باحث: المياه العمانية أفضل جودة من تلك المتاحة في الأسواق

[ود]

¬| رُوحٌ مُحلِّقَة بَين أسْرآبِ الأمَل ✿ ،
إنضم
31 مايو 2011
المشاركات
22,276
الإقامة
حَيْثُ الأمَلْ
باحث: المياه العمانية أفضل جودة من تلك المتاحة في الأسواق

التعقيم بالكلور أهم التطورات في معالجة الماء في القرن العشرين -
المياه الملوثة السبب الرئيسي لـ80% من الأمراض التي تصيب الإنسان -
كتب – صالح الغنبوصي:– عبدالله بن سالم بن مسلم الغيلاني باحث عماني مختص في مجال تنقية وتحلية المياه، أجرى مجموعة من البحوث المنشورة في الصحف المحلية وفي مجموعة من مواقع الشبكة العالمية، ويعد كذلك مدربا ومحاضرا وباحثا في مجال المياه.
(عمان) قامت بإجراء حوار مع الغيلاني لتوضيح بعض النقاط المهمة حول مياه الشرب والاساليب الموجودة حاليا حول تنقية المياه وتحليتها وتسليط الضوء على بعض الممارسات والأفكار السائدة حول هذا الموضوع :
الكثير من الناس يفضلون تناول المياه من الآبار الجوفية ومن المصادر الطبيعية الأخرى، ويتخوفون من تلك المياه المحلاة من البحر أو من الآبار الجوفية، هل تتفقون مع هذا التوجه المبني على اعتقاد سائد من خلال التجربة للمفاضلة بين الخيارات المتاحة؟
مما لا شك فيه أن المياه الطبيعية أفضل بكثير من تلك المياه المالحة المحلاة، إذا ما تم تنقيتها وتعقيمها، و كذلك أمكن المحافظة على نقائها في مجاريها الطبيعية إلى أن تصل إلى المستهلك.
حيث كان الاعتقاد السائد والى فترات قريبة جداً أن المياه الجوفية في مأمن من التلوث، ولا يمكن أن تصلها الملوثات من أي نوع كان، بحكم أن طبقات التربة العميقة تعمل كفلتر طبيعي يحتجز الملوثات والشوائب وغيرها من الملوثات، ولكن الشاهد من ذلك كله هو أنه ومع النمو الحضاري والعمراني الذي نشهده والزيادة السكانية المضطربة، لم تعد المياه الجوفيه مصانة كما كانت في السابق، بل استطاعت العديد من الملوثات الولوج إلى الطبقات الحاملة للماء وتلويثها ، وعلى رأس هذه الملوثات الأسمدة الكيميائية والمبيدات الحشرية وما يتسرب من حاويات الصرف الصحي من المنازل والمصانع، وتشتمل هذه الملوثات على البكتيريا والفيروسات والنترات والكبريتات والمواد العضوية والمنظفات والمذيبات والزيوت، التي تتسبب في مشاكل صحية عديدة في حالة تناولها مباشرة دون إخضاعها لمعالجات متقدمة للتخلص منها.
أما المياه المحلاة من البحر أو من الآبار الجوفية المالحة والتي تشرف عليها الدولة، فهي في الغالب مياه صالحة للشرب والاستخدام المنزلي، والتفكير في عدم سلامة المياه المحلاة وإضرارها بالصحة العامة أمر غريب جداً بالنسبة لنا، حيث لا يوجد لدينا في السلطنة أي نوع من مصادر المياه الحلوة سواء كان انهار أو بحيرات أو مستنقعات أو أي طبقات جوفية تحتوي على مياه عذبة خالصة، إذاً الخيار الوحيد الاستراتيجي المتاح لنا هو تحلية المياه المالحة، والإشاعة الخاصة باحتمالية وقوع الضرر على البشر الذين يشربون المياه المحلاة من البحر، ما هي إلا فزعة سرعان ما تتلاشى الآن أسبابها مبنية على غير أساس، ثم إن سكان جزيرة كوراكاو الهولندية قد استخدموا المياه المحلاة من البحر منذ عام 1928م ، ولم تسجل أي تأثير غير محمود من شربها خلال هذه الفترة الطويلة جداً، فاليوم تنتج عمليات التحلية سواء الحرارية أو تلك المستخدمة للأغشية ملايين المترات مكعب في اليوم من المياه منزوعة الأملاح في الشرق الأوسط على وجه الخصوص، وهذه العمليات تجرى لمدة تزيد عن خمسين عاماً دون أن نرى أي أضرار، والمياه العمانية المحلاة تفوق كثير من المعايير الدولية، بل هي أفضل من جودة المياه المتاحة لـ 95% من سكان العالم .
