نقلة تاريخية نحو بناء دولة الحق وسيادة القانون وتعزيز استقلال القضاء

سلامة العزيزية

¬°•| مشرفة سابقة |•°¬
إنضم
22 مايو 2011
المشاركات
5,354
الإقامة
!i•-- [فـُيِـِےُ عـُـيُونـُہ] --•i!
نقلة تاريخية نحو بناء دولة الحق وسيادة القانون وتعزيز استقلال القضاء

Sat, 24 مارس 2012
1332535750087809100.jpg


د.السعيدي رئيس المكتب الفني بالمحكمة العليا 1/2
خاص - لـ عُمان - ماذا وراء المراسيم السلطانية الصادرة قبل أيام بشأن إعادة تشكيل المجلس الأعلى للقضاء، والتي أخرجت كل من لهم علاقة بالسلطة التنفيذية، واضعة شؤون القضاة في أيديهم بالكامل داخل حدود «العائلة القضائية»؟.. وماذا يتبقى من وزارة العدل؟.. وهل جاءت هذه المراسيم مكملة لمرسوم «فك الارتباط» بين الادعاء العام والمفتش العام للشرطة والجمارك الصادر قبل بضعة أشهر قليلة؟.. وهل يكتمل البنيان القضائي الحديث بدون وجود محكمة دستورية لضبط الإيقاع بين الأحكام القضائية من جانب والنظام الأساسي للدولة من جانب آخر، وصيانة وثيقة الحقوق والحريات العامة والخاصة؟.. وكيف يمكن صناعة «قاضي المستقبل»؟


د. يعقوب بن محمد السعيدي – رئيس الدائرة المدنية «د» ورئيس المكتب الفني بالمحكمة العليا يجيب على هذه الأسئلة.. وغيرها الكثير.. في هذا الحوار.



- كيف تنظر إلى المرسوم السلطاني الصادر قبل أيام بإعادة تشكيل المجلس الأعلى للقضاء؟
قبل الرد على هذا السؤال وعلى غيره من الأسئلة أتقدم بجزيل الشكر وعظيم الامتنان والوفاء والإخلاص للمقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ على هذا الإنجاز العظيم، حيث إن ما حصل في السلطنة يعتبر «نقلة تاريخية» نحو بناء الدولة العصرية دولة الحق والقانون، واضاف: أعدُّ هذه المراسيم من الشجاعة والجرأة حيث فيها من التميز ما يجعلنا نشعر بالافتخار والاعتزاز ،لأن هناك دولاً عربية تطبق قانون السلطة القضائية لأكثر من ثلاثين سنة، وحتى الآن لم يستقل القضاء، والسلطنة ربما تكون أول دولة عربية فيما يتعلق بتحقيق هذا الفصل التام والاستقلال للسلطة القضائية تماماً عن السلطة التنفيذية، ولكن ذلك لا يعني أننا في جزر متقاطعة، وإنما هذا الاستقلال يأتي في ظل تعاون وتنسيق تأمين مع السلطات الأخرى، فنحن نكمل بعضنا بعضاً تحقيقاً لمصلحة الوطن والمواطن.






