المبعوث الامريكي"كيري" يفاجيء الجميع: لا نمانع بقاء الأسد وتشكيله لحكومة انتقالية

[ود]

¬| رُوحٌ مُحلِّقَة بَين أسْرآبِ الأمَل ✿ ،
إنضم
31 مايو 2011
المشاركات
22,276
الإقامة
حَيْثُ الأمَلْ
المبعوث الامريكي"كيري" يفاجيء الجميع: لا نمانع بقاء الأسد وتشكيله لحكومة انتقالية

9998369786.jpg


تاريخ النشر : 2013-05-12
رام الله - دنيا الوطن
ميشال أبو نجم لندن: «الشرق الأوسط»
أشارت مصادر دبلوماسية أوروبية أمس إلى أن المباحثات التي أجراها الثلاثاء الماضي وزير خارجية الولايات المتحدة في موسكو مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف، المتمخض عنها توافق «أميركي - روسي» حول الأزمة السورية، تثير جملة من علامات التعجب والاستفهام، نظرا إلى «تناقضات» ينضح بها الموقف الأميركي الرسمي، الذي يختلف باختلاف هوية المسؤول الذي يعبر عنه والمكان الصادر منه.

فبينما لمح كيري في موسكو إلى أن بلاده لم تعد تصر على رحيل الرئيس بشار الأسد كشرط مسبق لتشكيل أي سلطة انتقالية في سوريا، متذرعا بأن ذلك «لا يعود له» إنما للشعب السوري، أكد صاحب أعلى منصب دبلوماسي في الولايات المتحدة، فور مغادرته موسكو، أنه يتعين تشكيل حكومة انتقالية في سوريا من دون الأسد. وشدد كيري خلال لقائه نظيره الأردني ناصر جودة، الخميس الماضي في روما، على ضرورة أن يتم تشكيل مثل هذه الحكومة بموافقة الطرفين، مؤكدا أنه «حسب تقديرنا لن يكون الرئيس الأسد جزءا من هذه الحكومة الانتقالية». وعليه ترى المصادر الأوروبية التي تحدثت معها «الشرق الأوسط» من باريس أن كيري خطا في موسكو «خطوتين إلى الوراء».

فمن ناحية، تعود الإدارة الأميركية، في سعيها لتقريب وجهات النظر مع موسكو، إلى المربع الأول، المتمثل في اعتماد توصيات «جنيف 1»، الصادرة في 30 يونيو (حزيران) 2012 كمرجعية لأي حل سياسي في سوريا، مما يؤكد، بحسب المصادر الأوروبية، أن اختراقا في المواقف لم يحصل في موسكو، وأن الحديث عن «التقارب» في وجهات النظر ما هو إلا «عود على بدء»؛ فبعد انقضاء ما يقارب 11 شهرا من التجاذب حول تفسير «بيان جنيف 1»، خصوصا مصير الأسد، تم «القفز» على «إشكالية التفسير» في نسخة جنيف الأولى للمطالبة بعقد «جنيف 2» بناء على مقررات عمل المبعوث العربي الدولي السابق، كوفي أنان، على صياغتها. وهذا ما يجعل الأوساط الأوروبية تطرح جملة من التساؤلات منها: هل توصلت موسكو وواشنطن إلى قراءة مشتركة لتفاهم «جنيف 1» حتى يتم البناء عليها لبلورة «جنيف 2»؟ وما هي هذه القراءة؟ وإذا كان ذلك حصل فعلا، فهل يعني أن الجانب الأميركي «تراجع» بشكل نهائي عن مواقف مبدئية ليست لواشنطن وحدها وإنما لمجمل الفريق الغربي، والذي منذ العام الماضي اعتبر أنه يتعين على الأسد أن يتنحى لفتح الباب أمام أي عملية للانتقال السياسي؟

من جهة أخرى، تقول المصادر الأوروبية إن «التذبذب» الذي تتسم به المواقف الأميركية في ما يخص مصير الأسد ينسحب أيضا على مسألتي «الخط الأحمر» الذي رسمه الرئيس الأميركي باراك أوباما حيال تبعات استخدام الأسد للسلاح الكيماوي، وتسليح المعارضة السورية. ففي بداية تولي كيري لمنصب وزارة الخارجية قال إن بلاده «ستعمل على أن يغير الأسد حساباته»، مما يوحي باستعداء الولايات المتحدة لتقديم السلاح لرئيس أركان الجيش الحر اللواء سليم إدريس، لكن المساعدات العسكرية اقتصرت على «أغذية» وبعض أجهزة الاتصالات. أما في ما يخص السلاح الكيماوي، وعلى الرغم من تأكيد كيري أول من أمس أنه يمتلك «دليلا قويا» على استخدامه من قبل نظام الأسد، لا يلوح في الأفق أي تحرك أميركي، بل على العكس تؤكد تصريحات أوباما، القائلة بأن الأدلة المتوافرة حاليا غير كافية لإثبات ما إذا كانت دمشق تخطت فعلا «الخط الأحمر»، أن التدخل العسكري في هذا البلد غير مطروح حاليا، لا سيما أن واشنطن تفضل حلولا سياسية للخروج بسوريا من أزمتها على الحلول العسكرية، بحسب وصف وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل.