ما أهمية تنقية مياه الشرب؟
في الحقيقة يعتري المياه بشكل عام والمياه المخصصة للاستخدام المنزلي بشكل خاص التلوث المتفاوت بحكم أن المياه مادة سريعة التلوث، وكما أن المياه تعد وسط جيد لنمو وتكاثر الملوثات المختلفة، وكما تعد المياه الملوثة المسبب الرئيسي لـ 80% من الأمراض التي تصيب الإنسان تبعا لمنظمة الصحة العالمية (WHO)، وسنوياً يموت حوالي 4 ملايين طفل في العالم بسبب تلوث مياه الشرب، وعندما يتناول الإنسان الماء الملوث، سرعان ما ينتقل هذا التلوث بواسطة الدم إلى سائر البدن، عندها يقع الإنسان فريسة سهلة للأمراض التي تفتك به، وعلى رأس هذه الإمراض الإسهال والكوليرا والتيفوئيد والملاريا والتهاب الكبدي الفيروسي وغيرها من الأمراض.
هل توجد وسائل يمكن بها تنقية المياه في المنزل وخصوصاً تلك المياه المعدة للشرب؟
تقوم الحكومات في الغالب بالبحث عن مصادر مناسبة للمياه، ثم تلي هذه المرحلة سلسلة طويلة جدا من المعالجات المعقدة، ومن بينها التصفية والتنقية والتحلية والتعقيم وإعداد مياه الشرب لتتناسب للاستخدام المنزلي، ومن ثم يتم نقل هذه المياه بالطريقة المعهودة إلى أن تصل هذه المياه إلى منازل المواطنين، وتنفق الدول في هذا المجال المبالغ الكبيرة جداً، وبشكل عام مياه الشبكة العامة تصل إلى المنازل بأفضل حالاتها، وعندما تستقر داخل الخزان ربما يختلف الوضع وإلى هنا يتوقف دور الدولة، ويبدأ الدور التوعوي والإرشادي فقط، ومن ثم تقع عملية المحافظة على المياه في المنزل على عاتق ساكني المنزل.
هل نستطيع أن نقول إن المياه الموجودة في منازلنا وبعد تلك السلسلة الطويلة من المعالجات التي تقوم بها الدولة أصبحت آمنة، ويمكن استهلاكها مباشرة بدون أي إشكاليات محتملة؟
المياه بشكل عام سريعة التغير والتلوث لذلك يجب أن تحظى باهتمام وعناية طوال الوقت، يشكل نوع الخزان المنزلي العامل الأول من عوامل سلامة المياه في المنزل، حيث ننصح باستخدام الخزانات المصنوعة من البلاستيك الصحي أو من البوليثولين الذي لا يتعرض للتآكل وإنتاج مشتقات الحديدوز المضر بالصحة وليس تلك المصنوعة من الحديد، وكما يستخدم بعض الناس خزانات مياه منزلية مصنوعة من مادة الألياف الزجاجية (الفيبر جلاس)، وفي الحقيقة هذا النوع من خزانات المياه تبدو للمتفحص لها أنها ذات سطح أملس، وهي في واقع الحال ليست كذلك حيث يحتوى جسم الخزان الداخلي على فجوات وثقوب صغير جدا قد لا نستطيع مشاهدتها بالعين المجردة، حيث تتخذ الملوثات مثل البكتيريا والجراثيم والأحياء الدقيقة وغيرها من الملوثات الموجودة في الماء هذه الثقوب وتكون مأوى للأحياء الدقيقة المجهرية الضارة وتكاثرها، وتشكيل مستعمرات تعمل على تلويث المياه، وهذا النوع من الخزانات كثيراً ما يسمح بنمو الطحالب بداخله وخاصة الطحالب الخضراء المزرقة ومنها ماله أثر سام وهي ما يطلق عليها (السموم الطحالبية)، ولهذا يجب على صاحب العقار إلقاء نظرة على خزان المياه على الأقل مرة كل شهر وتنظيف الخزان كل ستة أشهر، حتى ولو لم يبدو الاتساخ واضح في قاع الخزان، حيث من المتوقع توجد مواد هلامية يصعب تمييزها بسبب شفافيتها، وهي تعد من ضمن العوامل التي تحتضن الملوثات حيث تشكل درعا حاميا لها من المطهرات والمعقمات، ويشكل نوع ونظافة الشبكة الداخلية للمنزل عاملا مهما في تنقية المياه في المنزل، حيث يجب استبعاد الوصلات الحديدية التي تتفاعل مع الماء منتجة مواد مضرة بصحة المستهلك، واستبدالها بمواد بلاستيكية مصرح بها، وتنتهج بعض الأسر سياسة اقتناء فلاتر تنقية المياه المنزلية ذات قياس 5 مكرون التي تعمل بضغط الصنبور (الحنفية ) وليس بالكهرباء، فهي من أفضل المعالجات المنزلية للمياه بكونها لا تمس ولا تغير الخصائص الطبيعية للماء، ولكن بمقدورها احتجاز الرمال والطحالب والكلور العالق والشوائب المختلفة التي قد تكون وصلت إلى المنزل عن طريق شبكة المياه العامة، أو من خلال المواد الراكدة في أسفل الخزان المنزلي.