والحقيقة أنه لا يمكن تصور بناء دولة الحق والقانون إلا بفصل السلطات، ولا يمكن تصور فصل السلطات إلا بوجود قضاء مستقل، وإذا كانوا يقولون بأن «العدل أساس الملك» فأنا أضيف إليها عبارة أخرى، «فإذا كان العدل أساس الملك، فإن الاستقلال هو أساس العدل»، حيث لا يمكن تصور وجود قضاء عادل ونزيه وناجز إلا بوجود قضاء مستقل كسلطة مستقلة، ومفهومي الشخصي لاستقلال القضاء ليس كسلطة فقط، وإنما هناك ثلاث صور للاستقلال.. استقلال القضاء كسلطة، وفيما يتعلق بشؤونه المالية والإدارية، وأضيف إليها صورة أخرى ، فالنصوص مهما علت وسمت، ومهما كانت من الرصانة فلن تنتج قاضيا مستقلا إلا إذا كان مستقلا في ضميره ووجدانه، فاستقلال الضمير والوجدان قبل نصوص استقلال القضاء والسلطة القضائية، وأرجو من خلال صحيفتكم المتميزة «عمان» أن يفهم الجميع – وخاصة القضاة – هذه الرسالة التي مفادها أن النصوص لا توجد قاضيا مستقلا وإنما الاستقلال يأتي من ضمير القاضي ووجدانه ،وأن عليه أن يشعر بهذه الأمانة والمسؤولية، وأنه ليس موظفا، فعندما يشعر أنه موظف ويعمل في «مرفق» لا يستحق أن يكون قاضياً، بينما عندما يشعر أنه صاحب رسالة حامل أمانة – وتسمى في الشريعة الإسلامية «ولاية» – فهذا هو القاضي الصحيح، لأن القضاء ولاية بالفعل ذلك أن دماء الناس وأعراضهم وأموالهم بين يديه، فهو ملجأ لمن لا ملجأ له، فكل خطأ قابل للتصحيح إلا خطأ القاضي.. فإذا أخطأ المدير يصحح خطأه المدير العام وإذا أخطأ المدير العام يصحح خطأه من هو أعلى منه درجة وهكذا ولكن خطأ القاضي ضحيته هو المتقاضون.. ،ولا يمكن للقاضي أن يكون أهلاً لتحمل هذه الولاية إلا إذا توافرت لديه ثلاثة معايير أساسية على كل سلطة قضائية أن تأخذ بها في صناعة القاضي وهي(حسن الاختيار،ثم حسن الصناعة،وحسن المراقبة).
قاضي المستقبل

- بمعنى؟!





علينا في الدول العربية أن نحسن اختيار القاضي من حيث منبته ومسلكه وكفاءته وتفوقه والوعاء الذي يحمله «العقل» ما إذا كان صالحا لتولي منصب القضاء أو لا؟ لأنه ربما يصلح أن يكون ضابطاً عسكرياً أو مسؤولاً مدنياً رفيعاً أو رجل أعمال ناجحاً لكنه لا يصلح بالضرورة أن يكون قاضيا.!
الآن .. لدى بعض الدول العربية ما يعرف باسم «مشروع قاضي المستقبل»، والذي يعني أن تنتقى مجموعة من الطلبة، فبعضُ الدول تأخذهم في الصف الثالث الثانوي والبعض الآخر من الثالث الإعدادي.. وتتبناهم السلطة القضائية لتربيهم على أخلاقيات القضاء وقيمه ،ثم بعد الانتهاء من الثانوية العامة يلتحقون بمعاهد وكليات خاصة ومتخصصة في صناعة القضاة لأن القضاء صناعة.
- وهل هذا المشروع موجود في عمان؟
استقلال القضاء «كسلطة» منصوصٌ عليه في الباب السادس من النظام الأساسي للدولة..وهناك عدة مواد تتحدث عن استقلال القضاء وضمانات ذلك لكن هذه القوانين جاءت لتفعيل ما جاء في النظام الأساسي للدولة.
ومثل هذه المشاريع ربما كانت تجد صعوبة في التنفيذ من قبل السلطة التنفيذية قد يكون لأسباب مادية أو غياب الفكرة أوالاعتقاد بأهمية مثل هذه المشاريع،ولكن الآن أرجو من الاخوة أعضاء السلطة القضائية تبني مثل هذه المشاريع..
لدينا فــي عمان المعهد العالي للقضاء يقوم حالياً بصناعة القضاة وفق آخر ما توصلت إليه المعاهد العربية والأجنبية ،التي حاولنا الاستفادة من بعضها لوضع مناهج وتدريب أو صناعة القاضي العماني.
أما بالنسبة لمشروع «قاضي المستقبل» فحتى الآن غير موجود.. ولكن سوف أعمل جاهدا مع الأخوة أعضاء السلطة القضائية لتبني هذا المشروع باعتباره النواة الأصلية والمتينة لإنتاج قضاء وقضاة يتمتعون بالأهلية والصلاحية.






