،،‘ عظمة اخلاق رسول الله ‘،،

غالي الأثمان

¬°•| مراقب سابق|•°¬
إنضم
16 مارس 2010
المشاركات
3,857
العمر
33
الإقامة
..[ المدينه الزرقاء ]..
لقد كان رسول اللهأُسوة حسنة، ومثالاً يُحتذى به في كل شيء، فكانت أخلاقه مثالاً للفرد والجماعة، ودليلاً أكيدًا على نُبُوَّته؛ فقد استطاع بالمنهج الربَّاني الذي أُوحي إليه أن يبني أُمَّة من لا شيء، وأن يُقيم حضارة استحال على الزمان أن يجود بمثلها، هذه الحضارة بُنِيَتْ دعائمها على الأخلاق؛ لذلك قال: "إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِمَ مَكَارَمَ الأَخْلاَق".

ويكفى رسول الله محمدشرفًا أن الله I قد شهد له بعظمة الأخلاق فقال تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4]، وهذه الشهادة الكبرى من اللهفي حقِّ نَبِيِّهدليل على أن أخلاقهكانت عظيمة منذ خلقه الله I؛ ولذلك اشتهر بين قومه بالصادق الأمين، ولم يجرؤ أحد منهم على وصفه بالكذب أو الخيانة، بل افتروا وسائل أخرى لصدِّ الناس عنه؛ كالجنون والسحر.. وغير ذلك، ولم يكن وصف الله تعالى لنبيِّه محمدبعظمة الأخلاق وصفًا لحالهفقط، بل إشارة منه I إلى أن الأخلاق الحسنة ممَّا لا تجامع الجنون أو السحر أو غير ذلك ممن افتروه على رسول الله r، وأنه كلمَّا كان الإنسان أحسن خُلُقًا كان أبعد ما يكون عن الجنون.

شواهد عظمة أخلاق النبي

ومن شواهد عظمة أخلاق رسول الله، أنه انبهر الكثيرون -أعداؤه قبل أصحابه- بأخلاقه، فكانت سببًا في إسلام بعضهم، فلننظر إلى ملك عُمَان المعاصر لرسول اللهوهو الجُلَنْدى؛ الذي انبهر بأخلاقه، فقال: "والله لقد دلَّني على هذا النبيِّ الأُمِّيِّ أنه لا يأْمُرُ بخير إلاَّ كان أوَّل آخذ به، ولا يَنْهَى عن شيء إلاَّ كان أوَّل تارك له، وأنه يَغْلب فلا يبطر، ويُغلب فلا يضجر، ويفي بالعهد وينجز الموعود، وأشهد أنه نبي"

تكافؤ وتكامل أخلاق رسول الله

ومن عظمة أخلاق رسول اللهأنها متكاملة ومتكافئة؛ بحيث لا يطغى جانب على جانب آخر من أخلاقه، فكان صبرهمثل شجاعته، وأمانته مثل كرمه، وصدقه مثل حلمه.. وهكذا لا نجد لهخُلُقًا في موضعه من الحياة يزيد وينقص على خُلُق آخر في موضعه، وهذا التكافؤ الخُلُقِيّ لم تعرفه الحياة الواقعية لإنسان غير محمد؛ لذلك قال الشاعر الألماني جوته: "بحثتُ في التاريخ عن مثل أعلى لهذا الإنسان، فوجدته في النبي العربي محمد"

وكان القرآن الكريم هو المنبع الرئيسي الذي استمدَّ منه رسول الله محمدأخلاقه، فأضفى على كماله الخلقي كمالاً، وعلى جميل أدبه جمالاً، وذلك بتوجيهه لكل خير، وإرشاده لكل معروف، حتى أصبحكأنه قرآنًا يمشي على الأرض في أفعاله وأقواله؛ لذلك قالت أُمُّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- عندما سألها سعد بن هشام بن عامر عن خُلُق رسول الله: ألستَ تقرأ القرآن؟ قلتُ: بلى. قالت: فإنَّ خُلق نبيِّ اللهكان القرآن. وفي رواية أخرى قالت عائشة -رضي الله عنها-: "كان خلق رسول الله القرآن. ثم قالت: تقرأ سورة المؤمنين اقرأ: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [لمؤمنون: 1]. حتى بلغ العشر، فقالت: هكذا كان خلق رسول الله. فما أدقّ وصف أُمِّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- لأخلاق النبي.

كما كانت رؤية النبي محمدلطبيعة الإسلام رؤية مبنيَّة على مكارم الأخلاق، وهذا ما فهمه العرب منذ بداية دعوتهإلى الإسلام، فعندما عرض محمدنفسه -مثلاً- على وفد بني شيبان بن ثعلبة -وكان في القوم مفروق بن عمرو، والمثنى بن حارثه وهانئ بن قبيصة، والنعمان بن شَرِيك- فتلا عليهم رسول اللهقول الله تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمْ مِنْ إِمْلاَقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الأنعام: 151]. فقال مفروق: ما هذا من كلام أهل الأرض، ولو كان من كلامهم لعرفناه. فتلا رسول اللهقوله I: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل: 90]. فقال مفروق: دعوتَ والله يا قرشي إلى مكارم الأخلاق، ومحاسن الأفعال، ولقد أُفِكَ قومٌ كذبوك وظاهروا عليك.

