يا نجيةَ القمر !!

[ألمـــاس]

ودعتك هذا المساء .. وعدت لخلوتي مع القمر .. ناظرت النجوم كثيراً علي أراك بينها .. ولوحت آلاف المرات لطائرتك المغادرة سمائي .. وأرسلت آلاف القبلات تتسابق في شوق إليك يا لهف قلبي .. عدت لخلوتي مع القمر وأنا أشعر بأني ودعت روحي وبأني قد انفصلت عن أنفاسي وبأن هذا الكون فارغ موحش بدونك يا كل هذا العالم .. وبأني هنا تمزقني الوحدة وتجلدني سياط الشوق في أول مساءات غيابك يا حاضراً في روح أنت أنفاسها .. أنت هناك وأنا هنا رغم المسافات .. جسدين أودعا هذا القمر روح واحدة تناجيه بحب متزن .

ودعتك هذا المساء وعدت وحيدة أشاكيك القمر أيها المسافر في طي السحاب .. ودعتك وجلست مع القمر أقرأ له رسائلك العابقة شوقاً وحباً وكأني بها أستحضرك بقربي لتناجي القمر معي ولي .. نسهر حتى يعانقنا الفجر بنوره .. ونوره فقط من يعتق أحلامنا لترحل مع الفجر ثم تعود إلينا مع بدايات القمر فنحن والقمر أسرار هذه الحياة وللقمر أغنيك كل مساء .. بعيد عنك حياتي عذاب .

أين أنت الآن يا نجي قمري وملهم حرفي ومبدع بوحي .. أين أنت من شوقي إليك وأنا ما اعتدت مناجاة القمر إلا معك وبك ولك .. أخبره يا قمري أني في غيابه يقتلني الحنين آلاف المرات وبأني قبل أن يرحل المساء سأرحل معك إليه حيث أكون بقربه فلا يحلو التناجي إلا معه . ​

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

يانجية القمر...
تعالي الليلة فما أحلى مناجاته وهو في أتم اكتماله وفرحته،الليلة بدأ يسر لي حديثا ما أظنه إلا نفث سحر من وادي عبقر ،هام وهام وعلى رغم مابي من هيام حتى أسكرتني دندنة هيامه ،وأخذتني أخذ جبار حكم فسيطر ،وتحكم فتجبر..وقال لي:
ياوحيد أرضك مع وحيد سمائه ..كم تسافر معي عبر أخاديد الفضاء ودروبه لعلك تقف على سر مني خفي عنك كنهه ،وأنا الليلة عازم على أخذك إلى عالم أسراري الذي مازال أمام عينيك اسما ولامسمى ،ومسمى لا اسم له ،وسأحلق بك فوق مدارات من مجاهيل الغيب هي لكم –يابني البشر-أساطير تقتلون بها الوقت دونما فائدة تذكر.
فأطرقت له –يا نجيته- كالتلميذ يسلم رأسه لأستاذه في تواضع خفض ليملأه له علما وحكمة..وقلت في سري لعله سيتلو علي تاريخ خلقه الأزلي ،أو سيسرد لي تاريخ الأمم التي شهد يوما على رقصها على مسرح الحياة..لكنه انبرى لي يعيد للسمع تشنيفه ،وللفكر تسليمه فقال:خبرني أيها النجي ماذا عرفتم عن القمر سوى تلك الدورة التي يبتديها في شهر وينهيها في الشهر ذاته،فهلا عرفتم عنه ماوراء الحواس وخلف ستار العقل حيث عالم من الغيب لم يكشف العقل عنه إلا ما يصيب المخيط إذا أدخل اليم ،ولازال العقل البشري مقرا بقصوره فلم يمدح إلا به ..إنني –يانجي ليلتي- ذرة أصغر من ذرة الهواء أسبح في عالم عملاق من ميدان رحب فيه بثت القدرة الإلهية أحد أدلتها الشارحة لمعنى عظمتها ،وهل عظمة المخلوق إلا إشارة إيمانية للتعرف على عظمة الخالق!!ثم هناك غيب رهيب من عالم آخر لا يقوى عقل الإنسان على محاولة الإحاطة به ،حتى أصل بك إلى القدرة العليا في الكون المدبرة لأحواله ،الحاكمة لأمره ،المهيمنة على قوته ..تلك القدرة التي خفيت حقيقتها لتظهر في صنع وخلق ناطق بمكانتها ..وخفيت تلك القدرة العظيمة للخالق العظيم عز وجل لتذهب النفس كل مذهب في الوقوف على دلائل جلالها وجمالها وكمالها ،ولولا الغيب ما قامت للإيمان قائمة ،كيف لا والإيمان ليس ثمة إلا اختبار لصدق القلب ،لذا لو اقتصر الأمر على مشاهدات لما تميزت البشرية في أفرادها أيهم أسبق من صاحبه.
فاعمد من خلال قرصي إلى معرفة ما اختفى بوجهي ،وتذكر أن جمالي إشارة إلى جمال خالقي ،فكيف فكرتم في جمال المخلوق ،وتجاهلتم جمال الخالق؟فقلبتم الأمور رأسا على عقب ،وأضحكتمونا عليكم وعلى فلسفة إيمانكم!!

