الاكتشافات الأمريكية النفطية هل تحدث تغييرا في الاقتصاد العالمي

[ود]

¬| رُوحٌ مُحلِّقَة بَين أسْرآبِ الأمَل ✿ ،
إنضم
31 مايو 2011
المشاركات
22,276
الإقامة
حَيْثُ الأمَلْ
الاكتشافات الأمريكية النفطية هل تحدث تغييرا في الاقتصاد العالمي

Sun, 29 يناير 2012

1327775375064797600.jpg


ما هي التأثيرات المباشرة على المنطقة العربية من جراء تلك الاكتشافات -
كيف للحقبة الأمريكية الشمالية والجنوبية النفطية تغيير مقدرات العالم -
تقرير يكتبه لعمان : إميل أمين:-- لعقود طويلة ارتبطت السياسات الخارجية الأمريكية ارتباطا وثيقا مع إشكالية حاجتها إلى النفط ، الذي هو العمد الرئيسي في اقتصادياتها وصناعتها وطرحها الحضاري.
في هذا الإطار ومنذ ظهور النفط في العالم العربي بحلول أواخر النصف الأول من القرن المنصرم أو قبله بقليل بدا وكأن هناك اهتماما خاصا بتلك الرقعة الجغرافية حول العالم، ووصل الأمر في زمن الرئيس الأمريكي جيمي كارتر حد وضع سياسة عسكرية خاصة لأمن الخليج تحديدا حتى لا يتعرض نفطه لأي مغامرات قد تؤدي تؤثر سلبا على تدفقه للولايات المتحدة .
وفي هذا السياق كذلك ظهر جليا كيف أن النفط كان سببا رئيسيا في عدة حروب أخيرة ، فقد اعترف على سبيل المثال مدير بنك الاحتياط الفيدرالي الأمريكي السابق الآن جرينسبان عقب استقالته من منصبه أن النفط كان هو السبب الرئيس وراء غزو العراق ، ومن قبله تحدث الكثيرون عن غزو أفغانستان وعلاقة كارتلات النفط في أمريكا بذلك ، وبحسب الاندبندنت البريطانية فإنه يتوقع أن تزداد الأعمال العسكرية الأمريكية المرتبطة بالنفط في السنوات المقبلة .. لماذا ؟
السبب لأنه مع حلول عام 2020 ستحتاج الولايات المتحدة الأمريكية إلى استيراد ضعف ما كانت تستورده من النفط الخام عام 1990 ، وبما أن هذا النفط سيأتي من مناطق غير مستقرة ومعادية بشدة لها، كالخليج وبحر البلطيق وإفريقيا ، فان ذلك سيؤدي إلى تورطها في نزاعات عنيفة.
إلى هنا فان المشهد تقليدي، غير أن الأشهر الأخيرة قد حملت أخبارا جدية ومفاجئة تتعلق بالنفط في الولايات المتحدة تحديدا واكتشافاته الجديدة القادرة على تغيير المشهد الدولي ، بل إن الأحاديث الجارية مؤخرا حول توجه الولايات المتحدة الأمريكية شرقا ناحية شرق آسيا والمحيط الهادئ ، إنما كان نتيجة طبيعية لاكتشافات نفطية أمريكية هائلة جعلت فكرة الخوف من توقف إمدادات النفط العربي غير قائمة في العقلية الأمريكية ولذلك باتت تسعى إلى مد حضورها الإمبراطوري شرقا دون أن تكترث لما سيحدث في الشرق الأوسط .
أهمية النفط في القرن الحادي والعشرين
ولعله يعن لنا أن نتوقف قليلا مع علامة الاستفهام الدائرة حول أهمية النفط في القرن الحادي والعشرين وذلك قبل الدخول في لجة الحديث عن الاكتشافات الأمريكية النفطية الجديدة .. فماذا عن تلك الأهمية ؟ في العام 1993 كتب البروفيسور في جامعة هارفارد " صموئيل هنتنجتون " عما أطلق عليه صراع الحضارات الذي بلغ حد قوله " آخر طور له في تطور النزاع العالمي الحديث "، لكن " مايكل كلير " أستاذ دراسات السلام والأمن العالمي في جامعة هامبشير والمراسل الحربي لمجلة ذي نيشن يرى في كتابه " دم ونفط .. أمريكا واستراتيجيات الطاقة إلى أين ؟" انه بعد دراسة عدد من الحروب في إفريقيا واسيا قد تم التوصل إلى استنتاج يختلف جذريا مع نظرية هنتنجتون، مفاده أن الموارد وليس الاختلافات في الحضارات أو الهويات ، هي التي تقع في جذر معظم النزاعات المعاصرة.