غير أن المصادر الأوروبية تربط بين «موقف كيري المتراجع» و«تعهدات لم تكشف» قد يكون الوزير الأميركي حصل عليها من أبرز الداعمين لنظام دمشق، لجهة التزام الجانب الروسي بالضغط على الأسد لحمله على التخلي لاحقا عن السلطة، أو على الأقل بانتزاع تعهد منه بلعب دور رمزي خلال المرحلة الانتقالية، والامتناع عن الترشح للانتخابات المقبلة مع نهاية ولايته الحالية عام 2014.

وهذا ما يطرح تساؤلات داخل الأروقة الأوروبية حيال فعالية أي ضغط روسي على الأسد؛ فما هو الموقف الإيراني من «تسوية من هذا النوع» أولا، وما مدى قبول الأسد للإملاءات القادمة من موسكو تاليا؟! وبأي حال، ثمة توقعات بأن التحضير للمؤتمر الدولي، المزمع عقده نهاية الشهر الحالي، والمرجح أن يعقد في سويسرا، سيواجه صعوبات كبيرة على مستويين؛ ويتجلى المستوى الأول من الصعوبات في ممثلي نظام الأسد والمعارضة، إذ إن أيا من الطرفين لا يقبل الآخر. فضلا عن ذلك، ستواجه المعارضة السورية «المشتتة» معضلة حقيقية في تشكيل وفد قادر على الالتزام بموقف واحد بالنظر إلى تضارب الآراء بين مكوناتها بين قابل للحوار مع النظام وآخر رافض له إلا بشرط تنحي الأسد، فضلا عن التباعد الموجود بين معارضتي الداخل والخارج وبين المدنيين والعسكريين أو حملة السلاح والتنظيمات المختلفة.

أما صعوبات المستوى الثاني فتتناول الأطراف الخارجية المشاركة، إذ إن إيران والسعودية ومصر كانت غائبة عن «جنيف 1». وقد اصطدمت مساعي أنان لضم إيران إلى طاولة المؤتمر برفض غربي، وتحديدا أميركي، باعتبارها «جزءا من المشكلة وليست جزءا من الحل» وبسبب ملفها النووي. والتف الأمين العام السابق على الصعوبة بأن زار طهران مباشرة بعد «جنيف 1» لإطلاعها على ما تم التوافق عليه. والتقديرات المتوافرة اليوم أن 15 دولة ستدعى إلى «جنيف 2» تتقدمها الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية وتركيا والسعودية وقطر ومصر.

وما فهم حتى الآن من مصادر متعددة أن الهدف الرئيس من «جنيف 2» هو إقرار وقف لإطلاق النار والبحث عن تشكيل الحكومة الانتقالية والتفاهم على استصدار قرار داعم من مجلس الأمن الدولي، فضلا عن تشكيل قوة رقابة أممية تشرف على وقف النار. وبهذا الخصوص، ستكون المناقشات حادة بعد التجربة الفاشلة لقوة المراقبة الدولية السابقة في سوريا التي كانت بمثابة شاهد الزور مثلها مثل بعثة المراقبين العرب التي سبقتها. وتؤكد المصادر الغربية أن نشر قوة كهذه يفترض وجود وقف جدي لإطلاق النار وحضور قوة تفرض الالتزام به بحيث لا يكون فقط بـ«التراضي» ورهنا بإرادة المتقاتلين.

بالنظر لكل هذه العوائق، تعتبر المصادر الأوروبية أنه «لا شيء مؤكدا» اليوم، لا بالنسبة لانعقاد المؤتمر الدولي، ولا لجهة النتائج التي يمكن أن تسفر عنه خصوصا أنها لا تزال تعتقد جازمة أن النظام السوري «لا يريد حلا سياسيا». وعلى صعيد مواز، يغلب الاعتقاد بأن استعجال انعقاد المؤتمر المذكور قبل نهاية الشهر الحالي، أي في الفترة عينها لانعقاد اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل، سيكون من شأنه تعزيز حجج القائلين برفض أو تأجيل رفع الحظر عن السلاح إلى المعارضة السورية. وحجتهم «الجديدة»، إضافة إلى ما قدم حتى الآن من ذرائع، أنه لا يجوز الإقدام على خطوة «تصعيدية» في الوقت الذي عادت فيه الدبلوماسية للعب دور نشط.
 
أعلى