 

[ألمـــاس]

حنانيك أيها القمر لا ترحل .. وابقى معي ما تبقى من حلك هذا الليل لتواسي أحلامي ألمها الرابض على مدارج العمر .. فرحيله أوجعني حد الموت .. وأنا لم أتعلم بعد فن الفقد ولم تبلغ أشواقي سن الفطام حتى تلتقم أسى الغياب .. ولم تجرأ روحي على التفكير في وقت رحيله حتى تجتث من رياض حبه .. أبقى معي واحتضن روحي الغضة تلك التي وارت حبها ثرى الحرف .. وشيعت بمدادها جثمان البوح .. ابقى معي ودثرني برداء الصبر وغني لي أغنية السلوى علني أغفو على أدمعي تلك التي ترفض المسيل وتأبى النزف .

حدثني كثيراً أيها القمر .. علني أخرج من صمتي القاتل ومن دائرة ذاكرتي المشحونة به .. فلا أشعر به يتسلل بدلال ليداعب خافقي كل حين .. حدثني عن النجوم المحيطة بك كي لا أتذكر رائحة عطره المحيطة بي والتي تحاصرني وتوجعني بغيابه .. أخبرني عن مناجاتي لك كل مساء كي لا أترقب فرح حضوره بجانبي ليحتضن كفي ويقبل أناملي وأنا أكتب حنيني له .. وكي لا أنزف أحرفي وحيده بدونه .. كلمني أيها القمر وأطل حوارك لي كي لا يتردد اسمه مع نبضاتي .. كي لا يدخل ويخرج مع أنفاسي .. كي لا يسري في شراييني فما نفع قلبي بدونه .

رجوتك أيها القمر .. أخرجني من نفسي ومن صمتي ومن عالمي ومنه .. وارحل بي إليك هناك حيث أبقى شامخة بوجعي بعيدة عن آكام ذكراه الراسخة في روحي .. أبقيني بعيدة جداً فربما توافيني دموعي المرة كطعم غيابه وترضى الانسكاب على وجه فقد بريق الحب فيه .. ربما يرافقني النعاس وأطبق عيناي فلا أرى صورته محفورة بهما .. ربما يكسرني الوجع فأصرخ حتى أيقن برحيله . ​

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

رقص الحرف على همس الوتر
فــتــغــنــى الــلـــيـــل وازدان الـــقـــمـــرْ​

وتـــبـــدت لرؤاها طــلــعـــة
كــلــثـــام شــــــــــفّ عــــــــــن نـــــظـــــم الـــــــــــدرر​

نـــاجــــت الـــبــــدر بــــإســــرارٍ وقــــــــد
وافــــت الـنــجــوى تـرانــيــم الـســحــرْ​

يانجية القمر..
أيتها الأديبة الحاذقة..يا من وقفت على تلة تستعرضين صحراء واسعة وقد جنحت بذراعيك والقمر من علو يشده علوك السامق ،ويأسره عنفوان تمردك على الأرض وترابها ..ثم استرسلت في الإصغاء إلى إسراره ،وأطرق هو بعدك لوشوشتك الليلية المتناغمة مع موسيقاه العلية..خبريني بربك من أي العوالم انبثق شدو طيرك ،فعمدت إلى بيان التغريد وكأنما عزفته لك أفنان البراري المائلة على بعضها..​