- وماذا عن القضاة الحاليين..هل سيعاد تأهيلهم.. هل يخضعون لدورات تدريبية.. هل يعاد فرزهم؟!
هناك مادة في النظام الأساسي للدولة لا تجيز عزل القاضي إلا وفق إجراءات قانونية معينة..ولكن بالفعل يجري إعادة تدريب هؤلاء القضاة في دورات بالمعهد العالي للقضاء بالسلطنة، وكذلك في بعض الدول الشقيقة والصديقة باعتباره الطريقة المثلى حالياً.
لأن من أهم مقومات القاضي أن يكون لديه من المكنة والمقدرة أن يستخلص واقعة الدعوى بشكل صحيح وأن يكيفها التكييف السليم وأن ينزل حكم القانون على الواقعة بشكل جلي لا غموض ولا إبهام فيه وهذه المكنة لا يمكن أن يتقنها إلا من تمرس عليها وتمت «صناعته» ليكون قاضياً وما يجب ذكره هنا أن وزير العدل السابق من بين إنجازاته كان قد وضع استراتيجية يخضع بموجبها كل قاض لدورات تدريبية في المعهد العالي للقضاء، وهو على رأس عمله،أما الملتحقون حديثاً بالسلك القضائي، فقانون السلطة القضائية لا يجيز العمل قاضياً إلا لمن يمضي تدريبا في المعهد العالي للقضاء لمدة سنتين أو ثلاث سنوات،وحاولنا في نظام المعهد - الذي كنت رئيساً للجنة الإعداد له- أن نأخذ بأفضل ما وصلت إليه بعض المعاهد العربية..بعض المعاهد تأخذ ستة أشهر وبعضها سنة . ولكننا حددنا ثلاث سنوات لصناعة قاضي المستقبل ليكون قاضياً مؤهلاً لحمل أمانة القضاء ،وذلك بحيث لا يكون تكراراً لما عليه الوضع في الكليات الأكاديمية،حيث حاولنا التركيز على الجوانب التطبيقية،ومن أراد شهادات أكاديمية ودراسات قانونية وحفظ المواد والمتون وغيرها عليه الذهاب إلى كلية الحقوق، وأما هذا المعهد فهو لصناعة القاضي بحيث يعرف أدوات استخدام القانون.






- هل يمكن لهذا المعهد أن يكون نواة لمشروع «قاضي المستقبل» في عمان؟!
نعم نأمل ذلك.
تقييم الوعاء

- تقول بأن الاستقلال الصحيح يستوجب أن يكون القاضي مستقلا في ضميره.. فهل يمكن «صناعة الضمير»؟.
من غير المتصور والممكن أن يكون استقلال القضاء ما لم يكن القاضي مستقلا في ضميره..وهذه ممكنة من خلال المقابلات أو التقييم الأولي والشخصي.. وعلينا أن نعيد النظر في كيفية إجراء الاختبارات والآليات بحيث لا تكون شكل «سين وجيم»، وانما يجب تقييم الوعاء الذي يحمله «العقل» وما إذا كان صالحاً ليكون قاضيا من خلال تكوينه وشخصيته وتعامله مع محيطه وواقعه،وما إذا كانت شخصيته مؤهلة لأن يكون قاضيا،وإذا كان كذلك فمن السهل تعويض ما قد ينقصه في الجانب القانوني،بينما إذا كان فاقداً لهذه المؤهلات الشخصية فمن الصعب أن يتعلم شيئاً من القانون.
- لماذا لا يكون التدرج القضائي من الادعاء العام كما هو معمول به في بعض الدول العربية؟ التدرج الطبيعي بحيث يأخذ خبرة في هذا المجال تدريجيا قبل الجلوس على منصة القضاء؟.






