المصري اليوم

ود البريمي

¬°•| عضو مميز |•°¬
إنضم
16 يناير 2011
المشاركات
332
رسالة «المصري اليوم» وأخواتها! بقلم: شعبان عبدالرحمن (*)



مازال أصل الداء مدفوناً بيننا، فبالرغم من نجاح الثورة المصرية في إزاحة النظام السياسي بفساده وجبروته، فإن الوجه الآخر لذلك النظام مازال مغروساً في مجتمعنا، وأعني به هذه «الحالة» من مخاصمة التدين، والحيلولة دون عودتها إلى إسلامها.. وليس بخافٍ أن صانع هذه «الحالة» وراعيها هو التيار العلماني المدعوم من كثير من الأنظمة الحاكمة في المنطقة، والتي وقعت في فخ معادلة غير صحيحة، وهي أن «المزيد من التدين في المجتمعات يعني مزيداً من تناقص عمرها الافتراضي على كراسي الحكم»، فكان لابد من محاصرة ذلك بشتى الوسائل وبدهاء يحول دون إظهار الخصومة للدين أو للتدين.. ومن هنا انعقدت شراكة بين الطرفين صاحبي المصلحة.. «التيار العلماني» بمشروعه التغريبي، وكثير من «الأنظمة» بمشروعها الجاثم على كراسي الحكم. والآن، زال النظام بوجهه السياسي الفاشل في مصر وبقي وجهه العلماني الكالح، ولئن فقد حماية ودعم السلطة إلا أن أدواته ومنابره الإعلامية وقواه المالية التي أسسها برعاية النظام السابق مازالت قائمة وتمارس دورها المستقل شكلاً.. فقد نشأت تلك الصحف والقنوات الخاصة التي يقال: إنها مستقلة نشأت على عين النظام السابق وباتفاق معه، وبأموال رجال أعمال هم أقرب لـ«جمال مبارك» منهم إلى أي اتجاه آخر؛ لتكون أداة تنفيس وتجميل في الوقت نفسه لسياسات وممارسات «الحزب الوطني» ولكن بطريقة معارضة. والمتتبع لتلك المنابر الإعلامية (صحفية وفضائية)؛ يلاحظ أنها مُنحت حرية غير مسبوقة في تناول الشأن العام، وتلك إيجابية، ولكن الخط الأحمر الذي رسم لها هو عدم إفساح المجال للتيار الإسلامي ليعبر عن نفسه إلا في أضيق الحدود، وعند الضرورة يقف الجميع في خندق واحد لتشويه ذلك
التيار، ومن يراجع أداء معظم الفضائيات والصحف المستقلة منذ منتصف عام 2010م حتى يوم الثامن من فبراير عام 2011م؛ يلاحظ كيف تحولت تلك المنابر إلى أبواق للنظام ضد أعداء الاستقرار والأمان ودعاة الانقلاب على نظام الحكم! كانت الصفقة عند إنشاء تلك المنابر الإعلامية بأموال رجال أعمال طائفيين وقريبين من «مبارك»
هو عدم الاقتراب من التيار الإسلامي، والعمل على توجيه ضربات خاطفة إليه عبر أخبار ملفقة، وترصّد واصطياد بعض الكلمات الصادرة من قادته لصناعة أزمة كبرى داخل المجتمع في إطار تخويف الناس من الإسلام. وللأسف الشديد، فإن التيار العلماني ومن بينه ملاك وقادة تلك المنابر - وجلّهم من العلمانيين - لم يستوعبوا الدرس، ولم يدركوا أن نظام الحزب الوطني بكل إمكاناته المهولة ومن قبله نظام «السادات» و«عبدالناصر» لم يفلحوا في القضاء على التيار الإسلامي أو تنحيته من الساحة.. نعم نجحت تلك الأنظمة جزئياً في حملات التشوية والتضليل لذلك التيار الوطني النبيل، ولكن النهاية - كما نتابع اليوم - كانت سقوط النظام وخروج التيار الإسلامي أقوى مما كان.. لم يدرك التيار العلماني ذلك، وبدلاً من أن يراجع حساباته ويحاول التوصل مع بقية القوى المصرية إلى صيغة للتعايش والتعاون لبناء مصر الحديثة على أسس حضارية قوية، ظل كما هو وفضّل إعادة تأهيل نفسه لممارسة نفس الدور القديم في تشويه التيار الإسلامي، وشنّ حملات التخويف منه عبر منابره التي مازالت قوية، ولم تستثنِ حملات التيار العلماني جماعة من شررها، لكن النصيب الأكبر من هذه الحملة كان لجماعة الإخوان المسلمين. ومن هنا، لا أتوقف