[ود]
¬| رُوحٌ مُحلِّقَة بَين أسْرآبِ الأمَل ✿ ،
(الكائنات البحرية العجيبة ودور البكتريا في التمثيل الكيميائي كسلسلة الغذاء للنظام البيئى كأساس الحياة حول ثقوب المياه الحارة عند مرتفعات وسط المحيط)
القرآن الكريم كتاب هداية للعالمين وهو تبيان لكل شىء وتفصيل لكل شىء ما فرط فيه رب العالمين من شىء إذا قرأه أهل البلاغة عجزوا أن يأتو بمثله. وهو يزخر بأساسيات العلوم كلها ويدعو الله إلى تدبر آياته وفهم معانيه، يرفع الله به الذين آمنوا والذين أوتوا العلم درجات ويجعل الله العلماء وهم أشد خشية له ورثة الأنبياء. والقرآن الذي لا تنقضي عجائبه يحوى إشارات غاية في الإعجاز العلمي في شتى المجالات وسوف نشرح قدر الاستطاعة التعرف على أوجه الإعجاز في مجال علوم البحار وفهم عبارات القرآن الكريم في ضوء ما أثبته العلم والكشف عن سر من أسرار إعجازه من حيث إنه تضمن هذه المعلومات العلمية الدقيقة التي لم يكن يعرفها البشر وقت نزول القرآن. ولقد كشف علم البحار والمحيطات من عدة عشرات من السنين القليلة أي بعد الحرب العالمية الثانية على العديد من الحقائق العلمية حول نشأة البحار والمحيطات.
قال تعالى: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الحَقُّ أَوَ لَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (فصلت: 53). لا تخلو سور القرآن الكريم من الحديث عن آيات الله في الأرض وفى البحار كثيرة ما أروعها عن البحر المسجور والجبال التى تسير ومد الأرض وأنقصها من الأطراف والجبال راسيات شامخات أوتاد والأرض قطع متجاورات فحديث القرآن عن سنن الله في الأرض وفى رجع السماء ويلتقى العلم مع القرآن في الحديث عن كل ذلك. وبتوفيق من الله العلى القدير سوف نركز في هذا البحث إلى إشارات القرآن الكريم قبل أربعة عشرة قرنا إلى الحقائق العلمية عن عالم البحار حيث وصفها وصفا دقيقا على لسان رسولنا الكريم الذي عهد عنه أنه لم يركب البحر قط فأخبر عن وجود برزخ بين البحرين العذب (الفرات) والمالح (أجاج) وهذا الحاجز له خصائص متعددة ومغايرة لخصائص المياه السابقة، كما أن كائناته تموت إذا انتقلت من هذه المياه إلى المياه المجاورة. كما أشار القرآن الكريم إلى أن في الأرض قطع متجاورات ووصف البحر بأنه مسجور، كما ذكر الأرض ذات الصدع. كما أشار أيضا إلى الظلمات التي توجد في أعماق البحار. كما أقسم رب العزة فقال: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ) (الطارق: 11). فالسماء ترجع إلينا كل ما هو نافع وترجع عنا كل ما هو ضار وكل هذه المعاني مستمدة من كلمة رجع فتبارك الله ـ عز وجل ـ القائل: (إنْ هُوَ إلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ . وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِين) (ص: 87، 88)، والقائل ـ عز وجل: (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا) (النساء: 82).
نحن مأمورين من الله العلى العظيم بالتفكير في كيفية بداية الخلق وفى نفس الوقت ترك لنا الخالق علامات تدلنا على فهم ورؤية الظواهر الأرضية. ولهذا يذخر القرآن الكريم بالملامح العلمية التي تتعلق ببداية ونهاية الكون منذ مرحلة فتق الرتق إلى أن تتبدل السماوات غير السماوات والأرض. وجاءت الحقائق العلمية الثابتة لتتفق مع عطاء القرآن مما يدعو البشر للتسليم بأن وراء هذا الكون إله مدبر تتجلى قدرته وعظمته في خلقه كل شيء من حولنا.