وفي مقدمة تلك الموارد يأتي الحديث عن المياه والنفط .
والمقطوع به أن الولايات المتحدة الأمريكية ليس لديها مشكلة مع المياه ، لذلك فإن النقط يبقى هو الحاجة الأولى والرئيسة بالنسبة لها ، لا سيما وان الرؤية الاستراتيجية للولايات المتحدة اليوم لم تعد متوقفة أمام استخدام النفط في صورته البسيطة كوقود لازم لصناعة الحضارة أو حضارة الصناعة ، بل لاستخدامه في صناعات جديدة ومتكاملة لتصنيع الأشياء المشتقة من النفط وهي صناعة البتر وكيماويات ، حيث هناك مجموعة مدهشة من المواد التي تصنع من النفط والغاز الطبيعي ، تشمل اللدائن والألياف النسيجية والمذيبات ومبيدات الحشرات مواد الطلاء، والبروتينات الغذائية ، ولذلك فإن النظرة إلى النفط اليوم كعنصر فاعل في صناعة الكمياويات العضوية يجعل أهميته مزدوجة مقارنة مع استخدامه كوقود ومحروقات مباشرة ، ومع تعاظم تلك الأهمية بدا وكان الأمريكيين ، كانوا يعملون على تعزيز اكتشافاتهم النفطية في طول البلاد وعرضها لضمان أمرين، الأول حرية القرار السياسي وعدم ارتباطه بالحاجة إلى النفط ، والأمر الآخر هو تعزيز الدور التجاري والصناعي للهمينة الاقتصادية الأمريكية على العالم .
في ثروة أمريكا النفطية المفاجئة
لعل آخر الأصوات التي أشارت إلى ثروة أمريكا النفطية المفاجئة في الأيام القليلة الماضية، كان صوت الكاتب والمحرر الأمريكي الرصين " دافيد اغناتيوس " عبر صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية التي لفت فيها النظر إلى ما أطلق عليه " ثورة أمريكا الجديدة " أي تلك المتعلقة باكتشافات نفطية هائلة داخل الأراضي الأمريكية .. ماذا عن ذلك .؟ يخبرنا الكاتب الأمريكي بأنه لطالما كان معروفا أن هناك المزيد من الاحتياطات غير المستغلة من النفط والغاز في منطقة خليج المكسيك الغنية بالنفط ، وقبالة شواطئ أمريكا ، وفي الغرب الأمريكي ، وألاسكا ، ولكن حتى كبار خبراء الطاقة لم يتصوروا أبدا مدى ضخامة حجم الطاقة الموجودة هناك. أو في الأماكن الأقل ترجيحا ، بما في ذلك ولاية ساوث داكوتا وبنسلفانيا واوهايو ونيويورك . ويلفت اغناتيوس إلى أن الولايات المتحدة وبحسب بعض الدراسات قد وسعت الآن احتياطياتها المحتملة والمعروفة من الغاز والنفط بواقع عشرة أضعاف .
لهذا السبب قد يصبح في مقدور أمريكا ومع توسع عمليات التنقيب والحفظ أن توفر نصف احتياجاتها النفطية الخاصة في نهاية المطاف ، وحال تمكنت من استبعاد خمسة ملايين برميل فقط من التسعة ملايين برميل من النفط التي تستوردها يوميا في الوقت الحالي ، فقد تحقق وفورات سنوية تصل إلى ما يقرب من 200 مليار دولار سنويا، وفي النهاية قد تسهم الاحتياطيات الجديدة من الغاز والنفط في إضافة 1.6 مليون فرصة عمل جديدة وما يقرب من تريليون دولار من إيرادات النفط الأمريكية التي ستغير المشهد الدولي .
