جبل شمس والجبل الشرقي مزارات سياحية بأجواء منعشة خلال فصل الصيف الحار

[ود]

¬| رُوحٌ مُحلِّقَة بَين أسْرآبِ الأمَل ✿ ،
إنضم
31 مايو 2011
المشاركات
22,276
الإقامة
حَيْثُ الأمَلْ
لاثنين, 29 أغسطس 2011

البوت الجبلي والمشغولات اليدوية تستقطب اهتمام الزائرين -
قام بالرحلة - هلال بن محمد السليماني -
للباحث عن مكان يمارس فيه متعة الترحال وصعود قمم الجبال والاستمتاع بالجو المعتدل في هذا الصيف الحار جدا خذ سيارتك ذات الدفع الرباعي وانطلق صوب جبل شمس في ولاية الحمراء. فمن ولاية نزوى القلعة والجامع مرورا بسوقها العريق وبالحارات ومساكن العباد والزوايا والخطوات الأولى تعبر المكان ولا تعبره، شيء ما يجذبك إلى هنا وأنت ميمم صوب مقصدك سالكا الطريق المؤدي إلى ولاية بهلا وقبلها بكيلو مترات معدودة تنعطف يمينا باتجاه ولاية الحمراء وعند أول دوار تأخذ مسارك شمالا إلى طريق وادي غول مرورا بالسد والوادي، وعند بداية الصعود إلى الجبل في وادي غول تحديدا تشدك القرية القديمة التي عن يمينك والمرسومة على منحدر الجبل نحتا وبناء وأشجار النخيل التي حفت مزارع البرسيم لوحة فنية أبدعها الإنسان العماني في تحديه للتضاريس القاسية فطوعها لتكون سكنا ومصدرا لقوت يومه، تواصل الرحلة والحرارة مازالت تناهز الخمسين درجة . تواصل المسير بمحاذاة الوادي صعودا والطريق معبد إلا قليلا منه إلى قرى جبل شمس فجأة يتحول الجو الملتهب عند السفح إلى جو منعش في الأعلى، يأخذك إليه كلما واصلت الصعود، وبعد عدة كيلومترات تصادفك القرية الأولى (مسفاة الخواطر) انزوت شمال الطريق، يدفعك الفضول لاكتشاف خصوصية المكان فتسلك طريقها المتعرج الملتوي نزولا لكنك بدافع البحث ورؤيتك للمشهد من عل يخفف عنك عناء الطريق والرحلة، تواصل المسير نزولا لتطل على الواحة الخضراء المستلقية في قعر الوادي أشجار النخيل الكثيفة المخضرة، بينما المباني تصطف على جانبي الشارع الممتد نحو النهاية إلى القاع، الأهالي هناك يرحبون بك دائما، تقرأ في عيونهم جمل الترحيب، يلوحون بأيديهم وهم يردون التحية بينما الأطفال منشغلون ببرنامجهم اليومي اللعب والجري والتسابق وصلنا خط النهاية ثم قفلنا راجعين من مسفاة الخواطر لنسلك الشارع الرئيسي نحو قمة الجبل ونواصل الصعود في منعرجات الشارع المعبد.
الصعود إلى القمة الباردة
في بعض قرى جبل شمس حيث يقوم الأهالي بجني البوت الجبلي وبالرعي وبيع المشغولات اليدوية التي نسجتها أناملهم طيلة فصل الشتاء وجني وبيع العسل المحلي، الأطفال من طلاب المدارس الذين يجدون في هذا العمل فرصة لقضاء وقت فراغهم والتكسب من حيث لا يوجد المتنفس لهؤلاء غير التسابق نحو شجيرات البوت المنتشرة على مساحات الجبل منذ الصباح الباكر للبحث والتقصي عن أفضل هذه الشجيرات ثمرات وأجودها بوتا يمارسون ذلك حتى انتصاف النهار ثم يهجعون في محطات نصبوها لأنفسهم على جادة الطريق يستوقفون المارة من السياح ليسوقوا بضاعتهم إنه موسم البوت الجبلي عند هؤلاء السكان هنا وهناك يتوزع الباعة من الكبار والصغار على جانبي الطريق الآن وعلى هذا الارتفاع لا يعنيك أن تقف تحت الشمس أو تحت ظل شجرة فالجو البارد نسبيا يأخذك إلى عالم آخر لم تكن