إنك ومذ أرسلت المقطوعة الأولى وللقمر موعد ثابت لا يكاد يخلفه مع شدوك الرقراق ،ومعذرة لو قلت لك يا نجيته إنك من جمال الصوت مالو صب رنينه في مسمع جدث خاو لدبت فيه الحياة ،ولو رقي به عليل لقام من عقال المرض نشطا طليقا ،ولو أعير لتائه لكان الدليل إلى موطنه ومستقره ..وما إطلاقك لحن المناجاة إلا عنصر ضمن منظومة متكاملة الأطراف ،متسقة الحبات ،مكتملة النظم ،وهي تتألف من ليل ربيعي النسيم ،وهواء مخملي الملمس ،وبدر متقد السراجية كأن سراجه يأخذ بزمام الأرض من مبداها إلى منتهاها في قبضة من إحدى يديه ،ويصافحك بالأخرى نشوان مرحا،ومع ذلك طاعت لبنانك الحروف ،ورقصت في حجر مجمعك المعاني ،فاكتملت بهذا مقاطع الجمال الليلي يا نجيته.
لكن رويدك فالتخفيف من هذا السحر البياني فيه مواكبة لسير كسير ظلعت راحلته من شدة الوقوف على شدوك الأخاذ ،فرحماك لقد طال به المثول فلم يشعر إلا بوارد الخاطر تلو الخاطر ،وانبعاث الصادر من الدمع تلو الصادر وأيم الله لو تابعت هذا الغناء لعزف عن الدنيا كلها شاردا في مقامات القمر ساعة سمو مناجاته..فترفقي يا سبائك الطرب ،وتأني يا عقود الغناء ،وسيري على سيري المتمهل فإني وربك ما ذقت غمضا مذ ناجيت حتى سكرت أولا من ثمالة السمو الشادي.​

 

[мά∂εмσίşάĻĻe]

::32
كم ابدعت بكلماتك الاكثر من رااائعه
ونسجت بتلك الكلمات شعور مرهف الاحساس
يتناغم مع حروفك..كل التقدير لك
ولطرحك الراائع دمت ودام ابدعك
كل الود مع خالص تحياتي
دمت بخير..
،

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

::32
كم ابدعت بكلماتك الاكثر من رااائعه
ونسجت بتلك الكلمات شعور مرهف الاحساس
يتناغم مع حروفك..كل التقدير لك
ولطرحك الراائع دمت ودام ابدعك
كل الود مع خالص تحياتي
دمت بخير..
،

ما جملت كلماتي إلا لأن أمثالك من متذوقي أصالة الحرف مكثوا عندها قراءة، واستئناسا، وكم يشدني ذلك القلم السابر أغوار الكلم، الواصل إلى أبعاد ماوراء الكلم كقلمك هذا مشرفتنا الكريمة...تقبلي شكري وامتناني.

 

[ألمـــاس]

عندما توجه دعوة كريمة للجميع من شخص أكاد أطلق عليه اخطبوط القلم وغريد الحرف لمشاركتك مناجاة القمر لا يسعنا إلا تلبية الدعوة لتقف أحرفنا رغم ضآلتها بجانب حرفك الممتد عرض الإبداع وطول التفرد والتميز عل أحرفنا تحظى بشيء من سحر السرد .. وروعة الحبك .. وجمال الصياغة .

لمناجاة القمر ولع قديم يسكن أرواحنا الظامئة للبوح بصمت .. والبكاء بأريحية .. بعيدً عن الحياة بعيداً عن البشر حيث يصبح للمناجاة لغة أخرى لا يعيها إلا القمر .. هو نوع غريب من التمازج بين المحسوح واللامحسوس .. نوع عجيب من الحب لا يدرك كنهه إلا قلوب طوقها الشوق وأعين أضناها السهد .. فاختارت القلم لتترجم مناجاتها للقمر .. ونحن إذ نكتب استاذنا الفاضل .. فأحرفنا تستمد نورها من شمس أحرفك المضيئة إبداعاً الدافئة تعبيراً المشرقة عنفواناً الأخاذة سحراً .