بحيرات نفطية تحت جبال روكي
يتحدثون في الولايات المتحدة مؤخرا عن اكبر احتياطي نفطي حول العالم لم يستغل حتى الآن ، هذا المستودع الطبيعي موجود تحت جبال روكي بما يقار 1000 قدم ، ويحتوي على ما قدره 2 تريليون برميل من النفط . العهدة هنا على الراوي وهو صحيفة الوول ستريت جورنال التي أماطت اللثام عن الأمر بدءا من العام 2005 عندما أمر الرئيس بوش الابن، الذي تزعم حملة ضد استيراد النفط من الخارج لا سيما من العالم العربي، ومنطقة الخليج تحديدا ، باستخراجه في الثامن من أغسطس 2005 ، وتم اختيار عدد من الشركات وقتها لتسلم قيادة العمل. وبعد تجارب أولية صدر بيان من وزارة الطاقة الأمريكية جاء فيه باختصار شديد ": إن لدينا نفطا ضمن حدود بلادنا أكثر بكثير من كل الاحتياطيات الموجودة على الأرض ". إذ تعادل الكمية المكتشفة 8 مرات نفط المملكة العربية السعودية ، و18 مرة نفط العراق ، و21 مرة نفط الكويت ، و22 مرة نفط إيران، وأخيرا 500 مرة نفط اليمن، وهو هنا يركز في القسم الغربي من الولايات المتحدة "..
ماذا يعني ذلك التصريح ؟
بحسب جيمس بارتيز الباحث النفطي الشهير فإن الولايات المتحدة قد توافر لها أكثر بكثير من النفط الموجود في الشرق الأوسط بكامله، بل إن صحيفة " دنفر بوست "، بدورها كتبت تقول " إن حجم الاحتياطيات النفطية الأمريكية يصل إلى 2 تريليون برميل غير مستغلة ، أي ما هو أكثر من جميع احتياطي العالم من النفط الخام "، الأمر في حقيقته بدأ يدهش الأمريكيين أنفسهم ، ولهذا وجدنا " اورين هاتش " الذي شغل منصب سيناتور اوتاوه يقول " إن مقدار النفط مدهش ، من كان يظن أننا سنجد في كولواردو واتاوا نفطا قابلا للاستيراد أكثر منه في الشرق الأوسط وتعود ملكيته مباشرة لأمريكا والأمريكيين، وكان أمام أعيننا مباشرة كل تلك الفترة، وكان لابد من اكتشافه . هل من تفصيلات بالأرقام ؟
تضاعف الاحتياطي النفطي الأمريكي
بالرجوع إلى هيئة المسح الجيولوجي الأمريكي في السنوات القليلة الماضية، نخلص إلى أنه بفضل التكنولوجيا الحديثة ، فإن تركيب باكيين في داكوتا الشمالية يعزز الاحتياطيات النفطية الأمريكية 10 مرات، وسيعطي الاقتصاديات الغربية ورقة رابحة ضد اوبك وضغوطها على عدم التجهيز وقطع إمدادات النفط الإيراني والفنزويلي .
وفي البيانات أيضا نجد انه باستخدام طريقة الحفر الأفقي فإنه يعتقد
بإمكانية إنتاج مضمون يقدر ب 175-500 مليار برميل من النفط من التركيب الذي مساحته 200 ألف ميل مربع الذي اكتشف لأول مرة عام 1951 ، وفي عام 2007 قامت شركة EOG ومقرها الرئيس تكساس بحفر البئر الأولى في منطقة Parshal في داكواتا الشمالية ، والتي أسفرت عن طاقة إنتاجية بلغت سبعمائة ألف برميل فبدأت ساعتها الأموال الاستثمارية تتدفق حيث بلغت
1.5 بليون دولار فتم حفر 300 بئر جديدة، والذي يعتبر من اكبر الطفرات منذ اكتشاف النفط في المملكة العربية السعودية عام 1938 .
أضف إلى ما تقدم فإن هناك مصادر جديدة أخرى بجانب الآبار النفطية، حيث أعلن في الغرب الأمريكي عن وجود منطقة مساحتها 16 ألف ميل من الصخور والرمال، ويطلق الجيولوجيون على ما ترسب في هذه المنطقة من صخور اسم " الحجر النفطي " وللنظرة الأولى يبدو الحجر النفطي وكأنه صخر عادي اسود اللون دهني الملمس ، وعندما يتم تسخين الحجر النفطي يرشح عنه خام في شكل فقاقيع .