تتوقعه رغم أن قارئة النشرة الجوية في تلفاز سلطنة عمان تشير يوميا وخلال معظم أيام فصل الصيف إلى أن جبل شمس درجة الحرارة فيه تسعة عشر درجة هنا يمكنك أن تتأكد من ذلك ومن على سفح جبل شمس تحاورنا مع أحد الأطفال الباعة الذين كانوا على جانب الطريق مع لفيف من أصدقائهم وكأنهم جاؤوا من رحلة مضنية يحملون أواني البوت وآخرون جاءوا بأردية صوفية تعرف محليا بـ(السيحة) للبيع وأحذية وهديا أخرى بدائية صنعت من صوف الخراف الموجودة في الجبل وميداليات للمفاتيح جميعها محلية الصنع صنعها أهل الجبل بأيديهم جاءوا على أمل بيع ما تحمله أيديهم فهو موسم السياحة وقدوم المواطن والوافد لزيارة الجبل والاستمتاع بجوه، بادرناهم بالسؤال عن البوت الجبلي فأجاب أحدهم: هذا العام هناك ثمر قليل للبوت بسبب قلة الأمطار خلال فصل الشتاء وهي فترة إزهار شجرة البوت قبل خمسة أشهر وبالتالي فإن الأمطار التي تنزل في فصل الشتاء هي بمثابة الملقح لزهور البوت يأتي نضج البوت الجبلي متزامنا مع انتهاء الدراسة وبداية الاجازة الصيفية خلال شهري مايو ويوليو من كل عام فكأنه ينتظرنا وقد ضرب معنا موعدا أنا وإخوتي حيث لا مكان نذهب إليه خلال هذه الفترة من العام سوى الانطلاق منذ الصباح نتسابق نحو أكبر شجرة للبوت فننكب عليها نأخذ ما تصل إليه أيدينا ونتوسل للأطراف العليا من الشجرة من خلال ضربه بأعواد أو التسلق أو هز الشجرة في أحيان أخرى مع وضع قطعة قماش تحت الشجرة لضمان عدم تساقط البوت في الأرض ثم نضعه في أوعية بمقاسات وكميات معينة لتسويقه وبيعه للقادمين في هذه الفترة إلى الجبل للنزهة والتجول أو نقوم بإنزاله إلى الأسواق المجاورة كسوق نزوى مثلا وفي هذا الموسم كان الإنتاج قليلا بسبب قلة تساقط الأمطار في فصل الشتاء حيث بداية الإزهار لشجيرات البوت كما نقوم ببيع بعض المشغولات اليدوية والصوفية بشكل خاص.
منتجات جبل شمس
وعن المشغولات الصوفية والعسل فهناك نحل العسل المربى بالجبل يقوم السكان برعايته حتى وقت الفرز حيث يقومون بأخذ العسل منه وبيعه كما تباع كذلك قطع من المشغولات الصوفية يأخذها السائحون المتجولون كذكريات عند زيارتهم للجبل وهي تستعمل كديكورات تقليدي فالمفارش الصوفية يتحدد سعرها حسب الحجم والأصغر منها بستة ريالات أما المتوسطة الحجم فتبلغ اثنتا عشرة ريالا والأكبر منها عشرون ريالا أو أكثر.فيبيع الأهالي باستمرار معظم ما يقومون بتصنيعه ونسجه بشكل يومي وهذا يدفعهم لمزيد من الجهد بحثا عن لقمة العيش لأن اعتمادهم الوحيد على الرعي ونسج صوف الخراف بعد عملية القص والغزل والمعالجة والصبغ باستخدام الأعشاب المحلية كمادة النيل الصبغية المستخرجة من شجرة (العظلم) والمصنعة محليا وغيرها أو أصباغ كيميائية حديثة.
. وعن الأسعار التي يبيعون بها البوت الجبلي فمع أن العناء الذي يجده الأهالي في الجني كبير جدا ومع ذلك فإنهم ببيعون ما مقداره كيلو جرام بريال واحد تقريبا.
طفولة خاصة