مبدعنا المتألق دائماً .. ما تزال أحرفنا تحبو خلف خطى إبداعك وشرف مجاورتك وسام نتقلده فخراً وزهواً .. فلك كل الشكر على هذا الشرف .. ولك تنحني أحرفي شكراً وعرفاناً .. ولك تقديري ساطعاً كبريق الألمـــاس​

 

[ألمـــاس]

كم أحتاج بشدة هذا المساء لمسكنٍ قوي .. أهدئ به وجع شوقي إليك أيها الغائب كرهاً لا طوعاً .. لا أخفيك بأني بكيتك كثيراً وأنا أحتضن زجاجة عطرك حتى بكاني الدمع .. واعتزلت العالم هذا اليوم ولم ألازم سوى الصمت الذي يقدحني بين الفينة والأخرى ليشعل لهيب لهفتي عليك وأنت في الجهة الأخرى من الأرض .. كم تمنيت هذا المساء أن تُخلق لي أجنحة كي أُحلق إليك حيث أنت .. كي أدفن رأسي في صدرك وأنسى وجع غيابك .. وقسوة بعدك .. وأنسى معك العالم بأسرة يا كل عالمي .

أيها القمر الصامت مثلي .. ترى كم بقي لي من دمع كي أسحه عليه .. وأنت ترقبني كل مساء حين أبكي أسى غيابه .. حين يأخذني الحنين إليه في غيبوبة وجد .. فلا تنفعني رقى ولا يجدي معي طب طبيب .. حين لا يعيدني للحياة سوى قبلة حضوره حين يطبعها على شفاه صبري الذابلة بدونه .. حين لا يرويها إلا نداه .. فأعود للحياة معه وله فأحبه أكثر .

أيها القمر الساهر مثلي .. ترى كم بقي لي من نزف حروفي كي تتساقط معك مساءً بعد آخر وأنا أكتبه بقربك بحبر دمي .. و أناجيه معك بأنين قلبي .. وهو رغم المسافات بيننا .. أشعر به بقربي ويده تطوقني حين يراقصني .. أشعر بهمسه في أذني حين يقول أحبك .. أشعر بطيفه يفصلني عن هذا العالم وكأنه فعلاً معي .. فلا أسمع صوتاً غير همسه ولا أرى بشراً إلا هو .. ولا اشتم إلا رائحة عطره تفتك بحواسي فأشتاقه أكثر .

أيها القمر العاشق مثلي .. ترى كم بقي لي من حلم كي أسهره لأجله وأنا مستيقظة معك ما تبقى من عمرك حتى الصباح .. وأنا أغني حنيني على ضوئك الخافت .. فأجر مواويل نوحي وبوحي وشرحي .. فتبكي السماء معي وتسح نجومها حزناً معي .. فلا يعي غنائي غيرك .. فتغني معي حتى يدركنا الصباح .. فنسكت بعدها عن الغناء المباح .​

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

يا نجية القمر...

هذا أوان اللقاء بضحضاحه المهيمن على جوانب الكون ،وساعة الالتفاف ببهاء جماله الضارب في حنايا العروق الحية...وبريقه المتحدث بأسمى لغة قلبية علوية. نظرت الليلة إليه فأخذني خيال واسع رأيت فيه عوالم من تمتمات الوجدان الخفية ،ووقفت على أبعاد النفس وأسرارها ،حتى شكلت من هلاميات اللامحسوس واقعا أغناني كثيرا عن قطعيات المُعاش المحسوس ..ماذا يا نجيته ؟؟أهو بعد آخر من أبعاد الحياة الخفية؟؟أم تلك هي الحياة الحقيقة نمارس قوانينها لكن بعيدا عن شهية المعدة ،وذائقة اللسان ،ومتعة النظر البصري ،لنراها مع متعة نظر البصيرة..نعم لقد أخذني القمر الليلة في سرداب بالٍ قديم أراني من خلاله- وعلى مد البصر- شخوصا وأشكالا ،منهم من مضى لكنْ هنا بقي ماثلا ،ومنهم من غيرت الحياة أصدق ملامحه فرأيت هنا ومن وراء هذه الشاشة القمرية بصدق تلك الخلال لم يتغير ولم يتبدل.
آه يا نجيته كم تمنيت امتداد ساعات الليل إلى حد إروائي وإشباع نهمي وأنا أتصفح العالم الآخر ،بغية نقله إلى مكانه من الذات بدلا من عالم معاش لكنه في حقيقة المميت القاتل..آه ثم آه حينما داعبت قلبي بإسراره وهو ينقل لي عبر دربه الطويل صورة من أحب فإذا بها ترتسم أمام عيني كنسخة من وجهه المضيء ،فطفقت أعلن:تلك هي ابتسامة محبوبي ،وذاك هو جيده البارق في ظلام حياتي ،وهذه لمسة يده الحانية تكاد تهتك كل ستار وهي تتهادى على قسمات وجهي كمر النسيم الغادي على ساعات الرواح.لقد مثلت الليلة تلك الساعات الخوالي فكرّتْ الذكرى كر المتوثب على استفزاز الحدث ،وانحدرت عبر الوهاد والصخور والأودية صورة حبيبتي متناغمة مع أهازيج الخرير ،ونشيج السواقي الحزين زائرة في روعة الليل خبائي ،تعيد لي من الماضي فرحته وحزنه...رضاه وغضبه..شدته ونعومته..وامتد اللقاء ،وغارت النجوم ،وكاد الصبح يميط عن الدنيا لثام الليل ،وعدت وغاب القمر ليجدد من الغد طلوعه ،آه كم ذهب فعاد ،وذهبت لكن هل سأعود؟؟؟؟.