والمثير كذلك أن مقدار تلك الأحجار النفطية غير المستغلة تحت تربة
الولايات المتحدة، وكما تظهر بعض الدراسات يكاد أن يبلغ 4 مرات أكثر من جميع الدول التي شملتها الدراسة، وفي الـ 125 سنة الماضية مثلت الأحجار النفطية مصدر النفط السري لعدد قليل من الدول، وتحديدا تلك الدول التي كانت محظوظة بامتلاكها ورغم وجود تلك الأحجار عدد من دول العالم مثل الصين، البرازيل، استونيا ، الأردن ، المغرب ، استراليا ، إلا أن الولايات المتحدة تسيطر على سوق الحجر النفطي حيث أظهرت احدث الدراسات أن إنتاجها يصل إلى أكثر من 72% من مصادر الحجر النفطي حول العالم ويقع المخزون الهائل تحت منطقة تدعى تشكيل النهر الأخضر ، وهو امتداد فاصل لمنطقة تغطي أجزاء من ولايات ويومنغ وكولورادو واوتاوه وكان الجيولوجي الشهير " والت ينعكويست " قد وصف النفط تحت تشكيل النهر الأخضر بأنه ثروة وطنية، بينما وصف الكونجرس هذه المنطقة ببساطة " السعودية الثانية " ، والسبب في ذلك أنها تحوي اكبر احتياطي للنفط على الأرض.
هل لهذه الأسباب علاقة بالتقرير المثير والخطير الذي ورد في مجلة
الفورين بوليسي الأمريكية العالمية في عددها الأخير وعنوانه "
الأمريكيتان وليس الشرق الأوسط ستكونان عاصمة الطاقة في العالم ".
الأمريكيتان عاصمة الطاقة عالميا
في العدد الأخير من مجلة السياسة الخارجية الأمريكية ذائعة الصيت، نقرا تقريرا مثيرا بدوره لـ " عايشه وباراغ خان " تحت العنوان المتقدم وفيه انه رغم كون الشرق الأوسط وطوال النصف الثاني من القرن العشرين مركز الجاذبية في إمدادات النفط العالمية ، إلا انه وقبل عشرينيات القرن الحادي والعشرين سيعود رأسمال الطاقة على الأرجح إلى نصف الكرة الغربي حيث كان أصلا قبل صعود المزودين العمالقة بالنفط في الشرق الأوسط على غرار السعودية والكويت في الستينات .. هل لنا أن نسال الأسباب التي ستقود إلى ذلك ؟ بحسب الفورين بوليسي فإن أسباب هذا التحول جزئيا تكنولوجية وجزئيا سياسية ، فقد كان علماء طبقات الأرض الجيولوجيون ، يعرفون منذ وقت طويل بان الأمريكيتين هما موطن كميات ضخمة من الهيدروكربون يصعب الوصول إليها، وتركز في ترسبات بعيدة عن الشاطئ ، وصخور طينية في البر ، ورمال نفطية وتكتلات نفطية ثقيلة .
وبحسب المجلة الدولية فان هبة الولايات المتحدة من هذا النفط غير التقليدي تبلغ أكثر من 2 تريليون برميل ، فيما تبلغ حصة كندا 2.2 تريليون وأكثر من 2 تريليون لأمريكا الجنوبية ، وهذا بالمقارنة مع موارد النفط التقليدية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي تبلغ 1.2 تريليونا . بيد أن المشكلة كانت دوما كيف يمكن استخراج هذه الكميات اقتصاديا ؟ هل تم التغلب على هذه العقبة ؟
الحفر الأفقي ونهضة أمريكا الثانية
الشاهد أن مفتاح الجواب يتلخص في كلمة واحدة هي الحفر الأفقي ،
فبمساعدة هذه الطريقة مع ابتكارات أخرى، بدا إنتاج نفط الصخور الطينية وتصاعد من لا شيء تقريبا إلى 15- 20% من إمدادات الغاز الطبيعي للولايات المتحدة في اقل من عقد .
