اكتشافات "مهمة" في مشروع مدنية قلهات الأثرية

[ود]

¬| رُوحٌ مُحلِّقَة بَين أسْرآبِ الأمَل ✿ ،
إنضم
31 مايو 2011
المشاركات
22,276
الإقامة
حَيْثُ الأمَلْ
اكتشافات "مهمة" في مشروع مدنية قلهات الأثرية


العثور على مسجد الجامع الذي دمره البرتغالوين
تحديد مواقع أكثر من 200 مبنى و1600 قبر
مسقط ــ الزمن:
تعد قلهات واحدة من أشهر المواقع الأثرية المثيرة للإعجاب في السلطنة، ويقع هذا الموقع تحديداً على ساحل محافظة جنوب الشرقية وتبعد عن صور بحوالي 20 كيلومتراً ونظراً للظروف التي مر بها فيعتبر الموقع حقلاً مندثراً تحيط به جدران محصنة والذي تبقى منه فقط ميناء ضخم يرجع أثره للعصور الوسطى حيث لعب هذا الميناء دوراً رئيسياً في عمان وذلك في القرنين 13 و15 قبل الميلاد.
عثر على هذه المدينة العريقة سنة 1100ميلادي والتي كانت عبارة عن قرية ضخمة متمركزة على شاطئ البحر وفقاً للعالم الجيوغرافي الشهير "ابن المجاور" الذي زار المدينة سنة 1230مـ . حيث ذكر في مصادره بان المدينة تم بناؤها في سنة 1218مـ . وفي عام 1250مـ تضاعف نشاط هذا الميناء خاصة عندما كان الإقليم تحت قيادة الحاكم أياز وزوجته السيدة مريم ما بين 1285- 1315. ويقول ابن بطوطة إن مدينة قلهات تحاكي مدينة هرمز والتي كانت مسيطرة على تجارة المحيط الهندي. وقد بني في مدينة قلهات مسجد صمم بطريقة معمارية رائعة وقد غطي بطبقة من الكاشان والزجاج والقرميد الذي تم استجلابه من إيران ويطلق على هذا المسجد اسم "مسجد الجامع".
لاحقاً تراجعت أهمية هذا الميناء في القرن 15 الميلادي لعدة ظروف منها الطبيعية كالزلازل والاقتصادية أيضاً. فقد انتزع مكانة ميناء قلهات لاحقاً ميناء آخر هو ميناء مسقط . وكان آخر مطاف توقفت عنده إنجازات هذا الميناء عندما تم احتلاله نهائيا من قبل البرتغاليين. الذين قاموا بحرق المسجد وقتل سكانه الأمر الذي دفع بمن نجا فيهم بالهجرة نهائياً .
وعلى الرغم من ذلك ، فلقد احتلت مدينة قلهات الأثرية مكانة تاريخية في تاريخ عمان وتراثها. لذلك قامت وزاره التراث والثقافة عام 2007م بإطلاق مشروع ضخم من أجل دراسة هذه المنطقة وتطويرها. وكانت البداية الفعلية للمشروع عام 2008 بالتعاون مع فريق فرنسي مختص برئاسة الدكتورة أكسل روجييل والمتخصصة في دراسة تاريخ تجارة المحيط الهندي والموانئ خلال العصر الإسلامي . تم تنفيذ هذا المشروع بإشراف فريقين ، فريق من الجانب العماني والمتمثل في وزارة التراث والثقافة والجانب الفرنسي المتمثل بوزارة الشؤون الخارجية تحت قيادة المركز الوطني للأبحاث العلمية .
ولقد مر المشروع بثلاث مراحل ومازالت المرحلة الرابعة قيد الاستمرار . تم من خلاله دراسة المباني المحصنة وأنظمة الري وبعض المباني الضخمة والمساجد الصغيرة. كما تم اكتشاف ودراسة فرن لحرق الأواني الفخارية يرجع تاريخه إلى القرن 14 الميلادي والذي كان يحتوي على الخزف الفخاري المصقول وغير المصقول التي صنعت في قلهات وتضمنت الدراسة أيضاً: جرارا وقدورا وأواني فخارية.
شكل هذا الاكتشاف فارقة مهمة في الصناعات التي أنتجتها قلهات والتي يمكن استخدامها في تتبع مواقع الموانئ الأخرى في المحيط الهندي. كما قدمت دراسة الفخاريات والتي تحتوي على زخارف ونقوش وعناصر كيميائية على الكثير من المعلومات التي سوف توضح طرق صنع الفخار في عمان وبالتالي تاريخ العالم الإسلامي في تلك الفترة .
ولكن الإنجاز الأكبر الذي دار حوله مشروع قلهات حتى الآن عمليات التنقيب والاكتشافات التي تمخض عنها العثور على مسجد الجامع بقلهات الذي أمرت ببنائه السيدة مريم في 1300 الميلادي وتم تدميره من قبل البرتغاليين عام 1508مـ . والذي يقع كما ذكر سابقاً على شاطئ البحر مقابل الميناء وبجانب مبنى ضخم ويعتقد أنه كان مقر إقامة لحاكم المدينة آنذاك يعتبر هذا الصرح نادراً ومثيراً للاعجاب في نفس الوقت حيث تم بناءه على ارتفاع خمسة أمتار. يتكون هذا الصرح من منبر ومحراب وحوائط وأعمدة واقواس وأبواب ومنارة تمت زخرفتها بزخارف جصية وبلاط زجاجي تم صنع البعض منها من الكاشان من إيران على حسب ما ذكر ابن بطوطة.
أما الإنجاز الرئيسي الآخر لمشروع قلهات هو إعداد خارطة للمباني الأثرية التي أرخت خلال القرون الوسطى. حيث تم تحديد مواقع أكثر من 200 مبنى و1600 قبر وأنواع مختلفة من الصور الفوتوغرافية الملتقطة بواسطة الكاميرا المثبتة على طائرة ورقية وخرائط جغرافية بنظام ثلاثي الأبعاد والتي أوضحت الموقع المكاني للمدينة وأبعاده المختلفة بالإضافة إلى المباني الرئيسة وشبكة من الطرق الداخلية. وفي النهاية إن هذه الاكتشافات سوف تمكن الباحث من فهم طبيعة الحياة اليومية لسكان القرون الوسطى لمدينة قلهات.
وتعتزم وزارة التراث والثقافة الاستمرار في برنامج التنقيب والدراسات وصولاً إلى تأهيل الموقع إلى منتزه ً أثري تتوفر فيه العناصر اللازمة للزائر والمرافق الأساسية للإرشاد ضمن منظومة متكاملة تغطي مجال السياحة التراثية
 
أعلى