 

[ألمـــاس]

كيف لا تعلم بأنك الحلم الضارب برغباته وحاجاته في سنوات عمري الممتدة شرق الحب وغرب العشق .. وأنك اللهيب المتوقد في جنبات روحي ينتظر برودة صدرك لتطفئه في يوم عاصف بأشواقي .. كيف لا تعلم وأنت الوحيد القادر على هتك ستار صمتي في كل مساء أجاور القمر فيه منذ أعوام وأعوام وأعوام مضت بقلبينا المنهكين من وطأة الحنين .. ونحن كما نحن قلب ينبض بالحب خارج حدود الحب .. وشفاه تتوق لبلة من ريق القرب تحظى بها سويعات هذا المساء الساخن .. تحت وهج هذا القمر الوليد .

كيف لا تعلم .. وأنت رضعة الحب الأولى من صدر الأماني المعتمة .. أحيت روحي حين ولادتها مرة .. ووأدتها في ثرى الواقع آلاف المرات .. مع ميلاد هذا القمر في مثل هذا المساء من عمرٍ ما .. كنا هناك أنا وأنت .. نزرع في رياض الحلم .. من بذور الأمل قصص تنبت في كل يوم عناقيد شوق .. لتقف عليها طيور محبتنا حين يسفعها هجير النوى في واقع قائض .. وزمنٍ شحيح السقيا .

آآآآآه أيها القمر .. تولد .. وتشب ثم تشيخ .. وأنا هنا أرقب عن قرب مراحلك المستمرة .. وترقبني عن بعد أرسل الزفرات تتراً .. فلا أنت تمل مني فتهملني وتنساني.. ولا أنا أيأس من مناجاتك فأنزوي وحيدة .. وأنا أعلم بأنك وحدك من اعتدت السهر معي رغم حداثة ميلادك .. وأنت وحدك من ينفث على صمتي رقيا البوح في شيخوختك .. فأتجرد من خجلي ومن عزلتي .. وأتحدث بلا صوت .

آآآآآه أيها القمر الوليد في مهد السماء .. ما أقسى كبريائي عليّ حين أشتاقه بجنون وأرفض كل محاولات قلبي الحنين إليه .. وما أشد جبروت المرأة في داخلي حين أصدر قرارات البعد عنه وأنا أنزف شوقاً له .. وما أعتى شموخ الأنثى بداخلي حين أضرب بذكراه عرض الوجع .. حين أعنف وبشده طيفه الماثل بيننا .. حين لا ألتفت بلهفة عليه وهو وليدي الذي نما في مهد أحلامي .. آآآآه ما أقساني عليه .​

 

[بيـاض السحـب]

هو ذلك الذي لا يفارقني كل ليلة
ونتسامر معا دون ملل أو كلل حتى شروق شمس الصباح
أسترق منه بعض الأضواء ويتأملني في كل الحركات
أرسل سلامي إليه أعاتبه أصارحه وأغضب منه أحيانا
نتمشى طوال الليل حتى يودعني لأغفو بعها على همسات ندية صباحية
وأنتظره بشوق كبير ليروي لي قصته الجديدة
وأستمع له وكلي لهفة ليوم جديد كله امل من ضياءة
له أرسل التحايا وله أغمض عيني حالمة
وله أقف صامتة وقلمي من يتكلم



بوح أكثر من رائع فاسمحو لي بهذا البوح
أدهشني واعجبني حتى أسرني ما قرأته بين سطوركم
فعندها أسجل اعجابي الشديد
ولكم ارسل التحايا والاحترام

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

ربة القلم الجميل بياض السحب...