هدف البحث:
بيان ملامح الإعجاز في مجال علوم البحار مع الإشارة إلى ما ذكره القرآن وما كشف عنه العلم، فالله أراد أن يبارك ويؤيد رسولنا الكريم بمعجزات غير مقيدة بزمان ولا مكان بل باقية إلى يوم القيامة شاهدة على صدق رسولنا الكريم (كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُون) (فصلت: 3).
النتائج والمناقشة:
أول حقيقة علمية كشف عنها القرآن الكريم عن علوم البحار هى (وَالْبَحْرِ المَسْجُورِ) (الطور: 6)، (وَإذَا البِحَارُ سُجِّرَتْ) (التكوير: 6)، (وَإذَا البِحَارُ فُجِّرَتْ) (الانفطار: 3). ومعنى هذه الآيات الكريمة أن البحار أوقدت نارا أى أضرمت فيها النار وقد كشف علم البحار بعد الحرب العالمية الثانية والتقدم العلمى آن ذاك أن بقيعان المحيطات والبحار شبكة هائلة من الصدوع تتركز عند مرتفعات وسط المحيط حيث يندفع منها اللافا البازلتية في درجات حرارة عالية تصل إلى ألف درجه مئوية فتظهر كأنها كتل من النيران الهائلة تحت سطح الماء حيث إن الماء لا يستطيع أن يطفئ جذوتها ولا الحرارة على شدتها تستطيع أن تبخر الماء لكثرته. وتلك الظاهرة تلازم البحار منذ نشأتها حيث يبدأ تكوين بحر بخسف الأرض ثم اتساع ذلك الخسف وهبوط الكتل الصخرية وتكوين وادى صدعى ثم هبوط مرة أخرى إلى أن تخرج اللافا من الوادى المخسوف الذي يتحول إلى غور عميق.
ووجه الإعجـاز هنا يظهر من قسـم ربنا ـ عز وجل ـ بهذا القسم الذي هز العرب آنذاك حين تنزل الوحى وأدهشـهم بينما هز علماء البحـــار حين ركبوا الغــواصات ونزلوا إلى أعماق المحيطــات ووجـدوا أن قيعـان المحيطـــات أغلبها مسـجرة بالنار أى إن النـار أقدت تحت الماء حيث تندفع الحمم البركانية الحمراء عبر الصــدوع وهى مشـتعلة دون لهب مباشر مثل التنور أى الفــرن المشـتعل وهذا ما يفيد معنى مسجور ويعجب الإنسان لهذا النبى الأمي من أين له هذه الدقة العلمية في نشأة البحار آنذاك لو لم يكن ينزل عليه وحى السماء الذي علمه كل شيء والقائل: }قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا| (الفرقان: 6). لولا هذه الصدوع لانفجرت الأرض منذ أول لحظة لتكوينها نتيجة لما يحدث في باطن الأرض من تفاعلات نووية وكيميائية هائله وقد أقسم الله ـ جل جلاله ـ بها منذ أربعة عشر قرنا ولم تدرك إلا في النصف الأخير من القرن العشرين عندما نزلوا إلى أعماق المحيطات ورسموا خريطة طوبغرافية لشكل قاع المحيطات. (وَمَا كَانَ هَذَا القُرْآنُ أَن يُفْتَرَى مِن دُونِ اللَّهِ وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ العَالَمِين) (يونس: 37).
شواهد الكائنات العجيبة عند ثقوب المياه الحارة حول مرتفعات وسط المحيط:
في منتصف القرن الماضي أى بعد الحرب العالمية الثانية تقريبا بدأ علماء البحار والمحيطات بعد التقدم في العلوم الجيوفيزيائية وتكنولوجيا صناعة غواصات الأعماق استكشاف قيعانه. فمن المعروف أن الإنسان لا يتحمل النزول إلى أعماق تزيد عن 45 متر فيتعرض إلى ضغط هائل ويموت ولكن عندما ركبوا هذه الغواصة ونزلوا إلى أعماق المحيطات اكتشفوا حقائق مبهرة للغاية وهى أن الظلام يتدرج إلى 300 متر ثم يبدأ الظلام الدامس والعتمة الشديدة، كما توجد أمواج داخلية تفوق الأمواج السطحية كما شوهد بعض الكائنات البحرية تضيىء ذاتيا في تلك الأعماق السحيقة حتى تبصر ما حولها (وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ) (النور: 40).
