الحث على صيانة الوقت وصرفه فيما فيه النفع

رحآيل

¬°•| مُشْرِفة سابقة |•°¬
إنضم
29 أكتوبر 2009
المشاركات
4,647
العمر
30
الإقامة
حيث عآش آلبشر ، وسيظلون حتى ينتهي آلقدر ~ْ
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



ومما يتأكد اجتنابه والتحذير منه في رمضان وغيره الجلوس في المجالس التي هي كفيلة بالخسران والندامة كمجالس آلات اللهو من الاسطوانات – والمذياع (الراديو) – وأعظم من ذلك السينما – والتليفزيون والفيديو – ومجالس شرب الدخان ونحوه والغيبة – والبهت – والسخرية والاستهزاء – وملاعب الكرة – والورق والكيرم والنرد ونحو هذه المجالس الدنيئة التي كم قتلت من أوقات وكم ضاع فيها من أموال وكم جنت على أصحابها وغيرهم من آثام وأوزار وشرور وأضرار .

نسأل الله العصمة لنا ولإخواننا المسلمين من تعاطيها بيعاً وشراءً واستعمالاً واقتناءً وحضوراً وإعانةً وتشجيعاً .


وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « كل ما يلهو به الرجل المسلم باطل إلا رمية بقوس وتأديبه فرسه وملاعبته أهله فإنهن من الحق » .
ففي هذا الحديث دليل على أن كل ما يلهو به الإنسان فهو باطل أي مُحرم ممنوع ما عدا هذه الثلاث التي استثناها رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنهن من الحق أو وسيلة إلى الحق .


وقال شيخ الإسلام - رحمه الله - في الكلام على حديث عقبة كل لهو يلهو به الرجل فهو باطل الحديث ما معناه الباطل ضد الحق فكل ما لم يكن حقاً ووسيلة إليه ولم يكن نافعاً فإنه باطل مشغل للوقت مفوت على الإنسان ما ينفعه في دينه ودنياه فيستحيل على الشرع إباحة مثل هذا اهـ .

وقال ابن القيم - رحمه الله - إذا أشكل حكم شيء هل هو الإباحة أو التحريم فلينظر إلى مفسدته وثمرته وغايته فإن كان مشتملاً على مفسدة راجحة ظاهرة فإنه يستحيل على الشارع الأمر به أو إباحته بل العلم بتحريمه من شرعه قطعي ولا سيما إذا كان مفضياً إلى ما يُغضب الله ورسوله موصلاً إليه عن قرب وقال شيخ الإسلام لا يجوز اللعب بالطاب والمنقلة وكل ما أفضى كثيره إلى حرمةٍ وإذا لم يكن فيه مصلحة راجحة لأنه يكون سبباً للشرّ والفساد وما ألهى أو شغل عن ما أمر الله به فهو منهيٌ عنه وإن لم يحرم جنسه كالبيع والتجارة وسائر ما يلهى به البطالون من أنواع اللهو وسائر ضروب اللعب مما لا يُستعان به على حق شرعي فكل حرام اهـ .


وكذا ينبغي أن يحذر مما يعوق سيره إلى الله والدار الآخرة كالمطالعة في المجلات والصحف والكتب التي لا يعود على صاحبها منها إلا الضرر وضياع عمره الذي هو رأس ماله فيها وسوف يُسأل الإنسان عما أفناه فيه فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة حتى يُسأل عن خمس عن عمره فيما أفناه ، وعن شبابه فيما أبلاه ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه ، وماذا عمل بما علم » .

قال شيخ الإسلام : " بذل المال لا يجوز إلا لمنفعة في الدين والدنيا " وهذا متفق عليه بين العلماء ومن خرج عن هذا كان سفيهاً مُبذراً لماله ، فالحيّ ينفق ماله في منافع دينه أو مباحات دنياه ، وأما الميّت ففي أوقافه ووصاياه فتتعين منافع الدين في حقه ، ولهذا اشترط في الوقف القربة فلا يصير إلى جهة مُحرمة أو مكروهة أو مباحة ، بل إما إلى واجب أو مستحب ، وعلى هذا فالشروط المتضمنة للأمر بما نهى الله عنه ورسوله أو النهي عما أمر الله به ورسوله مخالفةً للنص والإجماع .

قال ابن القيم - رحمه الله - : العبد من حين استقرت قدمه في هذه الدار فهو مسافر فيها إلى ربه ، ومدة سفره هي عمره ، والأيام والليالي مراحل فلا يزال يطويها حتى ينتهي السفر ، فالكيِّس لا يزال مهتماً بقطع المراحل فيما يقربه على الله ليجد ما قدم محضراً ثم الناس منقسمون إلى أقسام ، منهم من قطعها متزوداً بما يُقربه إلى دار الشقاء من الكفر وأنواع المعاصي ، ومنهم من قطعها سائراً فيها إلى الله وإلى دار السلام ، وهم ثلاثة أقسام : سابقون أدّوا الفرائض وأكثروا من النوافل بأنواعها ، وترك المحارم ، والمكروهات وفضول المباحات ، ومقتصدون أدّوا الفرائض وتركوا المحارم ، ومنهم الظالم لنفسه الذي خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً وهم في ذلك درجات متفاوتون تفاوتاً عظيماً اهـ .