وقبل العام 2040 ستكون النسبة اكبر من النصف. هذا التغير الهائل في الحجم قلب النقاش حول صناعة الغاز الطبيعي الأمريكية رأسا على عقب ، ففي حين كان الأمريكيون قلقون حيال تلبية حاجات البلاد من الغاز الطبيعي، بدؤوا يقلقون الآن حيال العثور على مشترين محتملين من فائض البلاد منه.
وفي هذه الأثناء كان إنتاج النفط البعيد عن الشاطئ في الولايات المتحدة، والذي كانت تعتبره التكهنات في حالة انحدار عنيد ، يستعد لمرحلة من الانبعاث غير المتوقع . ثم إن إنتاج النفط من الصخور الطينية وهي عملية معقدة تنقيا تتضمن اعتصار الهايدروكربون من المستودعات الترسبية ، بدا لتوه ، ويتكهن المحللون إنتاجا يبلغ 1.5 مليون برميل في اليوم في غضون السنوات القليلة المقبلة من موارد تقع تحت السهول الكبرى وتكساس وحدهما، أي ما يوازي 8% من الاستهلاك الحالي للنفط في الولايات المتحدة ، وهذا التطوير يطرح السؤال حول ما يمكن أن تحققه أيضا صناعة الطاقة في الولايات المتحدة إذا ما بقيت الأسعار مرتفعة وواصلت التكنولوجيا تقدمها. وعلى سبيل المثال يمكن لارتفاع معدلات التعافي في الآبار القديمة أن يكبح أيضا جماح الانحدار السابق . وفوق كل ذلك يتوقع محللون مليونا إلى مليوني برميل يوميا من خليج المكسيك الآن وبعد أن تم استئناف التنقيب.
التقرير لا يقتصر في حقيقة الأمر على الولايات المتحدة فقط إنما يتحدث عن اكتشافات هائلة في أمريكا الجنوبية ، فالبرازيل على سبيل المثال لديها القدرة على ضخ مليوني برميل يوميا من موارد " قبل ملحية " في أعماق البحار ، وهي مستودعات من النفط الخام اكتشفت في عمق أكثر من ميل تحت سطح الأطلسي ، وفي كندا أيضا تجرى الاكتشافات على قدم وساق ، ما جعل الصين تسعى إلى استثمار بلايين الدولارات هناك وفي دول الجنوب الأمريكي .
التبعات السياسية العربية لنفط أمريكا
ما الذي يتبقى في نهاية هذه القراءة السريعة التي ليست أكثر من مجرد الحديث عن سطح القضية دون الغوص في التفصيلات ؟ يبقى ولا شك التبعات السياسية والاقتصادية بل والعسكرية التي يمكن أن تترتب على هذه الاكتشافات ، والتي ستخلص أو تقلص من قدر الاعتماد على نفط الشرق الأوسط ولا جدال .
يرى دافيد اغناتيوس في مقاله السابق الإشارة إليه ، أن تلك الاكتشافات التي تعني توفير الاحتياجات الأمريكية من الطاقة ، من خلال مصادر أمريكية على الأراضي الوطنية ، يحرر السياسة الخارجية الأمريكية من العديد من الأزمات الراهنة التي تواجهها الإدارات الأمريكية المتعاقبة في النصف قرن الماضي ، وتفك أسرها من قيود الخوف من التهديد بقطع الصادرات من النفط أو رفع الأسعار .
غير أن ما لم يقله اغناتيوس هو أن ذلك التحرر ربما يطلق عنان القوة الأمريكية التي ستعود لها الهمينة من جديد ، عبر حروب وتغيرات جغرافية وغزوات عسكرية في المنطقة ، غير عابئة بالنتائج ، وان كان الأمر لن يحدث قبل عقد من الزمن على الأقل، فقد دللت أزمة مضيق هرمز على أن نفط الخليج العربي لا يزال محورا استراتيجيا في محاور الطاقة الأمريكية لكن ولا شك ستقلل من أهمية نفط العرب ، وإذا كان الأمريكيون سينشغلون في المواجهة مع الصين فما ذلك إلا بداية لإرهاصات وقراءات إستراتيجية جديدة ينبغي أن نتنبه لها تختلط فيها أوراق النفط والاقتصاد بالنفوذ المعتمد على مواقع ومواضع الطاقة في العقود القادمة
 
أعلى