هناك بعض الدول تتعامل بهذه الطريقة،وأنا أتيحت لي فرصة لمتابعة تجارب معظم الدول العربية في هذا الخصوص،ولكن الوضع في عمان يختلف،فقبل صدور قانون السلطة القضائية منذ 12 عاماً كان القضاء منفصلا تماما عن الادعاء العام الذي كان تابعاً للشرطة،والمحاذير التي كانت في أذهاننا عند إعداد هذه المشاريع – حيث كنت من بين الذين أعدوا مشروع السلطة القضائية – كان من أهمها أننا نريد صناعة القاضي في البداية، ولا نأتي بخريج الجامعة ليذهب للعمل في النيابة العامة،صحيح أن عملها قريب من العمل القضائي، ولكنه ليس مثله تماما، حتى إن بعض رجال الفقه والقانون أنشأوا قيما للقضاء تختلف عن قيم وتقاليد الادعاء العام، فعندما تأتي بهذا الشخص – وهو صفحة بيضاء بعد انتقائه بشكل سليم – عليك أن تتبناه ليكون قاضيا بحيث لا يجلس إلى المنصة للقضاء مباشرة،وإنما يبقى «مراقبا» للعمل في المحكمة لمدة عام،ويجالس القضاة بالرغم من كونه متدرباً في المعهد حيث يمضي ثلاثة أرباع فترة التدريب في المحاكم بشكل عملي،وعندما ينشأ القاضي في هذه المرحلة بهذا الشكل ربما تتراكم لديه من الخبرة أوالمعرفة ليكون قاضيا أفضل من التنقل ما بين الادعاء العام والقضاء أو العكس. فأنت تصنع هذا ليكون مدعيا بينما الآخر ليكون قاضياً.
فك الارتباط

- هل يمكن الربط بين المرسوم القاضي بفصل الادعاء العام عن المفتش العام للشرطة والجمارك من حيث الإشراف المالي والإداري في النصف الأول من العام الماضي،وبين المراسيم السلطانية الأخيرة الخاصة بإعادة تشكيل المجلس الأعلى للقضاء باعتبارها حلقات متصلة ضمن سلسلة تستهدف تعزيز استقلال القضاء في عمان؟!
بالفعل هناك ترابط،وهكذا عوَّدنا صاحب الجلالة من خلال وعده ببناء الدولة العصرية،دولة الحق والقانون،حيث تسير التنمية والبناء في عمان بخطوات متدرجة ومدروسة،حتى إن من يقرأ النظام الأساسي للدولة الصادر في عام 1996م كان باستطاعته أن «يتنبأ» بما حدث الأربعاء قبل الماضي. والحقيقة أن الادعاء العام لم يكن يتبع المفتش العام للشرطة والجمارك إلا فيما يتعلق باتصاله بالجهات العليا،كان إشرافا ماليا وإداريا فقط،ولكن «فك هذا الارتباط» كان خطوة ولبنة في بناء دولة الحق والقانون من خلال





استقلال السلطة القضائية، والذي لا يطال فقط الادعاء العام والقضاء العادي وإنما حتى القضاء الإداري، حيث تعطى هذه المراسيم كافة الصلاحيات التي كان يقوم بها سابقاً الوزير المشرف على محكمة القضاء الإداري يعطيها رئيس المحكمة،والآن أجنحة القضاء الثلاثة- العادي والإداري والادعاء العام- تتمتع بالاستقلال التام تحت مظلة واحدة تتمثل في المجلس الأعلى للقضاء الذي أُخرج منه كل من له علاقة بالسلطة التنفيذية بحيث أصبحت كافة شؤون القضاء تدار من خلال «العائلة القضائية» إن صح التعبير.
وما أريد قوله في شأن استقلال القضاء هو أن ذلك ليس ميزة للسلطة القضائية أو القضاة لوحدهم، وإنما تتعدى مزاياه تلك الحدود لتصل إلى الباحثين عن العدالة الذين يشعرون بالطمأنينة والثقة لأنهم أمام قضاة لا يخضعون «لترهيب أو ترغيب».. مستقلين في وجدانهم وضمائرهم،وفي تبعيتهم المالية والإدارية..عندها سيشعر المتقاضون أنهم أمام رجال يحكمون بكل حياد ونزاهة ،وذلك فضلا عن أن القانون يجرم أي تدخل في أعمال القاضي، وليس هناك سابقة – على حد علمي – أن تدخل أي مسؤول «مهما علت رتبته الاجتماعية أو الوظيفية في العمل القضائي «،فلا القضاة يقبلون بذلك ولا المسؤولون أيضا،كما أن الثقافة السائدة في عمان تعتبر أن التدخل في القضاء هو «أمر مشين».
ومن جانب آخر،فاستقلال القضاء له علاقة بالحضارة والتنمية والاستثمار الذي لا يسأل ابتداءً عن الأرباح والخسائر، وإنما يبحث عن «مكان آمن» ولا يكون ذلك إلا بوجود قضاء مستقل،فميزات الاستقلال – الى جانب حماية الحقوق والحريات – هي للباحثين عن العدلة والاستثمارات الآمنة والتـنمية المستـقرة والمستدامة.. وكما قال ابن خلدون «لا حضارة بدون قضاء عادل».