واصلنا طريقنا صعودا إلى القمة إلى مركز الترحال أو الاستراحة التي أعدت خصيصا لاستقبال السائحين من المواطنين والوافدين وبأسعار في متناول الجميع فهناك الغرف المغلقة وهناك أيضا المظلات الخارجية في طريقنا صادفنا مجموعة من الأطفال تحت مظلة على جانب الشارع المتعرج المتجه ارتفاعا إلى قمة جبل شمس أعلى قمة جبل بالسلطنة في براءة الأطفال وهم في هذا المكان المرتفع الشاهق من عمان لم يلتحقوا بالمراكز الصيفية المنتشرة في أنحاء السلطنة خلال فترة الإجازة الصيفية لطلاب المدارس لكن لهم مدرستهم الخاصة لا تتشابه مع أحد يتعلمون فيها الجري والتسابق ويمارسون فنون البيع في سوقهم الخاص ضربوه لأنفسهم ولجميع المارة من السائحين الأجانب والعمانيين يبيعون كذلك المشغولات الصوفية وقفنا لحظات نتفرس ملامحهم عن قرب لنكتشف أنهم خارج حدود الزمن على الأقل في هذه الفترة من العام تركوا كل شيء وجاءوا ليشكلوا معا منتدى صيفيا على طريقتهم , إنها حياتهم حتى يعودوا إلى مدارسهم ليكونوا كغيرهم لكنهم أخبرونا أن المدرسة بعيدة في الأسفل تحتاج إلى ساعة كاملة للوصول إليها في وادي غول بولاية الحمراء.
وفي طريق العودة من قمة الجبل يمكنك الانعطاف يمينا إلى (قرية السواد) لتكتشف بعضا من كنوز الجبل وتتزود بفاكهة أخرى التفاح والرمان الجبلي بعضا من الشجيرات التي استقدمها أبناء هذه المنطقة فاعتنوا بها كعنايتهم بأبنائهم لتكون مصدرا من مصادر دخلهم خلال الموسم الصيفي.
جبل السراء سقف الوطن
الرحلة إلى جبل شمس لا تنتهي فإن كانت سيارتك مهيأة للدروب الوعرة ونفسك تواقة لاكتشاف المجهول والعبور إلى المرتفعات البكر سقف عمان عليك في طريق العودة الانعطاف يمينا والصعود إلى حيث المغامرة وحب الاستكشاف إنه جبل السراة الشاهق الذي يبعد نحو اثني عشر كيلومترا عن الطريق الرئيسية مع مكابدة لطريق البرودة تزداد حتى وصولك قرب السفح مساكن القاطنين تتوزع في المكان وكأنه قد نسيهم الزمن أو تناساهم يعيشون حياة بدائية خيام متناثرة هنا وهناك وخزات المياه التي تزودها الحكومة بالمياه متناثرة هي الأخرى على امتداد تواجد الموطن بيوت صخرية وأخرى من الكهوف الصغيرة تمر بالمكان وكأن الزمن قد توقف وهنا وزحف الحضارة لم يقو على مقارعة تضاريس الوطن لكننا وعن بعد نلمح راية الوطن على كرافانات مدرسة جبل السراة وحده العلم ونوره ومشاعله قادرة على اختراق المجهول والوصول إلى قلب المستحيل وعن قرب وجدنا بعض السكان وقد اتخذوا من الحمرة وسائل نقل لأغراضهم ومؤونتهم التي تأتيهم بالمروحيات يالروعة المكان عندما تحس به لم تلامسه بعد معاول الصناعة أشجار طويلة ملتفة تأخذ شكلا مخروطيا تنتشر في المكان والسفح الممتد بين جبلين مشهد من الصعب تخيله لكنه موجود هنا في سقف الوطن من الجهة أخبرنا المرشد إلى هذا المكان زميلنا سعيد العبري أنه بإمكانك رؤية البحر من أعلى الجيل باتجاه ولاية الرستاق يهمس في أذني هلال العريمي وعلي الحشار الزميلين القادمين معنا من ولاية صور قائلين هل نحن في عمان وهذا الجو البارد في هذا المكان وبين هذه النتوءات الصخرية وفي هذا الوقت من صيف عمان ونحن في ولاية صور نكابد حرارة الصيف ورطوبة البحر، أجبته وفي لحظة انتشاء إنه الوطن يا صاحبي يحتاج منا إلى لحظة تأمل واكتشاف أسراره من حين لآخر. ومع رحلة أخرى في ربوع الوطن الممتد المختزن لأسراره التي لم يبح بها.
 

مس سارة

¬°•| عضو مثالي |•°¬
إنضم
24 أغسطس 2011
المشاركات
1,665
images
 
أعلى