والموفّق من يغتنم الزمن فيصرفه في طاعة الله عز وجل من دراسة كتابه وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتدبرهما وتفهمهما والنظر في كتب التفسير كتفسير ابن جرير وابن كثير ونحوهما من المحققين ، والمطالعة في شرح البخاري ومسلم وسائر السنن ، ومُصنفات العلماء المُحققين ، كالموفق والمجد وشيخ الإسلام وابن القيم ونحوهم من الأئمة جزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خيراً .

وقال بعضهم يُوبخُ نفسه ويحثها على حفظ الوقت :

مَا بالُ قَلْبَكَ قَدْ الْهاهُ عاجله == مِنْ أمرِ دُنياه حَتَّى فَاتَ آجِلُهُ
يَا غَافِلاً وَالمنايا غِيرُ غافلةٍ == هَل رَدَّ حَتْفَ امرئٍ عَنْه تَغَافُلُهُ
دُنْيَاَك والنَّفْسُ والشَّيطانُ قَدْ نَصَبُوا == لَكَ الحَبَائِل فَانْظُرُ مَن تقاتِلُهُ
يَا عَالماً حُبُّه دُنْياهُ يُذهلُهُ == عن رُشْدِه فَهْو بَالتَّحقِيق جاهِلُهُ
أُعْطيْتَ مُلْكَاً فَسُسْ مَا أَنْتَ مالِكُهُ == مَنْ لَم يَسُسْ مُلْكَهُ فالمُلكُ قَاتِلُهُ
وَبَادِرِ العُمْرَ فَالسَّاعَاتُ تَنْهَبُهُ == وَمَا انقْضَى بَعضُه لَم يَبْقَ كَامِلُهُ
ولَيْسَ يَنْفَعُ بعدَ المَوتِ عَضُّ يَدٍ == مِن نَادِمٍ وَلَوَ انْبَتتْ أنَامِلُهُ
يَا مُسْمِنَ الجِسْمِ مُخْتَاراً مَآكِلَهُ == هَوِّنْ عَلَيك فَإِنَّ الدُّودَ آَكِلُهُ
وَحَاسَبِ النَّفْسَ فِيْمَا أَنْتَ آَخذُهُ == قَبْلَ الحِسَابِ الذي تُعْيِيْ مَسائِلُهُ
يَا طَالِبَ الجَّاهِ كَيْ يَسْمُو بِدَوْلَتُه == عَلَى جَهُولٍ بِدنُيْاهُ يُطاوِلُـُه
هَلْ نَالَ قَطْ امرؤٌ عَزاً عَلَى نَفَر== إِلاَّ بِالنِّعَمِ العُظْمَى مَعَامِلُهُ
اعْمَلْ بِعِلْمٍ وَعَامِلٍ بِهِ التُّقَى مَلِكاً == يَفورُ بِالنِّعَمِ العُظمى مُعامٍلُهُ
إن تُبْتَ جَادَ وإنْ أَحْسَنتَ زَادَ وَإنْ == أَعْرَضْتَ أَوْلاَكَ مَعْروفُاً يُوَاصِلُهُ
يَا عَبْدُ جُوَّدْتَ فِيْمَا أَنْتَ قَائِلُهُ == فَهَلْ تُجوِّدُ فِيْمَا أَنْتَ عَامِلُهُ
فَالقَوْلُ وَالفِعْل مَعْروُضَان مِنْكَ عَلَى == مَنْ يَفْصِلُ الجدَّ مِمَّا أَنْتَ هَازِلُهُ
لاَ تَرضَ بِالقَولِ دُونَ الفِعْلِ مَنْقَبةً == فإنَّ ذَاكَ خَسِيْسُ الحَظِ نَازِلُهُ
فَارْجَع إِلَى اللهِ عَمَّا فَاتَ مِن زَلَلٍ == وَانْهَضْ لِتُصْلحَ مِنْه مَا يُقابِلُهُ
وَارْبَحْ أَواخِرَ عُمْر لاَ بَقَاءَ لَهُ == فَقَد تَقَضَّتْ بِخُسْرانٍ أَوَائِلُهُ

اللهم إنك تعلم سرنا وعلانيتنا وتسمع كلامنا وترى مكاننا لا يخفى عليك شيء من أمرنا نحن البؤساء الفقراء إليك المستغيثون المستجيرون بك نسألك أن تُقيض لدينك من ينصره ويزيل ما حدث من البدع والمنكرات ويقيم علم الجهاد ويقمع أهل الزيغ والكفر والعناد ونسألك أن تغفر لنا ولوالدينا وجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين .


موضوع قرأته أثناء تصفُّحي ، بهِ الفائدة - بإذن الله - ومصدره ( المناهل الحسان في دروس رمضان ) / من ص 49 - 52 ، الشيخ عبد العزيز السلمان رحمه الله .



نسأل الله العافية ،
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك




الله المهيمن


 
أعلى