كثيراً أمام بعض الأخبار الملفقة، ومحاولات الالتفاف الإعلامي المتواصلة على بعض تصريحات قادة التيار الإسلامي، وصناعة ضجة كبرى حولها، وتلك خصلة دأبت عليها صحيفة «المصري اليوم» ومن على شاكلتها من الصحف التي يمتلكها رجال أعمال ومال كانوا ذوي علاقات وطيدة بـ«مبارك».. أقول: لا أتوقف كثيراً أمام تلك الظاهرة التي أزعم أنها ستتواصل باستماتة في الفترة المقبلة؛ لأننا لسنا أمام تحريف لتصريحات أو نقل غير أمين من صحفي ضاع نصف ضميره، ولا أمام اجتهاد صحفي خاطئ، فكل ذلك يمكن تفهمه والتعامل معه وفق قواعد العمل الصحفي، ولكننا أمام مشروع متكامل يقوم على رعايته التيار العلماني بمختلف تصنيفاته الفكرية والسياسية منذ عقود عبر وسائل إعلام قوية.. وللتذكير فقط، فعلى امتداد العهود البائدة كنا نفاجأ بين الحين والآخر بواحدة من ضربات هذا التيار العلماني لعقيدة الأمة أو ثوابتها الدينية أو شعائرها أو دعاتها، وبهجوم ضارٍ على العقيدة والحضارة الإسلامية والنبي [، أو بترويج قصص وكتب بأبخس الأسعار؛ تعلن الإلحاد وتسبّ الذات الإلهية وتروج للرذيلة والإباحية.ولا ننسى في هذا الصدد دور وزارة ثقافة «فاروق حسني» التي دأبت بتخطيط وتنفيذ فريق من العلمانيين الاستئصاليين على نشر سلاسل من الكتب بأسعار زهيدة - مازالت موجودة بالأسواق حتى اليوم - تعبث بهوية الأمة ودينها، وقد كشف الغطاء عنها واقعة نشر رواية «وليمة لأعشاب البحر»
، التي تسبب نشرها في ردود فعل عنيفة بين الشعب المصري، أسفرت عن سحب الرواية من الأسواق، وإغلاق جريدة «الشعب» التي كشفت المصيبة.الدور نفسه قام به ذلك التيار العلماني الاستئصالي بشتى فصائله الليبرالية والماركسية والشيوعية والمتصهينة خلال «محرقة غزة» - ديسمبر 2008م - ضد المقاومة الفلسطينية، وفي مقدمتها حركة «حماس»، ومن يراجع ملف المقالات والتعليقات والتصريحات التي انطلقت من تلك الآلة الإعلامية لذلك التيار يدرك إلى أي مدى كانوا يسعون لتأليب الشارع العربي ضد المقاومة في مقابل إثبات - بطريق غير مباشر - أحقية الكيان الصهيوني فيما ارتكبه من محرقة وحشية.. في وقت لاقى فيه الكيان الصهيوني أعنف انتقادات إعلامية وسياسية على المستوى الدولي.. ولذلك فقد حظي قادة تلك الحملة العلمانية في بلادنا بقائمة الشرف الصهيونية التي نشرتها صحافة العدو!اللافت أن ذلك التيار العلماني بآلته الإعلامية يبرز على السطح مع كل أزمة أو قضية سياسية أو فكرية أو مجتمعية، ليخدِّم على هدف واحد هو توجيه سهام التشكيك والسب والتحريض إلى كل ما هو إسلامي من قريب أو بعيد.. والأمثلة على ذلك لا تنتهي.لسنا بصدد صحفي يحترف التزوير أو التحريف لدبج مانشتات صارخة، ولكننا أمام «حالة» مزروعة في بلادنا منذ عهد المعلم «يعقوب» عميل الحملة الفرنسية وسمسارها الأول، ومازالت تصرُّ على أن رسالتها هي حظر الإسلام في بلاده وعلى أبنائه حتى يظل المشروع الغربي قائماً.والسؤال الذي يلح اليوم وسط التطورات الدراماتيكية المتلاحقة: ألم يحن الوقت لذلك التيار ليراجع مشروعه كاملاً خاصة بعد أن مُني بالفشل الذريع ويحصد المزيد من الفشل يوماً بعد يوم، وبعد أن فقَدَ السند الأكبر في «نظام حُكم» سقط وهوى وتصدع دون رجعة. ليس المطلوب قصف أقلام التيار العلماني.. ولكن المطلوب حوار يغمد فيه الجميع حرابهم، ويفكرون بعقولهم؛ وصولاً إلى أرضية مشتركة وصلبة تشكلها هوية وحضارة ووطنية مصر وحرص على مستقبل الأجيال في مواجهة الطوفان القادم.



(*) كاتب مصري- مدير تحرير مجلة المجتمع الكويتية
 
أعلى