المتلاعبون بالقضايا

- من يراقب أعمال الخبراء؟ وهل «بالأساس» هناك رقابة على أعمال مكاتب الخبرة؟!
القاضي هو الذي يراقبهم ،فالخبير هو «خبرة استشارية» للقاضي الذي هو الخبير الأول، ولكن إذا كان الموضوع طبيعة فنية فإنه لابد للقاضي أن يلتزم بما جاء في تقرير الخبير في الأمور الفنية البحتة التي لا تدخل ضمن دائرة العمل القضائي، والقاضي هو الرقيب الأول والأخير على عمل الخبراء.. فهذه التقارير تقدم إليه، وهو يقرأها مع النصوص المتعلقة بالدعوى ويقيم مدى وفاء هذا الخبير لعمله ومدى دقته ،ولو شكك القاضي في غموض هذه الخبرة أو عدم مصداقيتها - إن صح التعبير - يمكنه إحالتها إلى خبير آخر أو ثالث،فهو بحسه القانوني، ومن خلال خبرته يستطيع تقييم هذه الخبرة ويستنبط مدى حياديتها،كما أن بإمكان أي طرف من أطراف الدعوى المطالبة باستبدال هذا الخبير أو ذاك.
- خاصة في ظل وجود بعض المحامين المتلاعبين في هذا المجال؟
الحقيقة أن مشكلة المحامين تؤرقني،وبكل صراحة ألاحظ في معظم الدول العربية أنهم يتعاملون مع هذه المهنة – رغم قداستها وأهميتها – معاملة تجارية بحتة،معاملة ربح فقط، وليس باعتبارهم معاونين للقضاة في تحقيق العدالة،بينما في الكثير من الدول قد يقوم المحامي «بتنوير» القاضي،يهديه إلى العدالة من خلال مذكراته الرصينة، فهناك مشايخ للقضاة ومشايخ للمحامين كما يسمونهم في مصر،فأحد هؤلاء «المشايخ» من المحامين عندما يقدم مذكرة دفاع يقف لها بعض القضاة إجلالا وتقديرا .. ولكن هل مثل هؤلاء موجودون الآن ..أتمنى ذلك..!
- إذن المحامون يتحملون مسؤولية كبيرة في عملية «الإنجاز» والإسراع بتحقيق العدالة؟






نعم .. فقد يحدث ظلم بسبب «غياب» المحامي أو عدم انتباهه وعدم قدرته على تقديم قضيته بالطريقة التي يجب أن تقدم بهاـ وهذا يحصل من بعض المحامين وأقول البعض فهناك من المحامين من نعتز بمقدرته وحرصه على القيام بواجبه على الوجه الأكمل ـ ،والقاضي يحكم من خلال الأوراق في الأمور المدنية والتجارية كما أن القاضي الجزائي يحكم من خلال ما يتشكل في ذهنه من خلال ما يدور في الجلسات حيث لابد أن يناقش كل سبب واعتراف بحيث يبني حكمه على قناعة تامة.