ولقد ظهر تعظيمهللأخلاق في كثير من كلماته وأحاديثه، فها هو رسول الله محمديقول معلِّمًا لأصحابه: "إِنَّ مِنْ أَكْمَلِ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، وَأَلْطَفُهُمْ بِأَهْلِهِ".

ولم تكن هذه الأخلاق مقصورة على قوم دون آخرين أو طائفة دون طائفة، بل ظهرت واضحة جلية في كل تعاملاته؛ فقد كان كثير المخالطة لأصحابه، لم يعتزل عنهم أبدًا، كان يُجالس الفقراء، ويرحم المساكين، وتسير به الأَمَة في شوارع المدينة أينما شاءت، وكان يعود المرضى، ويشهد الجنائز، ويزور أصحابه في بيوتهم، ويزورونه في بيته، وهو في كل ذلك دائم الابتسامة، منبسط الأسارير، متهلِّل الوجه، وكان رحيمًا بأُمَّته تمام الرحمة، ما خُيِّر بين أمرين إلاَّ اختار أيسرهما ما لم يكن إثمًا، فإن كان إثمًا كان أبعد الناس عنه، وكان كثير العفو حتى عَمَّن ظلمه وبالغ في ظلمه.

أخلاق الرسول مع أعدائه

كما كانت أخلاق رسول اللهعظمة في بيته، وفي تعامله مع غير المسلمين في مجتمعه، بل وتميز أيضًابمعامله أعدائه ومبغضيه بكل رفق وأناة، وقد شهد بحسن خلقه أبو سفيان بن حرب قبل أن يُسلم وهو زعيم المشركين، فقال عند إسلامه: "والله إنك لكريم، ولقد حاربتك فنعم محاربي كنت، ثم سالمتك فنعم المسالم أنت، فجزاك الله خيرًا"

شهادة وليم موير


وبعدُ، فإننا لن نستطيع أن نستقصي أخلاق الرسولفي صفحات قليلة، فقد كانت أخلاق رسول اللهمحطَّ إعجاب كثير من المسلمين وغير المسلمين، فها هو ذا المستشرق البريطاني وليم موير (1819-1905م)، يصف حياة رسول اللهقائلاً: "كانت السهولة صورة من حياته كلها، وكان الذوق والأدب من أظهر صفاته في معاملته لأقلِّ تابعيه، فالتواضع، والشفقة، والصبر، والإيثار، والجُود صفات ملازمة لشخصه، وجالبة لمحبَّة جميع مَنْ حوله، فلم يُعرف عنه أنه رفض دعوة أقلِّ الناس شأنًا، ولا هديةً مهما صغرت، وما كان يتعالى ويبرز في مجلسه، ولا شعر أحد عنده أنه لا يختصُّه بإقبال وإن كان حقيرًا، وكان إذا لقي مَنْ يفرح بنجاحٍ أصابه أمسك يده وشاركه سروره، وكان مع المصاب والحزين شريكًا شديد العطف، حَسَنَ المواساة، وكان في أوقات العسر يقتسم قُوتَهُ مع الناس، وهو دائم الاشتغال والتفكير في راحة مَنْ حوله وهناءتهم".

هذا هو رسولناالذي نفخر به، وتفخر معنا البشريَّة كلها؛ فقد كان حقًّا خُلُقه القرآن.
 

بنت محضه

¬°•| صاحبة التميز|•°¬
إنضم
25 سبتمبر 2007
المشاركات
1,757
الإقامة
الباطنه شمال

بارك الله فيك وجعله الله في ميزان حسناتك

اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
 

[ود]

¬| رُوحٌ مُحلِّقَة بَين أسْرآبِ الأمَل ✿ ،
إنضم
31 مايو 2011
المشاركات
22,276
الإقامة
حَيْثُ الأمَلْ
أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم كانت ولازالت
محط أنظار ومصدر إعجاب ومن أسباب اعتناقهم للإسلام
لا غرابة في أن يكون أعظم شخصية في التاريخ
فدته روحي

شكرًا وجزاك الله خيرًا أخي غالي الأثمان
 

ذات أثر

الفرَيق الإدِاري
طاقم الإدارة
إنضم
13 يوليو 2008
المشاركات
30,989
الإقامة
وَ كَيْفِ لِرَاحِلْ أنْ يُقِيمْ ؟!
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاتهـ،

{ :imuae85: }

يكفي لنا الفخر اننا مسلمون ,,
و رسولنا ( محمد ) عليه الصلاة و السلام
موضوع كبير و عميق ~ خضنا فيه رحلة
مليئة بالفائدة ..
انتقاء رائع // واصلوا الطرح
بارك الله فيكم
جل الاحترام
 

الهاجس

¬°•| حكاية تميز |•°¬
إنضم
7 نوفمبر 2010
المشاركات
11,079
أخلاق رسول الله

محل دراسة لأكبر العلماء الأوروبيين
ودليل واضح على الإهتمام بأخلاق
هذا المعلم الكبير

صلى الله عليه وسلم


يعطيك العافية أخي العزيز
على الطرح الطيب
 
أعلى