من كان يتخيل أن هناك كائنات حيه تعيش في تلك الأعماق وهبها الله ـ عز وجل ـ نورا حقيقيا لتهتدى به في ظلمات البحار اللجية. كما علمنا من قبل أن شواهد علوم البحار ظهرت في آيات القرآن الكريم منذ أن نزلت من حوالي 1400 سنة على سيدنا محمد وذلك قبل الاكتشافات العلمية الحديثة والمثيرة في قاع البحار والمحيطات. يذكر القرآن الكريم أن الله خلق ما لم نعلمه ونراه ونفهمه ولم يكتشف العلم هذه الحقائق إلا منذ عام 1977م حيث اكتشف العلماء ثقوب المياه الحارة عند مرتفعات وسط المحيط على عمق 2500م بواسطة الغواصة ألفين. هذه الحقائق العلمية التى لم يصل إليها إدراك الإنسان إلا منذ عشرات قليلة من السنين يفصلها كتاب الله العزيز بهذه الدقة العلمية الفائقة والتى لم يكن لأحد من الخلق الإلمام بها في زمن الوحي ولا لقرون طويلة من بعده.
إن قاع المحيط هو مسكن لعديد من مستعمرات الكائنات الحيوانية والنباتية الفريدة. معظم أنظمة البيئة البحرية تتواجد بالقرب من سطح الماء مثل شعاب الحواجز المرجانية بما تحتوي من أنواع الطحالب الخضراء المزرقة فهو مثل مستعمرات الأحياء تعتمد على الطاقة الشمسية لنموها (لإتمام عملية التمثيل الضوئي). من المعروف أن الطاقة الشمسية تخترق مياه البحر حتى عمق 300 متر فقط وهي تعتبر ضحلة بالنسبة إلى قاع المحيط العميق الذي يعتبر بيئة باردة جداً وأشكال الحياة تكون قليلة جداً ونادرة.
من المعروف أن ضوء الشمس هو الطاقة اللازمة لإتمام عملية التمثيل الغذائي للنباتات البحرية العادية بينما في قاع المحيط الأمر مختلف ففي عام 1977م اكتشف العلماء ثقوب ومخارج المياه الحارة عند مرتفعات وسط المحيط باستخدام الغواصة ألفين وهي عبارة عن كبسولة تتسع 3 أشخاص وطولها 8 أمتار ويمكنها الغوص عند 4000 متر تحت سطح البحر، وقد استخدمت لاستكشاف مرتفعات وسط المحيط الأطلنطي ومخارج وبؤر المياه الحارة.
كما ذكرنا من قبل أن مرتفعات وسط المحيط تمثل مراكز انفراج قاع المحيط حيث تخرج الماجما (الصخور المنصهرة) بدرجة حرارة تزيد عن 1000 درجة مئوية لتكون قاع المحيط. وفى عام 1989 صنعت اليابان مركبة مائية (غواصة) سمتها شنكاى 6500 تعمل عند عمق 6400 متر حيث قامت كل من اليابان والولايات المتحدة بتطوير أبحاث أنظمة الغوص التى استطاعوا فيها اكتشاف أعمق بقعة في قاع المحيط وهى 10920 متر عند خندق ماريانا.