مداخلتك الرائعة إكمال لأنفاس الأدب في رئتي هذا المتصفح الذي كنت أتمنى أن يجد له صدى لدى ممن يستهويهم فنُّ صناعة الكلمة من أهل هذا الاختصاص، وكم هي أمنياتي أن تكون هذه الصفحة محط رحال أهل القلم الجاد أمثالكم..

حروفك هنا مغنم يتشوق الأدب العربي إلى تبنيه، وحيازته لأن الذي يبدو لي أن ثمة موهبة خلاقة، وحساً أدبيا رفيعاً يتبين من خلال قلمك الجميل الرائع..أشكرك مع تمنياتي القلبية أن أقرأ لك أكثر.

 

[ألمـــاس]

همس لي اليوم وقال ( أتحبينني كثيرا) .. فماذا عساي أن أجيبه أيها القمر .. وحبي له لا يحده حد .. واسع كهذا الفضاء .. حر كالهواء .. عذب كالماء .. حبي له لا يشبهه شيء .. تفرد عن معطيات الحب الوافر بها هذا الكون شرقه وغربه شماله وجنوبه .. وتفردت أنا به عن مجريات الحب الزاخرة بها بحار الهوى.. كيف لا وهو صوت النبض في قلبي .. ودفق الحياة في أوردتي .. وطعم الفرح في شفاهي .. كلما تبدت ابتسامتي أحببته أكثر .. يسائلني وكأنه لا يعلم بأنه سر الهوى المخبوء في زوايا عمرٍ انتظره طويلاً جداً حتى عاد .. وبعودته خرجت فلول اللهفة تتسابق لتحتضن أنفاس حنينه اللاهثة شوقاً .. يسائلني وما درى بأن أزهار عمري تفتحت حين احتضنتها يديه فعبِق عمري بعبير حبه فأزهر أكثر .

همس لي اليوم وقال ( اشتقت إليك ) .. فماذا عساي أن أجيبه أيها القمر .. وشوقي له أسراب طيور حلقت من روحي إلى روحه .. وغردت له تلاحين وجد .. أفنيت عمري في تردادها كل مساء .. ماذا عساي أن أجيبه أيها القمر .. وللشوق في سهري معك حكايات نسجت من سنين عمري .. من مرِ صبري .. من طول دهري .. من وعود بيني وبينك ايها القمر .. قطعناها ذات مساء .. فصادق عليها الفجر .. وباركتها خيوط الشمس .. من أمنيات أودعت سرها خلف نجمة .. من أحلام سبحت مع بعض غيمة .. ماذا عساي أن أجيبه وشوقي له في كل حين يكبر أكثر فأحبه أكثر . ​

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

ها قد طال على قمرنا هذا البعد يا نجيته ،وغدا لسان الحال عن سوء الحال مخبرا ومعلنا،فأين الليالي حيث هبوب نسيمات السحر،وتدفق أمواج الظلام،وهمس هنا على مقربة من همس الذاريات السواري ،والبراري المقفرة إلا من زحف نعلينا يسابق رشاش الماء المتناثر بمغارف الرياح على ديباج الرمال الناعمة....و...و...وأنا وأنت والبدر حزمة من نور أحدنا أعلى الأرض والآخران على ظهرها ،وبين الجمع القمري تنساب لغة المناجاة متسامتة مع موجات النسيم الريضة ،وما أعتى الحياة إذ تسرق منا أحلى الأوقات وأهنأها !!وتخلفنا أثرا بعد عين ،وخبرا بعد يقين ،وذكرى بعد واقع.
يا نجية القمر ...لو ظللت الدهر عاكفا على مناجاته لما فتيء يسر إلي بمكنونه الضوئي حتى أنسلخ من بشريتي إلى قمريته،فهو –وإن بعُد –قنديل معلق بين الجفن والجفن،لكن لا يراه إلا الخالي في المكان الخالي ،ولا يستوعب إسراره إلا ربيب سحر ،ولصيق فكر،وهائم بين شفافية الروح ولطافة نوره .
وإسراره لي هذه الليالي المنصرمة كان بمثابة وشوشة مؤنس حميم يكاد يسكب في المسامع ماء الطمأنينة الرائق ،حتى إذا بلغ السيل منتهاه أغضى علي بجفن الوسن إغضاءة تحيي الروح بعدها في ميدان النشاط والعمل.ولك أن تسألي عن نوع الإسرار هذا ،وطبيعته ....وعلى كل فهو إسرار لا يحمل عنوانا مثله كتمتمة العشاق لا تحمل عنوانا سوى تأرجح بين شكوى وشوق ،وشوق وشكوى فينتهى الوقت بينهما ويخلد اللقاء لكن بلا عنوان.

