فإن ذلك بمنزلة قولها بألف أو على ألف ، وكذلك أيضا لو قال أنت حر وعليك ألف ، أو أنت طالق وعليك ألف ، فإنه كقوله علي ألف أو بألف عند جمهور الفقهاء ، و الفرق بينهما قول شاذ ، ويقول أحد المتعاوضين للآخر : أعطيك هذا وآخذ هذا ونحو ذلك من العبارات فيقول الآخر نعم ، و إن لم يكن أحدهما هو السبب للآخر دون العكس فقوله ( واتقوا الله و يعلمكم الله) قد يكون من هذا الباب فكل من تعليم الرب وتقوى العبد يقارب الآخر ويلازمه و يقتضه ، فمتى علمه الله العلم النافع اقترن به التقوى بحسب ذلك ، و متى اتقاه زاده من العلم ، و هلم جرا ) المجموع18/177- 178
و قال تلميذه ابن القيِّم يرحمه الله: وأما قوله تعالى(واتقوا الله ويعلمكم الله ) فليس من هذا البابِ بل هما جملتان مستقلتان طلبية وهي الأمر بالتقوى وخبرية وهي قوله تعالى (ويعلمكم الله) أي والله يعلمكم ما تتقون وليست جوابا للأمر بالتقوى ولو أريد بها الجزاء لأتى بها مجزومة مجردة عن الواو فكان يقول واتقوا الله يعلمكم أو إن تتقوه يعلمكم كما قال (إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ) فتدبره . مفتاح دار السعادة 1/172
قال العلامة الشيخ ابن عثيمين يرحمه الله في تفسير قوله تعالى: { واتقوا الله } أي اتخذوا وقاية من عذاب الله؛ وذلك بفعل أوامره، واجتناب نواهيه.
قوله تعالى: { ويعلمكم الله }؛ الواو هنا للاستئناف؛ ولا يصح أن تكون معطوفة على { اتقوا الله }؛ لأن تعليم الله لنا حاصل مع التقوى، وعدمها - وإن كان العلم يزداد بتقوى الله، لكن هذا يؤخذ من أدلة أخرى.
وهنالك مذهب آخر لغير من ذكرتِـهم أختي الفاضلة, بينوا انها من باب الشرط والجزاء , كعمر بن عبد العزيز والقرطبي وابن كثير وغيرهم رحمة الله على الجميع, قال القرطبي رحمه الله تعالى (قوله تعالى : { واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم } وعد من الله تعالى بأن من اتقاه علمه أي يجعل في قلبه نورا يفهم به ما يلقى إليه وقد يجعل الله في قلبه ابتداء فرقانا أي فيصلا يفصل به بين الحق والباطل ومنه قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا } والله أعلم)3/372
وقال عمر بن عبد العزيز : إنما قصر بنا اعن علم ما جهلنا تقصيرنا في العمل بما علمنا ولو عملنا ببعض ما علمنا لأورثنا علما لا تقوم به أبداننا قال الله تعالى { واتقوا الله ويعلمكم الله } -
القرطبي13/324
قال ابن كثير وقوله { واتقوا الله } أي خافوه وراقبوه واتبعوا أمره واتركوا زجره { ويعلمكم الله } كقوله { يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا } وكقوله : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به })1/446
وهذا داخل - والله اعلم- في دلالة الالتزام التي يعرفها الأصوليون بأن يكون اللفظ له معنى وذلك المعنى له لازم من خارج فعند فهم مدلول اللفظ من اللفظ ينتقل الذهن من مدلول اللفظ إلى لازمه, والله أعلم..