كان العلماء يعتقدون أنه لا يوجد كائنات حيوانية أو نباتية عند تلك البؤر والثقوب التي تخرج مياه حارة درجة حرارتها 400 درجة مئوية عند مرتفعات وسط المحيط يمكن أن تقاوم الحرارة المرتفعة والضغط العالي والظلمة القاسية والغازات السامة والاتحاد الكيميائي الشديد. إن الاكتشاف الأكثر إثارة هو اكتشاف كم هائل من الحياة البحرية غير العادية لكائنات عجيبة مثيرة مثل الديدان الإنبوبية الضخمة، الأصداف والحلزونات البحرية، الحبار والأخطبوط من الرخويات، سرطان البحر، وجمبري من غير عيون وأسماك ثعابين منتفخة العيون كذلك تعتبر البؤر الحارة واحات تحت المياه للعديد من الكائنات التي لا توجد على الأرض ولقد تم التعرف على300 نوع وهي تختلف عن الأنواع التي تقدم لنا على موائد الطعام. فالأخطبوط يكون أول مستعمرة حول مخارج وينابيع المياه الحارة الحديثة حيث تكون فراشات بيضاء متصلة بقاع المحيط.
إن كثافة الحياة عند النافورات الحارة بمرتفعات وسط المحيط وعلى أعماق تزيد عن 2500 متر تحت سطح الماء تزيد عن أية حياة في أحد أنظمة الأرض. فقد كان العلماء في حيرة كبيرة حيث أنه من غير المتصور وجود الحياة عند هذه الأعماق وعند تلك الثقوب التي ينبثق منها كميات كبيرة من غاز كبريتيد الهيدورجين والميثان واللذان يعتبران من الغازات السامة بالإضافة إلى المياه الحمضية الحارة.
إن غاز كبريتد الهيدروجين هو غاز له رائحة البيض الفاسد يخرج من ثقوب المياه الحارة مع الغازات البركانية الأخرى. فغاز الكبريت يأتي من باطن الأرض بنسبة 15% أما البقية تأتي من التفاعل الكيميائي للكبريتات الموجود في مياه البحر. لذلك فإن مصدر الطاقة المستدامة والمتاحة للنظام البيئي في مياه المحيط العميق ليس هو ضوء الشمس كما هو معروف لنا ولكن طاقة أخرى تنتج بالتفاعل الكيميائي ويسمى بالتمثيل الكيميائي وهو يمثل سلسلة الغذاء للنظام البيئي والذي سوف نتعرض لشرحه بالتفصيل.
اكتشف العلماء عند ثقوب المياه الحارة حول مرتفعات وسط المحيط وجود بكتيريا تعيش على أكسدة كبريتيد الهيدروجين وهذه البكتيريا تعيش شبه حيوية بتبادل المنفعة مع الكائنات العجيبة الضخمة وهي تكون قاعدة سلسلة الغذاء للنظام البيئي. إن اكتشاف البكتيريا عند مخارج المياه الحارة تقوم بتثبيت غاز كبيريتد الهيدروجين واستخدامه كطاقة بدلاً من الشمس حيث تقوم بعملية التمثيل الكيميائي بدلاًُ من التمثيل الضوئي.
إن كل أشكال الحياة عند تلك النافورات مثل الديدان الأنبوبية الضخمة والأصداف البحرية الرخويات والقشريات تعتمد على البكتيريا في غذائها مثل ديدان باندورا، عنكبوت البحر، أصداف البحر (أم الخلول) وهي توجد عند الينابيع الحارة ولا توجد في أي مكان في الأرض.
مثال آخر من المحيط القطبي الشمالي حيث وجد قاعه عبارة عن صحراء بحرية مغطاه بالجليد الأبدي مع انعدام التمثيل الضوئي ولذلك ينعدم وجود المواد العضوية بالقاع. فعملية التمثيل الضوئي لا تعتبر هنا أساس الحياة في تلك الأماكن كما هو معروف عندنا ولكن وجود ثقوب المياه الحارة والمداخن السمراء التي يخرج منها غاز الميثان وكبريتيد الهيدروجين السامة فهما يدعمان الكائنات التي تعيش على البكتيريا في غذائها حيث إن البكتيريا هي القادرة على هضم تلك الكيماويات ولذلك تسمى بعملية التمثيل الكيميائي. لذلك فإن الحياة في أعماق المحيطات لا تعتمد مباشرة على ضوء الشمس للحصول على الطاقة اللازمة للحياة وإنما وجود الينابيع الحارة على طول مرتفعات وسط المحيط والتي تم اكتشافها عام 1977م وهى تحمل المواد الغذائية الكيميائية للبكتيريا التي تعيش عليها أشكال من الكائنات الغريبة في تلك الأعماق المظلمة. حيث تقوم البكتيريا بأكسدة الميثان وكبريتيد الهيدروجين لتكوين سلسلة الغذاء لتلك الكائنات الحية المثيرة والتي لا مثيل لها على الأرض.