 

[ألمـــاس]

لطعم الدمع على شفاهي هذا المساء .. مرارة الصبر .. وسعير الجمر .. ونكهة موت العمر على أكف الحياة .. وما الحياة معك .. إلا طائر أخضر حمل حلمه على جناح الأمل وغرد خارج حدود الكون .. سرى مع هذا الليل وطوى مع أنفاسه غصة الوجع .. هائماً مع أنجم هذي السماء ينشد غناءه وعناءه وحيداً .. ليسري صوته في عمق هذا الليل .. فتهتز العتمة ويعود الصوت قبل وصول الصوت .. فتضحك الجراح ويصمت الكون ويبكي الحلم .

لبكائي هذا المساء .. ترنح المذبوح على جسر الألم .. وهو ينزف الفقد قطرة قطرة من عمر شاب ربيعه وذوى جميعه .. ولم يبق من تجلده سوى زفرات الوداع .. تنتزع الروح انتزاع .. ودموعي الملتهبة تشق أوجان اليأس وهي تجري جريان حمم الروح على أرضية الحلم المقفر .. فتفنى الروح .. ويموت الحلم .. ويظل الدمع دائم الجريان .

لطعم الدمع وجع الوحدة في كون متشابه الجهات .. متطابق الصفات .. متوائم المعطيات كل جهة تشبه الأخرى وكل طريق يقود لنفس الجهة .. فأي الجهات تحيا فيها أنت أيها الحلم المسافر عبر السنوات .. الغافي على تلك النجمات .. وأنا في جهتي تتساقط أعوامي شوقا للحظة أودع فيها صبر أيامي صدر حلم رغم أمنياتي يبقى حلم .

أين أنت .. وبكائي يطول في هذا الليل فلا يد تكفكفه .. ولا عين تلمح بريقه على مقلتي .. وأنا أبكيك أنت .. وأفتقدك أنت .. أيها الحلم المنتظر في عمري .. المحتضر في روحي .. أين أنت وأنا أراك كل مساء مع هذا القمر .. مثل القمر بعيد عن كوني .. وعن أرضي .. ليس لي منه سوى مناجاة عقيمة .. يتيمة .. أليمة .. تغلي في قلبي فيصعد بخارها مع كل أمنياتي .. ورغباتي .. وآهاتي .. وأناتي .. لتتبدد في سماء ضمت حلم مفقود .​

 

[[ود]]

ما أجمل الحرف حين يناجي الروح
بلغة شفيفة يدثرها دفء البوح و صدق العاطفة
يا نجية القمر ، رائعة أخرى ستخلد

رياض ورد لكم أستاذي

​

 

[بيـاض السحـب]

أسمعت يوما عن الحديث الذي دار بيننا
أعرفت مدى تعلقنا ببعضنا وكيف كل منا يكمل بعضنا
أفتحت عيونك جيدا حتى تناظرنا وتوقفت عن الحراك حتى تبصرنا
أنقلت صورتنا جيدا لحبر قلمك وأوراق دفاترك
أأعلنت أنك من شاهدنا تحت ضوء القمر ونحن نتبادل السمر
هكذا هي لحظاتنا ونحن نتكلم ونسهر ونتسامر مع ضوء القمر
هكذا هو جنوننا عندما يتلحفنا ليل سرمدي يشق سواده ضوء القمر
هكذا هو تواجدنا في ربيع يزهر بحبات ندية صباحية بعد غروب القمر
فكل ما أتمناه أن اكون حبرا لحروف اشتاقت الظهور
وتناثرت الكلمات راقصة على أنغام النسمات
وتمايلت التعابير على ضوء القمر