الكثير من الأسر العمانية تعتمد استهلاك المياه المعبأة بأشكالها المختلفة، ما رأيكم في هذا السلوك؟
في الحقيقة هذا السلوك انتقل إلى المجتمع العماني بواسطة الايدي العاملة الوافدة، التي جلبت معها بعض العادات والتقاليد من بلدانهم، وكما هو معروف أن لهذه البلدان سجلات حافلة بالتلوث المائي، وانتقال الأمراض الفتاكة من خلال شرب المياه الملوثة أمر حتمي في هذه الدول، ونحن ننصح زوار هذه البلاد بعدم شرب المياه من الصنبور مباشرة بل الاعتماد على شرب المياه المعبأة فقط التي تكون أكثر أمانا، ولكن الوضع هنا في السلطنة مختلف كل الاختلاف عن تلك الدول، ولا يمكن مقارنة المياه المنتجة في السلطنة بالمياه المنتجة بتلك الطرق، وفي الحقيقة يشكل شراء المياه المعبأة عبئا ماليا كبيرا نسبياً وغير مبرر على الأسرة العمانية.
يتخوف الكثير من الناس من وجود المادة الكيميائية الكلور المسرطنة في مياه الشرب الحكومية، الذي تفوح رائحته بقوة في هذه المياه ، ما مدى صحة هذا الكلام من الناحية العلمية؟
كثيرة جداً هي الأمراض المنقولة عن طريق الماء، حيث يعد الماء الموطن والبيئة الأصلية لكثير من الكائنات الحية المرئية وغير المرئية بالعين المجردة نباتية كانت أو حيوانية، حيث تقتل هذه الملوثات أعدادا كبيرة من البشر، ومنها مرض الكوليرا ، وهو من أوائل الأمراض التي اكتشف ارتباطها الوثيق بتلوث مياه الشرب، فعلى سبيل المثال أصيب حوالي 17000 شخص من سكان مدينة هامبورج الألمانية بهذا الوباء خلال صيف 1829م ، أدى إلى وفاة ما لا يقل عن نصف ذلك العدد، وقد ثبت بما لا يدع مجالا لشك أن المصدر الرئيس للوباء هو تلوث مصدر المياه لتلك المدينة بالتيفود ، وكذلك حدث تلوث المياه بمدينة لندن أدى إلى إصابة بعض سكانها بمرض الكوليرا مما أدى إلي وفاة 14600 في عام 1848م و 10675 شخصا في عام 1854م.
يعد التطهير باستخدام الكلور من أوائل العمليات التي استخدمت لمعالجة المياه بعد الترشيح، وعندما استخدم الكلور لتعقيم مياه الشرب اعتبرت هذه الخطوة من أهم التطورات في معالجة الماء في القرن العشرين الميلادي، بدأت الكلورة للماء عام 1890م للقضاء على بعض مسببات هذه الأمراض، واستخدم الكلور لتعـقيم مياه الشـرب على نطاق واسع أول مرة عام 1908م في مدينة شيـكاجو (بأمريكا)، وفعلا قضى على الأمراض الموجودة في الماء، مثل الكوليرا والتيفوئيد ، وكانت الوفيات قبل استخدام الكلور في تعقيم المياه تعادل وفاة واحدة لكل 1000 شخص بسبب التيفوئيد لوحده، واستمر استخدامه على نفس المنوال حتى الآن، وبفضل هذا الاكتشاف تم القضاء على هذه الأمراض وباستخدام هذه الطريقة في التعقيم جنبا إلى جنب مع فلترة المياه ومعالجة مياه الصرف الصحي، وصلت البشرية إلى تطورات مذهلة في نوعية مياه الشرب والحفاظ على البيئة، والآن 98% من مياه الشرب حول العالم معقمة باستخدام الكلور.
ومن المعروف أنه ليس هناك أضرار على الصحة من شرب المياه المعقم بواسطة الكلور، طالما كان مستوى الكلور في هذه المياه حسب المواصفات العمانية لمياه الشرب، ومن الممكن حدوث بعض المضاعفات إذا تناول الإنسان كميات عالية من هذه المادة خلال فترة طويلة جدا، وهذه الأضرار منشورة ومعروفه لدى كثير من الناس، ولكن أحب أن أطمئن المستهلكين أنه ليس هناك ضرر من الكمية المستخدمة في التعقيم في السلطنة حيث يراعى فيها أشد الاشتراطات، بحكم أن الكلور مادة متطايرة فما أن يتعرض إلى الهواء حتى يتطاير، وتولي الدولة هذا الجانب أهمية كبيرة، وأسباب تغير طعم الماء كثيرة جداً وليس كل طعم في الماء يعني بالضرورة وجود كلور في الماء.
هل توجد هناك بدائل يمكن تعقيم المياه بها دون وجود تلك الأضرار التي قد يحدثها تعقيم المياه بواسطة الكلور؟
نعم توجد هناك بدائل، ولكن ما يميز نظام التعقيم بالكلور هو السرعة في قتل الأحياء الضارة وتطهير المياه من كل الملوثات البيولوجية، وما يتفرد به نظام التطهير بالكلور هو أنه بخلاف قتل وتعقيم المياه، كذلك يستطيع ترك المياه معقمة في الشبكة العامة وأيضا في خزانات المنازل لعدة أيام دون أن يعتريها التلوث.
 
أعلى