المصدر: أهل الحديث
كثيرًا ما سمعنا في مجالس العلم ، أن معنى قول الله تعالى ( و اتقوا الله و يعلمكم الله )هو : أن التقوى سبب لحصول العلم ، و المعنى و اتقوا الله يحصل لكم بذلك العلم من باب الشرط و جزائه . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( وقد شاع في لسان العامة أن قوله (اتقوا الله ويعلمكم الله) من الباب الأول حيث يستدلون بذلك على أن التقوى سبب تعليم الله و أكثر الفضلاء يطعنون في هذه الدلالة لأنه لم يربط الفعل الثاني بالأول ربط الجزاء بالشرط فلم يقل و اتقوا الله ويعلمكم ، ولا قال فيعلمكم وإنما أتى بواو العطف وليس من العطف ما يقتضي أن الأول سبب الثاني وقد يقال العطف قد يتضمن معنى الاقتران والتلازم كما يقال : زرنى وأزورك ، و سلم علينا ونسلم عليك ، و نحو ذلك مما يقتضي اقتران الفعلين و التعاوض من الطرفين كما لو قال لسيده : اعتقنى ولك على ألف ، أو قالت المرأة لزوجها طلقني ولك ألف أو إخلعني ولك ألف فإن ذلك بمنزلة قولها بألف أو على ألف ، وكذلك أيضا لو قال أنت حر وعليك ألف ، أو أنت طالق وعليك ألف ، فإنه كقوله علي ألف أو بألف عند جمهور الفقهاء ، و الفرق بينهما قول شاذ ، ويقول أحد المتعاوضين للآخر : أعطيك هذا وآخذ هذا ونحو ذلك من العبارات فيقول الآخر نعم ، و إن لم يكن أحدهما هو السبب للآخر دون العكس فقوله ( واتقوا الله و يعلمكم الله) قد يكون من هذا الباب فكل من تعليم الرب وتقوى العبد يقارب الآخر ويلازمه و يقتضه ، فمتى علمه الله العلم النافع اقترن به التقوى بحسب ذلك ، و متى اتقاه زاده من العلم ، و هلم جرا ) المجموع18/177- 178
و قال تلميذه ابن القيِّم يرحمه الله: وأما قوله تعالى(واتقوا الله ويعلمكم الله ) فليس من هذا البابِ بل هما جملتان مستقلتان طلبية وهي الأمر بالتقوى وخبرية وهي قوله تعالى (ويعلمكم الله) أي والله يعلمكم ما تتقون وليست جوابا للأمر بالتقوى ولو أريد بها الجزاء لأتى بها مجزومة مجردة عن الواو فكان يقول واتقوا الله يعلمكم أو إن تتقوه يعلمكم كما قال (إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ) فتدبره . مفتاح دار السعادة 1/172
قال العلامة الشيخ ابن عثيمين يرحمه الله في تفسير قوله تعالى: { واتقوا الله } أي اتخذوا وقاية من عذاب الله؛ وذلك بفعل أوامره، واجتناب نواهيه.
قوله تعالى: { ويعلمكم الله }؛ الواو هنا للاستئناف؛ ولا يصح أن تكون معطوفة على { اتقوا الله }؛ لأن تعليم الله لنا حاصل مع التقوى، وعدمها - وإن كان العلم يزداد بتقوى الله، لكن هذا يؤخذ من أدلة أخرى.
وهنالك مذهب آخر لغير من ذكرتِـهم أختي الفاضلة, بينوا انها من باب الشرط والجزاء , كعمر بن عبد العزيز والقرطبي وابن كثير وغيرهم رحمة الله على الجميع, قال القرطبي رحمه الله تعالى (قوله تعالى : { واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم } وعد من الله تعالى بأن من اتقاه علمه أي يجعل في قلبه نورا يفهم به ما يلقى إليه وقد يجعل الله في قلبه ابتداء فرقانا أي فيصلا يفصل به بين الحق والباطل ومنه قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا } والله أعلم)3/372
وقال عمر بن عبد العزيز : إنما قصر بنا اعن علم ما جهلنا تقصيرنا في العمل بما علمنا ولو عملنا ببعض ما علمنا لأورثنا علما لا تقوم به أبداننا قال الله تعالى { واتقوا الله ويعلمكم الله } -
القرطبي13/324
قال ابن كثير وقوله { واتقوا الله } أي خافوه وراقبوه واتبعوا أمره واتركوا زجره { ويعلمكم الله } كقوله { يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا } وكقوله : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به })1/446
وهذا داخل - والله اعلم- في دلالة الالتزام التي يعرفها الأصوليون بأن يكون اللفظ له معنى وذلك المعنى له لازم من خارج فعند فهم مدلول اللفظ من اللفظ ينتقل الذهن من مدلول اللفظ إلى لازمه, والله أعلم..
المصدر: أهل الحديث