عتيق بن راشد الفلاسي
حروفي تكتمل عندما تسكن متصفحك
الذي نثرتم من الجمال أجمله ومن الروعة أروعه
جميل ما خطته أقلامكم هنا ورائع هو بوحكم الرقراق
هنا اسجل اعجابي من بعد تواضعي بكلماتكم الجميلة
ولكم مني أرق وأعذب التحايا

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

باقات ورد يكللها تاج من ضوء القمر أقدمها بين يديك أستاذتنا الكريمة "ود" ..وما زال القمر في إمداده السماوي لأهل الأرض يرسم فوق محياه حروفا من بيان لا يفقهها إلا من وقف على إعجاز هذا الكون المرتبط تسبيحا وتهليلا وتكبيرا لخالقه سبحانه.

 

[عتيق بن راشد الفلاسي]

أديبة الكلمة ذات الحس القمري الراقي بياض السحب...
لم أجد كلمة توفي بيانك العلوي حقه إلا أن أكمل المناجاة القمرية معك بهذه السطور..



يا نجية القمر.....

سألتك بمن شق في وجه الدنيا العابس ضحكات نوره ، وأبلج في دامس ظلامها شقشقات سروره أن تسأليه عني ما اعتمل في خاطري من استفهام ، وتبطن قراري من حيرة هو لها الكاشف المبين، كما كان لها ساعة المناجاة الوفي الأمين....اسأليه ماذا بعد الغياب ؟؟؟ولماذا كُتب عليه الغياب؟؟؟وهل الغائب في الحقيقة هو أم تلك الأجساد المتلاحمة في ضي إسفاره؟؟؟ ، والأنظار المتوقدة شوقا إلى آخر رمق من يقظة سمّاره؟؟؟، وحبيبان كان رفيقي قلب، فصارا شتيتي درب؟؟.
واسأليه يا نجية الهمس القمري عن سر يقظته في غفلة الغالبية من سيارة دربه ، كم نزحت بهم عن رواق رحابته الشواغل المفرطة هما ونكدا، وليت شعري هل أدركوا من فرصة العمر إلا ما يؤملهم في سراب الغيب ما ليس لهم ، ويبعدهم في نسج المستحيل ما يبدو لقاصر النظر رزقا حاصلا.
واسأليه عن الآمال المرسومة في صفحة وجنته الصارخة نورا ..كم من ناظر استشرف نزولها على عجالة المتلهف، وكم من حائر خر صريع تبسمها من وجهه في وجهه...وما أنا حيالها إلا ذلك المتوقد شوقا إلى مفتاحها ، وكأني- يا نجيته- لا أرى من بعد عن تحقيقها إلا كبعد ما بين الشفتين قبل إطباقهما على باء الحبيب المصان داخلهما.
وكأني استعلنت وضوح تلك الآمال قياسا على استعلاني وضوح القمر حالة اكتمال قرصه ، فإذا بي أعيشها أقرب ما تكون ، وأحلى ما تبدو، وأهنأ ما تُستساغ .
ثم اسأليه عن إرادة الإنسانية حينما تتخلص من قيود التبعية كما تخلص جرم هذا القمر من محض تعلق يحدد له متى وأين وكيف يسطع؛ فما هو في سبحاته الحرة إلا جرم يسبح في فضاء واسع كان لحريته مدى واسعا ، كلما شاهدته العيون تاقت إلى إلى فلسفة حريته ، في الوقت الذي يذهب عمر الإنسان فيه سدىً ولم يثبت لذاته مرة أنه أنفق على نفسه من حريته الموهوبة عشر ما يصرفه على تقييد هذه النفس بالأوهام في غالب الأحيان.
يا نجية القمر...
هنا كنت ، وتحت هذه القبة المضيئة تعلمت مباديء التعرف على الذات ، فوجدتُّني أستفيض معرفة ، وأتفجر شعورا ، وأمحو من مخيلة الإثبات ما يخليها لثوابت النفي، وأستجدي من علامات الاستفهام ما يربو على قرارات النقط...فجئت وسأعود إليك وإلى إسرار القمر.

 

[مراسي]

شيخنا الكريم .. امتزج حبرك المعتق الأصيل
مع القلم الألماسي اللامع في عالم الحرف
فقرأنا إبداعاتكم وروائعكم
وكم نحن في شوق وترقب للمزيد منكم
دمت يا شيخي ودام يراع الألماس​

تقبلوا مروري ​