المحكمة الدستورية




- وهل يكتمل البنيان القضائي بدون المحكمة الدستورية؟.
تعتبر الرقابة على دستورية القوانين من أهم الضمانات الأساسية في الدول المعاصرة باعتبارها ضرورة حتمية تلزم كل الدساتير الجامدة التي تحتاج في تعديلها إلى إجراءات معينة، وذلك لضمان حقوق الأفراد وحرياتهم وتحقيق التوازن بين سلطات الدولة الثلاث ـ القضائية والتشريعية والتنفيذية ـ ، لأن هذه الرقابة تعد من أهم الوسائل التي تضمن احترام السلطة العامة للدستور وخاصة السلطتين ـ التشريعية والتنفيذية ـ وحتى لا تسيء ممارسة اختصاصاتها لتحقيق أهداف سياسية أو فئوية أو شخصية ـ ذلك أن أي سلطة من السلطتين ليست بمعصومة من الخطأ والخطل والزلل والهوى إذ أن هذه السلطات ما هي إلا مجموعة من الأفراد لهم أهدافهم ومصالحهم الخاصة والذاتية التي يسعون إلى تحقيقها وهم في نهاية المطاف لا يمثلون إلا القلة القليلة التي تسيطر على زمام الأمور وتُمسك بمفاصلها لتوجيه الشؤون العامة وتنظيم أحكامها، ويتحقق ذلك بإصدار القوانين واللوائح والقرارات والتي قد تتضمن في ثناياها تعدياً على حقوق الأفراد وحرياتهم ـ عامةً وشخصية ـ وما قد ينطوي عليه ذلك من قهر وظلم للأغلبية الباقية من أفراد المجتمع ـ مما يستدعي ضرورة وجود هيئة مرجعية مستقلة تراقب أعمالهم وقراراتهم تفادياً لما قد يؤدي إليه من افتئات على الحقوق والحريات العامة ومن ثم الخروج على الدستور الذي يشكل القانون الأسمى والمحدد لاختصاص كل سلطة من السلطات ومناط حدوده.وتهدف الرقابة على دستورية القوانين إلى صون الدستور القائم «وثيقة الحقوق والحريات» وتأكيد احترامه وسموه وحمايته من الانتهاك عند الخروج على أحكامه. يتحقق سبيل الرقابة من التزام التشريع « القانون والتشريعات التفويضية « بما أورده الدستور في مختلف نصوصه من ضوابط وقيود ، والمحكمة الدستورية اختصاصها الفصل فيما يثار في التشريعات من مطاعن لتعرف مدى مخالفة تلك التشريعات للدستور ، فمن غير المتصور حماية أحكام الدستور وصون الحقوق والحريات العامة ومنع التجاوز والتعدي عليها إلا بوجود هيئة قضائية عليا ـ محكمة دستورية ـ لها ولاية إلغاء كل تشريع مهما كان تدرجه في السلم التشريعي يخالف أو يتعارض مع حكم دستوري أو من شأنه أن ينتهك حقاً من حقوق أفراد المجتمع أو يتعدى على الحريات المحمية بموجب الدستور،كما تختص هذه المحكمة بالنظر فيما وراء الأحكام القضائية النهائية لفحصها ومراجعتها

للاستيثاق من مدى كفالتها للحقوق الدستورية للخصوم وصونها لمبادئ الدستور، وذلك دون أن تدخل في المسائل الموضوعية أو القانونية وما انتهى إليه الحكم من تقرير، إنما لها أن تلغي الحكم لعدم الدستورية لتعاد الأوراق إلى السلطة القضائية لمراعاة موجهات المحكمة الدستورية للفصل العادل في الدعوى - المحاكمة العادلة- وهذا قطعاً لا يتعارض مع مبدأ نهائية الأحكام القضائية وعدم قابليتها للمراجعة ، بل يصون هذا المبدأ ويحميه، وفي غالب الأحيان يتم تشكيل المحكمة الدستورية من كبار القضاة وأكثرهم خبرة ودراية من بين قضاة المحكمة العليا أو النقض أو التمييز بحسب الحال، فالمحكمة الدستورية الحارس الأمين والسياج المتين لحماية الدستور من أي تجاوز أو تعدٍ على الحقوق والحريات.
 
أعلى