كما اكتشف الباحثين الأمريكيين والنرويجيين والروس براكين الطين الباردة على عمق 1250متر والذي يرتفع عدة أمتار من أرضية المحيط. كما لاحظ العلماء وجود أجزء بيضاء من فرشات البكتيريا الكبريتية على تلك البراكين حيث تعتبر غذاء لبعض الكائنات وهى تعتبر مسكن للبكتيريا المستهلكة.
مثال آخر لأنماط النظام البيئي عند مرتفعات وسط المحيط الأطلنطي الشمالي والذي يعتبر واحة لمستعمرات الكائنات العجيبة. ففي أغسطس من عام 2004م تم اكتشاف الحياة عند مرتفعات وسط المحيط الأطلنطي على أعماق وصلت إلى 4000 متر تحت سطح البحر. فلقد قام 60 عالم من 13 دولة في رحلة علمية حيث استطاعوا عن طريق استخدام الغواصة الحصول على معلومات جديدة وصور مذهلة بحرية وعينات من الحياة البحرية. استطاعوا إحصاء بليون نوع من نماذج الحياة البحرية تم تسجيلها تحت النادرة وأجناس جديدة من الحبار والأسماك المتنوعة حيث تم تسجيل 300 نوع منها، 50 نوع من الحبار والأخطبوط وعدد هائل من الهائمات البحرية لم تعرف من قبل.
مثال آخر للكائنات العجيبة والمدهشة التي لا يوجد لها مثيل وجدت عند مخارج النافورات الحارة بمرتفعات وسط المحيط الهادى حيث غاصت الغواصة ألفين ولمدة أكثر من ساعة لامست قاع المحيط عند عمق 8000 قدم تحت السطح في ديسمبر 1993م وكان العلماء داخل المركبة حيث وصلوا إلى مرتفعات شرق الهادي لرؤية البؤر والنافورات الحارة وجدوها عبارة عن شقوق في قاع المحيط يخرج منها مياه حمضية حارقة والغازات الحاملة للمعادن. ولقد شاهد العلماء ديدان أنبوبية عملاقة بعضها طولها 4 أقدام ذيلها مثبت في أرضية المحيط وهي سريعة النمو وتعتبر أسرع نمو للافقاريات البحرية.
أخيراً يتبقى لنا الشيء المحير وهو وجود تلك البكتيريا عند ثقوب ومخارج المياه الحارة ومقاومتها للحرارة العالية عن أي كائن آخر. لذلك بدأ العلماء يهتمون بتطوير الأنزيمات المثبتة للحرارة للهندسة الوراثية والبكتيريا المتقدمة التطور والتي تصمم لوقف وتعطيل النفايات السامة.
إن المحاليل الحارة التى تخرج وتنبثق من تلك الثقوب يصل درجة حرارتها إلى 400 درجة مئوية ولكن الضغط العالي يحفظ تلك المياه من الغليان. إن غاز كبريتيد الهيدروجين ينتج من تفاعل مياه البحر مع الكبريتات الموجودة في صخور قاع المحيط. لذلك فإن البكتيريا التي تتواجد عند البؤر الحارة تستعمل غازكبريتد الهيدروجين كمصدر لطاقتها بدلاً من ضوء الشمس ولهذا فإن البكتيريا تعتبر أكبر مدعم كائن لمستعمرات الينابيع الحارة. لذلك يوجد بين البكتيريا والديدان الانبوبية العملاقة علاقة تبادل منفعة.