الناس الناس مؤتمنون على أنسابهم ما لم يدعوا شرفا

راعي الرباعه

¬°•| عضو مميز |•°¬
إنضم
3 مارس 2011
المشاركات
292
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

--------------------------------------------------------------------------------
عبارة " الناس الناس مؤتمنون على أنسابهم ما لم يدعوا شرفا"، تنسب إلى الإمام مالك و هي قاعدة فقهية وليست قاعدة أنساب بل إنها لم ترد ابتداء في كتب الأنساب المعتبرة بل نقلها كتاب متأخرون كتبوا في علم الأنساب دون دراية مما ساعد في انتشار المقولة واعتبارها قاعدة في الأنساب لا تقبل الجدال.
و يذكر الشيخ بكر بن عبدالله أبو زيد في كتابه الموسموم " معجم المناهي اللفظية" -في طبعته الثالثة الصادرة عام 1416 للهجرة- حول أصل هذه المقولة ما نصه:
"هذا لا أصل له مرفوعا . ويذكر علماء التخريج أنه من قول مالك وغيره من العلماء . وإلى هذه الساعة لم أقف عليه مسندا إلى الإمام مالك أو غيره من العلماء ، فالله أعلم." انتهى كلامه.


و يذكر فضيلته في كتابه الموسوم " فقه النوازل: قضايا فقهية معاصرة أن هذه العبارة " لا أصل له مرفوعاً، ويؤثر عن الإمام مالك رحمه الله تعالى.) انتهى.

و مما تقدم نخلص إلى أن هذه المقولة ما هي إلا قاعدة فقهية تستخدم في مسائل اللقطاء و إلحاق ولد الفراش، والمواريث، و ما شابهها من مسائل فقهية.



معنى المقولة و مدلولاتها



" الناس مؤتمنون على أنسابهم ما لم يدعوا شرفا" تعني أن الناس أن الناس مؤتمنون على أنسابهم مالم يدعوا الشرف ويثبت خلاف ما يدعون ، فإذا ما ثبت خلاف ما يدعون سقطت القاعدة و لم يعتد بها. و قد أورد الشيخ بكر بن عبدالله أبو زيد فائدة حول هذه المقولة في كتابه " فقه النوازل" حيث قال: " وهاهنا فائدة يحسن تقييدها والوقوف عليها وهو أن هذا (أي مقولة الناس مؤتمنون على أنسابهم) ليس معناه تصديق من يدعي نسباً قبلياً بلا برهان ، ولو كان كذلك لاختلطت الأنساب، واتسعت الدعوى ، وعاش الناس في أمر مريج، ولا يكون بين الوضيع والنسب الشريف إلا أن ينسب نفسه إليه. وهذا معنى لا يمكن أن يقبله العقلاء فضلاً عن تقريره. إذا تقرر هذا فمعنى قولهم " الناس مؤتمنون على أنسابهم " هو قبول ماليس فيه جر مغنم أو دفع مذمةٍ ومنقصة في النسب كدعوى الاستلحاق لولد مجهول النسب. والله أعلم." انتهى كلامه.
و هو هنا يقرر شروط لقبول المقولة وهي كما ذكر:



أن لا يكون فيها جر مغنم
أن لا تكون لدفع مذمة أو منقصة في النسب.
و بدون شك ألا تكون ادعاء لشرف أو ألا يثبت خلافها.


ضعف الاستدلال بها



هذه القاعدة تعتبر قاعة هشة لا يعتد بها دائما و مما يدل على ذلك أنك تجد أفرادا يتنسبون إلى قبيلة واحدة أو أسرة واحدة يختلفون حول انتسابهم إلى جد معين و تجد اختلافهم كبيرا وهذا أمر ملاحظ و معروف. و كثير ممن اشتغلوا بعلم الأنساب و ألفوا فيه وتعمقوا لا يثقون بهذه القاعدة و لا يعتدون بها لأنه ثبت لهم أن الناس قد يجهلون أنسابهم.



التحذير من الإنتساب لغير الأب



وردت أحاديث صحيحة عديدة في التحذير و الوعيد لمن انتسب لغير أبيه وهو يعلم، و لا شك أن مثل هذا الأمر مدعاة لاختلاط الأنساب و ضياع للحقوق و كذب صريح و مثل الإنتساب إلى غير الأب الإنتفاء من النسب الصحيح و كلا الأمرين إثم عظيم يترتب عليه وعيد أعظم فقد ورد في الصحيح عن أبي ذر رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر بالله، ومن ادعى قوماً ليس له فيهم نسب فليتبوأ مقعده من النار" صحيح البخاري(6/539). و عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لاترغبوا عن آبائكم فمن رغب عن أبيه فهو كفر" (صحيح البخاري (12/54) حديث ( 6768) . و ههنا نرى أن الإنتساب لغير الأب مع العلم ذنب عظيم يقتضي دخول النار والعياذ بالله و أن الانتفاء من النسب الصحيح المعلوم صحته كفر نسأل الله السلامة.


و ختاما نؤكد على أن الخوض في الأنساب دونما علم بيّن أمر خطير و لا بد لمن يكتب في الأنساب أن يجعل مخافة الله نصب عينيه و ألا يكتب إلا بعد تمحيص وتدقيق و استيقان.




المصادر:

1.صحيح البخاري (6/539) و (12/54).
2.فقه النوازل " قضايا فقهية معاصرة " ،الجزء الأول ،ص122، مؤسسة الرسالة.
3.معجم المناهي اللفظية .../ تأليف بكر أبو زيد. - ط.3. - الرياض، السعودية : دار العاصمة، 1996.
((منقوول))
 
أعلى